Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الممر الهندي يبرز موقع الرياض على خريطة التجارة العالمية

امتلاك السعودية علاقات تجارية وثيقة مع نيودلهي يفسح الطريق أمام تعاون أعمق بين البلدين

ملخص

المشروع المقترح يسلط الضوء على إمكانات السعودية ويجعل كسب ودها محل تنافس القطبين التقليديين 

أعاد مشروع الممر الرابط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، بخاصة السعودية، إلقاء الضوء على الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي تحظى به الرياض على طريق التجارة بين الشرق والغرب والثقل الذي تتمتع به في محيطها الإقليمي كنقطة ارتكاز في أي مشروع واعد بين القارتين.

وبينما تدفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نحو رعاية الاتفاق نكاية في الصين ومشروعها "طريق الحرير" ضمن المبادرة الشهيرة "الحزام والطريق"، فإن المشروع المقترح يسلط الضوء على إمكانات السعودية ويخدم في الوقت ذاته اقتصادها الأسرع نمواً في "مجموعة الـ20"، بما يجعل من كسب ود الرياض محل تنافس القطبين التقليديين.

وبينما حظي المشروع باهتمام بالغ من جانب الصحف الهندية الصادرة قبل ساعات من قمة "مجموعة الـ20" التي يكافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لجعلها قمة استثنائية، فإن تاريخاً طويلاً من العلاقات التجارية بين البلدين يؤشر إلى إمكانات واعدة تكفل نقل الاقتصادين إلى آفاق أرحب، إذ برزت الرياض كرابع أكبر شريك تجاري للهند بعد الولايات المتحدة والصين والإمارات في 2022.

إمكانات واعدة

متخصصون تحدثوا عن خصوصية العلاقات الهندية- السعودية تاريخياً، والإمكانات التي تكفل للبلدين التعاون ضمن قطاعات عدة في مقدمتها الطاقة والنقل والتجارة، في وقت تدفع الولايات المتحدة باتجاه المشروع الطموح بما يكفل تغيير "قواعد اللعبة" وإعادة تشكيل خريطة التجارة بين الشرق والغرب من جديد.

ويلمح مدير معهد جنوب آسيا في مركز "ويلسون" الأميركي في واشنطن مايكل كوغلمان إلى أن "اتفاق البنية التحتية" بين الولايات المتحدة والهند والسعودية والإمارات قيد الإعداد على هامش قمة "مجموعة الـ20"، وأنه إذا تم الانتهاء منه، فسيكون بمثابة تغيير لقواعد اللعبة من خلال تعزيز التواصل بين الهند والشرق الأوسط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن شأن المشروع الذي تدعمه أميركا وأيضاً الاتحاد الأوروبي أن يدفع نحو تطوير العلاقات التجارية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا عبر بناء شبكة من الموانئ والسكك الحديدية والمطارات أو المجمعات الصناعية، مما يسمح للهند بالوصول إلى مزيد من الأسواق وفتح منافذ جديدة أمام شركاتها، مروراً بالشرق الأوسط.

وتسلط قائمة طويلة من السلع المتبادلة بين الرياض ونيودلهي الضوء على حجم التعاون ومنها النفط والمنسوجات والآلات والمعادن والأسمدة والمنتجات الغذائية، وتعتمد نيودلهي في استهلاكها للنفط الخام على الرياض التي تمدها بـ18 في المئة من حاجاتها، فيما بلغ إجمال التجارة بين البلدين 42.8 مليار دولار العام الماضي، من بينها صادرات سعودية إلى الهند بـ34.1 مليار دولار.

علاقات متوازنة

وبحسب مذكرة بحثية من "إنديان بريف"، فإن الرياض ونيودلهي دخلتا في استثمارات ثنائية لتعزيز علاقاتهما الاقتصادية، وعام 2021 احتلت السعودية المرتبة الـ17 على قائمة أكبر المستثمرين في الهند، وتشمل الاستثمارات السعودية البارزة مشروع الساحل الغربي للتكرير والبتروكيماويات في ولاية ماهاراشترا بقيمة 44 مليار دولار.

ويعترف معد المذكرة البحثية وأستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأوروبية في تبليسي بجورجيا إميل أفدالياني بمساعي السعودية لتنويع اتصالاتها وبناء علاقات أكثر توازناً مع آسيا، مما يفسر الجهود الهندية للتعاون مع الرياض، إذ سيكون هذا التعاون مفيداً بشكل خاص لنيودلهي عبر تطوير شراكة استراتيجية أوثق تمثل تحولاً كبيراً في العلاقات مع وجود أكثر من 2.6 مليون هندي يعملون في المملكة ويمثلون مصدراً رئيساً لـ8 مليارات دولار من التحويلات المالية كل عام.

وبحسب أفدالياني، لا تقتصر الجالية الهندية في السعودية على العمال غير المهرة، إذ يشغل عدد من الأفراد ذوي المهارات العالية مناصب في قطاعات مختلفة مثل ريادة الأعمال والتعليم والهندسة، مما يسمح بتبادل المعرفة والخبرة بين السعوديين والهنود ويؤدي إلى تحقيق المنافع المتبادلة والنمو، فتسهل هذه التفاعلات الفهم الأعمق لثقافات الطرف الآخر وتعزز أساس العلاقات الثنائية.

ولدى البلدين خطط لتوسيع الاستثمارات الثنائية، إذ أعربت السعودية عن اهتمامها بالاستثمار في قطاع الطاقة في الهند، ولتسهيل الاستثمار تتعاون نيودلهي والرياض بنشاط في آلية جسر الاستثمار التي يمكن أن تتطور إلى إطار مؤسسي لتعزيز التجارة بين البلدين.

وبينما تجمع البلدين الآسيويين مشتركات كثيرة كونهما عضوين في قمة "مجموعة دول الـ20" وتجمع "بريكس" المؤلف من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، فإن آفاق التعاون بينهما ممتدة لأن اقتصادهما من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، ومن ضمنها التعاون في مجال الطاقة، حسبما تفصل مذكرة مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، إذ يشير الباحثون في مجال الطاقة والنقل، ياغفالك بهات ونورا نظام الدين إلى أن البلدين يلعبان أدواراً مهمة في محيطهما الإقليمي وأن العلاقات السعودية – الهندية تحظى ببعد استراتيجي بفضل عدد من الفرص التجارية المتنامية والاستثمارات المتزايدة، إلى جانب أوجه التعاون الوثيق في مجال الأمن.

ويوضح الباحثان في المذكرة الصادرة في أبريل (نيسان) الماضي أن الهند تنظر إلى السعودية على أنها شريك مهم في قطاع أمن الطاقة والاستثمار، بينما تشاركها الرياض في هذه النظرة، إذ ترى أن الهند سوقاً نامية وتمثل فرصاً عدة قد تخدم الاقتصاد السعودي، مما يحفز التوقعات في شأن ازدهار التعاون المستقبلي بين البلدين، بخاصة في مجال الطاقة.

على الأرجح، سيشكل مشروع الممر الهندي عبر الشرق الأوسط إلى أوروبا رهاناً لدى نيودلهي الساعية إلى دفع نمو اقتصادها عبر تطوير شراكات وعلاقات أوثق في المنطقة تكفل تغيير المشهد التجاري والاقتصادي برمته عبر تحالفات استراتيجية جديدة.