Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إذا توفيت أونغ سان سو تشي خلف القضبان لوموا النظام العسكري

إنها لفضيحة حرمان الزعيمة السابقة للمعارضة من الرعاية الطبية العاجلة ولا بد من أن تهز ضمير العالم إلى جانب الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في حق شعب ميانمار

تكابد حالياً آلاماً مهولة بسبب التهاب شديد في اللثة تركها عاجزة عن تناول الطعام (أ ب)

ملخص

إنها لفضيحة حرمان الزعيمة السابقة للمعارضة من الرعاية الطبية العاجلة ولا بد من أن تهز ضمير العالم إلى جانب الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في حق شعب ميانمار: إذا توفيت أونغ سان سو تشي خلف القضبان لوموا النظام العسكري

حرمان أبرز سجينة سياسية في ميانمار، الزعيمة المنتخبة ديمقراطياً في البلاد أونغ سان سو تشي، من العلاج الطبي المطلوب بشكل عاجل يشكل تذكيراً صارخاً آخر بفظاظة النظام العسكري "جونتا" الحاكم في البلاد وهمجيته وقسوته.

سو تشي، البالغة من العمر 78 سنة الآن، تقبع بين جدران السجن منذ أن أطاح الجيش بحكومتها المنتخبة في انقلاب عسكري في الأول من فبراير (شباط) 2021، وتذكر التقارير أنها تكابد حالياً آلاماً مهولة بسبب التهاب شديد في اللثة تركها عاجزة عن تناول الطعام. ولقد طلبت إدارة السجن نفسها العلاج الطبي لسو تشي، التي تواجه نوبات من القيء والدوار، لكن النظام العسكري رفض ذلك الطلب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قرار النظام العسكري يبرز بوضوح لامبالاته المطلقة بحياة الإنسان وكرامته. وكما قال ابنها كيم أريس، إنه قرار "عديم الشفقة وقاس". في حال لم تتوقف أوجاعها الجسيمة التي تمنعها من تناول الطعام، ستبقى حياتها في خطر، ولكن ربما هذه هي غاية النظام العسكري أصلاً.

في الواقع، سيصب في صالح دكتاتورية الجنرال مين أونغ هلينغ [قائد انقلاب ميانمار] أن تفارق سو تشي الحياة بسبب اعتلال صحتها في السجن، سيتخلص أخيراً من خصمه، ويتحرر من مأزق يضعه فيه الإلحاح الدولي للإفراج عنها، كذلك سينجو نظامه من الغضب الدولي الذي سيندلع بلا ريب إذا نفذ في حقها حكم الإعدام بشكل مباشر، في حين أنه يسعه أن يتظاهر بالبراءة ويستشهد بأسباب طبيعية وراء موتها. ولكن مع ذلك، لا ينبغي أن تخامر العالم أي أوهام، إذا توفيت سو تشي خلف القضبان، سيكون النظام العسكري هو الجاني.

لنستذكر ما استطاعه هذا النظام خلال سنتين ونصف السنة منذ أن استولى على السلطة بطريقة غير شرعية. فقد اعتقل زهاء 25 ألف شخص، وما زال نحو 20 ألف سجين سياسي قابعاً في السجون، وقتل أكثر من أربعة آلاف مدني، وفق "جمعية مساعدة السجناء السياسيين".

في العام الماضي، أعدم النظام أربعة نشطاء سياسيين بارزين، من بينهم عضو البرلمان فيو زيا ثو، والمنشق كو جيمي، وقد التقيت بهما شخصياً مرات عدة.

كذلك تسبب النظام في نزوح ما يربو على 1.5 مليون شخص، وأحرق 70 ألف منزل في أقل تقدير، وأغرق وفق "الأمم المتحدة" 17.6 مليون شخص أقله في ميانمار في أزمة إنسانية حادة.

وقال فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، إن النظام العسكري يرتكب جرائم "عنف جنسي، وقتل جماعي، وإعدام من دون محاكمة، وعمليات ذبح، وتقطيع أطراف، وتشويه". وفي يوليو (تموز) الماضي، حذر تورك من أن ميانمار في "تدهور فتاك" مستمر نحو "براثن العنف والأسى"، في وقت قرر النظام العسكري لشعبه أن يقاسي تحت وطأة "الحرمان الممنهج" من المساعدات.

وقد أظهر النظام لامبالاة شائنة في الحق بالتمتع بالصحة.

اعتقل النظام وسجن المئات من الأطباء والمسعفين جزاء مشاركتهم في احتجاجات أو أعمال عصيان مدني في أعقاب الانقلاب، من بينهم اثنان من كبار مسؤولي إدارة الصحة العامة، الدكتورة تار تار لين والدكتور سوي أوه، اللذان ألقى "الجونتا" القبض عليهما في غمرة جائحة "كوفيد-19"، بذريعة ما تسميه الأمم المتحدة "تهماً ملفقة بالفساد".

وتعرض العاملون في مجال الصحة للاعتداءات، وهوجمت سيارات الإسعاف، ودوهمت المستشفيات والعيادات. وفي ذروة الجائحة، صادر الجيش أنابيب الأوكسجين وأدوات الحماية الشخصية واللقاحات المضادة لاستخدامه الخاص.

وفي الآونة الأخيرة، أفضت حملة الغارات الجوية التي شنها النظام العسكري ضد المدنيين في ولايات إثنية إلى قصف مقصود على العيادات وعرقلة متعمدة للوصول إلى الرعاية الطبية من طريق إقامة الحواجز ونقاط التفتيش على الطرق ومصادرة الأدوية.

وفي ضوء هذه المعطيات، لا يبدو حرمان سو تشي من العلاج الطبي مفاجئاً، بيد أنه فضيحة ينبغي، إلى جانب الجرائم ضد الإنسانية في حق شعب ميانمار، أن تهز ضمير العالم.

لمدة طويلة جداً من الزمن، وعلى نحو جائر لم تنل الفظائع المرتكبة في ميانمار من الاهتمام إلا النزر اليسير. في جزء، يعزى ذلك إلى أن أزمات أخرى، أبرزها حرب فلاديمير بوتين في أوكرانيا، قد هيمنت على الأجندة السياسية، وفي جزء آخر، مرد ذلك إلى خيبة الأمل في أنه بعد 10 سنوات من الانفتاح الواضح في ميانمار، وإن كان هشاً جداً، أوصد العنف الأبواب ودمر الانقلاب أي آمال في إرساء الديمقراطية.

كذلك يرجع ذلك جزئياً إلى عدم رضى مبرر عن التنازلات التي قدمتها سو تشي خلال السنوات الخمس التي تقاسمت فيها السلطة في الحكومة مع المؤسسة العسكرية التي تحتجزها الآن سجينة.

ولكن أياً كانت ربما الخلافات بيننا وبينها في المواقف التي اتخذتها، مثلاً، بشأن الإبادة الجماعية للروهينغا أو الحرب ضد القوميات العرقية في ميانمار، ومهما بلغ عمق تلك الخلافات، فإنها لا تستحق أن تكون في السجن، وتستأهل بالتأكيد الحق الأساسي في الحصول على الرعاية الطبية اللازمة.

بيد أن الخلاف مع تاريخها [سو تشي] في الحكومة لا يبرر اللامبالاة إزاء محنتها أو محنة بلدها اليوم. لقد فازت بأغلبية ساحقة في المقاعد التشريعية في انتخابات ديمقراطية عام 2020، ومن المفترض أن تكون قد دخلت فترة ولايتها الثانية في الحكومة، وليس السجن حيث يتهددها الموت.

اتخذ المجتمع الدولي بعض الخطوات المشجعة. فرض عقوبات مستهدفة على الجيش وأصوله، وبدورها فرضت "الأمم المتحدة" حظراً على الأسلحة، وتتخذ إجراءات حالياً لفرض عقوبات على وقود الطائرات، بغية عرقلة الضربات الجوية التي يشنها الجيش ضد المدنيين.

ولكن من الأجدر اتخاذ خطوات أكثر. النظام العسكري الذي يحتجز سو تشي ونحو 20 ألف سجين سياسي آخر خلف القضبان، ويقصف شعبه، يتلقى تمويله وتسليحه ودعمه، إضافة إلى إعفائه في قاعات الدبلوماسية، من بطلي الاستبداد في العالم: الصين في عهد شي جينبينغ، وروسيا في عهد فلاديمير بوتين.

ويتعين على المجتمع الدولي، المتمثل في المملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا، إلى جانب اليابان ورابطة دول جنوب شرقي آسيا (اختصاراً آسيان)، أن يستيقظ ويعطي أزمة ميانمار اهتماماً أكثر إلحاحاً.

كذلك عليه أن يكثف الجهود لقطع شريان حياة النظام، من طريق وقف التمويل وإمدادات الوقود والأسلحة، وتوفير شريان حياة للشعب. ويسعه أن يبدأ بالمطالبة بالسماح لسو تشي بزيارة الطبيب.

بنديكت روجرز ناشط وكاتب في مجال حقوق الإنسان، وهو كبير المحللين في منظمة "التضامن المسيحي الدولية" ومؤلف ثلاثة كتب عن ميانمار وكتاب جديد بعنوان "الرابطة الصينية: ثلاثون عاماً من الطغيان داخل الحزب الشيوعي الصيني وحوله" (عن "أوبتيموم الدولية للنشر- 2022) الذي يتضمن فصلاً عن العلاقات بين الصين وميانمار.

© The Independent

المزيد من آراء