Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ثلاثية الهند في 2023 "قمة الـ20 والفضاء وعدد السكان"

مودي منح بلاده لقب "صوت الجنوب العالمي" وبات قريباً من حصد الأصوات بالانتخابات المقبلة

أفراد الأمن يقفون حراسة بالقرب من لوحة اتصالات مجموعة الـ "20" مع صورة لمودي (أ ف ب)

ملخص

سجل عام 2023 نجاحات هندية قوية باستضافة قمة الـ20 وتجاوز عدد سكان الصين والصعود إلى القمر

ما إن حل عام 2023 حتى كانت الهند على موعد مع صدارة عناوين الأخبار مرات عدة، بدءاً من تخطيها الصين لتصبح أكبر دولة من جهة عدد السكان للمرة الأولى منذ الخمسينيات، ثم رئاستها مجموعة الـ20، وحتى وصول مركبتها الفضائية إلى القمر كرابع دولة في العالم تحقق هذا الإنجاز.

وعملت الهند على الاستفادة من رئاستها مجموعة الـ20 بالترويج لثقافتها وقوتها الناعمة وإعادة رسم صورة الهند في أذهان الدول الغريبة والزعماء الضيوف.

من ناحية أخرى ينظر إلى الاهتمام الكبير باستضافة قمة الـ20 بأنه تتويج لنجاح حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذي أسهم في وضع الهند على قائمة القوى الاقتصادية والسياسية الكبرى، مواصلاً دبلوماسية بلاده التي تتبناها منذ فترة باعتبارها ممثلاً للجنوب العالمي وصوتاً له أمام الدول الغربية والمتطورة.

قوة على الساحة العالمية

اتجهت بوصلة الهند خلال السنوات الأخيرة نحو السياسة الخارجية ودورها الإقليمي والدولي، هادفة إلى الوصول لمصاف الدول الكبرى سياسياً. ومنذ وصول رئيس الوزراء الحالي ناريندرا مودي إلى الحكم عام 2014 تعهد بجعل الهند في موقع الدور القيادي بدلاً من كونها قوة توازن عالمية، عاكساً الثقة التي تنظر بها بلاده لنفسها في شأن قوتها العالمية وما يمكن أن تحققه، ومغيراً من منظور السياسة الخارجية لنيودلهي ودورها على الساحة الدولية.

من الناحية السياسية خلال فترة الحرب الباردة التزمت الهند سياسة عدم الانحياز، التي كانت تهدف إلى حمايتها من أن يؤثر العداء بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في أمنها أو استقلالها، ثم بدأت دخول المرحلة الثانية من سياستها الخارجية عام 1991 من خلال الانخراط في شراكات مع دول عدة في العالم، لتصبح أكثر فاعلية في علاقاتها مع دول الجوار وكبرى الدول الغربية.

وتعمل الهند منذ تسلم مودي رئاسة الوزراء على مد نفوذها وتعميق علاقاتها مع مختلف دول العالم ليس فقط الولايات المتحدة، لكن أيضاً مع دول آسيا مثل دول رابطة جنوب شرقي آسيا وعدد من البلدان الأوروبية مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

كما أن كونها طرفاً في التحالف الرباعي "كواد" بمنطقة المحيطين الهادئ والهندي يجعلها أحد أطراف المعادلة الساعية إلى وقف النفوذ الصيني في المنطقة، مما يرسخ دور الهند كإحدى القوى الجيوسياسية الصاعدة في المنطقة التي تشهد استقطاباً خلال السنوات الأخيرة.

اقتصاد قوي

لم تبزغ الهند على الساحة العالمية بلا مقدمات، فقد كانت تنمو اقتصادياً منذ سنوات وتمضي في طريق النهضة الاقتصادية والتقنية سعياً إلى أن تصبح من أقوى الاقتصادات عالمياً. وتعهد مودي بجعل الهند دولة متطورة بحلول عام 2047 تزامناً مع مرور 100 عام على الاستقلال، كما توصف الهند باستمرار بكونها أكبر ديمقراطية في العالم، واقتصادها القوي وحجم سكانها يمنحانها قوة ونفوذاً سياسياً عالمياً.

 

وفي منتصف أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أن الهند تخطت رسمياً عدد سكان الصين وذلك للمرة الأولى منذ إجراء أول إحصاء أممي في خمسينيات القرن الماضي، وذلك بوصول عدد سكانها إلى نحو 1.428 مليار نسمة، لتطرح خلافتها السكانية للصين افتراضاً بأن تخلفها على المستويين الاقتصادي والصناعي لن يستمر طويلاً، إذ يشير محللون إلى أن عدد السكان ربما يعمل كدفعة وحافز للهند بأن تسير على خطى الصين، ويساعدها على أن تتحول من دولة منخفضة الدخل إلى واحدة من الدول متوسطة الدخل.

لكن نيودلهي ستحتاج إلى عدد من التغييرات لكي تصبح قوة عالمية جديدة على الساحة الدولية، ومن بين تلك الأمور زيادة كبيرة في الثروة الوطنية وذلك من خلال إجراء إصلاحات داخلية قوية، كما توقع محللون أن تساعد زيادة الصادرات الصناعية على التحول الاقتصادي مدفوعة بتقلص عدد السكان في الصين.

2023 عام الهند

يمكننا وصف عنوان العام الحالي بكونه عام الهند بامتياز، ففي أبريل الماضي أصبحت الهند رسمياً أكبر دولة ذات تعداد سكاني على مستوى العالم لتتخطى الصين للمرة الأولى منذ أول إحصاءات رسمية للسكان في خمسينيات القرن الماضي، كما تسلمت منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي رئاسة مجموعة الـ20، إذ تستضيف عاصمتها قمة الزعماء المرتقبة التي تضم أكبر 20 اقتصاداً على مستوى العالم.

الهند كذلك حصلت على الرئاسة الدورية لمنظمة شنغهاي للتعاون، كما وصلت مركبة الفضاء الهندية إلى القطب الجنوبي للقمر لتصبح رابع دولة في العالم تتمكن من إرسال مركبة للقمر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان من المفترض أن تستضيف الهند قمة الـ20 العام الماضي بدلاً من إندونيسيا، ولكن في ختام قمة عام 2020 أعلنت وزيرة الخارجية الإندونيسية رينتو مارسودي أن البلدين تبادلا معاً عامي الرئاسة للمجموعة الاقتصادية، ويفسر بعض المراقبين ترحيب الهند بتأجيل الاستضافة لهذا العام بأنها فرصة للترويج والدعاية لحكومة مودي وحزبه "بهاراتيا غاناتا" للانتخابات العامة التي ستجرى العام المقبل.

بعض المراقبين يرون أن استضافة الهند قمة الـ20 تبعتها حملة تربط بين اكتساب البلاد دوراً قوياً على الساحة الدولية بحكومة وقيادة مودي وحزبه البلاد خلال السنوات الأخيرة، إذ تحاول حكومة الهند تصوير رئاستها مجموعة الـ20 واستضافتها قمة القادة على أنها مكسب سياسي يضاف إلى ناريندرا مودي وحزبه بما يزيد من شعبية الحزب داخلياً.

تجميل نيودلهي

ومن أجل استضافة قمة الـ20 تهيأت العاصمة الهندية للحدث الكبير من خلال حملة تجميل كبرى صاغتها الحكومة، تحاول هذه الجهود الحكومية أن تبرز الهند في صورة مغايرة عما كانت تعرف به مسبقاً بكونها بلداً فقيراً أو كما صرح رئيس الوزراء الهندي "كانت الهند تعرف سابقاً بكونها بلد الـ100 مليار جائع، ولكنها الآن أمة لما يزيد على 100 مليار عقل واعد من الأيدي الماهرة".

وخلال عام رئاسة الهند استضافت ما يزيد على 200 اجتماع لمجموعة الـ20 في ما يزيد على 60 مدينة، وكانت اللقاءات في هذا العام أكثر بكثير من سابقتها في الأعوام الماضية، وتمكنت الهند من الاستفادة من اجتماعات الـ20 بتنظيف المدن التي استضافت هذه الفعاليات والترويج للمنتجات المحلية والثقافة الهندية، وتزينت العاصمة نيودلهي وطرقاتها استعداداً للقمة واستقبال الضيوف بتركيب ما يصل إلى 100 منحوتة و150 نافورة وإزالة 15 ألف طن من النفايات الصلبة.

وأضفت الهند على شعار المجموعة لهذا العام طابعها الثقافي البارز، ويرمز شعار مجموعة الـ20 هذا العام لألوان العلم الوطني الهندي الزعفران والأبيض والأخضر والأزرق، كما يرمز لكوكب الأرض بزهرة اللوتس التي تزين الشعار وهي زهرة الهند الوطنية التي تعكس النمو وسط التحديات. وتروج الهند لقوتها الناعمة في اجتماعات المجموعة ممثلة في ثقافتها وفنونها اليدوية ومطبخها الشهير.

 

لكن بعض التقارير الإعلامية الغربية أشارت إلى تعرض العديد من المنازل والأكشاك على الطريق للإزالة ونزوح آلاف السكان، كما وجد تقرير لمنظمة حقوقية مدنية أن الاستعدادات لقمة الـ20 تسببت في نزوح ما يقرب من 300 ألف شخص بخاصة في المناطق التي سيزورها القادة الأجانب والدبلوماسيون في اجتماعات الـ20 المختلفة، فيما يرى بعض المعارضين أن رئاسة الهند مجموعة الـ20 واستضافتها قمة القادة أصبحت وسيلة للترويج لحكومة مودي والهند وقيادته البلاد، وسط المشكلات والأزمات الداخلية والعرقية التي تواجه الهند تحت قيادة حزب "بهاراتيا غاناتا".

صوت الجنوب العالمي

تحاول الهند أن تقدم نفسها في فترة رئاستها بصفتها ممثلاً لدول الجنوب أو جسراً بين دول الجنوب ودول الغرب، فلطالما أكدت الهند كونها تمثل صوتاً للجنوب العالمي، ويقصد به الدول النامية، والتعبير عن مخاوفهم ومصالحهم، وبدأت الهند العام الحالي بتنظيم قمة "صوت الجنوب العالمي" الافتتاحية، التي استقطبت 125 دولة عبر الإنترنت، وبحسب الحكومة الهندية فإن القمة سلطت الضوء على الحاجة إلى إصلاح الهيئات الدولية من أجل تمثيل أكثر توازناً لتبرز نفسها كممثل للدول النامية وأكثر فاعلية على الساحة الدولية.

ولعل الهند أن تكون جسراً بين الدول النامية والمتطورة، إذ عملت على دعم قضايا تهم الدول النامية بوضعها على أجندة اجتماعات الـ20 مثل تمويل المناخ وأزمة الديون وارتفاع معدلات التضخم الذي تسببت فيه الحرب الروسية - الأوكرانية.

إلى جانب ذلك تدعم الهند منذ رئاستها هذا العام انضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة الـ20 ليكون العضو الـ21 للمنتدى الاقتصادي، وأشار تقرير لوكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية، نقلاً عن مصادر هندية، إلى أن دول الـ20 وافقت على عضوية الاتحاد الأفريقي وسيعلن عن القرار في ختام القمة.

وسيكون انضمام الاتحاد الأفريقي نجاحاً لدبلوماسية الهند التي تبنتها بوصفها صوتاً للجنوب العالمي، إذ يسجل لها تمكنها خلال رئاستها من ضم القارة الأفريقية لأكبر تجمع اقتصادي دولي بما يمنح دول أفريقيا النامية مزيداً من التمثيل بين كبرى اقتصادات العالم.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير