مواعدة على "تيندر" تجلب للعدالة شخصا أخفى جريمته لسنوات

عندما صدم السائق الثمل ألكسندر ماك كيلار ضحيته الأب لولدين أثناء قيادته دراجته الهوائية ليلاً على مسافة 100 ميل لأهداف خيرية في مرتفعات اسكتلندا، كان بوسعه التوقف لمساعدته.

ولكنه عوضاً عن ذلك، ترك توني بارسونز يموت على الطريق. في وقت لاحق، عاد ماك كيلار وأخوه التوأم روبرت الذي كان في مقعد الركاب لتنظيم تغطية مدروسة للجريمة.

فعمد الثنائي إلى دفن الضابط السابق في البحرية بواسطة حفارة في مستنقع ناءٍ حيث يجري التخلص من جيف الحيوانات وحيث بقي من دون أن يكتشف أحد جثته لأكثر من ثلاثة أعوام.

بالنسبة إلى عائلة بارسونز المفجوعة، لا بد من أن كل ساعة مرت على اختفاء ابنها في الـ29 من سبتمبر (أيلول) 2017 كانت مليئة بالعذاب والمعاناة، بيد أنهم علموا بمصيره بفضل التصرفات الشجاعة لكارولين مويرهيد، شريكة ماك كيلار التي سلمت خطيبها إلى الشرطة بعدما اعترف لها تحت تأثير المشروب في أواخر عام 2020 بالواقعة عقب خمسة أسابيع على بداية مواعدتهما.

حتى إن كارولين، اختصاصية الطب الشرعي الحذقة والسريعة التفكير، نجحت في أن ترمي عمداً علبة مشروب طاقة "ريد بول" على الأرض عندما اصطحبها ماك كيلار إلى موقع دفن الجثة بشكل يتيح للمحققين أن يعثروا في نهاية المطاف على بقايا بارسونز.

الجمعة الماضي، حكم على ماك كيلار بالسجن 12 عاماً في المحكمة العليا في غلاسكو لقتله الرجل البالغ 63 سنة بعد صدمه بشاحنته من طراز "بيك آب" على طريق A82 قرب جسر أورشي في منطقة أرجيل أند بوت.

بعد اتهامه في الأساس بجريمة قتل بارسونز، اعترف الشاب البالغ من العمر 31 سنة بذنبه الشهر الماضي في تهمة معدلة بالقتل غير العمد. كما حكم على أخيه روبرت بالسجن خمس سنوات وثلاثة أشهر بعد أن أقر بمحاولته تضليل العدالة.

وكان بارسونز الذي انتصر على مرض السرطان والذي لم يكن يحب شيئاً في الحياة أكثر من اللعب مع أحفاده، خطط لركوب الدراجة طوال الليل واجتياز مسافة 100 ميل من فورت ويليامز عائداً إلى منزله في تيليكولتري في كلاكمانانشير.

السيارة التي صدمت توني بارسونز (مكتب التاج الاسكتلندي)

استقلّ القطار شمالاً صباح الـ29 من سبتمبر 2017 للبدء برحلته وشوهد للمرة الأخيرة يحتسي مشروباً في فندق "بريدج أوف أورشي" عند الساعة 11 ليلاً.

كان الأخوان ماك كيلار يشربان في الحانة نفسها قبل أن يصطدما به على طريق A82 أثناء عودتهما لمنزلهما في منطقة أوش استايت التي تبلغ مساحتها 9000 فدان في أرجيل.

وأقر ماك كيلار بأنه كان يقود "بسرعة فائقة تحت تأثير الكحول" على الطريق A82.

ترك بارسونز مرمياً إلى جانب الطريق "في موقع بعيد خلال ساعات الليل المظلمة والطقس العاصف"، ممّا أدى إلى وفاته.

علبة مشروب طاقة "ريد بول" التي قامت كارولين ميرهيد برميها للدلالة على موقع دفن الجثة (مكتب التاج الاسكتلندي) 

واستمعت المحكمة الشهر الماضي في حديث سردي كيف عاد الأخوان ماك كيلار في وقت ما بين الـ29 من سبتمبر 2017 والثالث من يناير (كانون الثاني) 2021 إلى الطريق A82 ونقلا جثة بارسونز إلى أوش استايت ودفناه.

تعرّف ماك كيلار إلى مويرهيد على تطبيق "تيندر" Tinder المخصص للمواعدة قبل خمسة أسابيع من اعترافه لها بما ارتكبه. وقبل ذلك الاعتراف المرعب، عاش الثنائي علاقة رومنسية عاصفة وأخبرها صائد الغزلان أنه يريد الزواج بها بعد أسابيع قليلة من علاقتهما.

وقالت مويرهيد إنها كانت قد خرجت للتو من علاقة سيئة وإن التعرف إليه كان "بمثابة نجاة". وصرحت إلى صحيفة "صنداي ميل" Sunday Mail: "بالعودة للوراء، كان الأمر محرجاً للغاية، ولكنني أردت أن أحصل على تلك العاطفة وعلى شخص يهتم لأمري."

وأتى اعترافه لها بعدما لاحظت عليه التوتر الواضح عندما مرت سيارة شرطة بالقرب منهما.

وقالت للصحيفة: "سألته ’ماذا هنالك؟ ما الذي يجري؟ ما الذي تخفيه عني؟‘ وقلت له إنه إذا كنا سنكون معاً ونكوّن فريقاً، فعليه إخباري بكل شيء وأنا سأدعمه وأسانده. بدأ يعاني نوبة هلع. كان يلهث وينتحب. ومن ثم أخبرني أنه ارتكب شيئاً أفلت منه لأعوام".

وأضافت مويرهيد من غلاسكو: "كنت تحت وقع الصدمة، وتجمدت في مكاني. لم أكن أعرف ما الذي عليّ تصديقه. هذا الرجل الذي اعتقدت بأنني يمكن أن أكون معه لبقية حياتي أخبرني للتو أنه قاتل. لم أكن أعرف ماذا أفعل."

في المحكمة، قال المدعي العام أليكس برانتيس إن ماك كيلار اعترف لصديقته بأنه كان "مشتت الذهن" بفعل أضواء السيارات واصطدم بشيء ما على جانب الطريق A82  تبين لاحقاً أنه السيد بارسونز.

وقام الأخوان بإخفاء دراجة بارسونز خلف شلال مياه في أوش استايت ولكن لم يعثر عليها أبداً بحسب ما أفادت المحكمة.

تم توقيف الرجلين في الـ20 من ديسمبر (كانون الأول) 2020 وعُثر على جثة بارسونز في سبيل الخضوع للتحقيق الجنائي في يناير 2021.

 وحضر إلى المحكمة لسماع الحكم الجمعة الماضي أفراد من عائلة بارسونز بمن فيهم أرملته مارغريت وولداه مايك وفيكتوريا.

وفي بيان عقب إقرار الأخوان بالذنب الشهر الفائت، تحدثت العائلة عن الأثر المدمر الذي تركه اختفاؤه على الأسرة وأضافت أن العدالة تحققت "في النهاية".

وقالوا: "كما بوسعكم التخيل، إن عدم معرفة ماذا حل بشخص ما ومن ثم تلقينا الأخبار المروعة ترك أثراً مدمراً علينا جميعاً كأسرة. في نهاية المطاف، تحققت العدالة ونودّ أن نشكر مسؤولي المحكمة ومعهم رجال الشرطة من فريق التحقيق الرئيس في شرطة اسكتلندا وقسم فورث فالي وأقسام الشرطة الأخرى في اسكتلندا التي عملت على هذه القضية ونوجه شكرنا أيضاً إلى المتطوعين كافة وفرق الإنقاذ الجبلية التي بحثت من دون كلل عنه في أولى مراحل التحقيق".

وبعد الدعوى القضائية، قالت مويرهيد إنها تخشى على حياتها بعد إطلاق سراح ماك كيلار من السجن وصرحت إلى قناة "سكاي نيوز" الجمعة الماضي: "هل تعتقدون بأن ذلك الرجل لن يأتي ويقرع بابي عندما يخرج من السجن؟".

وأُفيد بأنها تفكر في رفع دعوى قضائية ضد شرطة اسكتلندا على خلفية مزاعم أنها شعرت بالضغط للتجسس على خطيبها السابق بعد أن قادتهم إلى مكان دفن الجثة.

كما نُقل أن مويرهيد قدمت شكاوى عدة ضد الشرطة مع إحالة مكتب المدعي العام الاسكتلندي ثماني شكاوى إلى مفوض الشرطة للتحقيقات والمراجعة الذي أكد أن المدعي العام طلب منهم النظر في القضية.

وفي هذا السياق، قال متحدث باسم مكتب المفوض: "أصدرتُ التوجيهات لمكتب مفوض الشرطة للتحقيقات والمراجعة بالتحقيق في الادعاءات الجرمية المتعلقة بهذا الأمر من قبل المدعي العام (مكتب التاج الاسكتلندي) والخدمة المالية للنائب العام (COPFS). بما أن التحقيق ما زال جارياً ، نحن غير قادرين على تقديم مزيد من المعطيات".

وصرح متحدث باسم شرطة اسكتلندا بأنه "ليس من المناسب التعليق على تلك الادعاءات لأن الدعوى الجنائية لم تنته بعد. هناك عدد من الشكاوى البارزة التي سيتم النظر فيها في ختام كل الدعاوى الجنائية".