Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"تجارة تزكية المرشحين للرئاسة" تفجر أزمة في تونس

سرقة المعطيات الشخصية تخلق مخاوف عدة من إمكانية حدوث عمليات تزوير في الانتخابات

رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس نبيل بفون يعلن خلال مؤتمر صحافي في 14 أغسطس 2019 قبول ملفات 26 مرشحاً للانتخابات الرئاسية المبكرة (أ.ف.ب)

ساعات قليلة قبل الإعلان عن قبول ملفات 26 مرشحاً للانتخابات الرئاسية المبكرة، التي ستحصل في منتصف سبتمبر (أيلول) 2019، والذين قُبلت ملفاتهم بعد استيفاء الشروط كاملة، ومنها الحصول على ترشيح عدد من النواب في البرلمان أو الحصول على تزكية عشرة آلاف مواطن، أي بمعدل 500 مواطن عن كل ولاية.

الأزمة تفجرت بعد وضع هيئة الانتخابات تطبيقاً على الهواتف المحمولة يتيح لكل مواطن معرفة هل قام لتزكية أحد المرشحين أم لا.

رقم بطاقة الهوية 195

هذا التطبيق كشف عن استعمال المعطيات الشخصية لكثيرين من المواطنين لتزكية عدد من المرشحين الذين لم يرشحهم أعضاء من مجلس النواب. لكن اكتشاف عدد من المواطنين أنه جرى استعمال أسمائهم وأرقام هوياتهم من دون علمهم، وأثار حالة من الانزعاج والغضب، إذ اعتبر رئيس "الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية" شوقي قداس أن "كل من ثَبُت لديه أنه جرى استعمال رقم بطاقة هويته لتزكية أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية من دون علم منه، يمكنه التقدم بشكوى لوكيل الجمهورية في انتحال الصفة أو إيداع شكوى لدى الهيئة".

في المقابل، قال رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات نبيل بافون إن "هذه الشكاوى قد تكون مجرد حملات تشويه للمرشحين المقبولين بشكل أولي، وإذا صح الأمر فبإمكان المواطنين المتضررين التوجه إلى النيابة العامة، لأن ذلك من شأنه التأثير في ملف المرشح المعني".

المحامي رمزي الجبابلي اعتبر في تصريح لـ "اندبندنت عربية" أن "استعمال هوية شخص وإمضاءه هو تزوير وليس انتحال صفة، وينتج منها قانونياً البطلان، وكل ما بُني على باطل فهو باطل".

وفي القانون الانتخابي، هناك عقوبات مالية وسجن لستة أشهر لمن تثبت عليه جريمة التزوير واستعمال المعطيات الشخصية للمواطنين لتزكية أحد المرشحين، ولكن الإشكال بحسب المحامي الجبابلي، يتلخص في كون القانون يضع شرطاً وهو أن "يتقدم الشاكي بقضية أمام القضاء للمطالبة بالطعن في الترشح، وهذا يأخذ الكثير من الوقت ويمكن أن تستمر القضية سنوات بعد انتهاء الانتخابات".

حماية المعطيات الشخصية والمسؤولية القانونية

الإعلامية والإذاعية ملاك اليزيد التي قامت بتغطية الندوة الصحافية التي عقدتها "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات"، فوجئت عندما استعملت التطبيق الذي طرحته الهيئة بوجود اسمها ضمن من زكّى أحد المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية، ما اعتبرته "اعتداءً خطيراً على المعطيات الشخصية، وهناك تخوف حقيقي خصوصاً في كيفية معرفة رقم بطاقة الهوية وتزوير التوقيع، ومن هؤلاء الأشخاص الذين تحصلوا على بياناتي الشخصية، غير المتاحة للجميع؟".

وأضافت اليزيد أنها اتصلت "برئيس هيئة حماية المعطيات الشخصية شوقي قداس للاستفسار والتبليغ عن عملية التحايل التي تعرّضت لها، والتي تعرّض لها أيضاً عدد كبير من المواطنين والإعلاميين وناشطي المجتمع المدني الذين استُعملت معطياتهم الشخصية في تجارة تزكية المرشحين".

وأوضحت اليزيد أنها قررت "تقديم شكوى للقضاء"، ولكنها تنتظر تحرك المحامين والناشطين في المجتمع المدني للتثبّت وجمع الشكاوى، لأنه كلما ارتفع العدد تحرك القضاء بشكل أكبر لكشف حقيقة ما جرى.

وعبّرت عن أسفها لعدم وجود موقف حازم من جانب "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات"، لأن ما جرى اليوم سبق أن حصل في انتخابات عام 2014، ولم يجرِ التعاطي مع المسألة بجدية ومواجهتها بحزم لمعاقبة الفاعلين ومنع تكرارها.

كذلك، تخوفت اليزيد من أن يكون قد "جرى استعمال المعطيات الشخصية لعشرات آلاف المواطنين، خصوصاً في الأرياف والمناطق الداخلية، الذين لا يعلمون ولا يعرفون كيف يمكن لهم التأكد من ذلك، ويصعب عليهم التوجه إلى القضاء لتقديم شكوى حول الموضوع. فعلى الهيئات المعنية بالانتخابات تحمّل مسؤولياتها والبحث والتوجه لهؤلاء المواطنين لمعرفة هل فعلاً زكّوا مرشحين أم استُعملت أسماؤهم ومعطياتهم الشخصية؟".

سرقة لن يُسكت عنها

الناشط في المجتمع المدني منتصر الحيزم تقدم صباح الجمعة 16 أغسطس (آب) 2019، بشكوى للقضاء بعدما اكتشف استعمال اسمه وتزوير توقيعه في تزكية أحد المرشحين، وهذا لا أساس له من الصحة.

وأضاف أنه عند تقديم شكواه للقضاء، لاحظ وجود عدد لافت من المواطنين تقدموا أو ينتظرون التقدم بشكاوى ضد عدد من المرشحين استعملوا أسماءهم وأرقام هوياتهم لتزوير تزكيتهم في الانتخابات، وهذا بحسب تقديره يدلّ على "وجود نوايا مبيّتة مسبقة بالتزوير".

الشعور أن المعطيات الشخصية للمواطنين مكشوفة ويتناقلها كثيرون من دون خوف أو خشية من الحساب، يُلقي بظلال كثيرة ومخاوف متعددة من إمكانيات حدوث عمليات تزوير في الانتخابات، خصوصاً أنه لا يُعرف إلى الآن كيف ستُعالج هذه القضايا والمدة التي سيستغرقها ذلك ونتائجها على المرشحين الذين استعملوا هذه التزكيات في تقديم ملفاتهم للترشح لمنصب رئاسة الجمهورية.

المزيد من العالم العربي