حوار "الأيام السبعة" محاولة لبنانية جديدة لانتخاب رئيس

دعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري اليوم الخميس الكتل البرلمانية إلى عقد جلسات حوار لمدة سبعة أيام كحد أقصى خلال الشهر المقبل تمهيداً لانتخاب رئيس للجمهورية بعد عشرة أشهر من شغور المنصب.

وقال بري في كلمة ألقاها أمام آلاف من أنصاره خلال إحياء "حركة أمل"، الحزب الذي يترأسه، الذكرى الـ45 لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، "تعالوا في شهر سبتمبر (أيلول) لحوار في المجلس النيابي لرؤساء وممثلي الكتل اللبنانية لمدة حدها الأقصى سبعة أيام، وبعدها نذهب إلى جلسات مفتوحة ومتتالية حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً ونحتفل بانتخاب رئيس للجمهورية"، ودعا القوى السياسية إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي "قبل فوات الأوان".

ومنذ انقضاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2022، فشل البرلمان 12 مرة في انتخاب رئيس على وقع انقسام سياسي يزداد حدة بين "حزب الله" وخصومه، فيما لا يحظى أي فريق بأكثرية تمكنه منفرداً من إيصال مرشحه إلى المنصب.

رفض الحوار

وترفض كتل برلمانية رئيسة اقتراح بري بالجلوس إلى طاولة حوار الذي سبق أن طرحه مراراً من أجل التوافق على شخصية رئيس للبلاد قبل التوجه إلى البرلمان لانتخابه، وتفضل تلك الكتل الاحتكام إلى اللعبة الانتخابية الديمقراطية وأن يفوز المرشح الذي يحظى بالعدد الأكبر من الأصوات.

وجدد بري دعوته الكتل البرلمانية إلى الحوار مع اقتراب عودة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان-إيف لودريان لبيروت الذي تقود بلاده منذ أشهر جهوداً بلا جدوى لإنهاء الشغور الرئاسي.

وفي ختام زيارة أجراها إلى بيروت، أصدرت الخارجية الفرنسية بياناً في الـ27 من يوليو (تموز) الماضي أوضحت فيه أن لودريان "اقترح  على كل الأطراف الفاعلة في عملية انتخاب رئيس للجمهورية دعوتهم في سبتمبر إلى عقد لقاء في لبنان هدفه التوصل إلى توافق على القضايا والمشاريع ذات الأولوية التي ينبغي على الرئيس المقبل أن يتولاها"، مضيفة أن "الهدف من هذا اللقاء هو خلق مناخ من الثقة يتيح للبرلمان الاجتماع في ظل ظروف مواتية" لانتخاب رئيس.

الوضع الاقتصادي

ويزيد الشغور الرئاسي الحالي في لبنان الوضع الاقتصادي سوءاً في بلاد تشهد منذ 2019 انهياراً اقتصادياً صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850.

ومنذ أشهر، تدير البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية فيما يشترط المجتمع الدولي إصلاحات ملحة من أجل تقديم دعم مالي يساعد لبنان على النهوض من مأزقه الاقتصادي المزمن.

وجاءت مواقف بري خلال إحياء ذكرى تغييب الإمام الصدر ورفيقيه. وتحمل الطائفة الشيعية في لبنان معمر القذافي مسؤولية اختفاء الصدر الذي شوهد للمرة الأخيرة في ليبيا في الـ31 من أغسطس (آب) 1978 بعدما وصل إليها بدعوة رسمية في الـ25 من الشهر نفسه مع رفيقيه.

لكن النظام الليبي السابق دأب على نفي هذه التهمة، مؤكداً أن الثلاثة غادروا طرابلس متوجهين إلى إيطاليا التي نفت دخولهم أراضيها.

وقال بري في كلمته اليوم إن "السلطات الليبية القائمة حالياً (...) تتحمل القدر نفسه من المسؤولية" التي تتحملها السلطات السابقة "إذا ما استمرت في عدم تعاونها مع القضاء اللبناني".

هانيبال القذافي

وكان لبنان ألقى القبض عام 2015 على نجل القذافي، هانيبال وأصدر بحقه مذكرة توقيف بتهمة "كتم معلومات" حول قضية الصدر.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أعلن فريق الدفاع عن القذافي أنه بدأ إضراباً عن الطعام، لكن مصدرين أحدهما أمني والآخر قضائي أكدا لوكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق أنه قلص الوجبات من دون الانقطاع عن الطعام للضغط على السلطات لإطلاق سراحه.

وهانيبال القذافي كان لاجئاً سياسياً في سوريا قبل استدراجه إلى لبنان من قبل مجموعة يقودها النائب الأسبق حسن يعقوب الذي خطف والده الشيخ محمد يعقوب مع الصدر.

حفظ السلام

من ناحية أخرى، صوت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اليوم لمصلحة تمديد مهمة حفظ السلام المستمرة منذ فترة طويلة في لبنان لمدة عام آخر بعد التوصل إلى حل وسط بين فرنسا والولايات المتحدة في شأن صياغة تتعلق بحرية حركة قوات الأمم المتحدة.

وتراقب قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) التي تشكلت في 1978 الحدود الجنوبية التي يشترك فيها مع إسرائيل، ويجري تمديد مهمتها سنوياً ومن المقرر أن ينتهي تفويضها الحالي اليوم.

واعتمد مجلس الأمن النص الذي صاغته فرنسا بتصويت من 13 دولة لمصلحته وامتناع روسيا والصين عن التصويت، وتأجل تصويت كان من المزمع إجراؤه أمس الأربعاء بعد جدل بين فرنسا والولايات المتحدة والإمارات حول الصياغة المتعلقة بحرية حركة قوات الأمم المتحدة.

التنسيق مع لبنان

وأبقت باريس في القرار على صياغة توضح أنه يتعين على "يونيفيل" التنسيق مع الحكومة اللبنانية.

لكن في حل وسط مع واشنطن وأبو ظبي، أعادت فرنسا إضافة نص من قرار المجلس العام الماضي بعدما كانت حذفته، يطالب جميع الأطراف بالسماح لقوات الأمم المتحدة "تسيير الدوريات المعلنة وغير المعلنة".

وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد للمجلس "قدرة أفراد يونيفيل على تنفيذ مسؤولياتهم من دون أي قيود أمر ضروري"، مضيفة "لدينا مخاوف مستمرة منذ وقت طويل تتعلق بأفعال بعض الجهات لتقييد حرية حركة المهمة".

وأردفت "يشمل القرار الذي تمت الموافقة عليه اليوم صياغة تشدد بقوة على حرية يونيفيل المطلقة في الحركة".

حرب كلامية

ويأتي تجديد ولاية "يونيفيل" وسط تصاعد حرب كلامية بين إسرائيل وجماعة "حزب الله" المدعومة من إيران مع تعهد كل منهما بإعادة الآخر إلى "العصر الحجري" واستعدادهما لصراع محتمل على رغم نفيهما السعي إلى الدخول في مواجهة.

وتم توسيع تفويض "يونيفيل" عام 2006 بعد حرب استمرت شهراً بين إسرائيل و"حزب الله" للسماح لقوات حفظ السلام بمساعدة الجيش اللبناني بالحفاظ على أجزاء من الجنوب خالية من الأسلحة أو المسلحين باستثناء ما يتبع الدولة اللبنانية.

وأثار ذلك خلافات مع "حزب الله" الذي يسيطر فعلياً على جنوب البلاد على رغم وجود الجيش اللبناني، وقتل جندي إيرلندي من قوات حفظ السلام في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عندما تعرضت مركبته التابعة لـ"يونيفيل" لإطلاق نار في الجنوب، واتهمت محكمة عسكرية لبنانية أعضاء في "حزب الله" بالتورط في القتل، لتنفي الجماعة علاقتها بذلك رسمياً.

ترسيم الحدود

من ناحية أخرى، قال كبير مستشاري البيت الأبيض آموس هوكشتاين اليوم في ختام زيارة للبنان استمرت يومين إن الولايات المتحدة تبحث إمكان حل النزاع الحدودي الطويل الأمد بين بيروت وتل أبيب، وأضاف أنه زار جنوب لبنان "لفهم ومعرفة مزيد عما هو مطلوب للتمكن من تحقيق نتيجة محتملة" وإنه سيستمع لـ"الجانب الآخر" في إشارة على الأرجح إلى إسرائيل.