Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الغاز التركماني يعالج صداع الكهرباء في العراق

اتفاق بين بغداد وعشق آباد للاستيراد لحين إنتاجه محلياً ومراقبون يحذرون من رد الفعل الإيراني

عراقي يربط الكابلات الموفرة لكهرباء المنازل والشركات في مدينة الصدر شرق العاصمة بغداد (أ ف ب)

ملخص

الحكومة العراقية لجأت إلى الغاز التركماني لحل أزمة الكهرباء في البلاد لحين بدء الاعتماد على الغاز المحلي في 2027

تحاول الحكومة العراقية إيجاد حلول سريعة لأزمة نقص الغاز المجهز لمحطات الكهرباء التي بدت واضحة في الصيف الحالي من خلال التراجع الكبير للتجهيز بالطاقة في معظم المدن، نتيجة تلكؤ إيران وامتناعها في بعض الأحيان عن تجهير الغاز بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليها، والتي تمنع تحويل الأموال بشكل مباشر.

وعلى رغم إعلان رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني في يوليو (تموز) الماضي عن اتفاق لمبادلة النفط الأسود بالغاز الإيراني بهدف تجاوز العقوبات الأميركية على طهران، فإن النتائج على الأرض لا تزال تبين أن هناك نقصاً كبيراً في الغاز المجهز لمحطات الطاقة، مما دفع بغداد إلى البحث عن حلول تقلل من تأثير انقطاع الغاز الإيراني المتكرر لحين استثمار مكامنه في البلاد.

ويبدو أن العراق اختار في هذه المرحلة التوجه إلى تركمانستان ومن قبلها قطر لإيجاد حلول تضمن سد حاجات العراق من الغاز، خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً مع وجود توسيع المدن العراقية وإنشاء جديدة واستئناف العمل بعديد من النشاطات الزراعية والصناعية وغيرها التي تحتاج إلى إنتاج مزيد من الطاقة الكهربائية.

وزارة النفط في بغداد أوضحت أنها ستستورد الغاز من عشق آباد (عاصمة تركمانستان)، وفق اتفاق مبدئي بين الدولتين لتلبية جزء من حاجات محطات الطاقة الكهربية في البلاد.

وبحسب بيان عراقي قال وكيل وزارة النفط لشؤون الغاز عزت صابر إن هناك اتفاقاً مبدئياً على استيراد كميات من الغاز لتلبية جزء من حاجات محطات الطاقة الكهربائية، لافتاً إلى أن هناك مذكرة تعاون يجري الإعداد لها لهذا الغرض ومن المؤمل التوقيع عليها قبل نهاية العام الحالي. وأوضح أن المذكرة "تتضمن الكميات المقترحة والآليات التي يتم اعتمادها بين البلدين".

وعقب اجتماع لوفدين من العراق وتركمانستان، قال "صابر" إن اتفاق البلدين مهم ويمثل خطوة متقدمة لتوسيع آفاق التعاون مع الدول المنتجة للغاز، ومنها تركمانستان التي تعد من أهم الدول المنتجة للغاز في المنطقة.

الاستثمار أفضل

وعلى رغم أهمية الخطوة العراقية التركمانية فإن المتخصص في الشأن النفطي حمزة الجواهري انتقد عدم وجود تفاصيل للاتفاق النفطي بين البلدين، موضحاً أن استثمار الغاز الحر سيكون أقصر وقتاً وأكثر نجاعة.

وقال الجواهري إن "الاتفاق بين العراق وتركمانستان غير معلوم التفاصيل، وهو فقط مبدئي حول شراء الغاز"، مبيناً أن 80 في المئة من الغاز التركماني تم شراؤه في الأساس من روسيا، وأن 20 في المئة للاستهلاك المحلي، علاوة على أن هناك خطاً للغاز ممتد إلى تركيا، وقد يكون جزءاً من هذا الأنبوب ويتفرع ليذهب إلى العراق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن سير الأنبوب الغازي بين أن مروره عبر بحر قزوين سيواجه برفض إيراني لكونها تبيع الغاز للعراق، لافتاً إلى عدم وجود تفاصيل عن الأسعار وملكية الأنابيب ولا الكميات، وكذلك الدول التي يمر بها.

وعد الجواهري أن استثمار الغاز العراقي هو "أفضل وأسرع وأكثر أهمية اقتصادية"، لافتاً إلى أن "هناك ثلاث شركات لتطوير حقل عكاز، وقدمت عروضاً وهي في طور الدراسة".

بعد المسافة

فيما يرى المتخصص في شؤون الطاقة كوفند شيراني أن بعد المسافة بين العراق وتركمانستان قد يصعب من تنفيذ الاتفاق بين البلدين، لافتاً إلى ضرورة استثمار الغاز الحر. وقال شيراني إن "موقع تركمانستان من الناحية الجغرافية يصعب إيصال الغاز إلى العراق في وقت قصير وسيجعله يمر إما عبر تركيا أو إيران، وهذا أيضاً في حاجة إلى مليارات الدولارات ويستغرق من سنتين إلى خمس سنوات لبناء أنبوب"، مبيناً أن الخيار الأفضل استيراد الغاز من قطر ونقله بالسفن ومن ثم السيارات الحوضية إلى المحطات أو مد أنابيب بواسطة البحر.

وأضاف أن البديل الأفضل هو استثمار الغاز المصاحب، منبهاً إلى أن التفكير في مشروع آخر أو بديل غير الغاز الإيراني يحتاج إلى أنابيب وسنوات، ولذلك تعتبر خطوة غير عملية. ولفت الأنظار إلى إمكانية التفاهم مع أذربيجان أو تعديل الاتفاق مع إيران، لا سيما أن آخر اتفاق مع طهران هو مقايضة النفط بالغاز لتجاوز العقوبات الأميركية. ودعا إلى التعجيل بمشاريع استثمار الغاز كما هو الحال في مشروع استثمار الغاز مع "توتال" الذي يهدف إلى توفير 600 مليون قدم مكعبة والتنسيق مع حكومة إقليم كردستان في عدد من الحقول لاستخراج الغاز الطبيعي.

واعتبر أن العراق تأخر في استثمار الغاز، خلال الـ20 عاماً الماضية، وكان من الممكن الوصول إلى الاكتفاء الذاتي، إذ تم استثماره خلال هذه الفترة الطويلة، موضحاً أن هذا البلد يحرق سنوياً 18 مليار متر مكعب، وهذه كمية كبيرة جداً تعادل الكمية المستوردة.

وطرح المسؤولون في الحكومة العراقية، خلال السنوات الماضية، بدائل مختلفة عن الغاز الإيراني منها الغاز التركماني والقطري، وأعيد فتح الملف نفسه هذا الصيف مع أزمة انقطاعات الكهرباء أخيراً.

ارتفاع الطلب

المتخصص في الشأن الاقتصادي صفوان قصي اعتبر أن العراق يحاول تلبية متطلبات وقود المحطات الكهربائية بالبحث عن مصادر مختلفة للغاز، مشيراً إلى سعي بغداد للاعتماد على الغاز المحلي بحلول عام 2027.

وقال قصي إن "الحكومة العراقية تحاول تلبية متطلبات توليد الطاقة الكهربائية من مصادر مختلفة وإن عدم وجود صعوبات مالية بالتعامل مع تركمانستان ستسهل من عملية توفير الغاز، بخاصة في أوقات الذروة عندما لا يستطيع الجانب الإيراني تلبية استهلاك الغاز إلى نظيره العراقي"، مشيراً إلى إمكانية تغطية العجز من خلال السماح باستيراد الغاز من تركمانستان وتلبية متطلبات الوقود للمحطات الكهربائية وقت الذروة.

وذكر أنه من الممكن أن "تكون لدينا عقود طويلة الأجل بالتنسيق مع الجانب التركماني في موضوع تغذية المحطات الكهربائية، لا سيما أن الولايات المتحدة سمحت باستيراد الغاز من إيران إلا أن السماح لوقت محدد"، معتبراً أن بغداد مطالبة بالبحث عن بدائل سواء من قطر أو تركمانستان لتغذية المحطات بالوقود مع ضرورة الالتزام مع السعر العالمي من أجل عدم الإضرار بالمصلحة المحلية من حيث الكلفة.

ويسعى العراق – وفق قصي – في المدى المتوسط وبحلول عام 2027 إلى تقليص الاعتماد على الغاز المستورد والاعتماد على الغاز المحلي وهناك شركات التزمت بعملية إيقاف حرق الغاز المصاحب لاستخراج النفط، فضلاً عن الربط الكهربائي مع الجانب الأردني والخليجي، مما يقلل من الاعتماد على الطاقة، مبيناً أن العراق يبحث عن الطاقة الأقل كلفة تزامناً مع الاعتماد على الطاقة المتجددة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات