Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إدنبرة ستكون مملة وكئيبة من دون مهرجان "فرينج"

شهر آخر من الإضاءة الزاهية وشاحنات سندويشات الفلافل ذات الأسعار المبالغ فيها وبرغم التذمر فالمهرجان نسخة مصغرة للعالم

يتوافد مئات الآلاف على مهرجان "فرينج" في إدنبرة سنوياً (غيتي)

ملخص

يتوافد مئات الآلاف من الزائرين إلى إدنبرة لفترة تمتد لعدة أسابيع لحضور مهرجان "فرينج" الذي يعد من أشهر مهرجانات الفنون في العالم

إذا كنت تعيش في إدنبرة، فمن السهل أن تكون ساخطاً ومتشائماً تجاه المهرجان. إنها نفس العادة أو السلوك الذي نتبعه عندما نشتكي من قطارات الترام. عندما التحقت بأول وظيفة لي في المهرجان في سن الثامنة عشر كنت متحمسة ومتلهفة لإرضاء الآخرين. لم يكن الشريط الأصفر ذو اللون الزاهي الذي يحمل بطاقة هويتي يمثل فقط مصدر دخل لي، بل كان أكثر من ذلك. كانت هذه هي وظيفتي الرسمية باعتباري "موظفة" تعمل لدى أشهر مهرجانات الفنون في العالم.

كنت أشعر بالسعادة والبهجة عندما يطلب السياح مني إرشادات، وأشعر بالدهشة والإعجاب عندما تنفد تذاكر العرض الذي كان ترويجه يُعتبر تحدياً كبيراً. لا يشعر الجميع بنفس الحماسة التي أشعر بها تجاه فقرة الطبول التيبتية [من التيبت]. ولكن ذلك هو ما يميز مهرجان إدنبرة حيث ستجد جمهوراً يعشق كل الفنون. ولكن ذلك قد يستغرق بعض الوقت.

وبعد عدة سنوات من العمل في الاستقبال والوقوف تحت المطر لساعات، بدأت جاذبية المهرجان الأصلية تتلاشى. شاركتُ في عدد أقل من العروض، وأمضيت وقتاً أقل في إقامة صداقات. حتى مع الحسومات التي حصلت عليها كموظفة، نهشت كؤوس البيرة البلاستيكية راتبي المتواضع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعندما التقيت بأشخاص جدد، لم أستطع أن أمنع نفسي من التساؤل: "هل سيتذكرون اسمي غداً؟" وجوه جديدة كثيرة تلتقي بها في المهرجان. وبعد مدة، تتلاشى الأضواء والأزياء والملصقات لتصبح سلسلة من الانطباعات، وتتحول الإضاءات اللامعة بألوانها إلى رؤى من الأنظار والضوء المتغير.

كأحد السكان المحليين فإن تدفق الكثير من الأشخاص الجدد إلى شوارع إدنبرة المرصوفة يشكل ضغطاً مرهقاً بما فيه الكفاية من دون محاولة تذكر أسماء كل وجه جديد. إذ يتوافد مئات الآلاف من الزائرين إلى المواقع الموقتة لفترة تمتد لعدة أسابيع، ما يؤدي إلى إزدحام وصخب في المقاهي المفضلة لدي.

لا يمكنني أن أحدد أيهما أكثر إزعاجاً، هل هو السائح البطيء أم المواطن المتعب الذي يشكو من بطء السائح. وهناك عدد لا يحصى من الكوميديين المشاركين في المهرجان للاختيار من بينهم، لكن مع حلول سبتمبر (أيلول) فسيكون مفاجئاً سماع ضحكات في المدينة. وقد يكون الاستثناء الوحيد هو مكاتب المجلس الفني الذين يحسبون هوامش الربح. إقامة علاقات صداقة جديدة لا مفر منها، ولكنني أتحدث من خبرة عندما أكرر هذه الحقيقة الواضحة: سيختفي الجميع بنفس السرعة التي جاؤوا بها.

لكن هناك استثناء لقاعدتي الخاصة بتذكر الأسماء، وقد تجلى ذلك في شاب طموح وواعد قابلته في المهرجان تقريباً قبل ثماني سنوات وكان بيننا علاقة عابرة. كان له وجه مشاغب ويتحدث بلهجة كامبريدج. كانت تلك الأمور تهمني كثيراً في ذلك الوقت. ومع ذلك، فقد فقدنا التواصل بسرعة - تماماً كما تنتهي معظم لقاءات المهرجان - ولم أر ولم أسمع عنه منذ ذلك الحين.

يمكنك تخيل صدمتي عندما تجولت في منزل أمي وأبي في إحدى الأمسيات ورأيت وجهه الوسيم المحاط بشعر مستعار فظيع وهو يبتسم لي من شاشة التلفزيون. صرخت: "لا أصدق!" مما جعل أمي ترمقني بنظرة استعلاء واستصغار. وردت علي قائلة: "لقد منح موقع ’اندبندنت‘ المسلسل أربعة نجوم".

لكنني لم أكن أستمع لما تقوله. على الشاشة كان حبيبي من مهرجان "فرينج" الذي تشاركت معه مرة واحدة وجبة فلافل مهروسة على وقع الصوت المزعج لأداة اليوكيلي الموسيقية الذي كان يعزفها أحد الموسيقيين المتجولين. وفي التلفزيون، يؤدي حبيبي دور متحرش بالأطفال مشتبه فيه في أحد مسلسلات "نتفليكس" الشهيرة.

هذا هو نوع الخبرات التي نتميز بها هنا في إدنبرة. وشهد مهرجان هذا العام أمطاراً غزيرة متواصلة لعدة أيام، جعلت بائعي المعاطف البلاستيكية يغنون بصوتٍ أعلى من بعض الفنانين. بالنسبة للسكان المحليين، أصبحت المدينة القديمة وجهة كئيبة وغامضة، ليست بعيدة عن "موردور" في "سيد الخواتم". أصدقائي الإنجليز والأميركيين أرسلوا لي رسائل نصية متحمسة حول حضور بعض العروض الكوميدية، لكني لست مستعدة للوقوف في خيمة متبللة والشعور بالتجمد. ربما يظنون أن الأمر سيكون طبيعياً بالنسبة لي. لكني أفضل الذهاب لمقهى مريح في بورتوبيللو.

في الواقع، إدنبرة تتألق بملابسها المبكرة لفصل الخريف. يمكن أن نعزو ذلك إلى صبغات ألوان المباني على اختلافها، واللون الرمادي الذي يظل دافئاً حتى في الطقس السيئ. إنه سحر وجمال أبدي. عندما أفكر في كل الوجهات الأخرى التي مررت بها، ليس فيها ما يضاهي هذا المكان.

فأي مدينة في العالم تجد فيها مقهى ستاربكس مقابل قلعة تبلغ من العمر 900 عام؟ لن يتغلب علينا سوى افتتاح مطعم لماكدونالدز بجوار هرم قديم.

بالطبع، ستلتقي بالكثير من الأشخاص في المهرجان الذين أسماؤهم معروفة بالنسبة لك من مشاهير وكتاب ومقدمي برامج الراديو والتلفزيون. لقد فزع أصدقائي عندما صرخت بصوت عالٍ "يا إلهي، إنه ويل غومبرتز!" وذلك عندما مر من جانبنا شخص مشهور حليق الرأس. سألوني: "من هو ويل؟" ظللت أحدق في أصدقائي بدهشة.

من السهل أن تتبنى موقفاً ساخراً ومتشائماً بشأن مهرجان إدنبرة. لكن عندما تشاهد حدثاً ثقافياً ينهض بنجاح بعد جائحة كوفيد، ويصبح بإمكانك تحمل والتعايش مع الحشود والزحام والأماكن الهادئة فجأة. وعلى رغم أننا لن نتوقف عن الشكوى والتذمر، إلا أننا فخورون جداً بالعرض البهيج للمهرجان.

ففي أفضل حالاته، يُعد المهرجان نموذجاً مصغراً للعالم. فلنرحب بالأضواء الزاهية وشاحنات الفلافل المبالغ في أسعارها. كيف سيكون المكان من دونها؟ كئيباً وخالياً من الحياة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات