Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تفرض أزمة النيجر خيارات عسكرية على الجيش الجزائري؟

دستور البلاد يمنح الرئيس حق الحشد العسكري بشروط وقانونيون يربطون القرار بطلب دول الجوار

دبابات الجيش الجزائري متمركزة في إحدى المناطق الحدودية (أ ف ب)

ملخص

انعدام الاستقرار الأمني وبعض التهديدات التي تشهدها الحدود الجزائرية جنوباً ربما تدفع الجيش الجزائري للتدخل عسكرياً في أزمة النيجر.

عاد الحديث مجدداً في الجزائر حول مسألة تدخل الجيش في عمليات خارج الحدود على خلفية الوضع الذي أفرزه الانقلاب العسكري في النيجر، وعلى رغم حديث الرئيس عبدالمجيد تبون عن أن بلاده لن تستعمل القوة مع جيرانها، إلا أن التعديل الدستوري الذي يسمح للقوات العسكرية بالتحرك خارج الحدود يفرض نفسه بقوة في مختلف النقاشات.

ويتساءل المتابعون حول رد الجزائر من التدخل العسكري الذي تلوح بها المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا "إيكواس"، في ظل رفض الخطوة والتحذير من اللجوء إلى القوة في معالجة الوضع في النيجر، وبين من يترقب وجود عسكري في شمال الجارة الجنوبية لتأمين الحدود من تهديدات إرهابية. وتتوقع أطراف أن تلجأ الجزائر إلى تعزيز حضور جيشها في المناطق الجنوبية ومراقبة الوضع.

الرئيس الجزائري تمسك برفض بلاده القاطع لأي تدخل عسكري أجنبي في النيجر، لأن ذلك من شأنه أن يزيد الوضع تأزماً، وسيؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار في منطقة الساحل الأفريقي بكاملها.

وقال إن الجزائر تؤيد الحل السلمي في النيجر، وإنها مستعدة لمد يد المساعدة لحل الأزمة الجارية هناك، موضحاً أن "بلاده لن تستعمل القوة مع جيرانها". كما أعلن رئيس أركان الجيش الجزائري، السعيد شنقريحة، جاهزية الجيش لمواجهة أي خطر قد يمس بأمن وسلامة البلاد، مهما كان نوعه وحجمه.

صد التهديدات فقط

الأكاديمي الجزائري المتخصص في القانون عابد نعمان، قال إن قائد الأركان، صرح بأن الجيش مستعد للمواجهة مع أي تهديد مهما كان نوعها وحجمه، وهو ما يعني أنه "لا وجود لنظرية التدخل وفق ما هو مشاع، وإنما هناك نظرية وحيدة وواحدة وهي صد تهديد يضر بالمصالح الحيوية والاستراتيجية للجزائر".

وأضاف أن "الجيش سيتخذ الموقف العسكري المناسب ولا نقول تدخل"، موضحاً أن الموقف العسكري يأخذ في الاعتبار المصالح الجزائرية في شمال النيجر وكذلك الشريط الحدودي مع الساحل، ما يستلزم التنسيق مع دول الجوار.

وذكر نعمان، أن تفعيل المواد الدستورية التي تجيز الوجود العسكري خارج الحدود، حتمي إذا تطلب الموقف العسكري بعد دراسته ذلك، "لأنه يجب التفريق بين الدفاع وصد التهديد وبين التدخل خارج الإقليم في إطار حفظ السلام الأممي مع مختلف القوات الأخرى"، مبرزاً أن "الموقف الجزائري عسكرياً هو محصلة مبدئية حتى لا نقع في فخ التدخل السياسي في تمييع المهام الدستورية للمؤسسة العسكرية".

تدهور الوضع

من جانبه، يرى القانوني سليمان شرقي، في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أن موقف الجزائر مما يحدث في النيجر واضح وصريح، و"لا يخفى على أحد هشاشة الوضع في نيامي قبل الانقلاب، فما بالك إن اشتعلت حرب أهلية بتغذية ودعم خارجيين، إذ ستكون حدودنا في وضع المفتوح أمام كل الاختراقات من قبل أطراف متعددة، ما يجعل الأمن الداخلي مهدداً، لا سيما أمام أمواج الهجرة التي ستكتسحنا تحت مسمى الهجرة الإنسانية، ما يضع البلاد أمام التزاماتها الدولية".

ويتابع شرقي، أن تفعيل التدخل العسكري دستورياً يكون صعباً، فمن جهة الأمر مشروط بأن يكون تحت لواء أممي أو إقليمي وهذا مستبعد طالما أن "إيكواس" تكون قد أخذت الضوء الأخضر من كلتا المنظمتين، كما أنه قد يكون فخاً باستدراج الجيش الجزائري للتورط في الوحل متعدد الأطراف والمصالح المتداخلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وختم بأن التدخل العسكري يمكن أن يحدث قانوناً بل ويكون حتمياً في حال تدهور الوضع إلى تهديد الأمن القومي الجزائري.

الحقوقي الأممي محمد خدير، اعتبر بدوره أن تدخل "إيكواس" في النيجر خطوة صعبة جداً ومستحيلة تقريباً لحد الآن في الأقل، لكن ما "يمكنني تأكيده أن الجزائر لن تتدخل عسكرياً في هذه المنطقة إلا إذا طلبت منها دول الجوار الحماية".

ووصف التدخل العسكري في النيجر بأنه "متاهة وانتحار للجميع"، مبرزاً أن النص الدستوري الذي يسمح للجيش الجزائري بالتحرك خارج الحدود إنما يعني المشاركة مع القوات الأممية وليس التدخل من أجل استقواء طرف ضد آخر، بالتالي تعديل الدستور يأتي من أجل محاربة التطرف.

وأشار إلى أنه لا يمكن للجزائر أن تدخل في حرب ضد حلفائها، لأن مهمتها لعب دور الوسيط، وهو ما تقوم به حالياً في الخفاء من أجل حلحلة الوضع في النيجر.

الموقف الدستوري

ووفقاً لما تضمنه الدستور الجزائري لعام 2020، تنص المادة 31 في البند الثالث على أنه "يمكن للجزائر في إطار الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، وفي ظل الامتثال العام لمبادئها وأهدافها، أن تشارك في عمليات حفظ واستعادة السلام".

أما المادة 95 فتنص على أنه بإمكان رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، أن "يقرر إرسال وحدات من الجيش إلى الخارج بعد مصادقة البرلمان بغالبية الثلثين من أعضائه".

وتضمنت وثيقة بيان السياسة العامة للحكومة الجزائرية، أنه بناءً على دستور 2020، فإن "انعدام الاستقرار الأمني وبعض التهديدات التي تشهدها حدودنا الغربية والجنوبية والشرقية، ستوجب بالضرورة تعزيز تأمين حدودنا البرية والبحرية والجوية، عبر اعتماد مخططات عمل ملائمة، ومزودة بوسائل بشرية ومادية تتناسب وطبيعة الخطر المحتمل".

وأوضحت أن هذه الظروف تفرض على الجيش الجزائري "تكثيف التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف، مع بلدان الجوار في مجال محاربة الإرهاب والتخريب، والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وذلك من خلال آليات عملياتية مكيفة".

ولطالما اعتبرت المؤسسة العسكرية الجزائرية، أن مشاركة الجيش خارج الحدود لا يعني بتاتاً الدخول في تكتلات عسكرية موجهة ضد دول بعينها، أو استغلاله من الدول العظمى لسحق الشعوب الضعيفة أو تحوله إلى "دركي المنطقة"، وإنما هو استعداد دائم للدفاع عن السيادة الوطنية ومصالح البلاد في ظل الظروف الإقليمية الراهنة والمستجدات الطارئة.

المزيد من متابعات