Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خرائط ألغام "حرب التحرير" محل خلاف جديد بين الجزائر وباريس

إحصاء 8 آلاف ضحية ونزع 9 ملايين عبوة مغروسة من بين 11 مليوناً وتطهير أكثر من 50 ألف هكتار

يعتقد بعضهم أن باريس لم تعتمد على الخرائط في زرعها وإنما تركت الأمر لتصور قوات الهندسة الميدانية العسكرية (وكالة الأنباء الجزائرية)

ملخص

حصلت الجزائر على خرائط يوم 20 أكتوبر عام 2007 ولكن بعد فوات الأوان لأن هذه الألغام تتحرك بفعل انزلاق التربة والرياح وغيرها

لا يزال الغموض يكتنف ملف الألغام المزروعة في الجزائر خلال فترة الاحتلال الفرنسي، ورفض باريس تسليم الخرائط يثير الاستغراب أمام استمرار تسجيل ضحايا، مما جعل الموضوع محل خلاف بين الجزائر وباريس يضاف إلى قائمة التوترات العالقة في الذاكرة.

8 آلاف ضحية

وتعاني الجزائر من ألغام فرنسا على رغم استقلال البلاد عام 1962، بعد أن باتت ظاهرة تسجيل ضحايا مسألة دورية لا سيما على حدود البلاد، فقد تم وضعها في ذلك الحين لوأد الثورة التحريرية عبر منع دخول الأسلحة وانتقال القيادات الثورية والمقاتلين إلى تونس والمغرب ومنهما نحو مختلف دول العالم للتعريف بالقضية الجزائرية، وكذا جلب الأسلحة وجمع الأموال.

وأمام نحو 8 آلاف ضحية أحصتها الجزائر حتى الآن، لا يزال موقف باريس متردداً في الإفراج عن خرائط الألغام التي غرستها في مناطق مختلفة من البلاد على رغم المطالب المتكررة، مما دفع الجزائر إلى البحث عن سبل تخفيف الأضرار التي يتعرض لها سكان المناطق الحدودية الشرقية والغربية بخاصة، والمعرضين لخطر انفجار العبوات والقنابل المغروسة، وقد تمكنت من نزع 9 ملايين لغم من بين 11 مليوناً ورثتها عن الاستعمار الفرنسي، وتطهير أكثر من 50 ألف هكتار.

وتحصي الجزائر وفق تقرير سلمته للأمم المتحدة في وقت سابق 4830 ضحية من المدنيين خلال الثورة التحريرية و2470 ضحية بعد الاستقلال، مما تسبب في نسبة عجز بلغت 20 في المئة في الأقل، 44 في المئة من المصابين من فئة الرعاة و23.6 في المئة عابرو السبيل و0.4 في المئة سائقو مركبات و29.5 في المئة أصحاب نشاطات متعددة.

خرائط لا جدوى منها

وحول ذلك يقول الباحث في الهندسة النووية عمار منصوري إنه تم استرجاع خرائط في الـ 20 من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2007 ولكن بعد فوات الأوان، لأن هذه الألغام تتحرك بفعل انزلاق التربة والرياح والرمال وغيرها، مما يعني أنها ليست في مكانها المحدد، لذلك فإن هذه الخرائط لا جدوى ولا معنى لها، مشدداً على أنه "كان على فرنسا أن تقدم لنا هذه الخرائط خلال الاستقلال".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبه يرى أستاذ التاريخ لحسن زغيدي أن الاحتلال الفرنسي لم يعتمد على الخرائط في زرع الألغام وإنما تركها لتصور قوات الهندسة الميدانية العسكرية، لذلك "نجد أن عملية الزرع كانت في أشكال هندسية مختلفة بين دائري ومربع ومستطيل ومنحرف ومختلف الأضلاع إلى غير ذلك"، موضحاً أن الخرائط التي قدمتها فرنسا للجزائر تقريبية وتجاوزتها الأحداث، وقد تمت استجابة للقوانين الدولية التي تنص على أن "كل ما يتسبب في الإبادة البشرية من طرف المحتل مثل الألغام والإشعاعات النووية عليه أن يقدم ما يساعد الدولة المستقلة في تجنب هذه الكوارث".

الاعتذار والتعويض

وإلى جانب مشكلة تسليم الخرائط يبقى ملف التعويضات الخاصة بالضحايا ومنهم مصابون بعاهات مستديمة، يفرض نفسه بقوة في كل المناسبات التي تجمع البلدين، وهو ما أكده رئيس الجمعية الوطنية لضحايا الألغام في الجزائر محمد جوادي، ومواصلة هيئته "العمل والمتابعة مع الدولة الفرنسية في ما يتعلق بتعويض ضحايا الألغام والاعتراف بجرائمها في هذا الإطار خلال الحقبة الاستعمارية".

لكن المؤرخ الجزائري أرزقي فراد يعتقد أن عدم تقديم فرنسا الاعتذار مرتبط أساساً بإدراكها أن السلطة الجزائرية ليست بالقوة ولا الدعم الشعبي اللذين يجعلانها تفرض مثل هذا المطلب، متسائلاً "ماذا فعلنا نحن الجزائريين من أجل إرغام فرنسا على تقديم الاعتذار؟ وهل سن برلماننا قانوناً يجرم الاستعمار؟"، مضيفاً أن البرلمان الفرنسي أصدر قانوناً يعتبر الاستعمار الفرنسي في العالم ظاهرة إيجابية نشرت الحضارة في البلاد المستعمرة، مشيراً إلى أنه لا يتصور بأي حال من الأحوال "بناء علاقة طبيعية بين البلدين قبل اعتراف فرنسا بجرائمها في الجزائر كما فعلت ألمانيا عقب انهزام النازية بعد الحرب العالمية الثانية".

وللطرف الفرنسي رأي آخر، فقد دعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة مبنية على الثقة والاحترام، مشيراً إلى ضرورة تجاوز الذاكرة التاريخية الاستعمارية مع بلاده والتطلع إلى المستقبل، وقال "لم نختر تاريخنا ولكننا ورثناه ولا يجب أن يكون عائقاً أمامنا للمضي في علاقاتنا مع الجزائر قدماً".

وتابع، "ما نريد فعله هو بناء المستقبل فنحن لم نختر الماضي"، مضيفاً أن "بناء المستقبل يعني النظر معاً لمستقبلنا وأن نساعد الشباب الجزائري والفرنسي في النجاح".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات