Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فيلم "باربي" يحرك مشاعر عميقة لدى الصينيات لكنه يغضب الرجال

نجاحه في بكين تناغم مع صعود نقاشات اجتماعية عن النسوية والمساواة

حقق فيلم "باربي" إيرادات فاقت حتى الآن 29 مليون دولار في الصين (موقع الفيلم)

ملخص

حقق فيلم "باربي" نجاحاً جماهيرياً كبيراً في الصين يرجعه بعضهم إلى تصاعد نقاشات اجتماعية في بكين عن النسوية والمساواة الجندرية. وللأسباب نفسها، لقي الفيلم نفسه مواقف سلبية من مؤيدي الذكورية والنظام الأبوي.

لطالما أثارت لعبة "باربي" التي تصنعها شركة "ماتيل"، جدالات ثقافية تناولت تلك الدمية الشقراء (في الأقل خلال بداية إطلاقها) والنحيلة بساقيها الطويلتين وشعرها المنسدل و"بشرتها" الناعمة وإشراقتها الدائمة أبداً. نسوياً، وصفت تلك القطعة البلاستيكية في الأساس، التي حولتها روث هاندلر إلى سلعة أولى في عالم تجارة الألعاب والدمى، بأنها تمثل نموذجاً يرسم صوراً نمطية عن الجمال الخارجي، أو ربما "الكمال" الذي يجب أن تكون عليه المرأة، بل يصل ذلك النموذج إلى حد تسليعها وتشييئها بوصفها جسداً لا أكثر.

وبالتالي، بدا محتماً ترافق فيلم "باربي" للمخرجة غريتا غيرويغ نقاشات وجدالات وانتقادات كثيرة. ومنذ إطلاقه، تصدر ذلك الفيلم عناوين الإعلام، وبات لا يغادر الصفحات منذ إطلاقه، على غرار ما حصل مع روبوت الدردشة "شات جي بي تي".

تبدو ردود الفعل تلك كثيرة ومتنوعة في الولايات المتحدة واليابان والبلاد العربية وغيرها، وليست الصين استثناء. تتحدث مقالة نشرها الموقع الإخباري "نيكي آسيا" asia.nikkei.com عن تجربة نادرة، بحسب وصفها، قدمها فيلم هوليوود بالنسبة إلى النساء في الصين، فيما كشفت المقالة أيضاً عن رأي الرجال في المساواة بين الجنسين.

وخلال الشهر الماضي، فتحت صالات السينما الصينية أبوابها أمام فيلم "باربي" على أساس أنه سيحظى بجمهور منفتح عموماً. بينما يبدو أن النسوية في الفيلم تتناغم مع كثير من النساء الصينيات، شوهد كثير من الرجال يغادرون الصالات في حال من الغضب.

في الحقيقة، أصبح "الرجال الذين يثير باربي غضبهم" موضوعاً شائعاً على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، إذ تتحدث نساء عدة عن رجال آثروا الانصراف وعدم متابعة الفيلم بسبب طريقته في تناول النظام الأبوي، التي يبدو أنها لا تتوافق مع آرائهم.

مثلاً، شهدت المنصة الإلكترونية الاجتماعية "شياو هونغ شو" انتشاراً واسعاً لاختبار يسمى "الشاب الطبيعي" نشره مستخدم يدعى "ليتل سكويرل" (السنجاب الصغير). لا يتردد المنشور في إطلاق أحكام على الرجال، مهما بدت جارحة، مستنداً إلى ردود أفعالهم على الفيلم.

"إذا كره شاب ما 'باربي' وهاجمه، وخرج من الصالة وأخذ ينتقد المخرجة، لا ريب أنه كاره للنساء، وقد فضح الفيلم هذا الشعور لديه"، بحسب "ليتل سكويرل". ويتابع ذلك المنشور، "إذا كان الشاب (أو الرجل) مستعداً لمشاهدة "باربي"، واستيعاب 50 في المئة من النكات، ثم مغادرة الصالة وفي ظنه أنه شاهد عملاً مثيراً للاهتمام، فإنه إنسان طبيعي مستقر من الناحية العاطفية ويراعي قيمة المنطق والعقل. وإذا أحب رجل "باربي" وارتدى ملابس "باربي" الوردية لمشاهدة الفيلم، ونظارة "باربي" الشمسية وقبعتها، فلا بد أنه 'كين' حبيب باربي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الفيلم، ضربت النجمة أميركا فيريرا التي تؤدي دور موظفة لدى "ماتيل" وأم تدعى غلوريا، وتراً حساساً لدى كثير من النساء في حديثها عن المعاناة العامة التي تكابدها المرأة. "من المحال أن تكون امرأة"، تقول غلوريا متوجهة إلى الممثلة مارغو روبي التي تؤدي دور "باربي"، بعدما استولى "كين" (ريان جوسلينغ) على "باربي لاند" وحولها إلى "جنة أبوية"، متحدثة عن المعايير المزدوجة التي تواجهها النساء في المجتمع. "أنت جميلة جداً، وذكية جداً، ويقتلني أنك لا تعتقدين أنك جيدة بما فيه الكفاية. كأننا علينا أن نكون دائماً استثنائيات، ولكننا بطريقة ما نفعل ذلك بشكل خاطئ".

"عندما شاهدت الحوار في الصالة، أجهشت بالبكاء"، كتبت مستخدمة أطلقت على نفسها تسمية أن هاثاواي [على اسم الممثلة الأميركية الشهيرة]. ردت عليها مستخدمات كثيرات "أنا أيضاً".

وفق "ماويان"، المنصة الصينية الرائدة لتذاكر السينما وبيانات الأفلام، حل فيلم "باربي" في مرتبة خامس أشهر فيلم في الصين اعتباراً من الثالث من أغسطس (آب)، حين بلغ إجمالي إيرادات شباك التذاكر نحو 213 مليون يوان (أي 29 مليون دولار) في 15 يوماً منذ عرضه الأول في البلاد.

في رأي صوفي تشانجوي شي، منتجة مستقلة في لوس أنجليس، "أنجز المدير التنفيذي للتسويق في شركة "وارنر برذرز" عملاً رائعاً على الصعيدين المحلي والدولي، لكن المعنيين في الصين نجحوا في استهداف الجهور الصيني المناسب".

وفق شي، تستهدف جهود تسويق "باربي" في الصين تحديداً النساء المتعلمات والعاملات في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، اللاتي يدركن تماماً عدم المساواة بين الجنسين ويتقبلن الرسائل النسوية.

وبصورة عامة، اكتسبت قضية المساواة بين الجنسين زخماً في الصين خلال السنوات الأخيرة. وبإلقاء نظرة سريعة إلى منصات اجتماعية كـ"شياو هونغ شو"، يتبين وجود مقاطع فيديو ومنشورات كثيرة تدعو إلى تكافؤ الفرص وخيارات نمط الحياة المستقلة للنساء كعدم الزواج والإعراض عن إنجاب الأطفال.

وبحسب شي، "يلائم التوقيت فيلم 'باربي' بشكل مذهل. يجده الجمهور الصيني وثيق الصلة بحاله، بمعنى أن الصينيات حصلن بالفعل على الثقافة الملائمة بشأن قضايا كراهية النساء والنسوية والمسائل الجندرية في السنوات القليلة الماضية".

ولكن، بطبيعة الحال، ترفض فئات عدة ذلك الفيلم. ينتقده بعضهم على مواقع التواصل الاجتماعي بزعم أنه "يؤجج الخلافات بين الجنسين" ويروج لـ"الدعاية الغربية".

جاء في إحدى التعليقات أنه "إذا تدخلت قوة خارقة ما كي تجعل النساء أقوى من الرجال بأشواك عدة، فسأكون سعيداً بقبول القول إن الوقت حان للنساء، ولكن الحقيقة أن النساء أضعف بشكل طبيعي من الرجال".

صحيح أن الشاشات الكبيرة الصينية تعرض أفلاماً أخرى تتناول المسائل الجندرية الاجتماعية، ولكن يبدو أن أسلوب "باربي" المباشر في السرد يجعله وسيلة نقل للرسائل أكثر كفاءة من سواه.

بالنسبة إلى شي، "لا تمنحك المخرجة فرصة للشعور بالخجل أو التردد". وعلى رغم الجدال الدائر حول "باربي"، إلا أن نجاحه في شباك التذاكر ربما يكون إشارة إلى أن سوق الصين جاهزة لمزيد من الإنتاجات التي تركز على النساء.

يبقى أن من لم يشاهد "باربي"، قرأ عنه حتماً، وأدرك بما لا يدع مجالاً للشك أن العمل الذي يستهدف جمهور النساء في الغالب، هو في الحقيقة أبعد مما يوحي لنا به اسمه على رغم أنه لا يخرج في الوقت نفسه من التيار التجاري السائد. إنك تراه أبعد من الأزياء والسطحية، وقصة لعبة، والعالم الوردي. في الحقيقة، يطرح الفيلم نقاشات العالم الحقيقي التي لا تنتهي. النظام "الأبوي"، والإجهاض، والتحول الجنسي، والوعي بالمساواة الاجتماعية والجندرية. إنه نموذج العمل الممتع والذكي في آن.

اقرأ المزيد

المزيد من سينما