Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أزمة ثقة" بين النيجر والغرب

مراقبون يشيرون إلى أوراق ضغط لدى المجلس العسكري في وجه الاتحاد الأوروبي من بينها تعليق تصدير اليورانيوم

متظاهرون في النيجر يحملون لافتة مناهضة لفرنسا والعلم الروسي حاضر (أ ف ب)

ملخص

خطاب المجلس العسكري المناهض للمستعمر القديم واتهاماته للغرب بنهب ثروات البلاد وجد تجاوباً شعبياً كبيراً وتمثل في تظاهرات ضد باريس في شوارع نيامي ظهرت خلالها أعلام روسيا

لا تزال الأزمة في النيجر تراوح مكانها، فمع إشراف المهلة التي منحتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" للانقلابيين للتراجع عن عزل الرئيس المنتخب محمد بازوم، خفت حدة التهديد باستخدام التدخل العسكري المباشر بعد اعتباره من جانب مالي وبوركينا فاسو بمثابة إعلان حرب عليهما، مما دفع المجموعة إلى التوضيح أنه سيكون الخيار الأخير.

إعلان الموقف الجديد الذي تبعه إيفاد مبعوثين من دول المجموعة إلى نيامي للتفاوض يعكس الرغبة في تجاوز "التهديد السابق" ومحاولة طرق أبواب جديدة من بينها فرض عقوبات مشددة على الدولة الأفقر في أفريقيا من أجل إضعاف مواقف الانقلابيين، ومن ثم الوصول إلى "حلول وسط" تحد من السلطة المطلقة للمجلس العسكري والتفاوض حول مصير الرئيس المعتقل وعودة الحياة المدنية، بحسب رؤية محللين متخصصين في الشأن الأفريقي.

هل تكفي العقوبات؟ 

يرى المتخصص في شؤون دول غرب أفريقيا عثمان بالي أن "العقوبات التي فرضتها دول مجموعة إيكواس مجتمعة أو منفردة، قد تسهم في تفاقم الوضع الداخلي النيجري، لا سيما مع انقطاع التيار الكهربائي وتعليق الاتحاد الأوروبي مساعداته الإنسانية". 

وأضاف "لدى المجلس العسكري الذي يحكم في نيامي، أوراق عدة بدأ باستخدامها في وجه الاتحاد الأوروبي، وبخاصة تجاه فرنسا، من بينها تعليق تصدير المواد الخام مثل اليورانيوم، إذ تعتمد باريس على 35 في المئة من حاجاتها من المادة لتشغيل محطاتها النووية وتوليد 70 في المئة من الكهرباء". 

وعلى رغم أهمية هذه الورقة الرابحة إلا أن حجم تأثيرها قد لا يرقى إلى مستوى المساعدات التي تتلقاها نيامي من الاتحاد الأوروبي، بخاصة أن الحياة شبه متوقفة في ظل الوضع الحالي، في دولة تعد من أفقر دول العالم، وتغطي الصحراء نحو 80 في المئة من أراضيها، مما دفع المجلس الذي يقوده الجنرال عبدالرحمن تياني إلى اعتماد خطاب قومي مناهض للمستعمر القديم مع اتهامات بنهب ثروات البلاد، الأمر الذي وجد تجاوباً شعبياً كبيراً وتمثل في تظاهرات ضد باريس في شوارع نيامي.

وأوضح بالي أن المجلس العسكري الذي حذر من أي تدخل عسكري في شؤون بلاده ترك الرد على إيكواس لـزعيمي مالي وبوركينا فاسو اللذين تحديا الإرادة الإقليمية باعتبار التدخل في نيامي بمثابة إعلان حرب، مما يصعب موقف دول المجموعة التي تضم تحت مظلتها 15 دولة، هي السنغال وسيراليون وبنين وبوركينا فاسو وغانا وساحل العاج والنيجر ونيجيريا وتوغو والرأس الأخضر وغامبيا وغينيا وغينيا بيساو وليبيريا ومالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونوه بالي بأن حجم تأييد الدور الفرنسي في أفريقيا الغربية بدأ يتقلص بشكل ملحوظ، لا سيما بعد سيطرة عسكريين يحملون الخطاب القومي على السلطة في ثلاث دول من غرب أفريقيا هي مالي وبوركينا فاسو وأخيراً النيجر.

وأشار إلى تصريح وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا التي قالت "لا نية لدى بلادها للتدخل العسكري في النيجر" مؤكداً أن باريس ترى أن "ثمة إمكاناً لإعادة بازوم إلى السلطة من دون تدخل عسكري مباشر"، بخاصة بعد ملاحظة حجم التأييد الشعبي للقرارات التي اتخذها المجلس العسكري ضد فرنسا، مما دفع الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الاكتفاء بتهديد نيامي في حال تعرض أي من رعايا بلاده لخطر.

التمدد الروسي 

ويرى مراقبون أن التراجع الذي يشهده الدور الفرنسي والأوروبي بشكل عام، يوازيه تمدد روسي ملحوظ على امتداد القارة السمراء، إذ يعتقد المتخصص في شؤون دول الساحل عبدالقادر تاروي بأن "الأزمة بالنسبة إلى باريس لا تكمن في فقدانها حليفاً قوياً ومهماً في النيجر، بل إن أدوارها وقبولها يتراجعان على طول دول الساحل والصحراء، التي لطالما أحكمت سيطرتها عليها لأكثر من ستة عقود مضت"، وأضاف أن "هذا التقلص الكبير لنفوذ فرنسا، يقابله تمدد صيني - روسي، ففي حين تسيطر الأولى على الأسواق تسعى الأخيرة إلى سد فراغات القوى الاستعمارية السابقة".

وعلى رغم التصريح الرسمي الروسي الذي طالب بضبط النفس وإعادة الأمور إلى نصابها في النيجر، إلا أن هناك مؤشرات على دعم روسي للمجلس العسكري الحاكم في نيامي من خلال حلفائها في باماكو وواغادوغو.

ورأى تاروي أن "حمل المتظاهرين المؤيدين للانقلابيين في نيامي أعلام الفيدرالية الروسية مؤشر مهم لملاحظة أمور عدة، أبرزها أن هناك سخطاً شعبياً كبيراً على السياسات الفرنسية، علاوة على احتمال الدعم الروسي لقادة الانقلاب، إذ لا يمكن توقع وجود تلك الأعلام في بيوت المواطنين، كي نصدق أنها تظاهرات شعبية عفوية".

ونوه إلى أن زيارة الجنرال ساليفو مودي، أحد مساعدي قائد الانقلاب، إلى العاصمة المالية باماكو، تمثل مؤشراً إلى احتمالية الشراكة مع مجموعة "فاغنر" الروسية، إذ سبقت دعوتها من قيادة مالي إلى قمع تمرد على حدودها المشتركة مع بوركينا فاسو والنيجر، فضلاً عن رسالة زعيم "فاغنر" يفغيني بريغوجين التي أشارت إلى أن "انقلاب النيجر يمثل جزءاً من حرب الأمة ضد المستعمرين السابقين الذين يحاولون كبح جماح شعوب الدول الأفريقية وملئها بالإرهابيين والعصابات المختلفة، مما يخلق أزمة أمنية هائلة".

ورأى المتخصص في شؤون دول الساحل أن المشاركة الكبيرة والفاعلة لقادة دول أفريقيا الغربية في القمة الروسية - الأفريقية أخيراً تشي بهذا التمدد الذي يزاحم الوجود الغربي وتكشف بشكل واضح عن هذا التحالف الجديد في القارة السمراء، وهو ما أكده خطاب القائد العسكري الحاكم في بوركينا فاسو إبراهيم تراوري، وأضاف أن "كلمة تراوري نجحت في كسب مساحات كبيرة في وعي الفئات الشبابية بأفريقيا التي لطالما اشتكى مواطنوها من النهب الممنهج لثرواتهم عبر تحالفات النخب الحاكمة مع الغرب وفرنسا بوجه خاص"، منوهاً بأن "الخطاب تضمن إشارات واضحة لدعم المواقف الروسية" باعتبار أن الأخيرة لم تتورط تاريخياً في استعمار الدول الأفريقية.

المزيد من تقارير