Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المدنيون يعيشون "رعباً لا يمكن تصوره" في السودان

تزايد حالات القتل والاختفاء القسري بحق الفتيات في مناطق المواجهات

ملخص

أسفرت الحرب في السودان عن سقوط أكثر من 3900 قتيل وفق منظمات غير حكومية

أعلنت منظمة العفو الدولية، اليوم الخميس، أن المدنيين يعيشون "رعباً لا يمكن تصوره" في السودان، إذ ما زالت المواجهات بين الجيش وقوات "الدعم السريع" مستمرة منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي.
وتحدثت المنظمة في تقرير بعنوان "الموت طرَق بابنا" عن "تفشي جرائم الحرب، مع مقتل مدنيين في هجمات متعمدة وعشوائية".
ويركز هذا التقرير على وقائع من الخرطوم وإقليم دارفور غرباً، ويستند إلى مقابلات مع 181 شخصاً في شرق تشاد، وعبر مكالمات عن بُعد.
وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو، أنييس كالامار إن "المدنيين في كل أنحاء السودان يعيشون يومياً رعباً لا يمكن تصوره في سياق صراع لا هوادة فيه بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني من أجل السيطرة على الأرض".

ليس هناك مكان آمن

وأسفرت الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و"قوات الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو عن أكثر من 3900 قتيل حسب منظمة "أكليد" غير الحكومية، فضلاً عن نحو أربعة ملايين نازح ولاجئ حسب الأمم المتحدة. وأشارت كالامار إلى أن "ثمة أشخاص يُقتلون في منازلهم أو خلال بحثهم اليائس عن طعام وماء ودواء. وهم يقعون في مرمى النيران أثناء فرارهم، وتُطلق النيران عليهم عمداً في خلال هجمات مستهدفة".
وتابعت "تعرضت عشرات النساء والفتيات، بعضهن لا تتجاوز أعمارهن 12 سنة، للاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي بأيدي متحاربين من الطرفَين. ليس هناك مكان آمن".
وقد استهدفت هجمات مستشفياتٍ وكنائس فيما باتت عمليات النهب منهجية.
وأردفت كالامار "تُذكّر دوامة العنف في إقليم دارفور، حيث تنشر قوات الدعم السريع وميليشيات متحالفة معها الموت والدمار، بشبح تكتيك الأرض المحروقة المستخدم في الماضي والذي يشمل أحياناً بعض الجهات الفاعلة نفسها".

جرائم حرب

وأشارت المنظمة إلى أن "الكثير من المرافق الصحية والإنسانية دُمر أو تضرر في أنحاء البلاد"، لافتةً إلى أن "معظم حالات النهب الموثّقة شملت عناصر من قوات الدعم السريع". وقالت إن "الهجمات المتعمدة على العاملين في المجال الإنساني أو الأعيان الإنسانية، أو على المرافق الصحية أو الوحدات الطبية، ترقى إلى جرائم حرب".
ودعت منظمة العفو مجلس الأمن الدولي إلى توسيع نطاق حظر الأسلحة المطبَّق حالياً في دارفور ليشمل السودان بأسره، وضمان احترامه.

الدعم الإنساني

وقالت كالامار "يتوجب على المجتمع الدولي أن يزيد في شكل كبير من الدعم الإنساني. ويجب على البلدان المجاورة ضمان فتح حدودها أمام المدنيين الباحثين عن الأمان".
وشددت على "وجوب أن تستخدم الدول التي لها نفوذ كبير على الأطراف المتحاربين، نفوذها لإنهاء الانتهاكات للحقوق الإنسانية".
وختمت المنظمة بدعوة "مجلس حقوق الإنسان إلى إنشاء آلية تحقيق ومساءلة مستقلة لرصد الأدلة على انتهاكات حقوق الإنسان في السودان، وجمعها وحفظها".

حالات الإخفاء

في سياق متصل، ومنذ اندلاع الحرب في السودان، تنتشر على منصات التواصل الاجتماعي صور للعديد من الشابات والنساء المفقودات مرفقة بأرقام هواتف عائلاتهن. ففي نهاية مايو (أيار) الماضي، غادرت السودانية أمل حسن منزلها في ضاحية غرب الخرطوم الكبرى، أم درمان، لزيارة والدتها في ضاحية بحري شمال العاصمة في رحلة تستغرق 30 دقيقة، ولكنها لم تعد منذ ذلك الحين إلى بيتها وزوجها وأطفالها الثلاثة.
وعلى غرار واقعة اختفاء حسن، نشرت أسرة الشابة السودانية سبأ بلولة مختار (17 سنة) صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي لطلب المساعدة في العثور عليها، بعد أن فُقدت في حي أمبدة غرب أم درمان في 18 مايو ولم تعد إلى أسرتها حتى الآن.

عدد قابل للزيادة

وفي هذا الصدد أفادت مبادرة القرن الأفريقي لمساعدة النساء المعروفة باسم "صيحة"، بأن "العدد التقريبي للنساء اللاتي ما زلن مفقودات هو 31 وهو قابل للزيادة". وأضافت المبادرة، التي توثق أعداد المفقودين، في بيان، "نعتقد أن العدد أكبر من ذلك بكثير، نظراً إلى تجنب التبليغ عن المفقودات خشية من الوصمة وما إلى ذلك".
وتزيد أعمال العنف التي تُستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، من احتمال تعرض المدنيين للخطر، فضلاً عن اتهام أحد أطراف الصراع بخطف النساء لأغراض الخدمة.
وأفادت مبادرة "مفقود" السودانية المعنية بالبحث عن المفقودين في بيان مطلع الأسبوع أنه "عُثر على (السودانية) هبة عبيد وعادت إلى أسرتها سالمة، بواسطة القوات الخاصة في منزل بالحلفايا (شمال الخرطوم) هي ومعها مجموعة من الفتيات ونساء من كبار السن". وكانت عبيد فقدت في الأسبوع الأول من الحرب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


دور الدعم السريع

وأوضح البيان بحسب إفادة أسرة عبيد، بأن الفتيات والنساء "خُطفن من قبل الدعم السريع حتى يقمن بالعناية بالجرحى من القوات وطهي الطعام".
وتعتقد منظمة "صيحة" أن "قوات الدعم السريع تقف وراء حوادث الاختفاء"، رغم عدم اتهام قوات دقلو بشكل صريح، فيما تلقت المنظمة بلاغات عن مفقودات.
وأوضحت المبادرة الإقليمية أن هذا الافتراض أتى "لأن بعض النساء اللواتي كُن مفقودات صرحن بأنهن أجبرن من قبل قوات الدعم السريع عن طريق العنف والترهيب على أداء مهمات مثل الطبخ وغسل الثياب في ظروف صحية وأمنية رديئة".
وتلقت المبادرة الشهر الماضي، معلومات تفيد بأن أفراداً من الدعم السريع "قاموا باختطاف نساء وفتيات واحتجزوهن كرهائن في مناطق محددة من إقليم شمال دارفور، ثمّ أطلقوا سراحهن مقابل فدية أو ربما بيعهن لاحقاً في الأسواق".
ووصل مبلغ الفدية أحياناً إلى 30 مليون جنيه سوداني (نحو 54 ألف دولار) بحسب المبادرة.

الاختفاء القسري

وقالت المجموعة السودانية لضحايا الاختفاء القسري إنها سجلت "430 بلاغاً عن مفقودين أثناء الحرب".
وأبلغت أسماء رجال ونساء وأطفال مفقودين إلى مراكز شرطة في ود مدني (200 كيلومتر جنوب الخرطوم) والتي استقبلت آلاف النازحين من العاصمة.
وقال المحامي بالمجموعة عثمان البصري "بحسب ما سمعنا من ناجين، يتم الاحتجاز من قبل قوات الدعم السريع".
ونفى مصدر بقوات الدعم السريع لوكالة الصحافة الفرنسية وجود محتجزين لديهم وقال إن "القوات لم تختطف أحداً ولم نحتجز إلا شخصاً متورطاً في جريمة".
في الثالث من يوليو (تموز) الماضي، أعلنت لجنة مقاومة حي الحلفايا، شمال بحري أن أفراداً من الدعم السريع "اختطفوا شابتين من داخل منزلهن"، ولكن تم اطلاق سراحهن بعد خروج مواطني الحي واحتجاجهم.
كما أفادت اللجنة بوقوع ثلاثة حوادث منفصلة لاحتجاز أربع فتيات في "حلفاية الملوك" من جانب قوات الدعم السريع. وأعيدت الفتيات بعد جهود من ذويهن ومن أهالي الحي.
وتعتبر لجان المقاومة مجموعات شعبية كانت تنظم الاحتجاجات للمطالبة بحكم مدني بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح نظام عمر البشير في عام 2019، وتنشط في تقديم الدعم منذ بدء النزاع قبل ثلاثة أشهر.

الوضع في دارفور

ولفتت مبادرة القرن الإفريقي إلى إقليم دارفور باعتباره بين المناطق التي تأثرت بحالات الاختفاء أو الفقد.
والأسبوع الماضي أفاد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، مجلس الأمن الدولي، بفتح تحقيق في أحداث العنف التي وقعت في دارفور بعد دعوات من منظمات حقوقية للتحقيق في تقارير عن حالات نهب وعنف جنسي واحتدام الصراعات العرقية.
وكانت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل وثقت وقوع 108 حالة عنف جنسي بولاية جنوب دارفور والخرطوم.
وبحسب بيان عن الوحدة فإنه "في جميع الحالات الجديدة الموثقة لدى الوحدة، أفادت الناجيات بأن الجناة كانوا عناصر من قوات الدعم السريع".
وتروي السودانية حليمة هارون التي فرت من نيران المعارك في الجنينة إلى شرق تشاد عن فقدان ابنتها نجوى البالغة 16 عاماً. وتقول "فقدناها عند فرارنا من القتال في الجنينة ومر 45 يوماً وحتى الآن لا نعرف عنها شيئاً". وأضافت "لا نعرف ما إذا ماتت أم ما زالت حية".

المزيد من الأخبار