Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"فيتش" تصدم واشنطن بخفض التصنيف فماذا بعد؟

توقعات باستمرار ارتفاع حجم الدين الأميركي في السنوات المقبلة ومواصلة المستثمرين إقراضاً أكبر اقتصاد في العالم

انخفض معدل العائد على سندات الخزانة الأميركية قصيرة الأجل لمدة عامين بمقدار 0.05 في المئة ( أب)

ملخص

توقع تقرير "فيتش" ارتفاع نسبة العجز في الموازنة الأميركية هذا العام 2023 إلى 6.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي

تجاهلت أسواق السندات قرار مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتماني خفض تصنيفها للولايات المتحدة درجة عن وضع الامتياز AAA إلى AA مساء أمس الثلاثاء، إذ على العكس انخفض العائد على سندات الخزانة الأميركية في تعاملات اليوم الأربعاء مما يعني زيادة سعر السند، أي أن المستثمرين من صناديق استثمار ومتعاملين يفضلون الأوراق المالية ذات العائد أقبلوا على شراء سندات الخزانة بدلاً من بيعها كما يحدث عادة مع خفض تصنيف الدين السيادي.

وانخفض معدل العائد على سندات الخزانة الأميركية قصيرة الأجل لمدة عامين بمقدار 0.05 في المئة اليوم إلى نسبة 4.9 في المئة، كما انخفض العائد على سندات الخزانة متوسطة الأجل لمدة 10 سنوات بمقدار 0.02 في المئة إلى نسبة 4.03 في المئة.

وبحسب صحيفة "الفاينانشيال تايمز" فإن رد فعل السوق يعني أن الصناديق والمستثمرين لن يضطروا إلى عمليات بيع كثيفة للسندات نتيجة خفض التصنيف كما يحدث في الغالب، وعلق كبير مسؤولي الاستثمار في "يو بي أس غلوبال" ويلث مانغمنت على قرار خفض التصنيف، قائلاً "لا نعتقد أن خفض التصنيف الأخير يعكس أية معلومات أو بيانات مالية جديدة، لذا لن يكون له سوى تأثير محدود في السوق".

ردود فعل

يتسق ذلك مع رد فعل وزير الخزانة الأميركية جانيت يلين التي انتقدت قرار "فيتش" واعتبرته لا يستند إلى بيانات دقيقة، وربما اعتمد على "معلومات قديمة".

كذلك انتقد الاقتصادي الأميركي وزير الخزانة في فترة رئاسة الرئيس الأميركي السابق بيل كيلنتون لورنس سمرز، قرار خفض التصنيف وغرد على صفحته في موقع التواصل "تويتر" قائلاً "تواجه الولايات المتحدة تحديات مالية على المدى الطويل، لكن قرار إحدى وكالات التصنيف الائتماني بخفض تصنيف الولايات المتحدة غريب وغير مهني، إذ يبدو الاقتصاد أقوى مما هو متوقع".

مع ذلك كان رد فعل أسواق الأسهم على قرار خفض التصنيف الائتماني لأميركا سلبياً، إذ انخفض مؤشر أوروبا المجمع "ستوكس يوروب 600" بنسبة 1.3 في المئة مع بداية تعاملات اليوم، كما تراجع مؤشر "كاك "40" الفرنسي بنسبة 1.2 في المئة، في حين خسر مؤشر "داكس" الألماني نسبة 1.3 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لم يقتصر الأمر على حد الأسهم الأوروبية بل أن مؤشرات العقود المستقبلية قبل بدء التعامل في بورصة "وول ستريت" بنيويورك استمرت في الانخفاض منذ أمس الثلاثاء، كما انخفضت عقود الأسهم على مؤشر "غس أند بي 500" بنسبة 0.8 في المئة وعلى مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 1.1 في المئة صباح اليوم.

ويرى بعض المحللين أن المتعاملين ربما يبيعون الأسهم للتحول من سوق الأسهم إلى السندات، خصوصاً مع تراجع العائد على سندات الخزانة وارتفاع سعرها.

الأسواق العالمية تعتمد على التصنيف الائتماني للمؤسسات الثلاث الكبيرة "فيتش" و"ستاندرد أند بورز" و"موديز" في وضع الاستراتيجيات الاستثمارية، ويعني خفض التصنيف لدولة ما عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها بشكل كامل ومضمون.

أسباب مالية أم سياسية

وأرجعت "فيتش" قرارها حول واشنطن إلى زيادة الاستقطاب السياسي الحزبي الذي اعتبرته المؤسسة الدولية بمثابة تدهور حكومي، وحيث إن المؤسسة لا تصنف الديون السيادية بناء على أسباب سياسية فحسب، لذا استندت "فيتش" إلى توقعات تشير إلى تدهور الأوضاع المالية على مدى السنوات الثلاث المقبلة مع استمرار زيادة أعباء الدين الحكومي العام".

وتوقع تقرير "فيتش" ارتفاع نسبة العجز في الموازنة الأميركية هذا العام 2023 إلى 6.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا المعدل يقترب من ضعف معدله العام الماضي 2022 حين بلغ عجز الموازنة الأميركية نسبة 3.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ومن بين الأسباب التي اعتمدت عليها "فيتش" في اتخاذ قرار خفض التصنيف الأميركي توقعات تشير إلى دخول أكبر اقتصاد في العالم، في حال ركود قبل نهاية العام الحالي أو مطلع العام المقبل، وعلى رغم أن ذلك الاحتمال كان قوياً مطلع العام الحالي بين اقتصاديين ومحللين في السوق، إلا أن هذا الاحتمال يتراجع بل هناك شبه قناعة في السوق بأن الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي قادر بسياسته النقدية العقلانية على تفادي دخول الاقتصاد في ركود.

في يونيو (حزيران) الماضي حذرت "فيتش" من احتمال خفضها التصنيف الائتماني للولايات المتحدة في ظل أزمة رفع سقف الدين العام الأميركي قبل أن يتوصل الكونغرس والبيت الأبيض إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة يقضي بتعليق سقف الديون حتى تتفادى الحكومة الأميركية التخلف عن سداد التزاماتها بما فيها خدمة الدين، إلا أن احتمالات الشقاق السياسي تظل واردة.

ويرى اقتصاديون أن قرار خفض التصنيف لأكبر اقتصاد في العالم هو قرار سياسي أكبر منه اقتصادي أو مالي، خصوصاً مع تفاقم الخلاف حول أزمة سقف الدين الأميركي قبل التوصل إلى اتفاق، إذ يقول كبير المحللين في "كولومبيا ثيرد نيدل" إدوارد الحسيني إن "مؤسسة فيتش تحاول توصيل رسالة في شأن عملية تحديد سقف الدين والتوقعات المالية الحالية، وكلا الأمرين وجهات نظر في شأن الأوضاع السياسية وليس السياسة المالية".

وفي النهاية جاء رد فعل الأسواق خصوصاً الصناديق التي تستثمر في سندات الخزانة والمتعاملين أيضاً في اليوم التالي لقرار الخفض على عكس التوقعات، إذ أقبل المستثمرون على شراء سندات الدين العام الأميركي، وهو ما خفض نسبة العائد عليها ورفع سعرها.

استمرار الاقتراض

إلى ذلك يرى معظم الاقتصاديين والمحللين في السوق أن الأسواق لن تتوقف عن إقراض الولايات المتحدة، سواء بشراء سندات الخزانة التي تمول الموازنة العامة للحكومة أو سندات دين الشركات أو حتى ضخ الأموال في سوق الأسهم الأميركية.

ويستندون في ذلك إلى أن الاقتصاد الأميركي يظل الأكثر مرونة بين اقتصادات الدول المتقدمة، مما يدعم قدرة واشنطن على الوفاء بالتزاماتها لتظل أعلى من أي بلد حتى الآن في الأقل.

في غضون ذلك توقع أستاذ المالية في جامعة "بيركنغ" مايكل بيتيس استمرار ارتفاع حجم الدين الأميركي في الفترة المقبلة، مشيراً في مقالة له في صحيفة "الفيانانشيال تايمز" إلى أن بقية العالم سيظل يضع مدخراته في الولايات المتحدة الأميركية وأغلبها في سوق الدين عبر شراء سندات الخزانة وأسواق الأسهم.

وتشكل سندات الخزانة قدراً معقولاً من المحافظ الاستثمارية لأغلب الصناديق حول العالم، سواء لعائدها المضمون بحسب سعر الفائدة عليها وقت الشراء أو للثقة في ضمان استرداد قيمتها حين يحل موعدها، ومن الواضح حتى الآن أن قرار مؤسسة "فيتش" خفض تصنيف الدين السيادي الأميركي لم ينل كثيراً من تلك الثقة، لذا ستظل أميركا تقترض أكثر وسيظل العالم يحرص على اقراضها مستفيداً من العائد ومن الملاذ الآمن للثروة في الأقل خلال المدى القريب.

اقرأ المزيد