Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

درس الحرائق... هل انتهى "صيف أوروبا" قبل أن يبدأ؟

فريق يؤكد أن السياح سيطلبون أماكن أكثر برودة وآخر يرد: الميزان السياحي يمكنه مواكبة تغيرات المناخ

لو شعر السياح لسنة واحدة أن الطقس لم يعد يحتمل فإنهم سيتوقفون عن زيارة المنطقة في الأعوام المقبلة (أ ف ب)

ملخص

خلال الأسبوع الماضي أُجلي آلاف السياح من جزيرتي رودوس وكورفو اللتين اجتاحتهما الحرائق، وأُجلت عشرات الرحلات السياحية إلى اليونان وإيطاليا.

يقول متخصصون في السياحة الأوروبية، إن مناطق جنوب وجنوب غربي أوروبا التي تضربها الحرائق حالياً من أكثر المناطق جذباً للسياح. ويتساءل هؤلاء بعد أن جرت عمليات إجلاء كبيرة للسياح ما إذا كان التغير المناخي، مع ما يحمله من موجات حر تتجاوز الـ40 درجة مئوية وحرائق مدمرة وإجلاء للسياح، سيعيد رسم الخريطة السياحية خصوصاً في منطقة المتوسط.

خلال الأسبوع الماضي، أُجلي آلاف السياح من جزيرتي رودوس وكورفو اللتين اجتاحتهما الحرائق، وأُجلت عشرات الرحلات السياحية إلى اليونان وإيطاليا، حيث تجاوزت الحرارة في سردينيا 48 درجة مئوية، وجنوب فرنسا وإسبانيا تجاوزت فيهما الحرارة ما يزيد على 15 درجة مئوية عن معدلها الطبيعي في هذا التوقيت من العام.

مطار رودوس الدولي تحول إلى مخيم موقت بعد أن انتشر في قاعاته آلاف المصطافين المصدومين، وعبر السواح الألمان عما جرى بكلمات قليلة "لقد حدث الأمر بسرعة ولم نكد ندرك كثيراً ما حصل".

 

 

وما ينطبق على جنوب أوروبا ينتقل إلى الضفة الأخرى من المتوسط القريب من أوروبا في تونس والجزائر والمغرب حيث أدت الحرائق بدورها إلى تهجير آلاف من سكان القرى الساحلية السياحية. وكانت درجات الحرارة في الدول العربية الثلاث قد تجاوزت الـ50 درجة مئوية منذ أواسط الأسبوع الماضي.

في المحصلة تدور أكبر مخاوف علماء المناخ والمستثمرين والحكومات من أن تصبح معدلات الحرارة المرتفعة ثابتة سنوياً، مما سيعني تبديل السياح وجهاتهم السياحية إلى مناطق أقل حراً، الأمر الذي سيؤدي إلى تغيير خريطة السياحة العالمية.

خريطة السياحة

في تصريح لشبكة "يورونيوز" الإخبارية اعتبر رئيس مجلس إدارة شركة "فواياجور دو موند" الفرنسية جان فرنسوا رييل أن "الاحترار سيجعل الوجهات الأوروبية الجنوبية أقل جاذبية للسياح. وقد تكون منطقة المتوسط برمتها معنية بهذه المحنة، وهي الوجهة الرئيسة لسياح أوروبا الوسطى والشمالية".

أما سبب هذا التخوف فهو أنه "لو شعر السياح لسنة واحدة أن الطقس لم يعد يحتمل فإنهم سيتوقفون عن زيارة المنطقة في الأعوام المقبلة. لهذا فإن تغيير المزاج السياحي سهل جداً، وإعادة الثقة به أصعب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكدت مذكرة لوكالة "موديز" التصنيفية أن "موجات القيظ الحالية قد تخفض من جاذبية جنوب أوروبا في الأقل خلال هذا الصيف، مع تداعيات اقتصادية سلبية".

لكن المواقف من الموسم السياحي تصبح أكثر قبولاً في تركيا وتونس، حيث يقول المستثمرون، إن الحرارة ليست أولى المشكلات السياحية وأكبرها، بل على العكس فإن سياح تركيا وشمال أفريقيا من الباحثين عن الشمس والحر، لكن أسعار بطاقات الطيران المرتفعة أشد تأثيراً من الحر على الموسم السياحي.

جاء في تقرير "يورونيوز" حول الوجهات السياحية بعد ارتفاع حرارة الأرض، أنه في بلجيكا أعلنت هيئة السياحة في مناطق مختلفة أن البحث عن أماكن أكثر برودة "يرد بانتظام في طلبات الزوار" مما ينعكس في زيادة عدد السياح الإسبان والإيطاليين.

بناء على هذا التبادل المكاني بين السياح القادمين من المناطق الأكثر حراً نحو الشمال الأكثر برودة، متبادلين الأدوار مع سواح الشمال النازلين جنوباً بحثاً عن الشمس والدفء، مما يعني أن الموسم السياحي يمكنه تعديل ميزانه بشكل طبيعي حتى لو ارتفعت الحرارة. ومن المتوقع مثلاً أن يجذب المتوسط مزيداً من الزوار في مواسم أخرى غير الصيف، وهي ظاهرة ناجمة عن أن جزءاً لا يستهان به من السياح إلى تلك المنطقة هم من المتقاعدين.

 

 

وارتفاع الحرارة صيفاً قد يؤسس لسياحة في حرارة معتدلة شتاء على طول المتوسط. فالميزان المناخي يعدل الميزان السياحي والاقتصادي بشكل طبيعي، لكن بدلاً من أن يكون الاحتفال بعيدي الميلاد ورأس السنة في شهر بارد حيث الثلوج خارج الأبواب، يصبح الاحتفال به خارج المنازل وفي الساحات وعلى الشواطئ في حال ارتفاع درجات الحرارة العالمية كما يتوقع العلماء، الذين يروون أن ارتفاع الحرارة القياسي الحالي هو أحد وجوه هذا التغير المناخي ومن أوائل نتائجه.

وخلال الأسبوعين الماضيين كانت اليونان وإيطاليا الأكثر تضرراً من ارتفاع الحرارة إلى جانب البرتغال وإسبانيا وفرنسا. وبينما تمت السيطرة على عديد من حرائق الغابات، يستمر اندلاع حرائق أخرى أو انتشارها وسط أحوال جوية مواتية لاندلاع النيران، وتتأثر الجزر اليونانية رودس وكورفو وإيبوا، والجزر الإيطالية وبخاصة صقلية، إضافة إلى الخسائر البشرية، والأضرار التي طالت بشكل كبير الطبيعة والبنية التحتية والسكان وعطلت النقل الجوي والسكك الحديدية.

ومنذ اندلاع الحرائق تسهم 10 دول، منها بلغاريا وكرواتيا وقبرص وفرنسا وإيطاليا ومالطا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا وصربيا، في الاستجابة للحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي للتعامل مع حرائق الغابات في اليونان وساحل المتوسط الأوروبي بالمناطق التي تحتاج إلى المساعدة، وخصوصاً حيث لا تتمكن فرق الإطفاء المحلية من الاستجابة لإطفاء النيران التي تتسع بفعل الرياح الموسمية والجفاف الكبير في الحقول والغابات.

ويتبع الاتحاد الأوروبي نهجاً منسقاً لمنع حرائق الغابات، فعندما يتجاوز حجم الحرائق قدرة الدولة على الاستجابة، يمكن أن تطلب المساعدة من خلال آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد.

في كل أوروبا

في صورة لوادي الراين الأوسط خلال أغسطس (آب)، وهو موقع ضمن قائمة التراث العالمي لـ"يونيسكو" ونقطة جذب كبيرة للزوار، ظهر الجفاف في نهر الراين بعد أن انخفض مستواه إلى أقل من 40 سم في بعض المناطق. وتعمل شركات الشحن بأحمال مخفضة، ولم يعد بإمكان سفن الركاب التوجه إلى جميع المواقع بسبب انخفاض عمق النهر.

وفي إسبانيا تم إجلاء الآلاف من السكان والسياح من مناطق الأندلس السياحية في الجنوب وكتالونيا وأراغون في الشمال الشرقي.

أما فرنسا فقد بلغ الجفاف أبعاداً تاريخية. وجرى إجلاء آلاف السياح وأغلقت الطرق السريعة. ووقعت غابة منطقة دون دي بيلات التي تبلغ آلاف الأعوام من العمر، وتقع قرب آركاشون، ضحية للنيران.

وفي هولندا وتحديداً في العاصمة أمستردام، فر الناس من الحر إلى البحر أو إلى نهر أمستل، وبدأت الأنهار تعاني الجفاف، وانخفضت مستوياتها في كل مكان، وتغلغلت مياه البحر المالحة في مجاري المياه الحلوة. ومع ذلك فإن الأكثر إثارة للقلق هي السدود التي تحمي 60 في المئة من أراضي هولندا من الفيضانات، إذ أصبحت غير مستقرة بسبب الجفاف.

وعلى رغم محاولات حفظ آخر ما تبقى من الجليد من الشتاء الماضي في ممر زانفلويرون بجبال الألب السويسرية، فإنه ولأول مرة منذ فترة طويلة أصبحت المنطقة خالية تقريباً من الجليد. ويتوقع علماء أن تصبح الصخور عارية بنهاية سبتمبر (أيلول) المقبل.

المزيد من منوعات