Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أول ضربة عراقية لمعقل فساد المسؤولين بالخارج

بغداد تتسلم من مسقط مدانين بسرقة المال العام... ومختصون يطالبون بتعميم التجربة عربياً

بغداد استردت مسؤولين هاربين من مسقط بعد القبض عليهما في سلطنة عمان (مواقع التواصل)

ملخص

تحركات عراقية ومفاوضات مع سلطنة عمان أثمرت عن استعادة مسؤولين كبيرين سابقين متورطين في قضايا فساد... فما قصتهما؟

خطوة غير مسبوقة استرد بها العراق مديرين مدانين بقضايا فساد من سلطنة عمان بعد القبض عليهما، في فبراير (شباط) الماضي، إذ لطالما ظنوا أن دول الملاذ ستكون منفذاً رئيساً للفاسدين وسارقي المال العام في الهرب من العدالة، لكن بغداد لجأت أخيراً إلى عقد اتفاقات دولية لاسترداد المطلوبين من سرقة المال العام.

وأعلنت هيئة النزاهة الاتحادية العراقية، تمكن بغداد من استرداد اثنين من المدانين الهاربين، هما المدير العام للتخطيط العمراني في وزارة الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة سابقاً، والمدير العام لدائرة زراعة الأنبار سابقاً، بعد إلقاء القبض عليهما في أراضي سلطنة عمان، بناءً على أوامر القبض الدولية وملفات الاسترداد التي نظمتها الدائرة بالتعاون مع المحاكم المتخصصة، وفقاً لإذاعة البحث الصادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب.

وقالت إن فريقاً من دائرة الاسترداد برفقة مفرزة أمنية من مديرية الشرطة العربية والدولية في وزارة الداخلية (الإنتربول)، تسلموا المدانين بقضايا استغلال المنصب الوظيفي والإضرار العمدي بأموال الدولة العراقية والاستيلاء عليها من دون وجه حق في العاصمة مسقط، ووصلا صباح أمس الإثنين إلى مطار بغداد الدولي، وذلك من أجل تسليمهما إلى الجهات القضائية.

وكانت الهيئة قد أعلنت في الثالث والعشرين من فبراير الماضي عن اتفاق مبدئي بين رئيس الهيئة القاضي حيدر حنون والشيخ غصن بن هلال العلوي رئيس جهاز الرقابة المالية والإدارية في سلطنة عمان على إبرام مذكرة تفاهم في مجال مكافحة الفساد وتبادل المعلومات والتحريات حول المتهمين المطلوبين قضائياً، وأموال الفساد المهربة إلى الخارج، بغية استردادها.

سابقة للمرة الأولى

يقول رئيس مؤسسة النهرين لدعم الشفافية والنزاهة والخبير في مكافحة الفساد بالعراق، محمد الربيعي، إن هيئة النزاهة الاتحادية بعد أن رصدت وجود مدانين في قضايا فساد على أراضي سلطنة عمان باشرت في اتخاذ الإجراءات والتعاون والسعي في عقد اتفاق تعاون بين البلدين من أجل استرداد المطلوبين.

واعتبر أن الهيئة العراقية بذلك وقعت عقداً مبدئياً واتفاقاً على إبرام مذكرة تفاهم في مجال مكافحة الفساد وتبادل المعلومات والتحريات حول المطلوبين قضائياً وأموال الفساد المهربة إلى الخارج، مبيناً أنها نجحت اليوم في استرداد اثنين من المدانين الهاربين بعد إلقاء القبض عليهما في سلطنة عمان، لتصبح هذه الضربة سابقة ممتازة للمرة الأولى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الربيعي وصف الخطوة العراقية بالجيدة من خلال التعاون بين هيئة النزاهة الاتحادية ومديرية الشرطة العربية والدولية في وزارة الداخلية، بعد تشكيل مفرزة أمنية وتسلم المدانين بقضايا استغلال المنصب الوظيفي والإضرار العمدي في أموال الدولة والاستيلاء عليها من دون وجه حق في العاصمة العمانية مسقط ثم تسليمهما إلى الجهات القضائية لينالا جزاءهما العادل، موضحاً أن عقوبة لا تقل عن خمس سنوات واسترداد الأموال المهدرة تنتظرهما.

لكنه نصح السلطات العراقية بالوضع في الاعتبار أساليب هذين المسؤولين السابقين للاستيلاء على المال العام ومراجعة الثغرات التي حدثت في الأنظمة والتعليمات لسدها صوناً للمال العام.

ضغط دولي

الأخصائي في الشأن السياسي العراقي، مجاشع محمد علي، رأى أن معظم المتهمين بالفساد دائماً ما يلجأون إلى خارج العراق، خصوصاً المتهمين بقضايا الفساد الكبير إذ ترفض دول إقامتهم تسليمهم إلى بغداد على رغم تقديمها عبر "الإنتربول"، مثمناً موقف سلطنة عمان.

وذكر أن المدانين العراقيين في هذه الحالة اختارا البلد غير الصحيح لهما لأن السلطنة لا تبتز الفاسدين ولا توفر الحماية لهم كما يحصل في بقية الدول التي تتذرع بحقوق الإنسان.

ونوه بأن هذا الملف خطر ويحتاج إلى جهود كبيرة وضغط دولي واستخدام الطرق القانونية لكن الأخطر أن بعض الدول العربية والإسلامية لا تسلم المطلوبين بقضايا الفساد لأنها تستولي عليها مقابل توفير الحماية لهم مستغلين حالة اللادولة في العراق، مشيراً إلى أن خطوة سلطنة عمان برأيي لن تتكرر مع دول أخرى توفر الحماية للعراقيين الفاسدين.

العراق ودول الملاذ

من جهته، قال الناشط في مجال مكافحة الفساد، سعيد ياسين موسى، إن العراق في حاجة إلى اتفاقات ثنائية لاسترداد المطلوبين والأموال المنهوبة مع تجميد وحجز واسترداد الأموال لبغداد بعد الحكم البات للقضاء لذا في الآونة الأخيرة وضمن البرنامج الحكومي لمكافحة الفساد وضع الاسترداد على جدول الأعمال مع قيام هيئة النزاهة بزيارات ومفاوضات مع سلطنة عمان والإمارات والأردن وغيرها.

وأوضح أن إبرام اتفاقات ثنائية مع إبداء حسن النية لهذه الدول في حجز وتقييد حركة المطلوبين لحين إبرام تلك الاتفاقات، مضيفاً "لطالما كنا من المطالبين في توحيد المفاهيم القانونية بين العراق ودول الملاذ لأجل استرداد الأموال والمطلوبين، علاوة على حق بغداد وفق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، مطالبة الدول الأطراف في الاتفاقيتين بالاسترداد".

وألقى الكرة في ملعب وزارتي الخارجية والعدل العراقيتين بالتعاون مع هيئة النزاهة والقضاء لتنفيذ مهمة إبرام الاتفاقات الثنائية مع إدراج فقرة التعاون في مجال استرداد الأموال والمطلوبين مع الدول، حيث إن هناك أكثر من اتفاق ومذكرة تفاهم بين الحكومة العراقية والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ومجلس القضاء مع مجموعة إيغمونت للاستخبارات المالية وأيضاً هيئة النزاهة مع عدد من الدول.

تعظيم المصالح  

وفي هذا الشأن، قال المتخصص العماني في الشؤون الدولية، سالم بن حمد الجهوري، إن خطوة تسليم مسقط المدانين العراقيين إلى بغداد يأتي في إطار التعاون بينهما، وتنفيذاً للاتفاقات العربية والدولية التي تعزز من جهود الدولتين في ملاحقة ثغرات الفساد الإداري وإنفاذاً للشفافية وملاحقة لحقوق الحكومات في استعادة أملاكها.

وأضاف أن بين سلطنة عمان والعراق مساحة كبيرة من التعاون في مسارات متعددة وقديمة جداً بين حضارتيها المؤثرتين في المنطقة، وهما ركيزتان مهمتان في استقرار المنطقة، ولا شك أن مثل هذه الخطوة تؤكد ذلك التعاون التاريخي الماضي والحاضر وتسهم في تقارب الشعبين وتعزيز مصالحهما من خلال التكاملية وتعظيم المصالح المتنوعة والتي منها التعاون في تسليم المطلوبين من دولهما ليحصلوا على محاكمة عادلة.

وأشار الجهوري إلى أن جهود كل من سلطنة عمان وجمهورية العراق في هذا المجال سيعزز من مكانتهما في العالم وسيحسن من تقدمهما في مؤشرات النزاهة الدولية التي يقاس عليها الكثير في شأن الاستثمار وجلب المستثمرين والمشاريع الكبيرة إلى جانب تهيئة المناخ للراغبين في الاستثمار في الدولتين وترجمة لطموحات القيادتين في تعزيز النزاهة التي تعد أحد اهتمامات المنظمات الدولية والمستثمرين الباحثين عن مناخات آمنة لأموالهم.

يشار إلى أن هيئة النزاهة العراقية هيئة مستقلة تخضع إلى رقابة مجلس النواب، ولها شخصية معنوية واستقلال مالي وإداري، ويمثلها رئيسها أو من يخوله، إذ تعمل الهيئة على المساهمة في منع الفساد ومكافحته، واعتماد الشفافية في إدارة شؤون الحكم على جميع المستويات، من طريق التحقيق في قضايا الفساد طبقاً لأحكام هذا القانون، بواسطة محققين، تحت إشراف قاضي التحقيق المختص، ووفقاً لأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية، علاوة عن متابعة قضايا الفساد التي لا يقوم محققو الهيئة بالتحقيق فيها، من طريق ممثل قانوني عن الهيئة بوكالة رسمية تصدر عن رئيسها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير