لم تسلم الآثار العراقية من الخراب والدمار والسرقة على خلفية ما حل بالعراق خلال العقدين الماضيين. وبهدف استردادها والاحتفاظ بتراث البلاد قدمت وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية شكاوى لدى الإنتربول الدولي للضغط على بعض الدول في ملف استرداد الآثار المهربة من العراق.
وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد العلياوي في تصريح لوكالة الأنباء العراقية "واع"، إن وزارة الثقافة استعادت خلال دفعة واحدة من خطتها المعمول عليها خلال عام ونصف العام لاسترداد الآثار من الخارج، ما يصل إلى 17338 قطعة أثرية إضافة إلى استرداد لوحة (القامش والكبش السومري) التي تعود إلى 3500 عام قبل الميلاد.
نبش عشوائي
وأضاف أن "هناك مجموعة عمليات استرداد من دول أجنبية مسجلة لدى الوزارة مع وجود تنسيق عال بين وزارة الثقافة ووزارة الخارجية والسفارات العراقية، للعمل على استعادة تلك القطع بشكل قانوني"، لافتاً إلى أن "العراق يمتلك 15 ألف موقع أثري مسجل، فيما يصل عدد المواقع غير المسجلة إلى أضعاف هذا العدد، حيث يقوم بعض أهالي المناطق النائية وبالتعاون مع لصوص بنبش هذه المناطق واستخراج ما يمكن استخراجه وتهريبه وبيعه".
واعتبر أن "ملف حماية هذه المواقع يجب أن تتولاه وزارتا الدفاع والداخلية بالتعاون مع المواطنين لمنع حالات التهريب"، مبيناً أن هناك قوانين صارمة تصل عقوبتها إلى الإعدام بحق مهربي الآثار.
وفي سبتمبر (أيلول) 2021، أعلنت وزارة الثقافة والسياحة والآثار أن عدد القطع الأثرية المسروقة من العراق بين الأعوام 1991 و2003، يبلغ نحو 15 ألفاً وتحمل جميعها رقماً مَتحَفياًً، فيما أكدت نجاحها في المدة نفسها باستعادة 17 ألفاً أخرى.
مدير الإعلام في "هيئة الآثار والتراث" التابعة للوزارة حاكم الشمري، قال في تصريح صحافي إن "الهيئة ومن خلال قسم استرداد القطع الأثرية فيها، نجحت في استعادة نحو 17 ألف قطعة فنية وأثرية خلال المدة الماضية من الولايات المتحدة، أعيدت إلى متاحف البلاد، بينما يصل عدد ما سرق منها في الفترة بين 1991 و2003 إلى نحو 15 ألفاً ما زالت مفقودة".
متحف الموصل
وأضاف "هناك مراقبة دقيقة من قبل متخصصي الهيئة للمزادات خارج العراق لتتم إعادة القطع الأثرية التي تمثل تاريخ البلاد وحضارتها، وبالتنسيق مع وزارتي الداخلية والخارجية والإنتربول".
ولفت إلى أنه بعد احتلال العراق عام 2003، كانت تسجل أعمال السرقة ونبش عشوائي للمواقع الأثرية المختلفة، ما أدى إلى فقدان قطع أثرية تعود لآلاف السنين تعمل الهيئة على استردادها، إضافة إلى فرض سيطرتها على 20 ألف موقع أثري مسجل رسمياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي هذا السياق، أوضح الشمري أن متحف الموصل كان قد تعرض للسرقة بعد دخول "داعش" إلى المدينة، ما تسبب في فقدان 90 قطعة أثرية، مؤكداً أن "الهيئة تعمل بجهد حثيث لاستردادها".
وكانت السلطات العراقية استرجعت من الولايات المتحدة العام الماضي، لوحاً أثرياً مصنوعاً من الطين ومكتوباً عليه بالمسمارية، وهو جزء من "ملحمة غلغامش"، وذلك بعد نحو عقدين من سرقته إبان حرب الخليج الأولى.
مشاريع مشتركة
في المقابل، قالت وزارة الخارجية العراقية، إن السفير العراقي لدى فرنسا وديع بتي اجتمع مع أريان توماس مديرة قسم الآثار الشرقية في متحف اللوفر والمسؤولة عن متابعة وتنفيذ إعادة تأهيل متحف الموصل، وأثنى على الجهود المتميزة التي تبذلها فرق العمل الفرنسية بالتعاون مع الهيئة العامة للآثار والتراث في عمليات إعادة الأعمار وترميم المجموعات الأثرية منذ تحرير المدينة من تنظيم "داعش" الإرهابي، مشيراً إلى مكانة الموصل في قلوب العراقيين بهويتها الحضارية ومعالمها الفريدة التي وجهت لها أنظار العالم منذ القدم حتى الآن.
بدورها أشارت توماس إلى قرب الانتهاء من أعمال الترميم والإعلان عن افتتاح متحف الموصل أمام الجمهور بحلول مارس (آذار) المقبل 2023 في احتفالية كبيرة بهذه المناسبة، كما كشفت عن مشاريع تعاون مع وزارة الثقافة العراقية في برامج مشتركة تخص بغداد وباقي أنحاء العراق.
من جانبه، أعرب السفير العراقي عن استعداد السفارة لتقديم أقصى ما يمكن من الدعم لتحقيق النتائج المرجوة، وكذلك عن التعاون في إقامة فعاليات مشتركة بين السفارة والمتحف لإبراز حضارة وادي الرافدين .
الفنانة العراقية المغتربة ميسون الربيعي، أكدت أن آثار البلاد هي من حقه وحق شعبه ولا يحق لأي بلد الاستيلاء عليها وعرضها في المتاحف وحرمان البلد الأم من هذه الحقوق. وتقول "يعتصر قلبي ألماً لرؤيه الكم الكبير من آثارنا معروضة في متاحف بعض الدول".
إلا أنها تتابع قائلة "لكن بالنظر إلى ما يجري حالياً من انتهاكات وسرقات للآثار لأغراض الاتجار والتهريب وانفلات الوضع وغياب الرقابة الدورية، فإن بقاء تلك الآثار في هذه الدول هو بمثابة بر الأمان لها، وإرجاعها إلى العراق يجب أن يكون وفق خطة مدروسة وضمن جدول زمني بحيث تضمن أولاً توفير الحماية والمراقبة المستمرة وثانياً وضع خطة لإدامتها بالطرق الحديثة.
وتعتقد الربيعي أن ذلك يضمن حماية الآثار من السرقات والتهريب ومن التلف الناجم عن عدم الإلمام بالطرق الأنسب للمحافظة عليها.