Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رفض الانقلاب لا يحرم النيجريين حياتهم الطبيعية

المحال تفتح أبوابها وترقب واسع لتداعيات العقوبات على نيامي

سائقو السيارات وراكبو الدراجات النارية يقودون مركباتهم على طريق في نيامي (أ ف ب)

ملخص

غالبية المواقف بدت معارضة للانقلاب العسكري في النيجر بينما تقود تشاد وساطة لحلحلة الأزمة في وقت يعيش النيجريون حياتهم بشكل طبيعي وترقبهم لتداعيات العقوبات على الانقلاب

يخيم الانقسام على الشارع في النيجر غداة عزل الرئيس محمد بازوم، في انقلاب قاده الحرس الرئاسي وأثار ردود فعل رافضة بشكل واسع، لكن المشهد مختلف في العاصمة نيامي، حيث يلقى هذا التحرك الذي يقوض التجربة الديمقراطية هناك ترحيباً.

لم تثن نبرة التهديد والوعيد التي لوحت بها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، الكثير من النيجريين عن إسناد الانقلاب شعبياً في منطقة تتصاعد فيها مشاعر معاداة الغرب وفي مقدمته فرنسا، التي يربطها تعاون وثيق مع النيجر.

"اندبندنت عربية" استطلعت آراء النيجريين حول الانقلاب وتكهناتهم لمستقبل بلادهم، خصوصاً في ظل التوقعات بالتوجه شرقاً نحو إقامة تحالفات جديدة تقطع مع فرنسا، وتنفتح على روسيا التي نجحت في ترسيخ موطئ قدم لها في الساحل الأفريقي.

على طرفي نقيض

في نيامي، فتحت المحال والمؤسسات اليوم الإثنين على وقع حذر شديد من تجدد التظاهرات الداعمة للانقلاب في خضم الدعوات التي تزايدت بسبب التعليقات الخارجية التي وصلت حد التلويح بالتدخل بالقوة لإعادة الرئيس بازوم المنتخب ديمقراطياً إلى السلطة.

الأيام الماضية شهدت صخباً كبيراً في شوارع العاصمة، كما بعض المدن الداخلية، لكنها بلغت ذروتها أمس الأحد عندما تظاهر المئات أمام السفارة الفرنسية لدى نيامي للمطالبة برحيل 1500 عسكري فرنسي في هذا البلد تم استجلابهم بعد إعلان نهاية عملية برخان التي قادتها باريس في منطقة الساحل ضد المتشددين.

تقول رحيلة، وهي طالبة نيجرية، إن "الهدوء يخيم على نيامي على رغم الدعوات إلى التظاهر، صحيح أن هناك فئة من الشباب اعتدت على أنصار الحزب الحاكم سابقاً في العاصمة الجمعة، لكن اليوم الهدوء يخيم عليها، ونحن كنيجريين مصممون على دعم الحكومة العسكرية للتخلص من فرنسا التي تلاعبت بنا".

وأردفت الشابة النيجرية "شخصياً، أعتقد أنه كان الوقت المناسب لكي يتدخل العسكريون ويمسكون بزمام الأمور، لقد تألمنا كثيراً بسبب الهجمات الإرهابية، الملايين من شبابنا تم إرسالهم إلى ميدان القتال لمواجهة المتطرفين بلا أسلحة ولم يكن أمامهم من خيار سوى الموافقة على القتال".

ولفتت الانتباه إلى أن "هناك الكثير من الشهادات التي تؤكد أن الفرنسيين موجودون لنهب ثرواتنا فقط وليس مواجهة الإرهابيين".

ومن جهته، يقول نافيساتو علي دوما، وهو شاب نيجري، إن "الشعب النيجري محطم ومجروح، خرجنا يوم أمس لدعم حكومتنا لكن لنقول لا أيضاً للتدخل في شؤوننا الداخلية لأنه طيلة الـ13 سنة الماضية عشنا نوعاً من التعصب القبلي والعائلي والقومي ولم نر يوماً من العدل".

وأوضح دوما أن "في مواجهة التعليقات الأجنبية أنا أشعر بالاشمئزاز، لأنه لا يمكن تصور أنه طيلة 13 عاماً عشنا في حالة من عدم الاستقرار، واليوم يريد هؤلاء بخاصة الإمبرياليين فرض علينا كيفية تقرير مصيرنا، هذا غير مقبول لأنه في أي نظام ديمقراطي السيادة للشعب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن عثمان الذي يرفض الكشف عن كامل هويته خشية المساس بسلامته، يقول إن "الانقلاب مرفوض، لقد كانت البلاد تنعم بالديمقراطية والتعددية على رغم الهجمات التي تعانيها كل دول المنطقة وليست النيجر فحسب، لذلك ما حدث لا يمكن تقبله وأتمنى أن تأتي العقوبات الخارجية ثمارها وتردع الانقلابيين".

وواصل قائلاً، "المجلس العسكري سيسعى لاستبدال فرنسا بروسيا، كما فعل نظراؤهم في مالي وبوركينا فاسو لكن لا أعتقد أن الشعب النيجري سيقبل بذلك، لأن هذا لن يغير شيئاً بل سيجعل الوضع يسوء أكثر، ورأينا في هاتين الدولتين الجارتين كيف يسير الوضع اليوم مع وجود مرتزقة فاغنر".

وواجه الانقلاب في النيجر واحدة من أقوى المواقف الرافضة لاستيلاء العسكريين على السلطة في أفريقيا، حيث جمدت "إيكواس" عضوية البلاد في المجموعة ولوحت بالسماح بالتدخل الأجنبي لاستعادة النظام الدستوري في بلد تتربص به التهديدات الإرهابية على وقع تمدد نشاط المتشددين الإسلاميين.

احتجاز وزراء

على صعيد آخر، احتجز القادة الجدد للنيجر عدداً من وزراء الرئيس بازوم في وقت سابق من صباح اليوم بحسب ما ذكره الصحافي النيجري المتخصص في الشأن السياسي دجيبو إيسيفو في تصريحات خاصة هاتفياً.

وأضاف أن "الأحداث تبدو متسلسلة في البلاد، فعلى رغم الهدوء الذي رافق يوم الأربعاء 26 يوليو (تموز) تواترت الأحداث بشكل متسارع حيث تظاهر كثيرون من الداعمين للرئيس بازوم عند احتجازه من قبل الحرس الرئاسي قبل أن يتم إطلاق النار على بعضهم".

وأشار إلى أنه "بعد تظاهرات أمس الداعمة للانقلاب وقرارات إيكواس تم صباح اليوم احتجاز عدد من وزراء النظام المنحل من قبل السلطات الجديدة".

وظهر بازوم، الذي صعد إلى دفة الحكم عام 2021، للمرة الأولى منذ احتجازه في قصره، منذ ساعات رفقة الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي الذي يقود جهود وساطة لإحداث اختراق في جدار الأزمة النيجرية التي من شأنها أن تقود إلى سقوط المنطقة برمتها في فلك النفوذ الروسي.

ومن غير الواضح ما إذا سينجح ديبي في إقناع الانقلابيين بإعادة النظام الدستوري في البلاد، لكن وصوله أمس الأحد إلى نيامي تزامناً مع عقوبات قاسية فرضتها "إيكواس" على النيجر والنبرة الحادة التي باتت تتحدث بها باريس تجاه القادة الجدد يثير تساؤلات في شأن إمكانية تراجعهم.

تفاؤل بالمستقبل

على رغم أن معظم الانقلابات التي حدثت في القارة السمراء في السنوات الماضية سواء في مالي أو بوركينا فاسو أو غينيا لم تفلح العقوبات والإدانات الدولية في ردعها، إلا أن مراقبين نيجريين لا يخفون تفاؤلهم بإمكانية استعادة النظام المدني والدستوري.

وإلى أمد غير بعيد، عدت النيجر الشمعة المضيئة في منطقة الساحل التي تضم خمس دول باعتبار أنها الوحيدة التي تخضع لحكم مدني وديمقراطي فيما شهدت مالي وبوركينا فاسو وتشاد انقلابات عسكرية، بينما تعاني موريتانيا حالياً أزمة سياسية.

أما الصحافي النيجري المتخصص في الشأن السياسي، سليم نوحو، فقال إنه "لم يكن هناك مبرر للتصرف هكذا ضد الرئيس بازوم وهو رجل محبوب على العموم ولا أحد يقدر على لومه على شيء، لكن الكثير لديهم ضغينة تجاه الحزب الحاكم".

وتابع "في نيامي تابع السكان أحداث الأمس وعقوبات إيكواس، نحن نتحدث عن ذلك في جميع أنحاء البلاد حالياً، والقرارات تعتبر مفرطة بسبب الوضع المعيشي للسكان، لكن لا أحد يشعر بالقلق ونعيش حياتنا بشكل طبيعي".

ومضى في حديثه "ما زلنا متفائلين بالمستقبل، فالعقوبات تبدو قاسية للغاية ولا يتمتع هذا الانقلاب بشرعية قوية في الوقت الحالي".

وعلى الأرجح سيقود الانقلاب في النيجر إلى تلاشي الحضور الفرنسي في منطقة الساحل الأفريقي، خصوصاً أن دول الجوار تحكم بمجالس عسكرية قامت بانقلابات عبدت الطريق لاستبدال التعاون مع باريس بآخر مع روسيا عبر ذراعها العسكرية القوية "فاغنر".

ولم يخف قائد "فاغنر"، يفغيني بريغوجين، ترحيبه بانقلاب النيجر بحسب ما بثته محطات قريبة منه، وهو ما قد يضع البلاد على طبق من فضة لروسيا التي نجحت في التسلل إلى أفريقيا لتشكل بديلاً عن فرنسا لكن من غير الواضح أن يكون ناجعاً في مواجهة تهديدات المتشددين الذين يواصلون تحقيق مكاسب ميدانية في مواجهة جيوش ضعيفة وسط حاضنة شعبية لهم يكرسها الفقر والتهميش المتزايد.

المزيد من تقارير