Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مناورة على الطريق بين طرفي النزاع في السودان

الجيش يقطع إمدادات دارفور العسكرية للخرطوم و"الدعم السريع" يستخدم بدائل غير "معبدة"

الجيش السوداني يهيمن على الطرق لمحاصرة قوات الدعم السريع وقطع إمدادات دارفور لها (أ ف ب)

ملخص

تكتيكات عسكرة الطرق تخنق حركة نقل السلع والبضائع بين المدن السودانية وتهدد المواطنين بمجاعة.

أكثر من 100 يوم، لم تضع الحرب في السودان أوزارها، ولاتزال سحب دخان الاشتباكات ودوي المدافع وقصف الطيران يشكل العنوان الأبرز للمعارك، بيد أن تطوراً نوعياً برز على سطح الأحداث الساخنة بإعلان الجيش السوداني على نحو مفاجئ التعامل مع أي تحرك في الطريق الرئيس الذي يربط العاصمة بولايات كردفان غرب البلاد، كأهداف عسكرية قابلة للتدمير، بعد صدور قرار من مجلس الوزراء (المكلف) بإغلاق طريق الصادرات-بارا-الخرطوم أمام أنواع السيارات كافة، عازياً القرار لاستخدامه بواسطة "قوات الدعم السريع" في نقل ممتلكات المواطنين المنهوبة وإدخال المرتزقة إلى البلاد.

توعدت القوات المسلحة السودانية بالتصدي لأية محاولات تسلل، ودعت المسافرين إلى استخدام طريق بديل وهو الأبيض-كوستي-الخرطوم، فكيف يرى المراقبون العسكريون والسياسيون القرار؟ وهل يمنع إغلاق الطريق الإمداد لقوات الدعم السريع؟

خطة استراتيجية 

الخبير الأمني شاكر شمس الدين أشار إلى "حيوية الطريق لأنه يمثل منفذاً للتجارة والحركة، لكن الأمر المؤسف أن قوات الدعم السريع تستغله في التهريب ونقل مسروقات المواطنين إلى مناطق أخرى للاستفادة منها، وفي تقديري أن قرار الجيش السوداني صائب ومنطقي، ويأتي في توقيت مهم تزامناً مع العمليات العسكرية النوعية على الأرض".

ويعتقد شمس الدين أن "الخطوة تمثل أهمية بالغة بالنسبة إلى السكان لأن إغلاق الطريق يسهم في توقف عمليات النهب والسلب لكل المناطق من مدخل العاصمة وحتى مدينة بارا، وفي الوقت ذاته فإن القرار سيكون مردوده سلبياً على قوات الدعم السريع".

وأضاف الخبير الأمني أن "الجيش لديه تكتيكات وخطط استراتيجية ظهرت نتائجها في العمليات العسكرية، بالتالي فإنه سيضمن من خطوة إغلاق طريق الصادرات توقف الإمداد البشري والعتاد ونقاط التجمع وإعادة التمركز لقوات الدعم السريع".

وأشار شمس الدين إلى أن "الجيش نجح في الحد من إشكالات وأزمات عدة يسببها طريق بارا-الخرطوم لأن الغرض من الخطوة في نهاية المطاف التأمين الكامل".

تكتيك عسكري

اندلعت حرب الخرطوم في منتصف أبريل (نيسان) الماضي بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، وخلفت مئات القتلى والجرحى وسط المدنيين، فضلاً عن موجة غير مسبوقة من النزوح واللجوء، ما سبب أزمة إنسانية كبيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول المحلل السياسي عز الدين الصحاف إن "إغلاق الطريق لن يمنع قوات الدعم السريع من التزود بإمدادات السلاح ومقاتلي دارفور، لأن هذه القوات تسيطر على طول الطريق من مدينة الفاشر وحتى مدخل أم درمان من الناحية الغربية"، لافتاً إلى استخدام الدعم السريع لطرق أخرى غير معبدة (صحراوية) للابتعاد من استهداف طائرات الجيش السوداني لتحركاتهم التي تحمل جنوداً جدداً وإمدادات من قواعدها في الصحراء التي تقع شمال إقليم دارفور قبالة دولة ليبيا".

تجويع الأقاليم

ونبه الصحاف إلى أن "الخطوة لن تؤثر في الدعم السريع، بل ينعكس أثرها على المواطنين بولايات كردفان ودارفور، إذ يسهم هذا القرار في خنق وتجويع أقاليم غرب البلاد بحرمان سكانها من وصول السلع الاستهلاكية والبضائع، وكذلك منع وإيقاف ترحيل المنتجات إلى مدن سودانية عدة، فضلاً عن تفاقم المعاناة الإنسانية لأن أسعار المواد الغذائية سترتفع لأعلى معدل".

وأوضح المحلل السياسي أن "القرار يمكن أن يسهم في الحد من نقل الممتلكات المنهوبة من الخرطوم، لكنه يحتاج إلى آليات فعالة من بينها وضع نقاط تفتيش محكمة في مخارج ومداخل العاصمة والمدن الكبيرة مثل الأبيض والفاشر".

خطوة مهمة

وتلاحق قوات الدعم السريع اتهامات بنهب أموال ومقتنيات وسيارات المدنيين ونقلها من الخرطوم إلى إقليم دارفور، ما دعاها لتشكيل لجنة من أجل إعادة المنهوبات.

في السياق أشار الباحث السياسي طارق عمر إلى أن "طريق الصادرات-بارا-الخرطوم يمثل الشريان المغذي لقوات الدعم السريع بالعتاد والرجال لتواجد حواضنه الاجتماعية في دارفور وبعض مناطق كردفان، بالتالي تتمكن من إرسال تعزيزاتها بسلاسة إلى العاصمة"، لافتاً إلى أن "قرار الجيش من شأنه أن يشل حركتها ويحاصرها داخل الخرطوم، كما يسهل التعامل مع بقية قواته حول مدينة الأبيض غرب البلاد".

التزام الصمت

ومضى الباحث السياسي في القول "كل المؤشرات تبين أن جنود الدعم السريع مارسوا انتهاكات صريحة وبالغة ضد المواطنين بالاستيلاء على منازلهم وممتلكاتهم، ما خلق رد فعل غاضب وسط قطاعات واسعة من السودانيين، بينما تتدثر القوات بالصمت وتغض الطرف عن تلك الانتهاكات، ولم تفعل شيئاً حتى اللحظة لإيقافها".

وتابع عمر "خطوة إغلاق طريق الصادرات من شأنها أن تحد من نقل منهوبات المواطنين خارج العاصمة لأن طريق الأبيض-كوستي شهد ضبط سيارات وأجهزة كهربائية ومواد غذائية مسروقة كانت في طريقها إلى مدن أخرى"، منوهاً في الوقت نفسه باتجاه الدعم السريع "للارتكاز على طول الطريق وتجميع عناصره وجعله درع حماية ومن ثم مهاجمة الخرطوم مجدداً".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير