ملخص
القصف الروسي يستمر على أوديسا ليلاً فيما استجاب "الناتو" لاجتماع زيلينسكي في شأن الموقف الأمني بالبحر الأسود
أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو اليوم الأحد أن الهجوم الأوكراني المضاد ضد القوات الروسية "مُني بالفشل"، وفق ما نقلت عنه وكالات أنباء محلية.
وأفادت وكالة "تاس" أن لوكاشنكو توجه الى بوتين بالقول "لا يوجد هجوم مضاد"، ليردّ عليه الأخير "ثمة هجوم، لكنه مني بالفشل"، وذلك في بداية مباحثات من المقرّر أن تمتد يومين في قصر كونستانتينوفسكي في سان بطرسبرغ، وهي الأولى بينهما منذ توسّط لوكاشنكو الشهر الماضي لإنهاء تمرّد مسلّح لمجموعة "فاغنر" على القيادة العسكرية الروسية.
وقصفت القوات الروسية مجدداً مدينة أوديسا الأوكرانية الساحلية ليل السبت الأحد مما أسفر عن مقتل شخص، في هجوم نفذ قبل ساعات من اجتماع بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والبيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، حليف موسكو الوثيق.
ويناقش الزعيمان خصوصاً "الشراكة الاستراتيجية والتحالف" بين موسكو ومينسك، وفق بيان نشره الكرملين الجمعة.
وقبل نحو شهر، أدى لوكاشينكو دور الوسيط بين الكرملين ويفغيني بريغوجين أثناء التمرد الفاشل لمجموعة "فاغنر" في روسيا.
وتستهدف ضربات روسية بانتظام مدينة أوديسا التي أدرج مركزها التاريخي في لائحة اليونيسكو للتراث العالمي المعرض للخطر. وقد شكلت المدينة هدفاً لهجوم جديد ليل السبت الأحد أدى إلى مقتل مدني.
وظلت روسيا تقصف أوديسا وغيرها من منشآت تصدير الغذاء الأوكرانية يومياً تقريباً على مدى الأسبوع الماضي بعد انسحاب موسكو من اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، الذي تتوسط فيه الأمم المتحدة ويسمح بالمرور الآمن لشحنات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود.
قتيل و18 مصاباً
وكتب حاكم منطقة أوديسا أوليغ كيبر فجر الأحد على "تيليغرام"، "للأسف قتل مدني نتيجة الهجوم الإرهابي الليلي للروس على أوديسا".
وتحدث عن "هجوم روسي عند الساعة 3.00" (منتصف الليل ت غ)، قائلاً "في أوديسا، ثمة 18 ضحية بينهم أربعة أطفال".
وأضاف "نقل 14 شخصاً إلى مستشفيات في المدينة، ثلاثة منهم أطفال"، مشيراً إلى أن خدمات الإسعاف موجودة في المكان.
وكان كيبر تتحدث في بادئ الأمر عن "أضرار لحقت ببنية تحتية مدنية وبمبان سكنية وبمؤسسة دينية".
استهداف كاتدرائية
وأظهر مقطع فيديو نشرته رئاسة بلدية المدينة على "تيليغرام" تضرر كاتدرائية التجلي في أوديسا.
وذكرت وكالة "آر بي سي أوكرانيا" للأنباء أن أكبر كنيسة كاثوليكية في المدينة، كاتدرائية سباسو بريوبراجنسكي التي شيدت في عام 1809 تضررت بشدة جراء الهجمات.
وأظهرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي حطاماً داخل مبنى مظلم يبدو مثل الكنيسة شب فيه حريق، ورجلاً حزيناً يسير وهو يكرر "لم تعد الكنيسة موجودة".
ولم يتسن لـ"رويترز" التحقق على نحو مستقل من المقطع المصور أو الأنباء بخصوص الأضرار المحتملة، ولم تعلق روسيا حتى الآن على الهجمات.
وذكرت القوات الجوية الأوكرانية على تطبيق "تيليغرام" أن روسيا نفذت هجوماً بصواريخ "أونيكس" عالية الدقة وصواريخ "كروز" من طراز "كاليبر" على أوديسا بعد منتصف الليل، ولم يعرف نطاق الهجوم حتى الآن.
ووصفت موسكو الهجمات بأنها انتقام رداً على هجوم أوكراني على الجسر الذي يربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم.
وطالب رئيس الإدارة الرئاسية أندريه يرماك بـ"مزيد من أنظمة الصواريخ الدفاعية" والصواريخ التكتيكية لأوكرانيا.
"ليلة جحيم"
وعاشت أوديسا خصوصاً الخميس "ليلة جحيم"، واتهمت كييف موسكو باستهداف البنية التحتية للموانئ تحديداً، لمنع أي استئناف محتمل لصادرات الحبوب الأوكرانية.
تقع أوديسا على البحر الأسود وهي مدينة استراتيجية للعبور البحري في المنطقة.
من جهتها دانت اليونيسكو "بشدة" الجمعة الضربات الروسية على "عدد من المتاحف" والمباني التاريخية التي "تعرضت لأضرار" في وسط المدينة.
وأكد الجيش الروسي أنه لا يستهدف سوى مواقع عسكرية.
يأتي هذا الهجوم الليلي الجديد أيضاً غداة هجوم بمسيرة أوكرانية فجر مستودعاً للذخيرة في شبه جزيرة القرم، مما استدعى إجلاء سكان المناطق المحيطة وتعليق حركة السكك الحديدية في شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا.
بوتين يجتمع مع رئيس بيلاروس
قال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيجتمع مع نظيره رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو اليوم الأحد، بعد يومين من تحذير موسكو من أن أي اعتداء على جارتها وحليفتها الأقوى سيعتبر هجوماً على روسيا.
وبعد أن قررت بولندا في الأسبوع الماضي نقل وحدات عسكرية أقرب إلى حدودها مع بيلاروس، رداً على وصول قوات إلى بيلاروس من مجموعة "فاغنر" العسكرية الخاصة، قال بوتين إن موسكو ستستخدم كل الوسائل لديها للرد على أي عداء تجاه مينسك.
وقال الكرملين إن لوكاشينكو يقوم بزيارة عمل لروسيا وسيتحدث مع بوتين في شأن زيادة تطوير "الشراكة الاستراتيجية" بين البلدين.
وعلى رغم أن لوكاشينكو لم يرسل قواته إلى أوكرانيا، فإنه سمح لموسكو باستخدام أراضي بلاده لشن حربها الشاملة على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومنذ ذلك الحين التقى بوتين بشكل متكرر.
ومنذ ذلك الحين أجرى البلدان عدة تدريبات عسكرية مشتركة، وفي يونيو (حزيران) سمح لوكاشينكو باستخدام بلاده كقاعدة للأسلحة النووية الروسية، وهي خطوة ندد بها الغرب على نطاق واسع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) قد دانت، الجمعة، "بشدة" ضربات روسية نفذت على وسط مدينة أوديسا المصنف ضمن التراث العالمي منذ مطلع العام.
وأدرج المركز التاريخي لمدينة أوديسا في يناير (كانون الثاني) 2023 على لائحة "اليونيسكو" للتراث العالمي المعرض للخطر بسبب "تهديدات الدمار" جراء الحرب، وكله معرض للخطر نظراً إلى قربه من الميناء الذي يمثل بنية تحتية استراتيجية لأوكرانيا.
غضب روسي
وفي السياق، قتل مراسل عسكري روسي وأصيب ثلاثة آخرون في أوكرانيا، أمس السبت، في واقعة قالت وزارة الدفاع الروسية إنها هجوم أوكراني باستخدام ذخائر عنقودية، مما أثار غضب موسكو.
وفي واقعة أخرى، قالت قناة "دويتشه فيله" الألمانية، إن صحافياً يعمل لديها يدعى يفجيني شيلكو أصيب في هجوم شنته روسيا بذخائر عنقودية في أوكرانيا، مما أدى أيضاً إلى مقتل جندي أوكراني. وأضافت أن حالة شيلكو الصحية ليست في خطر.
القنابل العنقودية في دائرة الضوء
ودخلت القنابل العنقودية ساحات المعارك بعد أن تلقت أوكرانيا كميات منها من الولايات المتحدة هذا الشهر. وتحظر دول عديدة استخدامها بسبب خطرها المحتمل على المدنيين، إذ إنها تؤدي إلى سقوط شظايا على مساحة واسعة.
ولم يتسن لـ"رويترز" التحقق بشكل مستقل من استخدام مثل هذه الأسلحة في الحادثتين اللتين وقعتا أمس السبت. واستخدم كلا الجانبين هذه القنابل خلال الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا المستمر منذ 17 شهراً.
وابل من الاتهامات
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الصحافيين الروس المصابين جرى نقلهم من ساحة المعركة بعد تعرضهم لإطلاق نار في منطقة زابوريجيا بجنوب شرقي أوكرانيا. وذكرت الوزارة أن الصحافي القتيل يدعى روستيسلاف جورافليف وكان يعمل مراسلاً في وكالة الإعلام الروسية.
ونددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بما وصفته بأنه "إرهاب إجرامي" من جانب أوكرانيا، وقالت، دون تقديم أدلة، إن الهجوم بدا متعمداً. وأضافت "المسؤولون عن هذا الانتقام الوحشي من صحافي روسي سيعانون حتماً العقاب الذي يستحقونه. ويتحمل المسؤولية أيضاً أولئك الذين قدموا الذخائر العنقودية" إلى كييف.
ولم يتسن الحصول على تعليق من أوكرانيا على الحادثة حتى الآن.
وتعهدت أوكرانيا عدم استخدام الذخائر العنقودية سوى في طرد القوات الروسية.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي الأسبوع الماضي إن القوات الأوكرانية تستخدم الذخائر العنقودية بشكل مناسب وفعال ضد التشكيلات الروسية.
وقال نائب رئيسة مجلس الاتحاد (غرفة البرلمان العليا) كونستانتين كوساتشيوف إن استخدام الذخائر العنقودية "غير إنساني"، محملاً المسؤولية لأوكرانيا والولايات المتحدة.
ووصف ليونيد سلوتسكي، وهو زعيم أحد الأحزاب الممثلة في مجلس الدوما (مجلس النواب)، ما حدث بأنه "جريمة بشعة".
وتجاهلت ردود الفعل هذه استخدام روسيا للقنابل العنقودية في الحرب الذي وثقته جماعات حقوق الإنسان والأمم المتحدة.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، ومقرها الولايات المتحدة في مايو (أيار) إن القوات الروسية استخدمت تلك الأسلحة في هجمات تسببت في سقوط مئات المدنيين وألحقت أضراراً بالمنازل والمستشفيات والمدارس.
البحر الأسود ومعركة الغذاء العالمي
ولا يزال البحر الأسود ساحة معارك خطرة، إذ أعلن حلف شمال الأطلسي أمس السبت أنه سيبحث مع أوكرانيا خلال الأيام المقبلة الوضع الأمني في البحر الأسود بناءً على طلب من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وذكرت المتحدثة باسم الحلف أوانو لونجيسكو أن "مجلس حلف شمال الأطلسي - أوكرانيا" الذي تشكل خلال قمة الحلف هذا الشهر سيبحث الوضع بعد انسحاب روسيا من الاتفاق الذي مضى عليه عام ويشرف على صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية.
وقال زيلينسكي إنه طلب عقد هذا الاجتماع خلال مكالمة هاتفية مع الأمين العام للحلف العسكري ينس ستولتنبرغ.
وأوضحت لونجيسكو أن زيلينسكي وستولتنبرغ ناقشا انسحاب روسيا من الاتفاق و"محاولاتها المستمرة لجعل الغذاء سلاحاً، وهو ما يؤثر في الملايين من المعرضين لمخاطر ذلك في جميع أنحاء العالم".
وأضافت أن الاجتماع سيعقد على مستوى السفراء. وكان رؤساء دول أو حكومات حضروا الاجتماع الافتتاحي للمجلس خلال قمة الحلف في فيلنيوس.
وقال زيلينسكي في خطابه المصور في وقت سابق هذا المساء "لقد انتقلنا إلى مستوى جديد وأكثر تقدماً في تعاوننا، وهو مجلس حلف شمال الأطلسي - أوكرانيا، ويمكن أن يكون لهذه الآلية تأثير". وتابع "اقترحت على ينس أن ينعقد المجلس دون تأخير لإجراء مشاورات حول الأزمة. سينعقد الاجتماع خلال الأيام المقبلة. يمكننا التغلب على الأزمة الأمنية في البحر الأسود".
وانسحبت روسيا الأسبوع الماضي من اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود المدعوم من الأمم المتحدة، قائلة إن الدول الغربية تجاهلت مطالبها المتعلقة بتذليل العقبات أمام صادراتها من الأغذية والأسمدة. وقالت إن السفن المتجهة إلى موانئ أوكرانيا على البحر الأسود يمكن اعتبارها أهدافاً عسكرية.
وقال مسؤول المساعدات بالأمم المتحدة مارتن غريفيث، الجمعة، إن الارتفاع الحاد في أسعار الحبوب عقب انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود "يحتمل أن يهدد ملايين الأشخاص بتفشي الجوع وبما هو أسوأ من ذلك".