Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صيف المصريين "ملتهب" حرا وأسعارا

معظم أسر الطبقة المتوسطة اتجهت إلى خطط بديلة لقضاء العطلات وكثير من النشاطات تم تقليصها أو إلغاؤها

الشواطئ هي الوجهة الرئيسة للناس في العطلة الصيفية على اختلاف مستوياتهم الاقتصادية (أ ف ب)

ملخص

حال من الحيرة تواجه كثيراً من المصريين في كيفية التخطيط للإجازة الصيفية وقضائها بأقل قدر من الأزمات المادية.

خطط عديدة يضعها الناس للإجازة الصيفية، تتنوع ما بين الذهاب إلى الشواطئ أو القيام بنزهات مختلفة مؤجلة لما بعد انتهاء العام الدراسي، وتسعى كثير من الأسر لإلحاق أطفالها بنشاطات مثل كورسات اللغات والتمارين الرياضية والمعسكرات الصيفية، لكن الارتفاع الكبير في الأسعار أصاب هذا العام معظم هذه المشروعات في مقتل، مما جعل كثيراً من العائلات تحاول تحقيق التوازن بين نشاطات العطلة الصيفية والحفاظ على الميزانية المتاحة.

تحكي مروة، وهي أم لطفلين، قائلة "كنا عادة نضع جدولاً مزدحماً بالأنشطة للأطفال خلال العطلة الصيفية ما بين ممارسة رياضتي السباحة والتنس والاشتراك في كورس للغة الإنجليزية وأحياناً بعض الدورات الفنية، وكانت الإجازة تمر بشكل جيد وبأنشطة مفيدة بعيداً من استخدام الأطفال الشاشات وقتاً طويلاً، لكن هذا العام لم يعد بمقدورنا الاستمرار فيها جميعها، وعليه خيرنا الأطفال بين إحدى الرياضتين، كما اخترنا مكاناً بسعر أقل لكورس اللغة الإنجليزية حتى نستطيع الاستمرار في النشاط مع الزيادة المبالغ فيها في الأسعار".

أما سلمى، وهي أم لطفلة في السابعة، فتقول "خلال فترة العطلة الصيفية كنا نخرج بشكل أسبوعي إلى واحد من المتنزهات أو الملاهي، مع تناول الغداء في أحد المطاعم، لكن هذا العام أصبحت الكلفة كبيرة جداً، وهذه النزهة عبء على الميزانية في ظل الأسعار الحالية، مما جعلنا نقلصها لمرة واحدة في الشهر حتى نستطيع الوفاء بباقي الالتزامات التي تضاعفت أسعارها هي الأخرى".

الساحلان الطيب والشرير

الشواطئ هي الوجهة الرئيسة للناس في العطلة الصيفية على اختلاف مستوياتهم، فمن الشواطئ الشعبية في مدن مثل رأس البر وجمصة وبعض الشواطئ في الإسكندرية، إلى أغلى الشواطئ في مناطق الساحل الشمالي والعلمين، مروراً بساحل البحر الأحمر مثل الغردقة والعين السخنة، يبقى حلم قضاء أيام عدة بعيداً من ضغوط الحياة والعمل واحداً من الأشياء التي ينتظرها المصريون كل سنة.

الارتفاع الشديد في الأسعار أصاب كل شيء هذا العام، ومنها أسعار الإقامة في الفنادق وإيجار الشاليهات وشقق المصايف في المحافظات الساحلية الشهيرة، مما جعل قضاء أيام عدة على شاطئ البحر عصياً على كثير من الأسر التي تعاني حيرة شديدة الآن في كيفية تدبير هذا الأمر، ويمكن الإشارة إلى أن التفاوت الكبير في أسعار المصايف يثير الجدل بحلول كل صيف، وبخاصة بالنسبة إلى القرى السياحية في الساحل الشمالي، التي تعد الآن المصيف الأشهر والأكثر رواجاً خلال فصل الصيف، والتي أصبحت تصنف تحت اسم "الساحل الطيب" وهو القرى السياحية الأقدم والأقل في السعر والخدمات، و"الساحل الشرير" وهو المصايف الأحدث في مناطق العلمين وما بعدها، والتي يتكلف قضاء ليلة واحدة فيها مبالغ طائلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المهندس حسن (48 سنة)، أب لثلاثة أبناء، يقول "اعتدت في السنوات الأخيرة على قضاء أسبوع في واحدة من القرى السياحية بالساحل الشمالي والتي تصنف ضمن الأعلى سعراً، وكان الأمر مكلفاً لكنني كنت أضع سعادة أسرتي في المقام الأول، هذا العام الأمر أصبح الأمر غير ممكن فاقترحت التوجه إلى واحدة من القرى الأقل سعراً في ما يطلق عليه الناس الساحل الطيب، الأمر الذي قوبل برفض تام من أولادي، وحتى الآن لم نصل إلى شيء، لكن غالباً سيكون الحل هو الذهاب ثلاثة أيام فقط في ظل هذا الغلاء الشديد".

ربما يستطيع البعض الاستغناء عن بعض النشاطات الخاصة بالأطفال في الصيف واستبدال أمور يمكن عملها في المنزل بها، مثل الكورسات الـ"أونلاين" أو نوعيات معينة من الألعاب، ولكن قطاعاً كبيراً من الأمهات العاملات يعاني أزمة كبيرة في مصروفات الحضانات والمعسكرات الصيفية بالنسبة إلى السن الأكبر، ففي هذه الحال هي ضرورة وليست رفاهية أو شيئاً اختيارياً.

تقول أميرة، وهي أم لطفلين في السابعة والتاسعة، "بعد أن تجاوز طفلاي سن الروضة كنت أشترك لهما في واحد من المعسكرات الصيفية يقضيان فيه فترة الصباح أثناء وجودي في عملي بأحد البنوك، وكانا يقومان بكثير من الأنشطة بشكل ممتاز، لكن هذا العام فوجئت بأن الكلفة الشهرية للطفل الواحد ستصل إلى 5000 جنيه (نحو 140 دولاراً) وهو يعادل أكثر من ضعف ما كنا ندفعه العام الماضي، وبالحديث مع القائمين عليه أفادوا بأن الغلاء أصاب كل شيء ولا بد من هذه الزيادة ليحافظوا على المستوى نفسه، نصحني البعض باستقدام جليسة أطفال للبقاء معهما في المنزل ساعات الصباح لكنني لا أفضل هذا الأمر، وحتى الآن لا أعرف ما الحل في هذه الأزمة التي يعانيها كثير من الأسر".

فرصة للحديث عن الأولويات

الحيرة الشديدة في تدبير نفقات العطلة الصيفية أصبحت مثار الحديث في معظم المنازل مع بداية فصل الصيف، فكيف يراها المتخصصون؟ وما النصائح التي يقدمونها للخروج من الصيف بأقل قدر من الأزمات المادية؟

أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمعهد القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية سوسن فايد، تقول "من الضروري محاولة التكيف مع الأوضاع بسبل كثيرة من بينها الحوار والمشاركة داخل الأسرة والعمل على إيجاد بدائل، فالمصيف يمكن أن يصبح ثلاثة أيام بدلاً من أسبوع، والنزهات يمكن أن يتم انتقاء أماكن لها لا تتطلب كلفة عالية، وفي حال وجود أطفال كبار في الأسرة في سن المراهقة لا بد من إشراكهم في التفكير واتخاذ القرار والحديث عن الأولويات، أما الأطفال الأصغر فلا يستطيعون استيعاب الأمر بشكل كامل، وإنما يجب التعامل معهم من منطلق مختلف، وهو أننا نشتري ما نحتاج إليه أو ما ينقصنا وليس كل ما نرغب فيه".

وتضيف فايد "بالنسبة إلى نشاطات الأطفال المختلفة هناك أماكن متعددة توفر أنشطة ترفيهية ورياضية وفنية بأسعار معقولة مثل المكتبات العامة التي يمكن أن تكون حلاً مناسباً لكثير من الأسر، فعلى رغم كل شيء يجب الحرص على اكتشاف مهارات الأطفال وتنميتها لأن لها مردوداً كبيراً على ثقتهم في أنفسهم".

وتشير إلى أنه "يمكن للعائلات اعتماد بعض البدائل للتوفير في النفقات، فبدلاً من الأماكن الترفيهية الغالية يمكن التوجه إلى النوادي والحدائق، واصطحاب الطعام من المنزل بدلاً من شرائه من الخارج بأسعار مرتفعة للغاية، وأيضاً يجب العودة إلى التجمعات العائلية التي تنعكس على الناس بكثير من الطاقة الإيجابية، فهي فرصة للمشاركة والتواصل وتكون الإجازات الصيفية فرصة كبيرة لها، وبشكل عام لا بد أن نعمل على تغيير عاداتنا ووضع خطط تتناسب مع الوضع، والابتعاد عن التقليد والموضة وانتقاء ما يناسبنا ويتناسب مع ظروفنا".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات