Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النفط الليبي تحت وطأة الإغلاق والأزمة السياسية مجددا

حذّرت السفارة الأميركية في البلاد من أي أعمال قد تقود إلى مزيد من التوتر

يعدّ حقل الشرارة أكبر الحقول النفطية الليبية بقدرة إنتاجية تصل إلى 300 ألف برميل يومياً (رويترز)

ملخص

ينتمي كل من حقلي الشرارة والفيل إلى حوض مرزق النفطي

أعلنت مجموعة من أهالي بنغازي بكامل تركيبتها الاجتماعية والقبلية، أمس الجمعة، مساندتها قرار مشايخ أوباري وقبيلة ازوية جنوب البلد بإغلاق حقلي الشرارة والفيل على خلفية اختطاف فرج بومطاري وزير المالية السابق بالعاصمة الليبية طرابلس على خلفية نيته الترشح لمنصب رئاسة مصرف ليبيا المركزي عوض الصديق الكبير.

وخير البيان المرئي السلطات الرسمية في طرابلس بين الإفراج عن بومطاري متهمين الكبير والدبيبة بالوقوف وراء اختطافه، أو استكمال إقفال بقية الموانئ النفطية المتمركزة شرق البلد.

من جهته حذر رئيس المجلس الأعلى لقبيلة ازوية السنوسي الحليق من إغلاق مزيد من الحقول النفطية وقطع المياه عن العاصمة طرابلس التي لن تفتح إلا بإسقاط رئيس مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير وتغيير حكومة عبدالحميد الدبيبة.

وينتمي كل من حقلي الشرارة والفيل إلى حوض مرزق النفطي (750 كيلومتراً جنوب طرابلس)، ويعد حقل الشرارة أكبر الحقول النفطية الليبية بقدرة إنتاجية تصل إلى 300 ألف برميل يومياً ما يعادل ثلث إنتاج ليبيا من النفط (1.20 مليون برميل نفط يومياً)، ويرتبط بميناء ومصفاة الزاوية لمعالجة النفط وتصديره، بينما ينتج حقل الفيل 80 ألف برميل يومياً ويحتوي على 1.2 مليار برميل من الاحتياطات النفطية الليبية.

ردود محلية ودولية

ولم يصدر أي موقف رسمي عن حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة حيال إغلاق حقول النفط، فيما لم تعلن المؤسسة الوطنية للنفط، من جهتها، إلى الآن، القوة القاهرة على حقلي الشرارة والفيل، وفي المقابل، لم تخف الشركة العامة للكهرباء تخوفها من تداعيات الإغلاق على استقرار شبكة الكهرباء في البلد، وأعربت الشركة، في بيان عبر صفحتها "فيسبوك"، عن أسفها للتطورات السلبية الطارئة بالحقل مطالبة الحكومة والجهات كافة والأطراف المعنية بالتدخل العاجل ومعالجة هذا الخلل في أقرب وقت ممكن. ودعت الشركة إلى ضرورة تفادي العقبات الوخيمة المترتبة على إغلاق محطات الجنوب بصفة خاصة تفادياً لحدوث أي إطفاءات على الشبكة.

وعبرت البعثة الأممية للدعم في ليبيا برئاسة عبدالله باتيلي عن قلقها لإغلاق بعض حقول النفط بالجنوب الليبي. ودعت البعثة إلى ضرورة إنهاء الإغلاق فوراً وعدم استخدام النفط والموارد الأخرى بالمساومة في الصراع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحذرت السفارة الأميركية في ليبيا، من جانبها، من أي أعمال قد تقود إلى مزيد من التوتر، كما دعت سفارة بريطانيا الأطراف إلى الامتناع عن الإجراءات التصعيدية بما في ذلك إغلاق حقول النفط، وأعربت السفارة في بيان عن قلقها إزاء التقارير التي تفيد بالاعتقالات التعسفية في البلاد في إشارة منها إلى "احتجاز مجموعة أمنية بومطاري في العاصمة طرابلس".

تتالي الإغلاقات

وشهد قطاع النفط في ليبيا، منذ انهيار نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، إغلاقات عدة كان آخرها إغلاق العام الماضي الذي بدأ في أبريل (نيسان)، واستمر أكثر من شهر كامل عندما قام أشخاص من الجنوب بإيقاف إنتاج وتصدير النفط بهدف الضغط على حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبدالحميد الدبيبة لتسليم السلطة لرئيس الحكومة فتحي باشاغا المعين آن ذلك من البرلمان في فبراير (شباط) 2022، وتكبدت ليبيا وقتها خسائر قدرت بـ60 مليون دولار يومياً جراء تواصل الإغلاقات، أي ما يقارب ضياع نحو 600 ألف برميل من الإنتاج النفطي يومياً (بحسب تصريحات سابقة لوزير النفط الليبي محمد عون)، في وقت عرفت أسعار النفط انتعاشاً غير مسبوق، ولم يخف خبراء النفط بالبلد تخوفهم من الدخول في أزمة طاقة بخاصة أن الدول الأوروبية تعتمد على الإمدادات النفطية الليبية التي كان البلد يطمح إلى رفعها لأكثر من 1.20 مليون برميل يومياً (الإنتاج اليومي للنفط قبل إغلاق حقلي الشرارة والفيل).

تأثيرات الإغلاق

ونبه المتخصص في الشأن القانوني النفطي عثمان الحضيري من تواصل إغلاق الحقول النفطية لما له من أثر سلبي على المستوى الفني والمالي والتسويقي، وأوضح أن التأثيرات الفنية للإغلاق ستظهر على المكامن النفطية ومعدات الإنتاج على المدى البعيد، "إذ لن تتمكن الشركات المنتجة للنفط والغاز من أداء أعمالها، وستفقد ليبيا العناصر الفنية الأجنبية التي تعمل مع العناصر الوطنية على استمرار هذه الحقول على رغم الظروف الصعبة المحيطة بها".

وعلاقة بالمستتبعات المالية، أشار الحضيري إلى الخسارة التي ستلم بالخزانة العامة للدولة الليبية التي تعتمد على إيرادات النفط بنسبة تصل إلى أكثر من 90 في المئة، الأمر الذي سيحول دون تنفيذ الخطط والبرامج التي تقوم بها الجهات العامة لصالح المواطن الليبي، محذراً من أن ليبيا، بهذا الإغلاق، ستفقد أسواقها التقليدية في النفط بخاصة أن خام حقل الشرارة مطلوب في غالبية مصافي البحر الأبيض المتوسط. ونوه المتخصص في الشأن القانوني في النفط إلى أن "تغيير الحكومات لا يتم بهذا العنف الاقتصادي إذ كان من الأجدر أن يتم بموافقة مجلسي النواب والدولة لأن هذه الإغلاقات ستعمق أزمة الطاقة أكثر في البلد، بخاصة في الجنوب الليبي الذي يعاني شحاً بالوقود وندرة أسطوانات غاز الطهي، أما على المستوى الدولي، فإن كميات النفط سيكون تأثيرها محدوداً نظراً للقدرات الإنتاجية للدول الأخرى التي ستعوض كميات النفط المفقودة من السوق الليبية" مستبعداً أن يكون للإغلاق أثر على أسعار النفط على المدى البعيد.

أما بخصوص إمكان ضغط الولايات المتحدة على الأطراف المحلية لإعادة فتح صمامات "الذهب الأسود" فقال الحضيري، إن الولايات المتحدة لا تولي اهتماماً لذلك لأنها لم تعمل على استغلال تقارير الفساد لاتخاذ إجراءات أمام مجلس الأمن الدولي، لا سيما الحث على تشكيل حكومة جديدة مستقلة مهمتها الإشراف على الانتخابات.

ربكة أوروبية

في المقابل، عارض الخبير في شؤون الطاقة رمزي الجدي الطرح الذي تبناه الحضيري. وشدد على أن إغلاق حقلي الفيل والشرارة سيسبب أزمة في إمدادات الدول الأوروبية بالغاز، مضيفاً "التدخل الأميركي متوقع جداً بحكم انخفاض المخزون الاحتياطي الاستراتيجي من النفط لأميركا التي تحتاج لإنعاش مخزونها الاستراتيجي بصفة متواصلة بخاصة في ظل الأزمة الروسية - الأوكرانية".

وبخصوص أوجه التدخل الأميركي المتنظر، أوضح الخبير في شؤون الطاقة أنه سيكون على مستويين، الأول يتمثل في التدخل بصفة مباشرة مع أطراف الصراع لإيجاد حل لعودة تدفق "الذهب الأسود"، فيما التدخل الثاني سيذهب باتجاه إيجاد دولة بديلة تعوض حصة الدولة الليبية سواء من "أوبك" أو من خارجها. وحذر الجدي من أن "استمرار إغلاق حقلي الشرارة والفيل يهدد بفقدانهما على غرار حقل الواحة الذي تأثر إنتاجه بسبب الإغلاقات التي نتج منها ارتفاع منسوب المياه على منسوب الزيت ما أثر على مكامن النفط".

وتنتج ليبيا حالياً 1.2 مليون برميل من النفط يومياً، وتعتبر الأكبر أفريقياً في احتياطات النفط والتاسعة عالمياً بـ46 مليار برميل، ويصل احتياطي الغاز إلى 80 تريليون قدم مكعبة وفق تصريحات سابقة لرئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير