Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحقيقة المخزية حول صحة الأطفال في 2023

إيجاد حلول لسوء التغذية والإسقربوط والكساح يستدعي تغيير النظام والبيئة حيث يعيش صغارنا

بيئتنا الغذائية تؤدي دوراً كبيراً في تدهور صحتنا (غيتي)

ملخص

أمراض تنخر في الطفولة وعدم التصدي لها خطر محدق في صحة الأجيال المستقبلية.

أمراض الكساح (أي رخاوة العظام)، وسوء التغذية، والإسقربوط، (أي نقص الفيتامين سي) ... في صفوف الأطفال. إنها بعض الأمراض التي تشهد معدلاتها ارتفاعاً واضحاً في المملكة المتحدة، كما ذكرت لجنة صحية أطلقتها صحيفة "تايمز" البريطانية. وبحسب أرقام كشف عنها طلب بالحصول على هذه المعلومات، فقد ازدادت حالات سوء التغذية بأكثر من الضعف في السنوات العشر الماضية، وتضاعفت بمقدار أربع مرات منذ 2007- 2008.

في 2023 في المملكة المتحدة، التي تحتل المركز السادس بين أغنى دول العالم (تقاس بالناتج المحلي الإجمالي)، تبدو النتائج بشأن صحة أطفالنا وخيمة. في الحقيقة، ترسم الإحصاءات صورة كارثية عن هذا الواقع، ذلك أن 23.4 في المئة من الأولاد الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و12 عاماً يعانون السمنة (معدل الانتشار أعلى بمرتين بالنسبة إلى الأولاد في المناطق الفقيرة)، ونحو ربع عدد الأطفال في سن الخمس سنوات مصابون بتسوس الأسنان، في حين أن الأطفال الذين نشأوا في زمن التقشف الاقتصادي أقصر طولاً من أقرانهم الأوروبيين. قامة أقصر، وكيلوغرامات أكثر، وحال صحية أسوأ. كيف وصلنا إلى هذا الدرك؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الحقيقة، خلف هذه التغيرات المقلقة في الصحة محركان رئيسان، أولهما الفقر، وتليه البيئة الغذائية غير الصحية حيث نعيش. للأسف، تعجز الفئات الاجتماعية التي تقاسي ظروفاً مالية خانقة عن تحمل تكاليف النظام الغذائي الصحي.

كشف تقرير حديث نهضت به "مؤسسة الغذاء" كيف أن الخمس الأكثر فقراً من السكان سيحتاجون إلى إنفاق نصف دخلهم المالي المتاح من أجل تلبية التوصيات الحكومية بشأن النظام الغذائي. ومعلوم أن سلة الطعام الصحي تبقى أغلى بثلاث مرات من سلة الوجبات غير الصحية. ببساطة، ليست توصيات الحكومة بشأن نظامنا الغذائي قابلة للتنفيذ بالنسبة إلى الفئات السكانية التي تكابد أزمة معيشية.

أضف إلى ذلك أن بيئتنا الغذائية بدورها تسهم كثيراً في تدهور صحتنا. تحيط مطاعم الوجبات السريعة بمدارسنا، كذلك تستهدف الأطفال منتجات حبوب الإفطار والزبادي المليئة بالسكر- وقد حاولت شركة "نستلة" أخيراً إيهامنا أن حبوب الإفطار "كيت كات" تشكل "خياراً غذائياً صحياً"- ناهيك عن قطاع صناعة الحليب الاصطناعي الذي يعتمد على ممارسات احتيالية بغرض زيادة المبيعات مع الإضرار بالرضاعة الطبيعية.

نحن على وشك الإخفاق. لدينا حكومات تتملص مما يسمونه سياسات "الدولة المربية"، مدعية أنها لا تريد أن تملي علينا الأطعمة التي يجب أن نتناولها. في المقابل، ينصب التركيز على سلوك الفرد، إذ تقول النصيحة "عليك أن تتحرك أكثر، وأن تأكل أقل". أما كل تلك العوامل المساهمة التي تجعل من الصعب على الناس أن يتحركوا أكثر، وأن يتناولوا كمية أقل من الطعام، وأن يستهلكوا مأكولات أفضل، وأن يختاروا طعاماً صحياً، فلا تنال اهتماماً يذكر.

إذا أردنا إيجاد حلول تتصدى لتدهور صحة أطفالنا، يتعين علينا التفكير في تغيير النظام. في يونيو (تموز) من العام الحالي، أجلت الحكومة (مجدداً) حظر الوجبات السريعة الذي كان من شأنه أن يحول دون عروض "اشترِ واحدة واحصل على الثانية مجاناً" في محلات السوبرماركت. كانت حجة رئيس الوزراء ريشي سوناك أنه لم يكن يريد أن يزيد التسوق صعوبة عندما كانت أسعار المواد الغذائية مرتفعة أصلاً، ولكن تكشف الأدلة الحكومية الخاصة أن هذه العروض تجعل الناس ينفقون أكثر وليس أقل. (القصور) في السياسة يزيد شراء الطعام الصحي صعوبة وليس سهولة. وجهت سلسلتا متاجر "سينسيبرز"Sainsbury’s  و"تيسكو" Tesco انتقادات شديدة لهذه الخطوة، علماً أنهما ستمضيان قدماً في الحظر على رغم تردد الحكومة.

يتمثل أحد الحلول الأخرى السريعة التنفيذ التي ترمي إلى توفير التغذية المطلوبة للأطفال في تقديم وجبات مدرسية مجانية. تحسن الأخيرة جودة النظام الغذائي والأمن الغذائي وتحفز على التحصيل العلمي. في الحقيقة، خطا رئيس بلدية لندن صادق خان خطوة بارزة إذ طرح هذا المخطط في العاصمة، بداية من سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، وتتطلع السلطات المحلية الأخرى إلى أن تحذو حذوه، ولكن لا بد من أن تشمل هذه السياسة إنجلترا برمتها.

واصل حزب المحافظين تجاهل الأدلة وإهمالها، وفي الأسبوع الماضي قال النائب في البرلمان ورئيس حزب العمال البريطاني كير ستارمر إنه على رغم أن الحزب يشهد "نقاشاً مفيداً" حول تقديم الوجبات المجانية في المدارس، غير أنه يرفض الالتزام بتنفيذ هذا البرنامج. ولكن لما كان الأطفال يستهلكون ما بين 30 و50 في المئة من سعراتهم الحرارية اليومية خلال اليوم الدراسي، بين أيدينا هنا فرصة لإحداث تغيير واضح في طعام أطفالنا. إنها فرصة كبيرة والأجدر بنا عدم تفويتها.

لم يعد في وسعنا أن نتجاهل المشكلة أكثر. التأثيرات السلبية غير المباشرة على "هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، وعلى صحة أطفالنا، وعلى الفرص المتاحة أمامهم في الحياة، تبدو مهولة فعلاً. علينا أن نصب تركيزنا على تغيير البيئة التي يعيش فيها أطفالنا. كذلك علينا أن نضع حداً لإعلانات الوجبات السريعة، فيما نسعى إلى أن يكون هدف الغذاء الصحي أكثر واقعية بالنسبة إلى الجميع، خصوصاً الفئات الفقيرة.

يتعين على الحكومة أن تكون قوة دافعة إلى التغيير. أريد عالماً لأولادي حيث لا تدندن ابنتي الكبرى أغنية "جاست إيت" Just Eat، بينما تتوسل إلي للحصول على لوح من الشوكولاتة المقلية الجديدة رأت إعلاناً عنه يعلو لوحة الإعلانات قرب مدرستها. أريد عالماً لا تكون فيه عناوين الأخبار عن الكساح وداء الإسقربوط لدى الأطفال الأمر الطبيعي السائد، وحيث يحظى الأطفال بالغذاء الكافي ويتمتعون بصحة جيدة، وليسوا جوعى ومرضى.

داينا براكلي كبيرة مستشاري السياسات الغذائية لدى Bremner & Co، مؤسسة معنية بتحسين صحة الطفل وتغذيته. تتولى داينا الإشراف على مراجعة عن التغذية في سنوات الطفل الأولى في المملكة المتحدة. كذلك تتابع دراستها كطالبة ماجستير في "مركز السياسة الغذائية".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من صحة