Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الاحتكام إلى تويتر" لمحاكمة الضالعين في فضيحة "بي بي سي" جائر

ما يحصل لا يشبه كثيراً مساراً قانونياً ويبدو الأمر وكأنه نسخة رقمية حديثة من عملية إعدام بلا محاكمة يمكن أن تطاول أي شخص مشهور

لا تستطيع شبكة "بي بي سي" أن تتولى التحقيق بفعالية في الحياة الخاصة لموظفيها لأنها لا تملك الصلاحيات ولا الخبرة للقيام بذلك (رويترز)

ملخص

يرى شون أوغرايدي أن "بي بي سي" وجدت نفسها في موقف صعب بانغماسها في قضية فضيحة مقدم البرامج المزعومة بشكل تجاوزت فيها حدودها خلال محاولتها أن تكون ذراعاً لنظام العدالة الجنائية

لا يتطلب الأمر كثيراً من الوقت خلال تصفح وسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة من هو "المقدم" على شاشة "بي بي سي"، غير المعني بالأخبار التي تتداول أخيراً.

إنه ليس غاري لينيكر أو رايلان كلارك أو جيريمي فاين أو نيكي كامبل، وليس أياً من الأفراد الآخرين الذين شعروا بأنهم مضطرون إلى إصدار نفي بعدم تورطهم في الفضيحة [سرت مزاعم أن مقدم برامج على شاشة المؤسسة دفع لقاصر مالاً لقاء تزويده بصور جنسية فاضحة].

جميع هؤلاء الأفراد تعرضوا تقريباً للابتزاز من جانب مجموعة محللي البيانات والمحققين على منصة "تويتر" الذين وصفوهم بـ"مغتصبي الأطفال" nonce، من خلال تكهنات خبيثة جمعت باستخدام وسوم تصنيف "هاشتاغات" محددة، وبدا أننا بين ليلة وضحاها اكتسبنا جميعاً مهارات الطب الشرعي الرقمي الرائعة لكولين روني [زوجة لاعب كرة القدم واين روني التي اتهمت علناً ريبيكا فاردي بتسريب معلوماتها الشخصية إلى الصحافة باستخدام تقنيات التحقيق على وسائل التواصل الاجتماعي].

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع اضطرار مزيد من الشخصيات البارزة نتيجة الإذلال الاجتماعي الجماعي إلى إعلان أنها ليست هي المقصودة، تنتقل المزاعم السامة إلى أسماء أخرى، وفي نهاية المطاف ومن خلال عملية الاستبعاد سيحدد اسم الشخص المعني، فهل يمكننا الشك في ذلك؟

لقد سمعت أن لدى المحامين مفهوم جديد هو "تويبال" Twibel [مزيج من كلمتي "تويتر" Twitter و"تشهير" libel يشير إلى معالجة قضايا التشهير أو الاتهامات الكاذبة على "تويتر" أو منصات التواصل الاجتماعي الأخرى]، لكن ليست هناك في الواقع مؤشرات كثيرة على أنه يردع سيل الاتهامات.

هذا لا يشبه مساراً قانونياً عادلاً، ناهيك بالمبادئ الأساس للعدالة الطبيعية، بغض النظر لمصلحة من كانت، ويبدو الأمر وكأنه نسخة رقمية معاصرة من عملية إعدام بلا محاكمة يمكن أن تطاول أي شخصية مشهورة. 

أثناء كتابتي هذه المقالة كنت على دراية تامة بالقوانين المتعلقة بالتشهير، وأعرف أنني أفتقر إلى المعلومات والحقائق الكاملة، وأعي تماماً أن من الخطأ أخلاقياً تشويه سمعة شخص ما من خلال تكهنات لامبالية، لذا فنحن في وسائل الإعلام الرئيسة لا نربط الأسماء بالشائعات من هذا القبيل، لأنه يمكن أن تكون لها عواقب قانونية وأخلاقية وخيمة ترتد على جميع الأطراف.

رأينا ما حدث لضحايا قضية كارل بيتش "نيك" الذي اختلق مزاعم مفصلة وكاذبة عن إساءة معاملة شخصيات بارزة لأطفال وقتلهم، وتابعنا جميع تلك الشخصيات تدمر سمعتها وحياتها قبل أن تظهر الحقيقة في النهاية، ولم يرغب أحد في تكرار ما حصل مما حدا بالشرطة إلى إصلاح إجراءاتها بناء على ذلك.

وأيضاً قضية كليف ريتشارد حين انتهكت خصوصيته من خلال قيام "بي بي سي" بتصويره عندما وصلت الشرطة لتفتيش منزله عام 2014، فقد أدت بحق إلى نهج أكثر حذراً في شأن كشف هوية الأشخاص أمام الرأي العام.

لكن من الواضح أن الحذر نفسه لا ينطبق على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد تحولت قنوات مثل "تويتر" إلى محركات هائلة لنشر الظلم، وفي يوم من الأيام قد تظهر منصة تواصل اجتماعي مثيرة للاهتمام ومسؤولة، لكن لا يوجد ما يشير إلى أن إيلون ماسك سيكون هو الذي يقدمها للناس، وقد وقعت أخيراً على اقتراحه إجراء مقارنة عامة لحجم أعضائهما الذكرية هو ومارك زوكربيرغ [مؤسس "فيسبوك"]، لإثبات نقطة ما أو غيرها.

وإذا ما عدنا خطوة إلى الوراء فيبدو كل شيء خاطئاً بشكل مروع، ليس فقط لأننا استبدلنا "المحاكمة من خلال وسائل الإعلام" بـ "المحاكمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، وهنا اسمحوا لي بأن أقول ما كان يجب أن يحدث، فقبل أعوام كنت أعمل في "بي بي سي" في إعداد أحد البرامج، وفي كثير من الأحيان كنا نتلقى رسائل (إذا كنتم تتذكرون مثل هذه الأشياء) من مجهولين، عادة ما توجه ادعاءات خطرة إلى حد ما وغريبة في كثير من الأحيان، ضد أفراد يعملون على الشاشة.

عندما كنا نتلقى مثل هذه الرسائل لم نكن نقوم باتخاذ سوى القليل من الإجراءات، حتى لو جرى التعرف على الأفراد الذين وجهوا مثل تلك الاتهامات إذا لم تكن هناك طريقة للاتصال بهم، وإذا ما اتصلوا هم وكانوا مصرين على اتهامهم كنا نطلب منهم اللجوء إلى الشرطة أو الاستعانة بمستشار قانوني، وكان المبدأ التوجيهي هو "عدم التدخل"، وهذا ما ينبغي تطبيقه في هذه الحال.

وعندما يظهر ادعاء جاد ومثبت لحد ما في شأن أي موظف في أي منظمة، لا تكون له علاقة بسلوكه في العمل، فيجب توجيه المتهمين والادعاءات إلى أقرب قوة شرطة، والتوصية بالتماس المشورة القانونية، ويمكن لشبكة "بي بي سي" أن تقوم بأمور كثيرة لكنها لا تستطيع أن تتولى هي التحقيق بفعالية في الحياة الخاصة لموظفيها، لأنها لا تملك الصلاحيات ولا الخبرة للقيام بذلك.

وإذا كانت "بي بي سي" من الحماقة بمكان لتولي هذه المهمة، كما حدث في ما يبدو، فعندئذ لا يمكن أن تقوم بذلك على الوجه الصحيح، وهي تخاطر بارتكاب أخطاء يمكن استغلالها لدعم سرديات مناهضة لها، ويتعين على "بي بي سي" أن تتجنب الخوض في مثل هذه المواقف.

يمكن لإدارة القناة الاستماع إلى أسرة الشخص المتورط في قضية المقدم التلفزيوني وقراءة ما تنقله صحيفة "ذي صن" والاستماع إلى ما يقوله الموظفون، لكن لا يمكنها توضيح الحقيقة بشكل صحيح أو تحقيق العدالة.

إن هذا الأمر متروك للقانون، وكل ما تستطيع المؤسسة القيام به في الواقع هو طرد الموظف أو تعليقه عن العمل، ولا يمكنها إيقاف أي فرد عن عمله لمجرد إطلاق ادعاء كاذب ضده أو تعرضه لكيد شخصي.

ومن أجل تبرير فصل فرد ما أو تعليقه عن العمل فسيكون من الضروري بالنسبة إلى "بي بي سي" أن تكون مقتنعة بذنبه في خرق عقد العمل والمبادئ التوجيهية المؤسسية، أو ارتكاب جريمة جنائية خطرة، وحتى في مثل هذه الظروف سيظل لدى الشخص خيار اللجوء إلى محكمة، ومع ذلك فمن المحتمل أن الخطأ الذي حدث في المؤسسة في قضية المقدم الغامض، هو أنها ربما أخفقت في إبلاغ الأسرة على الفور بوجوب التوجه إلى الشرطة وطلب تمثيل قانوني.

إن قضية جيمي سافيل التي كان لها تأثير كبير في "بي بي سي" [فضيحة برزت في المملكة المتحدة عام 2012 وطاولت البريطاني المذيع الشهير السير جيمي سافيل بعد عام من وفاته، فقد اتهمه وثائقي أعدته محطة "آي تي في" بالاعتداء على أطفال وبالغين] تنطوي على دروس قيمة، فبعض الجرائم المنسوبة إلى سافيل، إن لم تكن كلها، مرتبطة بالفعل بعمله في هيئة "بي بي سي"، وكان كثير منها مبنياً على شهرته المستمدة من ظهوره على شاشة تلفزيون المؤسسة وتقديمه برامج على إذاعتها، كما برزت ادعاءات ذات صدقية ضده، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

وعلى ما أذكر فقد حامت شائعات غامضة حوله قبل وفاته بوقت طويل قبل أن يلحق العار به بعد وفاته، وكان على "بي بي سي" أن تفعل الكثير في ذلك الوقت في شأن سافيل، لكن في نهاية المطاف ونظراً إلى الحجم الهائل من الفساد الذي طبع سلوكه، فإن الشرطة فقط هي التي كان يمكن أن تردعه، وقد أخفقت هي الأخرى. كان يجب أن ينتهي به الأمر في السجن لفترة طويلة وليس فقط طرده من برنامجه "جيم ويل فيكس إت" Jim’ll Fix It.

أياً كان ما فعله المقدم التلفزيوني الغامض الذي يدور الحديث عنه ومهما كانت الظروف، فلا أستطيع أن أرى في الوقت الراهن سبباً لتدخل "بي بي سي" أو تورطها في القضية، وهي بالتأكيد مسألة تخص الشرطة، وإذا كانت هناك عدالة للضحية المزعومة فالأمر يتعلق بما هو أكثر من كون هذا المقدم على الهواء.

يبدو أن "بي بي سي" وجدت نفسها في موقف صعب بانغماسها في قضية تجاوزت فيها حدودها خلال محاولتها أن تكون ذراعاً أو امتداداً لنظام العدالة الجنائية، في وقت كان يتعين عليها أن تقوم فقط بتوجيه الأسرة نحو الاتصال بالشرطة ثم تضع حداً لدورها في انتظار إجراء تحقيق مستقل مناسب، ويجب على بقيتنا في المقابل الامتناع من وضع افتراضات لا أساس لها.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء