Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اتفاق تركي - أميركي غامض بشأن شرق الفرات يريح الأكراد

أربعة مواضيع خلافية أطالت مدة الحوار بين الأميركيين والأتراك

رأى  مصدر في وزارة الخارجية السورية الخميس، أن الاتفاق الأميركي - التركي حول المنطقة الآمنة شمال شرقي سوريا، يشكّل "اعتداءً فاضحاً على سيادة الأراضي السورية ووحدتها، وانتهاك سافر لمبادئ القانون الدولي"، وفق ما ذكرت وكالة سانا السورية الرسمية للأنباء.
ولم تظهر أي تفاصيل عن الاتفاق الذي أعلنت كل من السفارة الأميركية في أنقرة ووزارة الخارجية التركية أن الولايات المتحدة وتركيا توصلتا إليه بشأن المنطقة الآمنة، في منطقة شرق الفرات. وورد في البيان المقتضب الصادر عن الجانبين أن "الطرفين اتفقا على تطبيق أولى الإجراءات الهادفة إلى تبديد المخاوف التركية من دون تأخير... واتُفق في هذا الإطار على إنشاء مركز عمليات مشترك في تركيا، وبالسرعة القصوى، لتنسيق وإدارة تطبيق منطقة آمنة بالاشتراك مع الولايات المتحدة".
وصدر البيان المقتضب بعد اجتماعات مطولة عقدها وفد عسكري أميركي مع نظيره التركي خلال الأيام الثلاثة الماضية (5-7/08/2019) في مبنى وزارة الدفاع التركية في العاصمة أنقرة، بعدما كانت جولات التفاوض بين المبعوث الأميركي لسوريا جيمس جيفري مع وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو، أواخر يوليو (تموز) المنصرم، أعلنت فشلها في التوصل إلى أي اتفاق بشأن المنطقة الآمنة في شرق الفرات، وبدأت مُنذ ذلك الوقت التهديدات التُركية باجتياح تلك المنطقة عسكرياً.
 

أربعة قضايا خلافية
 

أربع قضايا خلافية بين الجانبين الأميركي والتركي، ظلت محل خلاف طوال الأشهر الستة الماضية، مُنذ الإعلان الرسمي عن القضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي، واستقرار منطقة شرق الفُرات كمنطقة خاضعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تُشكل "وحدات حماية الشعب" الكردية عمودها الرئيسي. ولا تزال المؤشرات غامضة بشأن ما تم التوصل إليه بين الطرفين في ما يخصها، إذ كانت الولايات المتحدة تطرح على الطرف التركي، منطقة عازلة بعرض خمسة كيلومترات، تمتد لحوالى 400 كيلومتر تقريباً على طول المنطقة الحدودية بين تركيا ومنطقة شرق الفرات. وتكون هذه المنطقة العازلة بمثابة عامل مطمئن للطرف التركي بأنه لن يتعرض لأي إطلاق نار من الجانب السوري من الحدود، على أن تكون تلك المنطقة خالية تماماً إلا من قوات الأمن المحلي، غير المزودة إلا ببعض الأسلحة الفردية لضبط الأمن "الجنائي".
وكانت تركيا تطالب بمنطقة آمنة على كامل حدودها مع شرق الفرات، لكن بعرض يتراوح بين 30 و40 كيلومتراً، وبشرط خروج كل عناصر "وحدات حماية الشعب" و"قوات سوريا الديمقراطية" منها، وأن يُعاد تأسيس الأجهزة الأمنية والعسكرية فيها، الأمر الذي كانت الولايات المُتحدة تستصعب إقناع الطرف الكُردي به، لأن أي منطقة بعرض أكثر من 5 كيلومترات، ستعني ضم المناطق ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا، بالذات في البلدات الحدودية المُمتدة بين منطقتي ديريك (المالكية) وكوباني (عين العرب).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المسألة الخلافة الأخرى تتعلق بالأسلحة التي يُمكن الحفاظ عليها جنوب ذلك الخط المرسوم، فتركيا ظلت تُطالب بسحب كل الأسلحة التي يزيد مداها على خمسة كيلومترات، بينما كانت الولايات المتحدة تطرح سحب الأسلحة التي يتجاوز مداها الـ 20 كيلومتراً.
أما الخلاف الأشد فكان يتعلق بالطرف الذي سيُدير الملف الأمني في تلك المنطقة الآمنة، إذ أصرت أنقرة على أن تكون الإدارة الأمنية في تلك المنطقة منوطة بالجيش والأجهزة الأمنية التركية بالمطلق، بينما كانت واشنطن تطرح إدارة أمنية مشتركة لتلك المنطقة، بحيث تشترك قوى دولية، تحديداً أوروبية، إلى جانب تركيا والولايات المتحدة لإدارتها أمنياً.
أخيراً، شكلت الخطوات اللاحقة لإنشاء الممر الآمن موضوع خلاف أيضاً. فالولايات المُتحدة كانت تطالب تركيا بالإيجابية والاعتراف بالحالة الحاصلة في شرق الفرات، إن من خلال فتح شرايين التواصل الإنساني والتجاري مع منطقة شرق الفرات، أو من خلال تخفيف الضغوط بشأن دخول الإدارة الذاتية الكردية أو قوات سوريا الديمقراطية في جولات التفاوض السورية. بينما كانت تركيا كانت تسعى إلى إبقاء الاتفاق ضمن حيزه العسكري والأمني فحسب.

 

 

ارتياح كردي

 

 
مصدر خاص قريب من الإدارة الذاتية الكردية، أبدى في تصريح خاص لـ "اندبندنت عربية" ارتياح الجانب الكردي للاتفاق الأميركي- التركي، على الرغم من الغموض الذي يلف تفاصيله. إذ أكد هذا المصدر بأن ما جرى إنما أبعد أولاً شبح الحرب الشاملة التي كان يمكن أن تخوضها تركيا ضد المنطقة الكردية، مثلما حدث في منطقة عفرين من قبل. كما أشار إلى أن هذا التوافق إنما هو خطوة أولى لانتزاع الاعتراف التركي بالحالة الكردية في الشمال السوري.
المصدر الذي أكد بأن "قوات سوريا الديمقراطية" كانت على تواصل مع الجانب الأميركي أثناء جولات التفاوض كلها، أضاف لـ "اندبندنت عربية" أن المسعى الأميركي كان أساساً لـ"حفظ ماء الوجه" بالنسبة إلى تركيا، من دون تنفيذ أي إجراءات مطابقة للمطالب التركية على أرض الواقع. وأشارت تطمينات أميركية إلى أن ما تم التوافق عليه مع الأتراك ليس بعيداً عما كانت ناقشته مع الطرف الكردي قبل بدء المفاوضات.
وأكد المصدر الكردي أن تركيا تتعرض لضغط مزدوج، أميركي- روسي، في الآن عينه، فالفشل التركي في التوصل إلى اتفاق متين مع روسيا بشأن منطقة إدلب، دفع أنقرة إلى خفض سقف مطالبها في منطقة شرق الفرات، وإن بقيت محافظة على الخطابية القومية العالية، وذلك للاستخدام الداخلي.

 

في انتظار ثلاثة مؤشرات

من جهة ثانية، أجمع مراقبون أكراد وأتراك على أن تفاصيل الاتفاق الذي تم الأربعاء ستظهر من خلال ثلاثة مؤشرات في الأسابيع المقبلة. فإذا استمرت القيادات السياسية والعسكرية التركية بالتهديد بعملية عسكرية شاملة في منطقة شرق الفرات، فإن ذلك سيعني أن ما تم التوصل إليه بين الطرفين "هشّ"، وأن تركيا ستواصل ضغوطها من طرف واحد، ولن تثق مرة أخرى بالوعود الأميركية.
كذلك أشار مراقبون إلى الخطوات العملية التي سيتخذها الطرفان خلال الأسابيع المقبلة، وتحديداً في ما يتعلق بالمهمات التي ستُعهَد إلى مركز المراقبة والسيطرة المشترك الذي اتفق عليه الجانبان، إضافة إلى الترجمة الواقعية لما اعتبراه تحويل منطقة شرق إلى "ممرات آمنة تسمح بعودة النازحين السوريين إلى مناطقهم". فهل سيعني ذلك القبول بترحيل تركيا مئات الآلاف من السوريين النازحين إليها في اتجاه هذه المنطقة وإيوائهم بها؟ أم ستعني إعادة اللاجئين والنازحين السوريين من أبناء منطقة شرق الفرات فحسب؟
أخيراً، أكد المراقبون أهمية رد الفعل الذي سيصدر عن كل من روسيا والنظام السوري، فهذا الاتفاق يمنح حماية وشرعية للإدارة الذاتية الكردية. حيث كان الطرفان الروسي والنظام السوري يعولان على ضغوط تركية شديدة على تلك المنطقة، لإرغام الإدارة الذاتية الكردية بالقبول بعودة سلطة النظام إلى منطقة شرق الفرات.
اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط