ملخص
يستهلكه التونسيون بشغف شديد في مختلف أنواع السلطات، ويعتبر مادة أساسية في المطاعم، وتختلف جودته من نوع لآخر، إنها قصة شغف تونسي بالتن، فما القصة؟
للتونسي علاقة عشق أبدي بالتن (سمك التونة)، يستهلكه في مختلف أنواع السلطات، خصوصاً "السلطة المشوية" التي تشتهر بها تونس، إذ يضفي عليها نكهة مميزة، كما يتناوله مع المقرونة (المعكرونة) وفي "السندويتشات" و"البيتزا".
بمرور السنوات بات التن أساس "الصحن التونسي"، ويتضاعف استهلاك البلاد منه في شهر رمضان، فيوضع في "البريك" الذي لا يغيب عن المائدة اليومية، ويضاف إلى "الطاجين"، ويستهلك إلى جانب مشتقات الحليب من زبدة أو "ريقوتة" أو جبن بأنواعه إلى جانب الهريسة.
مع التهاب أسعار المواد الغذائية في تونس، ومنها التن المعلب، لم تتراجع وتيرة استهلاك التونسيين لهذه الوجبة، بل اكتسحت السوق أنواع جديدة من التن المستورد، وإن بقيت جودة المحلي الممزوج بالزيت النباتي أو بزيت الزيتون الأفضل بلا منازع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
علاقة التونسيين بالتن تختزل الصلة الرمزية لهم بالبحر، فقد تغيب وجبات السمك عن المائدة التونسية لأسابيع بحكم الظروف الاقتصادية الصعبة، إلا أن "حكة التن" لا تغيب عن المطبخ، كما تعده بعض العائلات محلياً ويحفظ في علب من البلور ويخلط بزيت الزيتون.
المحلي أعلى جودة
في العاصمة والأحياء المجاورة أنى تنتشر محلات الأكلات السريعة، للتن مكان مميز في واجهة المطعم، فتجده مرصفاً في العلب (سعة 2 كلغ) ذات اللونين الأزرق والأخضر.
تقول صاحبة مطعم صغير في العاصمة تونس تدعى فضيلة العبيدي إنها تبيع "سندويتشات" و"بيتزا" "التن" يومياً "فتشتري كميات كبيرة من المزودين شهرياً بأسعار تعتبر تفاضلية مقارنة بأسعار السوق".
وتقدر العبيدي "كمية استهلاكها للتن شهرياً بين 30 و45 كلغ أي ما يعادل كيلوغرام أو أكثر في اليوم تتوزع بين البيتزا والسندويتشات بالتن".
وحول جودة ومذاق التن المستورد والمحلي، تفضل محلي الصنع لجودته وإقبال التونسيين على استهلاكه، عكس المستورد والذي تتخوف من تركيبته وطريقة إعداده.
سر الزيتون
يكتفي بعض التونسيين بقليل من الهريسة والتن وزيت الزيتون ليكون طبقاً يسد الرمق. رمزي الفضلاوي أخذ وزوجته وابنته ليتجولوا بين أروقة المساحة التجارية في الحي الجديد متفحصين علب التن والمقارنة بين أسعارها والتمعن في مكوناتها ومصدرها.
يقول رمزي إنه يبحث عن ماركة محددة لذيذة ونكهتها رائعة، ومحفوظة بزيت الزيتون وليس النباتي، مضيفاً أنه "يستهلك ما بين ثلاث أو أربع علب ذات الـ500 غرام (نصف كلغ) شهرياً".
فوائد غذائية كبرى
التن من الأطعمة الغنية بدهون أوميغا-3 الصحية، والتي تساعد على تخفيض مستوى الدهون الضارة في الدم وتمنع ترسبها في الشرايين، لذلك فهو يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
هنا تنصح الطبيبة التونسية المتخصصة في التغذية، هنده الجموسي، باستهلاك مختلف أنواع الأسماك بمعدل مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع، لأهميتها في التوازن الغذائي، مضيفة "عند اتباع نظام غذائي لخسارة الوزن، يعتبر التن خياراً مناسباً لاحتوائه على كمية مهمة من البروتين الذي يعزز الشعور بالشبع، علاوة على سعرات حرارية قليلة".
يتوفر التن على فيتامينات "د" و"ب 6"، إلى جانب "أوميغا 3"، كما يساعد على تزويد الجسم بالمعادن والمواد الضرورية، لتجنب الإصابة بـ"الأنيميا".
حصة التن الأحمر
توجد في تونس 20 وحدة صناعية لتصبير السردينة والتن، منها 12 وحدة بطاقة تحويل تناهز 195 طناً في اليوم، لكن التن المعلب كله تقريباً يأتي من التوريد، بينما توجه حصة تونس من التن الأحمر كاملة والبالغة ثلاثة آلاف طن إلى التصدير بالاتفاق مع "المنظمة العالمية لصون التنيات" التي تهتم بالتصرف في مخزونات التن الأحمر في المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط وبإقرار التوصيات الهادفة إلى المحافظة عليها وبتحديد حصص كل الدول المتعاقدة.
وفي حال تجاوزت هذه الحصة تتعرض تونس بصفة آلية لعقوبات قد تصل إلى الحرمان من تصدير المنتجات البحرية. وهنا يقول نائب رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري صالح هديدر في حديث إلى "اندبندنت عربية"، إنه "يوجد 54 مركب صيد مرخصاً له في صيد التن الأحمر إلى جانب عدد من المراكب الصغيرة".
ووصف نائب رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري ثروة البلاد من التن الأحمر بالهائلة ولها مردودية عالية، مقترحاً توسيع دائرة الانتفاع بهذه الثروة لتشمل صيادين جدداً على كامل الشريط الساحلي. ودعا إلى تشجيع الصيد العرضي من خلال نسبة قانونية معينة من أجل تغطية الاستهلاك الداخلي.
يذكر أن صيد التن الأحمر يبدأ من 25 مايو (أيار) إلى أواخر يونيو (حزيران)، ويصل وزن سمكة التن الواحدة إلى 300 كلغ. وصدرت تونس عام 2022 ما قيمته 860 مليون دينار (285 مليون دولار) من الأسماك بمختلف أنواعها.
ويتمسك نائب رئيس اتحاد الفلاحة بأهمية تغيير السياسات العمومية في صيد التن الأحمر من خلال التشجيع على الصيد العرضي، لتغطية الاستهلاك المحلي والتخلي عن توريد التن من الخارج ليتم تعليبه في الوحدات الصناعية المتخصصة من أجل توفير العملة الصعبة وتوفير تن معلب ذي جودة عالية للتونسيين.