Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يضلّل مسوقو منتجات "كانابيدول" الناس بآمال زائفة في سياق سعيهم لقوننة القنب الهندي؟

ليست صناعة المستحضرات الطبية وحدها مسؤولة عن نشر أمل زائف بالقنّب الهندي العلاجي، فالحكومة ربما وجهت أيضاً من دون قصد رسائل عن فوائده الصحية

تقليم نبتة الماريغوانا استعدادا لزراعتها (أ.ف.ب)

أصبحت منتجات الـ "كانابيدول" منتشرة على نطاق واسع، فهي تظهر في منتجات التجميل و المشروبات وغيرها. وكما حصل خلال سباق البحث عن الذهب، نحن الآن مصابون بحمى القنب الهندي (الحشيش) إذ من المتوقع أن تصل قيمة سوقه خلال العقد المقبل إلى16 مليار جنيه استرليني

هكذا دافع هذا الاسبوع الوزير السابق والنائب العمالي ديفيد لامي عن القنب الهندي انطلاقاً من اقتناعه بأنه حالما بات متوفراً بشكل مشروع لأسباب علاجية سيتبع ذلك السماح بتعاطي هذا المركب لأغراض ترفيهية، وهو أمر ينبغي أن يحصل في رايه.

لكن، هل نتجاهل هنا قضايا أساسية في هذه الصناعة؟ فلن يصل العديد من الأدوية والمستحضرات الطبية إلى السوق من دون استثمار تجاري وخبرة كافية. وأخشى أننا في إطار السعي إلى عدم تجريمه، لم نتعلم أي شيء من الطرق التي اتبعتها صناعات مشابهة، كالتبغ والكحول مثلاً، عبر تاريخها. فالكثير من هذه الصناعات قدم مزاعم زائفة حول منتوجاتها أو ربط بينها وبين ألعاب رياضية بارزة كطريقة لتحسين صورتها وزيادة مبيعاتها. وأثبتت كذلك أنها ماهرة في التأثير على السياسات ذات العلاقة بما يحقق مصلحتها ويخفّف القيود المفروضة على منتجاتها، وأيضاً في الضغط من أجل تخفيض الضرائب المفروضة عليها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غير أن هناك أمورا خطيرة أخرى على علاقة بالأمر عدا عن سياسات الشركات و ممارسة الضغط وتخفيض الضرائب. في الفترة الأخيرة بدأت "وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" تعرض عضلاتها، فأصدرت تحذيرا لشركة "همبْوركس" المتخصصة بإنتاج كانابيدول والقنب، حول الخصائص الطبية التي ادعتها لمنتجاتها، خصوصا تأكيدها على أنها قد تساعد في علاج أمراض مستعصية عديدة بما فيها السرطان.

وهذه الشركة ليست الوحيدة التي تتصيد أولئك الذين يمرون في لحظات حرجة من حياتهم. وتذهب المجازفة إلى أبعد من ضخ الآمال الزائفة التي تعتبر بحد ذاتها سيئة بما فيه الكفاية، إذ يمكن أن يصل تأثيرها على الفرد  إلى حد جعله يتخلى عن الدواء التقليدي كي يستعمل إحدى منتجات كانابيدول التي لم تخضع للتجربة بصورة كافية ، ومن شأن قرار كهذا قائم على مزاعم لا أخلاقية، أن يعرّض حياته  لخطر حقيقي.

من هنا، ينبغي بالقطاع المعني بانتاج مستحضرات كانابيدول أن يتوخى الحذر عند تسويق منتجاته ذات العلاقة بالصحة. وإذا تجاوزت أي شركة الضوابط التنظيمية، بالترويج لمنتج غذائي على أساس صحي، فعند ذلك تكون التراخيص مطلوبة. وهذا سيستوجب خضوع أي من منتجات كانابيدول إلى الإجراء الطويل الأمد نفسه الذي يخضع له أي دواء جديد قبل أن يصبح متاحا للمستهلكين. وهذه العملية مكلفة، وقد تتطلب فترة تمتد من خمس إلى ثماني سنوات، بحيث تكفي لجمع المعلومات عن كفاءة هذا المنتج وآثاره السلبية المحتملة.

غير أن صناعة المستحضرات الطبية ليست هي المذنب الوحيد بنشر آمال زائفة بما يخص القنب الهندي العلاجي، فالحكومة البريطانية ربما تكون قد فعلت الشيء نفسه، من دون قصد، من حيث الطريقة التي أدارت وفقها إجراءات الحصول على القنب العلاجي بطريقة مشروعة.

فالحصول المشروع عليه أصبح ممكنا منذ السنة الماضية، بيد أن عدد الوصفات الطبية التي كتبها الأطباء لمرضاهم  بهذا العقار قليلة جدا وأغلبها  صدر عن عيادات خاصة. هكذا تمخضت هذه الخطوة عن نظام مزدوج، إذ أن أولئك المقتدرين ماليا يستطيعون الحصول على وصفات بهذا العقار في حين أن الآخرين الذين لايملكون المال الكافي ظلوا على نفس الحال الذي كانوا عليه قبل صدور التشريع المقونن للقنب العلاجي. كما أن تضارب المصالح لدى بعض المسؤولين الكبار بما يتعلق بمنتجات القنب الهندي، لم يساعد في التخفيف من التمييز بين المقتدرين وغير المقتدرين ماليا. ففيكتوريا أتكينز، وزيرة الدولة المسؤولة عن السياسة المتعلقة بالأدوية، ، انسحبت من نقاش حول قوننة القنب بعد ما اتضح أن زوجها يعمل مديرا إداريا لشركة "بريتيش شُغَر" (السكر البريطاني)، التي تمنح التراخيص لزراعة القنب الهندي.

بيد أن قضايا السياسة المتعلقة بالأدوية تتجاوز تضارب مصالح الوزراء وممارسات الضغوط التجارية. فما هو مقلق بشكل خاص يكمن في الطبيعة الغامضة لهذه العلاقات، وبالتالي، عدم قدرتنا على معرفة مدى النفوذ الذي تتمتع به. فصناعة الكحول أظهرت كيف أنها تستطيع التلاعب بالأدلة التي تُظهرها البحوث، وذلك بالتقليل من مخاطر الإصابة بالسرطان بسبب تناول الكحول. والواقع أن الصلة بين المرض الخبيث والكحول لاتزال مجهولة لدى الكثيرين.

في سياق متصل، تُعتبر صناعة المستحضرات الصيدلية اللاعب الآخر المساهم في صياغة السياسة المتعلقة بالأدوية والحصول على منتجات القنب. ومرة أخرى، ليس واضحا دائما مدى تدخل هذه الصناعة في الأمر. فالبعض يشير إلى أنها حاولت تقييد الحصول على المنتجات التي يدخل القنب في تركيبها، وذلك بهدف رفع مستوى مبيعات أدويتها التقليدية. في غضون ذلك، يلفت آخرون إلى أنها أنها تحاول احتكار سوق القنب الناشئة.

ربما ليس من المفاجئ أن تكون جماعات قوية كهذه طرفاً مساهماً في صناعة القنب الهندي، لكن سيكون مدهشاً اكتشاف أن هذه الجماعات تميل إلى التعاون حين تكون هناك مصلحة مشتركة بينها. لذلك فعلينا أن نتوقع اتّباع صناعة القنب الأساليب نفسها التي اتبعتها صناعة الكحول والتبغ لسنوات: تبادل المعلومات الاستخباراتية والأسهم المشتركة بين الصناعات، وذلك من أجل تحقيق هدف مشترك هو توسيع سوقها وزيادة أرباحها أقصى ما يمكن.

لن نعرف، ربما قبل سنوات طويلة، مدى متانة علاقات العمل التي تربط بين هذه الشركات وجماعات الضغط،  لكننا نعرف الأهداف التي تعمل هذه الجهات على تحقيقها في المملكة المتحدة: قوننة استخدام القنب بشكل كامل. فالحصول على القنب العلاجي وعلى منتجات كانابيدول يُعتبر خطوة أولى في هذه العملية. وقد حان الوقت لإدراك هذه القضية على حقيقتها.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء