ملخص
مجموعة "مجاهدي خلق" تحمل الغرب مسؤولية الصعوبات التي تواجهها في أوروبا وتتهمه بالسعي إلى "استرضاء" إيران وسط محاولات إحياء الاتفاق النووي
تواجه مجموعة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة في المنفى ضغوطاً متزايدة في أوروبا، إذ إنها تراقب بقلق تكثيف الأوروبيين محادثاتهم مع طهران سعياً إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي.
ويعتبر أنصار "مجاهدي الخلق" أنها مجموعة المعارضة الوحيدة المقنعة خارج إيران، على رغم أن عدداً من الإيرانيين بمن فيهم معارضو السلطات الدينية، ينظرون إليها بعين الريبة.
وحمّلت مجموعة "مجاهدي خلق" و"المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية"، وهو ائتلاف يعد بمثابة جناحها السياسي، مسؤولية الصعوبات التي يواجهانها للغرب الذي يتهمانه بالسعي إلى "استرضاء" إيران.
أحداث متتالية
الأسبوع الماضي، حظرت السلطات الفرنسية مسيرة كبرى كانت مقررة في الأول من يوليو (تموز) المقبل دعا إليها "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" وأمل في أن يشارك فيها عشرات الآلاف.
والثلاثاء الماضي، نفذت السلطات الألبانية عملية دهم استهدفت موقعاً يقيم فيه أعضاء "مجاهدي خلق" منذ عقد في إطار اتفاق تم التوصل إليه غداة غزو العراق عام 2003.
وأعلن "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" عن مقتل أحد أعضاء "مجاهدي خلق"، وهو أمر نفته تيرانا. كما أفاد بأن الشرطة الألبانية صادرت 200 حاسوب.
وفي حادثة ما زالت ملابساتها غامضة ألقيت قنبلة في أحد مكاتب "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" على أطراف باريس في وقت سابق هذا الشهر من دون التسبب بسقوط ضحايا، بحسب الشرطة والمجموعة.
منظمة محظورة
وأكدت مريم رجوي التي تترأس "مجاهدي خلق" و"المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" في اجتماع خارج باريس أن الأحداث الأخيرة هي نتيجة لـ"سياسة استرضاء" يتبعها الغرب، مشيرة إلى أنها "تمت بطلب من النظام الإيراني".
وتحظر السلطات الإيرانية "مجاهدي خلق"، إذ تتهمها بتنفيذ سلسلة هجمات في مطلع ثمانينيات القرن الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسعت المجموعة على مدى عقود إلى إطاحة الشاه وأيدت ثورة 1979 في البداية، لكن سرعان ما اختلفت مع السلطات الجديدة وأيدت الرئيس العراقي صدام حسين في الحرب العراقية- الإيرانية، مما استدعى نقل أعضائها بعدما غزا الأميركيون العراق عام 2003.
وتفيد المجموعة بأنها ما زالت تمتلك شبكة داخل إيران وتتباهى بأنها كشفت في 2002 عن البرنامج النووي الإيراني الذي كان سرياً حينذاك، وهو ما أطلق العنان للمواجهة بين طهران والغرب.
وتحظى بتأييد شخصيات غربية عالية المستوى مثل مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون ونائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس.
تساؤلات مشروعة
لكن منتقدي "مجاهدي خلق" يرون أنها عبارة عن جماعة مغلقة لا تمثل الإيرانيين الذين خرجوا إلى الشارع في حراك احتجاجي جديد منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.
وتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هاتفياً إلى نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي في الـ 10 من يونيو (حزيران) الجاري، بينما التقى منسق الاتحاد الأوروبي للمحادثات في شأن الملف النووي إنريكي مورا بنظيره الإيراني في الدوحة الأسبوع الماضي.
في الأثناء تراقب باريس مصير أربعة مواطنين فرنسيين تحتجزهم طهران ويصفهم ناشطون حقوقيون بأنهم "رهائن".
وأطلقت إيران الشهر الماضي سراح عامل إغاثة بلجيكي مقابل دبلوماسي إيراني مدان في بلجيكا بتهمة التخطيط لمهاجمة تجمع لـ"المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" خارج باريس عام 2018.
ويقول مدير السياسات لدى مجموعة "متحدون ضد إيران نووية" التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً جيسون برودسكي إن تزامن الأحداث "يطرح تساؤلات بكل تأكيد"، وأضاف "لطالما اشتكت إيران من وجود مجاهدي خلق في البلدان الغربية، لذا لن أتفاجأ إذا أثار مسؤولوها القضية في محادثاتهم مع نظرائهم الغربيين".
ديناميكية جديدة
ولفت برودسكي إلى أن طرح وضع "مجاهدي خلق" في أوروبا للنقاش سيمثل "نقلة نوعية"، إذ إن أوروبا والولايات المتحدة عملتا على الدوام على عدم السماح بتفرع المحادثات المرتبطة بالملف النووي، وقال "هذه بالتأكيد ديناميكية يجب متابعتها".
ولم يسبق أن سارت الأمور بسلاسة بالنسبة إلى "مجاهدي خلق" في الغرب، فطردت المجموعة من فرنسا في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، بينما سعت باريس إلى تحسين العلاقات مع قادة إيران الجدد. ولم تشطب الولايات المتحدة "مجاهدي خلق" من قائمتها للمجموعات الإرهابية إلا في 2012 بعد أعوام من الضغط.
وتسري مخاوف حقيقية في أوساط المسؤولين الأوروبيين من أنه بعد مخطط 2018 الفاشل، يمكن أن تصبح مسيرات "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" نفسها هدفاً للهجمات.
وأشار قائد شرطة باريس لوران نونيه لدى إبلاغه منظمي مسيرة الأول من يوليو بالحظر إلى وجود "خطر حالي وحقيقي" من هجوم من هذا النوع، لكنه حذر أيضاً في الرسالة التي اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية، من أن "المسيرة يمكن أن تشهد توترات بين أنصار مجاهدي خلق وناشطين آخرين في المعارضة الإيرانية في ظل صراع على النفوذ منذ بدء الحركة الاحتجاجية في إيران".
واستهدفت الحكومة الإيرانية، خصوصاً في الأسابيع الأخيرة بأنشطة تبنتها "مجاهدي خلق" شملت عملية قرصنة النظام الحاسوبي التابع لإدارة رئيسي.
في الأثناء، لم تخف طهران غبطتها لازدياد الضغوط على المجموعة وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني "بسبب طبيعتها الإرهابية ستبقى مجموعة مجاهدي خلق تمثل خطراً على أمن البلدان التي تستضيفها".