Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما هي حظوظ التوصل إلى حل سلمي لأزمة السودان؟

يستبعد مراقبون حدوث لقاء بين البرهان ودقلو لإنهاء الصراع بسبب غياب الفكرة والهدف منه

فريق من منظمة أطباء بلا حدود يعمل على إسعاف الجرحى السودانيين القادمين من غرب دارفور بمستشفى أدري في تشاد (رويترز)

ملخص

لا توجد حتى الآن لدى الجهات الوسيطة أجندة واضحة للجانب السياسي، وذلك بإيجاد حل شامل ينهي القتال المستعر منذ 67 يوماً

مع دخول الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" الأسبوع الثاني من شهرها الثالث وحصدها أكثر من ثلاثة آلاف قتيل وستة آلاف جريح، فضلاً عن قرابة ثلاثة ملايين نازح داخل البلاد وخارجها، إلا أن آفاق الحل السلمي ما زالت تراوح مكانها على رغم الجهود الدولية والإقليمية المبذولة لوقفها، مما فاقم من تعقيدات الوضع، بخاصة في الجانب الإنساني بسبب تعطل معظم المرافق الخدمية من كهرباء وماء ومستشفيات في العاصمة الخرطوم التي بات سكانها يئنون من شدة المعاناة وتفاقمها يوماً بعد يوم، فما هي بحسب المراقبين حظوظ التوصل إلى حل سياسي سلمي لهذه الأزمة؟

تاريخ مشابه

يقول الكاتب السوداني، طارق الشيخ إن "هذه الحرب جاءت على خلفية الصراع السياسي بين قوى النظام القديم الطامحة للعودة إلى الحكم واختلافها مع شريك الأمس، وبالتالي فإن المشهد الدامي الذي رافق هذه الحرب هو نتاج صراع بين قوتين مسلحتين وهذا ما يثبت من جديد وفق التجربة العربية التاريخية أن العسكر متى ما دخلوا الساحة السياسية ركنوا إلى العنف وتدمير مقدرات البلاد، وهذا درس من دروس الحرب التي لن يكون فيها منتصر وفقاً لتاريخ مشابه بين الجيش والحركات المسلحة في السودان التي تنتهي باتفاق وإنهاء موقت للحرب ريثما تتجدد وفق معطيات وظروف أخرى مختلفة". وأضاف الشيخ "من الواضح أنه ليس بمقدور أي من الجيش أو الدعم السريع كسب الحرب، ولهذا فإن العودة إلى مربع السياسة هو الأقرب، لكن على حساب النظام السابق الذي من المؤكد أنه خسر المعركة السياسية التي تجري داخل هذا السجال العسكري لأسباب عدة، منها أن الفريق عبد الفتاح البرهان كرئيس لمجلس السيادة يعجز حتى اللحظة عن ممارسة أي دور له كقائد للجيش أو رئيس للدولة، مما يجعل إمكان عودته للحكم صعبة إن لم تكن مستحيلة، إذ سينشأ عن حالة التفاوض التوصل إلى خروج الطرفين المتحاربين عن المعادلة السياسية وهو الحل الواقعي والأمثل".

وأردف "هذا الواقع سيجعل الدور الإقليمي بارزاً في المرحلة المقبلة من أجل وقف الاقتتال ومن ثم تمهيد الطريق أمام حل سياسي، لكن في المقابل ستكون هناك محاولات لزرع الفوضى من قبل أنصار حزب عمر البشير وبقية أحزاب الحركة الإسلامية لوقف المسعى السلمي، لكن وقوف غالبية الشارع السوداني موقف الحياد من هذه الحرب بعدم تأييده لأي طرف منها سيحد من احتمالات اتساع دائرتها، فضلاً عن تسريع العملية السلمية بقيادة أممية إن اقتضى الأمر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


غياب الهدف

واستبعد الكاتب السوداني "حدوث لقاء بين البرهان ودقلو (حميدتي) لإنهاء الصراع، وذلك لغياب الفكرة والهدف من اللقاء، إضافة إلى أنهما عسكريان وأن القضية مدنية سياسية، ولهذا فإن طرح قوات الدعم السريع، على الأقل في منبر جدة، واضح بميلها إلى فكرة النأي بالقوتين عن المسرح السياسي وهو ما تم تضمينه كمقترح في المفاوضات الجارية بين الوفدين برعاية الجانبين السعودي والأميركي، بالتالي لا أرى جدوى من لقاء القائدين، لأنه إذا كان الأمر يتعلق بوقف القتال والحرب فإن هذه المهمة كلف بها وفدا الطرفين الموجودين في جدة وهما يقومان بذلك عملياً".

ورأى أن "المبادرات الأفريقية هي مواصلة للجهود السابقة ويسندها موقف أفريقي واضح وسابق وهو عدم الاعتراف بحكومة البرهان الإنقلابية، وهذا ما يجعلها غير مرغوب فيها عملياً من جانب قائد الجيش، وكذلك الحال بالنسبة إلى مبادرة الإيغاد التي تواجه نفس المعضلة بوجود دولة مثل كينيا لها موقف واضح ينأى عن الانقلابين في الخرطوم، وهو ما جعل الجيش السوداني يضيق ذرعاً ويرفض الوجود الكيني، بالتالي يظل منبر جدة هو الأكثر تأثيراً باعتباره يضم أعظم قوتين دولياً وإقليمياً (واشنطن والرياض)، ومن هنا فإننا نعيش مسارين يتمثلان في منبر جدة والاتحاد الأفريقي ومن المؤكد أنهما سيلتقيان في مرحلة حاسمة مقبلة يكون فيها طرح الحلول المتوافرة معاً عسكرية وسياسية".

إيقاع بطيء

من جانبه، أوضح الباحث السياسي، الجميل الفاضل، أن "المسار التفاوضي الجاري في جدة برعاية سعودية- أميركية يركز على مسألة الهدن من خلال وقف إطلاق النار الموقت وصولاً إلى وقف دائم له من دون أن يكون هناك بحث عن حلحلة للأزمة التي أدت لتفجر الحرب، فحتى الآن لا توجد لدى الجهات الميسرة أجندة واضحة للجانب السياسي، وذلك بإيجاد حل شامل ينهي هذا القتال المستعر لمدة 67 يوماً".

وتابع الفاضل "لكن في المقابل فإن الهدنتين الأخيرتين (24 و72 ساعة) اللتين تمت مراقبتهما بواسطة الأقمار الاصطناعية، هما بمثابة اختبار، بخاصة بالنسبة إلى قائد الجيش من ناحية هل يستطيع أن يتقدم خطوة نحو الأمام؟ فواضح أن هناك أطرافاً تقف خلف ستار الأزمة، حيث يوجد تداخل بين الجيش وتيارات مدنية من خلال التنسيق والمشاركة لكتائب الحركة الإسلامية في القتال الدائر في الخرطوم". وواصل "عندما تسمع لغة البرهان مع أي مسؤول خارجي تجدها قابلة لفكرة التفاوض وإيجاد حل سلمي للحرب، بينما تجد البيانات الصادرة عن وزارة الخارجية السودانية أكثر تشدداً لاستمرار الحرب، مما يعني وجود أكثر من لسان وخط سياسي، بيد أن موقف الدعم السريع في التفاوض سيكون أفضل بالنظر إلى وضعه في الميدان".
وزاد الباحث السياسي "أعتقد أن المسار السياسي لهذه الأزمة سيكون طويلاً وليس قريباً، وأن خطوات الوساطة السعودية- الأميركية ستركز في الوقت الحاضر على كفكفة الحرب ومحاصرتها خشية تمددها نظراً إلى نموذج الجنينة البشع الذي كان بمثابة إبادة جماعية، وأحياناً يمكن أن تؤدي الضغوط المتواصلة والمتعددة، فضلاً عن المخاطر الكبيرة إلى تسريع الحل، لكن في تقديري أن الايقاع الدولي في التعاطي مع هذه الأزمة من أجل حلها سلمياً، بطيء جداً".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات