Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"والفجر" الموريتانية للموسيقى... أنغام ضد الروتين

يصطدمون بالبيروقراطية وينشدون دعماً رسمياً من وزارة الثقافة

مبادرة جمعية والفجر للموسيقى نجحت في خلق جيل صاعد من صناع الموسيقى (اندبندنت عربية)

ملخص

جمعية موريتانية تتولى تدريب النشء الصاعد على تنمية مواهبهم الموسيقية بعد أن ظلت ممارسة الفنون الموسيقية حكراً في الغالب على أسر فنية تتوارث المهنة منذ قرون، لكنها تصطدم بالروتين الحكومي

من بعيد يتصاعد عزف قيثارة تعبث بأوتارها يد فنان بارع يحاكي نغمات آلته عزف آخر، فتخطف الآذان، ومن خلفها القلوب، وتقترب أكثر فإذا بخمسيني منكب على تعليم شاب حديث عهد بالفن أصول مهنة العزف التي يقبل على تعلمها عشرات الشباب الموريتاني منذ سنوات، وهذا ما تقدمه لهم فرقة "والفجر" للموسيقى في العاصمة نواكشوط.

في مطلع عام 2015 اجتمع فتية تمسكوا بفنهم فزادتهم موهبتهم في الموسيقى إصراراً على مواصلة حلم تعليم الموسيقى للنشء الصاعد في موريتانيا. لم تكن الطريق سالكة، فالنظرة التقليدية للفن في مجتمع محافظ يعتريها كثير من التحفظ، إذ إن ممارسة الفنون الموسيقية حكر في الغالب على أسر فنية تتوارث المهنة منذ قرون.

إلا أن رئيس جمعية "والفجر" للموسيقى الفنان بابيس كوني لم يكترث بتلك النظرة، فيتحدث إلى "اندبندنت عربية" قائلاً "راودتني وزملائي فكرة تأسيس جمعية غير ثقافية من أجل توصيل رسالتنا إلى الأجيال الشابة التواقة إلى تعلم الموسيقى، وهو ما تحقق لنا حين افتتحنا هذا المقر، وبدأت وفود الشباب تترى باحثة عن صقل موهبتها، وآخرون قادهم شغفهم إلى سبر أغوار الموسيقى".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويروي بابيس "منذ عام 2017 وحتى اليوم نجحنا في تخريج 62 شاباً وشابة لديهم المهارات الأساسية المحترفة في عزف آلة موسيقية واحدة في الأقل، ومنهم من يتقن عزف أكثر من آلة وترية ونفخية نحاسية وخشبية، كما أن معظمهم لديه إلمام متوسط بالآلات الموسيقية الإيقاعية".

المسؤول الإعلامي للجمعية محمد الأمين يقول بدوره "ننظم حفلات تخرج نهاية كل عام دراسي، ويقدم فيها الفنانون الشباب من خريجي الجمعية وصلات موسيقية أمام الجمهور. واليوم أصبح من نجوم الموسيقى في نواكشوط شباب تخرجوا في هذه المبادرة من أمثال صمبا جالو وعبدالعزيز صار، وكل عازفي فرقة (تيرانجا) مروا جميعاً من هنا".


موسيقى للجميع

انطلقت رؤية القائمين على جمعية "والفجر" من إشاعة ثقافة الموسيقى بين الجميع، وتوفير تعلمها لكل الراغبين، حيث يقول مسؤول الإعلام "نستهدف أبناء الضواحي الفقيرة في العاصمة الراغبين في تعلم الموسيقى، فلا معاهد بموريتانيا لتعلمها، وإن وجد خواص فهم في الغالب يقدمون هذه الخدمة بأسعار مرتفعة، ليست في متناول الشباب البسطاء".

ويضيف "نقدم دروسنا بالمجان لهؤلاء الشباب، وجلهم يقطع مسافات طويلة مشياً على الأقدام، أو على دراجاتهم الهوائية من أجل حضور الحصص".

 

 

وعلى رغم نجاحات فرقة "والفجر" الموسيقية وذيوع صيتها محلياً وإقليمياً فإن القائمين عليها ما زالوا يطالبون بإنصافهم من الجهات الرسمية، بخاصة وزارة الثقافة المعنية بمجالهم. يقول رئيس الجمعية عن هذه الجزئية "كتبنا للوزارة أكثر من مرة، ولم ننظم أي نشاط ثقافي وفني دون أن نكتب لها، نريد منها الحضور والوقوف على تجربتنا، تشجيعاً لما نقوم به، لكن لا حياة لمن ننادي".

وبقليل من الحسرة وكثير من الإيمان بالمشروع الذي توج ثمرة نضاله من أجل حقوق الموسيقيين الموريتانيين، يمضي بابيس في حديثه "نحن من يدفع حقوق إيجار المقر وكلفة الماء والكهرباء والإنترنت، حيث يقدم أعضاء الفرقة مساهمات مالية مطلع كل سنة، ونقدم دروساً تساعدنا في دفع واجباتنا المالية، حيث يقدم الأساتذة هنا دروساً للصغار في الحي الذي تقطنه أسر أوروبية مهتمة بتعليم الموسيقى لأبنائها، إلا أن المقابل الذي يدفع لنا رمزي لا يتعدى 20 دولاراً للحصة".

هنا تدخل مسؤول الإعلام في جمعية "والفجر" للموسيقى مطالباً وزارة الثقافة الموريتانية برد الاعتبار لهم وتخصيص جزء لهم من التمويل الذي تمنحه إلى الفرق الفنية الأخرى.

"جاز" في نواكشوط

نجحت مبادرة الجمعية في خلق جيل صاعد من صناع الموسيقى دخلوا المجال الفني وأصبحوا نجوماً في المهرجانات الغنائية بالعاصمة ومدن الداخل الموريتاني. وتحول مهرجان "الجاز" الذي تنظمه الجمعية موعداً فنياً مهماً على أجندة الأنشطة الفنية في نواكشوط.

وأصبح للمهرجان صيته الدولي، إذ سبق للفرقة أن مثلت موريتانيا في مهرجانات موسيقية عدة بالمغرب والجزائر والسنغال وإسبانيا وفرنسا. واستطاع القائمون عليها خلق جمهور متعطش لموسيقى "الجاز" التي يقدم مهرجانها سنوياً عدة سهرات فنية قوبلت بالتشجيع والإشادة من الجمهور.

 

 

ويقول المتخصص الفني الموريتاني إتقان محمد "لا أخلف كل عام موعد افتتاح مهرجان (الجاز) الذي تنظمه فرقة (والفجر)، ومن خلاله أتعرف على المواهب الشابة في مجال موسيقى (الجاز)".

غيم يبدد الاستمرارية

تواجه المبادرات الثقافية في موريتانيا عديداً من التحديات تتنوع بين البيروقراطية الإدارية التي تعوق ديناميكية المشاريع الثقافية، حيث يقف إصدار التراخيص وغياب الدعم حجرة عثرة أمام عديد منها.

ويطالب رئيس جمعية "والفجر" الموسيقية وزارة الثقافة الموريتانية بإعادة الاعتبار لمشروعهم، وذلك بإشراكهم في المهرجانات الممولة من القطاع الوصي على الثقافة.

ويقترح زميل بابيس في الفرقة محمد الأمين على مسؤولي وزارة الثقافة في موريتانيا أن يتم الاعتراف بدورهم كجيل مطور للموسيقى العصرية في البلاد، وأن يتوقف الإقصاء الممارس على فرقتهم، قائلاً "إن تقديم المساعدة لتجربتنا سيساعدنا على استقطاب أعداد أكثر من المهتمين من أصحاب المواهب الشابة في البلد".

وأنهى حديثه بقوله "نأمل في أن يلتفت القائمون على الثقافة إلى هذه التجربة الوحيدة التي تدرس اليوم الموسيقى في بلد لا توجد به هيئات مهتمة بهذا المجال الذي يحمي الشباب من التطرف، ويصقل مواهبهم التي تحتاج إلى الدعم".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة