Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينجح العراق في تطبيق "من أين لك هذا"؟

مطالب بسرعة تشريع القانون وتفعيله دعماً لجهود الحكومة في مكافحة الفساد

شكلت ظاهرة الغنى الفاحش والمفاجئ في المجتمع إحدى نتائج الفساد الذي استشرى (أ ف ب)

ملخص

يؤكد متخصصون في الشأن العراقي أهمية تشريع القانون خلال المرحلة الحالية للحد من ظاهرة الفساد ودعم البرنامج الذي تتبناه الحكومة العراقية في هذا الشأن

يشكل الفساد في العراق المعضلة الأكبر لدى الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 والتي باتت جهودها في هذا المجال خجولة أمام استشرائه في مؤسسات الدولة، لذا تتزايد اليوم الحاجة إلى تفعيل قانون "من أين لك هذا؟" في مجلس النواب العراقي.

ويؤكد متخصصون في الشأن العراقي أهمية تشريع القانون خلال المرحلة الحالية للحد من ظاهرة الفساد ودعم البرنامج الذي تتبناه الحكومة العراقية في هذا الشأن، مشيرين إلى أن الفساد المالي يشكل خطراً كبيراً على الاستقرار المجتمعي والسياسي في المدى البعيد، نظراً إلى ردود الفعل الشديدة التي يثيرها بين الناس.

وكانت هيئة النزاهة الاتحادية أعلنت في وقت سابق انطلاق حملتها للإبلاغ عن جريمة تضخم الأموال والكسب غير المشروع، منوهة إلى أن "حملتها هذه تقع ضمن واجباتها في منع الفساد ومكافحته واسترداد أموال الشعب المسروقة والمنهوبة من قبل الفاسدين".

إمبراطورية الفساد

وخلال أبريل (نيسان) الماضي كشفت لجنة النزاهة النيابية أن تفعيل قانون "من أين لك هذا؟" الذي ينتظر التشريع سيدعم إجراءات ملاحقة الفاسدين.

وقالت عضو "النزاهة النيابية" ضحى القصير في تصريح صحافي "لدينا في اللجنة كثير من القوانين التي طلبت من قبل هيئة النزاهة، وبينها قانون ’من أين لك هذا؟‘ والآن يتم إعدادها ودرسها لتأخذ دورها في التشريع وتساند عمل الهيئة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشارت إلى أن "تفعيل القانون سيكون الحد الفاصل في حسم موضوع مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين سواء داخل العراق أو خارجه".

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر دعا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 إلى تفعيل قانون "من أين لك هذا؟" خلال المرحلة المقبلة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، على أن يكون شاملاً الجميع بلا استثناء للحد من ظاهرة الفساد.

من جهة أخرى حذر النائب عن تحالف "قوى الدولة" علي شداد الفارس من استفحال ما سماه "إمبراطورية الفساد"، بحجة النزاهة لدى بعض الشخصيات التي تحمل تسميات رسمية.

وقال شداد في بيان له، "بتنا نلمس في الآونة الأخيرة تحركات مريبة من قبل الفاسدين الذين يستغلون بشكل أو بآخر صفاتهم الرسمية والرقابية من أجل ابتزاز بعض المسؤولين في جميع الوزارات ومساءلتهم بغية الحصول على تسهيلات غير قانونية لمشاريع اقتصادية تذهب أموالها إلى جيوب الفاسدين".

وطالب الجهات الرقابية الحكومية ومجلس النواب "بالإسراع في تطبيق قانون ’من أين لك هذا؟‘ ومساءلة جميع الذين تضخمت أموالهم منذ عام 2003 وما بعده، ومن عليه شبهات ابتزاز للمسؤولين أو فساد أفضى إلى إنشاء إمبراطورية من أموال السحت الحرام وعمليات الابتزاز الممنهجة".

مشروع القانون 

من جهته قال المتخصص القانوني علي التميمي إن هذا المشروع يجب أن يختلف عما جاء في قانون هيئة النزاهة رقم (30) لسنة 2011 من إجراءات روتينية شكلية لا تطبق على الواقع، ولا تنصب على ما في حوزة الشخص الموظف من منقولات وهدايا، بل تركز على العقارات والمنقولات الكبيرة والأرصدة".

وأوضح أن العقوبة المقترحة في مشروع القانون الجديد، وهي الحبس خمس سنوات، يجب أن تشمل عدم الكاشفين عن ذممهم المالية وفق مبدأ "المتهم مدان حتى تثبت براءته"، كما ينبغي أن تطبق ليس فقط على الدرجات الخاصة بل على جميع الموظفين، فأحياناً يكون لدى بعض الموظفين سلطة أعلى من الدرجات الخاصة.

وفي السياق قال الباحث السياسي علي البيدر إن هذا القانون قد يزج بعشرات آلاف العراقيين في السجون، خصوصاً صغار الفاسدين الذين لا تصل رواتبهم إلى 1000 دولار شهرياً، ولكنهم يمتلكون ثروات صغيرة وعقارات وبعض الأرصدة البنكية.

ورأى أن القانون الجديد سيسهم في تخويف الفاسدين أو الحد من ظاهرة الفساد في حال تطبيقه، مؤكداً في الوقت نفسه أن الأمر يحتاج إلى مؤسسات جديدة رقابية ووطنية لتطبقه، فضلاً عن توعية المجتمع به للحيلولة دون استخدامه لأغراض تتعلق بالتصفية السياسية.

الغنى المفاجئ

ويقر الباحث الاقتصادي بسام رعد بأن الفساد المالي يشكل مصدر قلق على مستقبل البلاد، ويعرّف الفساد المالي بأنه أفعال أو جرائم تشكل ممارسات فاسدة وتشترك في عنصرين عموماً، الأول أنها تنطوي على إساءة استخدام السلطة في القطاعين العام والخاص، وثانيها أن الأشخاص الذين يسيئون استخدام سلطاتهم يجنون من وراء ذلك منافع ليست من حقهم.

ويضيف رعد، "شكلت ظاهرة الغنى الفاحش والمفاجئ في المجتمع إحدى نتائج الفساد، لذلك فإن تفعيل هذا القانون لمحاسبة لصوص المال العام سيكون بداية ونهاية الفاسدين، إذ إن جرائم الفساد المالي لا تسقط بالتقادم وبالتالي يمكن محاسبة هؤلاء الفاسدين ووضع حد لجرائمهم في حق المجتمع".

ولفت إلى أن "حالات الفساد المالي تشوه استقرار الاقتصاد الكلي وتولد تعقيدات اجتماعية كبيرة في المدى البعيد، نظراً إلى ردود الفعل الشديدة للناس"، مشدداً على ضرورة تعاون المواطن من خلال الإسهام بالكشف عن هؤلاء الفاسدين الذين تضخمت ثرواتهم بصورة غير مشروعة، لأن مكافحة الفساد المالي عملية متكاملة بين الدولة والمجتمع.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير