Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب يتذرع بقضية "جوارب كلينتون" للتهرب من مسؤولية الوثائق

لا توجد أي صلة على الإطلاق بين القضية التي أشار إليها الرئيس السابق والقطة التي نفقت الآن- أو الاتهامات الموجهة إليه

"إنه أسخف شيء سمعته في حياتي، هذا ما قد تقوله إن كان لديك رغبة خفية في الذهاب إلى السجن" (رويترز)

ملخص

ترمب يرى أن قضية "جوارب كلينتون" تعفيه من أي مسؤولية- لكن لا صلة ثمة على الإطلاق بين القضية التي أشار إليها الرئيس الأميركي السابق والقطة التي نفقت الآن- أو الاتهامات الموجهة إليه

 قد يتبادر إلى ذهن الأميركيين الذين عاشوا عقد تسعينيات القرن الماضي لدى سماعهم كلمتي "كلينتون" و"جوارب" صورة طريفة لقطة شهيرة، من فصيلة توكسيدو ثنائية اللون، سوداء وبيضاء، كانت تجول أهم أروقة مركز السلطة الأميركي في مدة برزت فيها الولايات المتحدة باعتبارها القوة العظمى الوحيدة في العالم بلا منازع.

لكن بالنسبة إلى الرئيس السابق دونالد ترمب، تمثل هاتان الكلمتان آخر محاولاته لبناء دفاع قانوني في وجه مزاعم احتفاظه غير القانوني بمئات الوثائق المصنفة بحسب مستويات من السرية تصل إلى "بالغ السرية"، بعد انتهاء ولايته بمدة طويلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وخلال حملة لجمع التبرعات وحفلة لمناسبة عيد ميلاده تحولت إلى تجمع انتخابي عقب مثوله أمام المحكمة الثلاثاء، على خلفية توجيه 37 تهمة جنائية فيدرالية منفصلة ضده، طرح السيد ترمب حجة يبدو بأن محاميه سيقدمونها للمحكمة عندما تعرض القضية غير المسبوقة على القاضية الفيدرالية الأميركية آيلين كانون في مرحلة مقبلة.

وقال "بموجب قانون السجلات الرئاسية، الذي يعد قانوناً مدنياً وليس جنائياً، كان وجود هذه المستندات بحوزتي من حقي كلياً. والسابقة القانونية الرئيسة في هذا الإطار موضحة في أهم قضية على الإطلاق تتعلق بهذا الموضوع واسمها قضية جوارب كلينتون".  

كان السيد ترمب يشير إلى دعوى مدنية تعود إلى عشر سنوات مضت، رفعتها مجموعة الناشطين اليمينيين Judicial Watch (المرصد القضائي) التي حاولت الحصول على أشرطة تسجيلات صوتية لمجموعة حوارات دارت بين الرئيس السابق بيل كلينتون وتايلور برانش، الكاتب والمؤرخ الذي اجتمع به السيد كلينتون بشكل منتظم خلال ثمانية أعوام قضاها في البيت الأبيض.

ولم يعرف بوجود هذه التسجيلات التي وضعها السيد برانش، سوى عندما نشر في عام 2009 كتابه "تسجيلات كلينتون: صراع الرئيس مع التاريخ".

وزعم أن التسجيلات حفظت داخل درج جوارب كلينتون- ولهذا سميت كذلك.

طلبت Judicial Watch من محكمة مقاطعة كولومبيا حكماً تفسيرياً يصرح بأن الأشرطة التي أبصرت النور خلال الولاية الرئاسية للسيد كلينتون، تعتبر سجلات رسمية لإدارته بموجب قانون السجلات الرئاسية، كما طلبت من المحكمة أن تصدر أمراً لإدارة المحفوظات والسجلات الوطنية (NARA) بالاستحواذ على التسجيلات وحفظها ضمن مستندات المكتبة الرئاسية التابعة للسيد كلينتون.

وينص القانون الذي أقر في عام 1978 في عهد جيمي كارتر الذي كان رئيساً آنذاك، على أن "المواد الوثائقية، أو أي جزء يمكن اقتطاعه منها بشكل معقول التي وضعها أو تلقاها الرئيس، أو موظفوه المباشرون، أو أي وحدة أو فرد في المكتب التنفيذي للرئيس مهمته تقديم المشورة أو المساعدة للرئيس، في إطار تنفيذ نشاطات تتعلق وتؤثر في إنجاز المهام الدستورية أو القانونية المنوطة بالرئيس، أو غيرها من المهام الرسمية أو الاحتفالية الموكلة إليه" هي ملكية الحكومة الأميركية ويجب إيداعها لدى إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية في نهاية ولاية أي رئيس. 

أقر الكونغرس قانون السجلات الرئاسية من أجل منع الرئيس السابق ريتشارد نيكسون من إتلاف الوثائق التابعة لإدارته المنتهية ولايتها، وهو أمر كان ضمن نطاق صلاحيات السيد نيكسون في ذلك الوقت لأنه قبل إقرار هذا القانون، اعتبرت السجلات الرئاسية ملكاً للرئيس الذي وضعت المستندات خلال إدارته.  

ومع أن Judicial Watch قدمت حجتها بأن التسجيلات تقع في إطار "المواد الوثائقية" التي وضعت خلال عهد السيد كلينتون، كانت NARA قررت قبل ذلك بأن الأشرطة تعتبر "تسجيلات شخصية" في إطار قانون السجلات الرئاسية، أي إنها "ذات طبيعة خاصة أو غير علنية تماماً" لأنها "تعادل عملياً كتابة اليوميات أو المفكرة، وهي لا تحضر ولا تستخدم ولا توزع ولا يفاد عنها في سياق التعاملات الحكومية".

وفي مذكرة الرأي القضائي التي أشار إليها السيد ترمب، وأصدرتها القاضية الفيدرالية آيمي بيرمان جاكسون في عام 2012، منحت القاضية طلب NARA برد الدعوى لأنها لم تقدم الدلائل الكافية للقبول بها. 

واستناداً إلى حكمين أصدرتهما محكمة الاستئناف في عام 1991 جاء فيهما أن قانون السجلات الرئاسية لم يعط المحاكم الصلاحية لمراجعة قرارات NARA في ما يخص تصنيف السجلات بين رئاسية وشخصية، وجدت القاضية بيرمان جاكسون أن Judicial Watch لم تذكر أي بند في قانون الإجراءات الإدارية يدعم قرار إصدار أمر لـNARA بإعادة تصنيف أشرطة تسجيلات كلينتون-برانش باعتبارها سجلات رئاسية وحفظها في عهدتها.

وكتبت في الرأي القضائي "في حال عدم تصنيف بعض الوثائق على أنها وثائق رئاسية، لا يفرض على أمين الأرشيف أي واجب قانوني لاتخاذ أي إجراء على الإطلاق، ولا شيء يفرض ذلك بموجب قانون الإجراءات الإدارية".

"إن قبول نظرية المدعي بأن… قانون السجلات الرئاسية ينيط بأمين أو أمينة الأرشيف واجباً إلزامياً بتولي عهدة ما يعتبره أو تعتبره سجلات رئاسية ووضع يده أو يدها عليها، بغض النظر عن تصنيف الرئيس للمستندات المعنية، يفرض على المحكمة أن تتغاضى عن باقي النظام التشريعي الذي ينص عليه قانون السجلات الرئاسية. وهذا ما لا يمكنها فعله".

حتى لو قرأ شخص عادي غير متخصص هذا القرار الصادر في عام 2012، سيتشكل لديه انطباع بأن ما جاء في القضية يناقض مزاعم السيد ترمب تماماً. ومع ذلك، خلال مدة الـ10 أشهر التي مرت على تفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالي منزله في بالم بيتش، فلوريدا، بإذن من المحكمة، كرر الرئيس السابق الذي تعرض للمساءلة مرتين وأدين مرتين، وحلفاؤه حجتهم بأن الحكم الذي أصدرته القاضية يمنح الرؤساء السلطة المطلقة لتصنيف أي سجل كان في خانة السجلات الشخصية، وأن الحكومة لا تملك أي حق بالتالي في المطالبة باستعادة سجلات معلومات الدفاع القومي التي اتهم بالاحتفاظ بها بشكل غير قانوني. 

وهذا ما قاله الرئيس السابق خلال خطابه ليلة الثلاثاء، إذ صرح أمام الحضور أن "قرار فصل المواد الشخصية عن السجلات الرئاسية يعود إلى الرئيس خلال مدة ولايته وهو يخضع لتقدير الرئيس وحده".

وأضاف "بعبارات أخرى، مهما كانت المستندات التي يقرر الرئيس أن يأخذها معه، لديه الحق بأن يأخذها. إنه حق مطلق، هذا هو القانون، وهو أمر رآه الناس الآن وهو واضح وضوح الشمس".

لكن خبراء القانون والسجلات الحكومية يرون أن السلطات المطلقة التي تكلم عنها السيد ترمب ليست أبداً "القانون"، ولا بأي شكل من الأشكال.

قال المحامي في العاصمة واشنطن المتخصص بقضايا الأمن القومي مارك زيد لـ"اندبندنت" عبر الرسائل النصية إن استناد السيد ترمب إلى قضية Judicial Watch المرة تلو الأخرى لا يعدو أن يكون ثرثرة الهدف منها تزويد مناصريه بكلام يمكنهم التفوه به في معرض دفاعهم عنه ولا يشكل أبداً أي حجة قانونية مقبولة.

كما قال "إن ذلك الحكم المدني لا علاقة له البتة بالموضوع ولن يؤثر أبداً في الإجراءات الجنائية القضائية. وليست الإشارة سوى نقطة دعائية هدفها تحفيز قاعدته السياسية".

وتعليقاً على النقطة نفسها، غرد الباحث القانوني المحافظ إيد ويلان الذي عمل كاتباً لقاضي المحكمة العليا الراحل أنطونين سكاليا، على "تويتر" بأن الحجج التي قدمها السيد ترمب وحلفاؤه تشكل "تفسيراً غريباً لقانون السجلات الرئاسية".

وقال السيد ويلان، في تعليقه على مقال رأي كتبه مايكل بيكيشا، أحد محامي Judicial Watch ونشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن السيد بيكيشا يحرف نتيجة الدعوى القضائية التي رفعتها منظمته منذ أكثر من 10 سنوات.

وأضاف "إن إصدار المحكمة حكماً بأنها غير مخولة أن تأمر NARA بالتصرف خلافاً لتقديرها الخاص، وأن تستحوذ على وثائق أخذها رئيس سابق، أمر مختلف كل الاختلاف عن الإصرار بأن قانون السجلات الرئاسية يمنع الرئيس الحالي من استعادة وثائق مصنفة سرية من رئيس سابق". 

وتابع "وفقاً لقراءة بيكيشا المحرفة لقانون السجلات الرئاسية، لا يملك (أي) رئيس حالي أي طريقة (ما عدا التوسل) لدفع رئيس سابق إلى إعادة وثائق تمس الأمن القومي ولا يجوز له أن يحتفظ بها، بغض النظر عن درجة حساسية هذه الوثائق. غريب جداً تفسير قانون السجلات الرئاسية وحكم عام 2012 على هذا النحو الملتوي من أجل التوصل إلى نتيجة كهذه". 

لم يلق ما يبدو أنه دفاع السيد ترمب هذه الانتقادات من أفراد في الوسط القانوني فحسب، بل أثار استهزاء خبير آخر تواصلت معه "اندبندنت"، وهو موظف حكومي عمل مع إدارات الحزبين ويتخصص في إدارة وتدفق السجلات الحكومية.  

ووصف هذا الشخص الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأنه ليس مخولاً إجمالاً التحدث مع الإعلام، زعم السيد ترمب بأنه اعتبر وثائق تحتوي على معلومات حساسة تتعلق بالدفاع الوطني مستندات "شخصية" "محض هراء لا مثيل له".  

وأوضح الخبير أن الوثائق المعنية لم تصنف تحت خانة السجلات الشخصية أو الرئاسية لأنها وضعت في إطار وزارة الدفاع أو الأجهزة الاستخباراتية الأميركية وليس ضمن مكتب الرئيس التنفيذي.

وأجاب رداً على سؤال عن حجة السيد ترمب "إنه أسخف شيء سمعته في حياتي، هذا ما قد تقوله إن كان لديك رغبة خفية في الذهاب إلى السجن".

© The Independent

المزيد من تحلیل