Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتجه تونس نحو فرض ضرائب على الأثرياء؟

دراسة حديثة تؤكد خسارة البلاد 1.8 مليار دولار سنوياً جراء التهرب الضريبي ومتخصصون يؤكدون: مقترح قيس سعيد صعب التحقيق

تونس تسجل نقصاً في مواردها الضريبية 1.8 مليار دولار (أ ف ب)

ملخص

دراسة حديثة تؤكد خسارة البلاد 1.8 مليار دولار سنوياً جراء التهرب الضريبي ومتخصصون يؤكدون: مقترح قيس سعيد صعب التحقيق

اقترح الرئيس التونسي قيس سعيد، مؤخراً فرض ضرائب على الأثرياء في وتوظيف الحصيلة لفائدة الطبقات الفقيرة، بعيدً عن اللغط الدائر في تونس حول إصلاح منظومة الدعم من خلال رفع الأسعار وما سيعقبها من احتمال حصول اضطرابات اجتماعية كبيرة.

وقال الرئيس التونسي خلال استقباله رئيسة الحكومة نجلاء بودن في الأول من يونيو (حزيران) الحالي "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت من الأغنياء فضول أموالهم فرددتها على الفقراء"، مشيراً إلى أنه "بدل رفع الدعم تحت مسمى ترشيده يمكن توظيف ضرائب إضافية على من يستفيدون من دون وجه حق بدعم عديد من المواد ومن دون الخضوع لأي إملاءات خارجية".

ويرفض قيس سعيد بشدة رفع الدعم خصوصاً ما يتعلق بتحريك أسعار المواد الغذائية، مما أدى بحسب عديد من المتخصصين إلى تأزم الموقف بين تونس وصندوق النقد الدولي حول الاتفاق المسبق مع الحكومات السابقة على القيام بإصلاحات جذرية في مقدمها إصلاح منظومة الدعم من أجل الحصول على القرض المتعثر منذ ما يزيد على عامين.

كما جدد رئيس تونس في عديد من المناسبات رفضه إملاءات صندوق النقد الدولي، معتبراً ذلك تدخلاً مباشراً في الشأن الداخلي التونسي، لافتاً إلى أن الخضوع إلى تلك الشروط فإن البلاد ستعرف موجة جديدة من غلاء الأسعار غير مسبوقة.

وتواجه تونس في السنوات الأخيرة حصاراً مالياً لافتاً منعها من الوصول إلى الأسواق المالية العالمية للاقتراض بسبب عدم نجاحها في بلوغ اتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يشترط قيام تونس بإصلاحات جوهرية في منظومة الدعم وإصلاح الشركات الحكومية والتقليص من كتلة الأجور المرتفعة مقارنة مع الناتج الداخلي الخام (نحو 15 في المئة).

تهرب ضريبي كبير

لكن الرئيس التونسي لم يوضح أو يفسر كيف سيتم اقتطاع ضرائب جديدة من الأثرياء وتوزيعها على الفقراء في بلد يتم فيه اقتطاع الضرائب على الإجراء مباشرة وخصوصاً ممارسة عديد للأعمال الحرة من دون القيام بالتصريح لأجهزة الضرائب.

وفي هذا السياق كشف المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية أن تونس تسجل نقصاً في مواردها الضريبية ما قيمته 5.4 مليار دينار (1.8 مليار دولار) أي ما يعادل نفس قيمة القرض التي ترغب الحصول تونس عليه من الصندوق الدولي) بسبب تفاقم التهرب الضريبي المتأتي أساساً من القطاع الموازي وغير المنظم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد المعهد (تابع لرئاسة الجمهورية) الذي نشر، أخيراً، دراسة بعنوان "القطاع الموازي، الإدماج والتحول والامتثال" أنه لنقص الإيرادات الضريبية على تقديرات القيمة المضافة والمداخيل (إيرادات) من القطاع الموازي.

وقدرت الدراسة أن عدد التونسيين الناشطين في القطاع الموازي يبلغ 1.6 مليون مواطن، وذلك من بين 3.6 مليون تونسي ضمن القوى النشيطة، وذلك نهاية الربع الثالث من عام 2019، وهو ما يعني أن نسبة اليد العاملة النشيطة في القطاع الموازي تقارب 45 في المئة من إجمالي اليد العاملة النشيطة في البلاد.

وتدل هذه الأرقام بحسب الدراسة على أهمية القطاع الموازي من ناحية مواطن الشغل علماً أنه يمثل 27.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وضع اجتماعي صعب

تفاعلاً مع مقترح الرئيس التونسي بتوظيف ضرائب على الأغنياء أوضح أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي، أن "الوضع الاجتماعي الصعب، الذي يتسم بمعدلات عالية للتضخم المالي، خصوصاً في المواد الغذائية لا يؤسس لرفع الدعم هذه السنة بما أن رفع الدعم على المحروقات أو على المواد الأساسية سيسرع في معدلات التضخم المالي إلى مستويات لا يمكن للمواطن التونسي تحملها ويهدد السلم الاجتماعي".

عبء ضريبي إضافي

في غضون ذلك يعتقد الشكندالي أن مقترح الرئيس يمكن أن يأخذ أشكالاً متعددة وقد يكون في شكل أداء على الدخل أو أداء على الاستهلاك وفي حال تنفيذ المقترح على أرض الواقع فإن المعنيين بالأمر سيتحملون عبئاً ضريبياً إضافياً، لكنه في كل الأحوال سينعكس على أسعار المواد المعنية، لأنها أسعار حرة وهي التي ستشهد ارتفاعاً لأسعار المواد التي تستعمل المواد المدعمة من دون وجه حق على أن تبقى أسعار المواد المدعمة على حالها بالنسبة لكل فئات المجتمع التونسي ولن يتأثر أصحاب هذه المهن بأي شيء ولن يكون هناك أي تأثير في الاستثمار الخاص والنمو الاقتصادي، مضيفاً أن "الدعم بطبيعته ليس دعم الأشخاص بل هو دعم للمواد على عكس فكرة صندوق النقد الدولي، التي تحول دعم المواد إلى دعم الأفراد".

ضريبية تضامنية

ويقترح رضا الشكندالي أنه من الأفضل سن أداء تضامني على القيمة المضافة على المواد التي تستخرج من المواد المدعمة كالمرطبات والأكلات في المطاعم وغيرها من المواد الأخرى على أن تبقى أسعار المواد المدعمة على حالها بالنسبة لكل فئات المجتمع.

وأوضح أن أسعار الخبز مثلاً تبقى على حالها، لكن أسعار الحلويات ترفع بمبلغ الأداء التضامني وصاحب المطعم يمكن له أن يشتري الخبز بنفس السعر لكن يوظف الأداء التضامني على الوجبة، بهذه الطريقة تبقى المواد المدعمة بأسعارها الحالية وترتفع أسعار المواد الأخرى المستخرجة من المواد المدعمة بمقدار الأداء التضامني ولا يتضرر أي منتج بهذا التمشي.

وفي المقابل، يقر بأن التضخم المالي سيرتفع تباعاً لكن ارتفاعه لن يكون أكثر من رفع الدعم بالطريقة التي طرحها صندوق النقد الدولي، إذ إن الفئة المعنية أكثر بهذا التضخم المالي هي الفئة المترفة التي لا تتأثر بهذه الزيادة في أسعار المواد المعنية خلافاً للطبقة الفقيرة والمتوسطة، والتي عادة ما يكون استهلاكها للمواد المدعمة أكثر من المواد المستخرجة من المواد المدعمة، ولن تتأثر كثيراً بذلك.

وخلص إلى أن فكرة الأداء التضامني لا تتطلب تحديد الفئة أو الشريحة بل المواد التي تستعمل المواد المدعمة وهذا سهل جداً تحديده بالنسبة لوزارة المالية.

فكرة قديمة غير مجدية

ومن جانبه يوضح، أستاذ الاقتصاد أرام بلحاج أن اقتراح الضريبة على الثروة (أو على الأغنياء) هو فكرة قديمة متجددة كان قد دعا لها عديد الاقتصاديين على المستوى العالمي والمحلي.

ولكنه يعتبر أن فرض ضريبة جديدة بعد فرض أخرى على العقارات التي تتجاوز قيمتها ثلاثة ملايين دينار (واحد مليون دولار) بمقتضى قانون المالية لعام 2023 هو إجراء سيسرع من وتيرة هرب رؤوس الأموال إلى الخارج وسيؤثر في الاستثمارات الخاصة في البلاد وسيدعم التهرب الضريبي أكثر.

وشدد على أن تونس تحتاج في الوقت الراهن إلى تحسين بيئة الاستثمار وتسهيل وتبسيط الإجراءات أمام المستثمرين لخلق فرص عمل ودعم التصدير.

اقرأ المزيد