Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وسط مساعي التحالف البحري بالخليج العربي... واشنطن حائرة بين التفاوض والضغوط

مايك بومبيو يؤكد "ثقته الكاملة" في استكمال خطة بلاده رغم فتور ردود الحلفاء... وخبراء يرجعون الأزمة للتشتت الأميركي تجاه "استفزازات إيران"

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال لقائه بأحد المراكز البحثية في سيدني (أ.ب)

فيما تتزايد "الاستفزازات الإيرانية" في مياه الخليج العربي وتتشابك تأثيراتها على حرية الملاحة الدولية في المضيق الاستراتيجي الأهم في العالم (مضيق هرمز)، تقف سياسة الولايات المتحدة الأميركية "حائرة" في منتصف الطريق بين التلويح بتصعيد الرد والسعي نحو تشكيل قوة بحرية مشتركة، والضغط من أجل إجبار طهران على التفاوض.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع تعثر فكرة تشكيل قوة بحرية مشتركة بقيادة الولايات المتحدة والتي واجهت صعوبة في حشد الدعم من قبل الحلفاء الأوروبيين وحتى الآسيويين لمخاوفهم من أن يزيد ذلك من التوتر مع إيران، عاد وجدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس الأحد، "ثقته الكاملة" في قدرة بلاده على بناء التحالف على الرغم من الاستجابة الفاترة من الحلفاء، جاء ذلك فيما تنشط "قنوات سرية" لتسهيل "التفاوض المباشر" مع طهران، وفقما ذكرت مجلة "نيويوركر" الأميركية، عما قالت أنه "دعوة مباشرة من البيت الأبيض لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للتباحث مباشرة مع الرئيس دونالد ترمب"، ما دفع المراقبين للتساؤل بشأن أي مستقبل ينتظر السياسة الأميركية تجاه طهران؟.

 

 

تضارب في الرؤية أم مراوغة محسوبة؟

غداة كشف مجلة "نيويوركر" الأميركية أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي استُهدف الأسبوع الماضي بعقوبات أميركية "صارمة"، دعي الشهر الماضي إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب وسط التوتر المتصاعد بين البلدين، بينما واصل وزير الخارجية الأميركي بومبيو جولاته المكوكية لحشد الدعم لمسعى بلاده تشكيل تحالف بحري لحماية الملاحة الدولية.

ومن سيدني، وخلال زيارة له مع وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر إلى أستراليا، قال بومبيو، إنه "واثق للغاية" في قدرة الولايات المتحدة على بناء تحالف بحري في الخليج على الرغم من الاستجابة الفاترة من الحلفاء الأوروبيين والآسيويين، وذلك بعد أيام من طلب أميركي مماثل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا المشاركة في التحالف البحري لحماية الملاحة في مضيق هرمز على وقع قيام إيران باختطاف سفينة ترفع علم بريطانيا في مضيق هرمز، وبعد اعتداءات أخرى استهدفت ناقلات نفط قرب المياه الإيرانية.

وبحسب ما نقلته تقارير أسترالية، فقد أصدر بومبيو، طلبا رسميا لأستراليا لتقديم المساعدة في مواجهة إيران بشأن الأمن البحري، لكن كانبرا ذكرت فقط أنها ستخضع الأمر لـ"دراسة جادة".

وقال بومبيو للصحافيين: "نأمل في أن تكون أستراليا شريكا لنا بشأن بعض تحديات السياسة الخارجية الأكثر إلحاحا في عصرنا، مثل جهود تحقيق الاستقرار في سوريا، وإبقاء أفغانستان خالية من الإرهاب ومواجهة هجمات غير مبررة للجمهورية الإيرانية على عمليات الشحن الدولي في مضيق هرمز". إلا أنه وبحسب وزيرة الدفاع الأسترالية، ليندا رينولدز "فإن أي قرار سيعتمد على المصالح السيادية لأستراليا، ولم يتم اتخاذ أي قرار".

وقالت الوزيرة للصحافيين "الطلب الذي تقدمت به الولايات المتحدة خطير للغاية، ولهذا السبب نخضع هذا الطلب حاليا لدراسة جادة للغاية. ولم يتم اتخاذ أي قرار".

في غضون ذلك، وبينما قال رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية للجيش الإيراني العميد أحمد رضا بوردستان، "إن احتمالات اندلاع نزاع في منطقة الخليج تضاءلت، بعد سلسلة أعمال عدائية في المياه الاستراتيجية". كشفت مجلة  "نيويوركر" الأميركية في تقرير نشرته أمس، نقلاً عن مصادر أميركية وإيرانية ومصدر دبلوماسي "واسع الاطلاع" بحسب توصيفها، "إن السيناتور الأميركي الجمهوري راند بول وبمباركة من دونالد ترمب، لعب دور الوسيط مع وزير الخارجية الإيراني".

وبحسب الصحيفة، التقى راند بول ظريف، منتصف يوليو (تموز) في نيويورك على هامش زيارة ظريف للأمم المتحدة. وخلال لقائهما، اقترح السيناتور على ظريف طرح أفكاره حول كيفية وضع حد لمأزق الملف النووي على دونالد ترمب شخصياً. وأوضحت المجلة "أن السيناتور، وهو عضو في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، تلقى إذنا من الرئيس ليقترح على ظريف لقاءً في المكتب البيضاوي".

وفيما لم يعلق البيت الأبيض ولا الخارجية الأميركية على المسألة، ذكرت المجلة "أن ظريف أجاب أن قرار قبول أو رفض هذه الدعوة يتخذ في طهران". وأعرب عن خشيته من أن تكون هذه المقابلة مجرد جلسة لالتقاط الصور خالية من المضمون. وفي نهاية الأمر لم يقبل القادة الإيرانيون بهذا اللقاء.

وكانت التوترات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن انسحاب أميركي أحادي الجانب من المعاهدة النووية الموقعة في عام 2015 وإعادة فرض عقوبات على طهران قد تصاعدت في الأشهر الأخيرة. وامتد النزاع إلى مضيق هرمز، وهو طريق شحن رئيس، حيث احتجزت إيران الشهر الماضي ناقلة نفط ترفع علم بريطانيا بعدما احتجزت الأخيرة ناقلة نفط إيرانية قبالة مستعمرة جبل طارق بسبب الاشتباه في أنها انتهكت عقوبات الاتحاد الأوروبي، بعد أشهر من تزايد عمليات التخريب والهجمات على سفن في الخليج، والتي نسبتها الولايات المتحدة لطهران، التي نفت بدورها، بالإضافة إلى تدمير إيران لطائرة مسيرة أميركية.

وصعدت واشنطن من حملة "الضغط الأقصى" على النظام الإيراني عبر فرضها عقوبات على وزير الخارجية الإيراني ظريف هذا الأسبوع. وهو ما اعتبره السيناتور راند بول "قراراً سلبيا"، وكتب في تغريدة على تويتر "إن فرض عقوبات على دبلوماسيين يضعف الدبلوماسية".

 

 

إلى أين تصل الحيرة الأميركية؟

وبين خيارات التصعيد والضغط للتفاوض، تقبع السياسة الأميركية حيال الملف الإيراني "حائرة"، ولم تمض بعد في طريق واضح، وفق مراقبين.

وبحسب جون بي الترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، "فإن تفضيل حلفاء أميركا لعدم الانخراط في تقديم المساعدة للولايات المتحدة لمواجهة التهديدات الإيرانية، يعكس رغبتهم في البقاء بعيدا عن حملة الضغط القصوى التي تمارسها واشنطن ضد طهران على اعتبار أن ذلك الخيار أكثر أمناً".

وبحسب الترمان، في تقريره ببرنامج الشرق الأوسط، "فإنه يبدو أن الحكومة الإيرانية تتبع سياسة تؤدي إلى استمرار التوترات في الخليج في حالة محتدمة لكن دون أن تتطور الأمور إلى درجة الغليان، بهدف خلق أزمة وليس نشوب حرب". موضحاً، "أن طهران تحاول إرغام العالم على التعامل معها والسعي لإظهار عدم اكتراثها بحملة الضغط الأميركية التي تهدد أي طرف دولي يمارس نشاطا تجاريا مع إيران".

من جانبه، يقول سينا توسي، وهو باحث بالمجلس القومي الإيراني الأميركي، "أن منطق إدارة ترمب يشوبه التناقض،  ففي الوقت الذي فرضت فيه وزارة المالية الأميركية عقوبات على وزير الخارجية الإيراني لقربه من المرشد الأعلى خامنئي، يرى مسؤولون آخرون في الإدارة الأميركية أن جواد ظريف ليس صانع قرار رئيس، لذلك نحن لا نريد التفاوض معه".

وبحسب ما نقلت مجلة "ذي ناشونال إنترست" الأميركية، عن بربارا سالفين، مديرة مشروع مستقبل إيران في مجلس الأطلسي  "فإنه إذا كنا نريد اتفاقا جديدا مع إيران، فمَنْ مِن المفترض أن يقود المفاوضات؟ ليس من حقنا اختيار كبير المفاوضين الإيرانيين، وإلا كان لهم الحق في اختيار كبير مفاوضينا. إن كل هذه الأمور تخرب أي إمكانية للدبلوماسية، وهو ما يحتمل أن يكون هدفَ مَنْ كانوا وراءها لأنهم، بصراحة، لا يريدون أي اتفاق جديد بين الولايات المتحدة وإيران".

بدوره، يرى أميتاي إيتزوني، أستاذ الشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، "أن إيران تعاني العقوبات المفروضة عليها، وحاولت طوال عام الالتفاف عليها بدعوة الاتحاد الأوروبي إلى أن يجد سبلا لتجاوز هذه العقوبات". موضحاً في تقرير نشرته مجلة "ذي ناشونال انتريست"، "أنه عندما لم يستجب الاتحاد الأوروبي، قررت إيران فرض تكاليف على الغرب من أجل دفعه إلى رفع العقوبات. وكانت إيران حريصة فيما يتعلق بالطريقة التي يمكن بها أن تفرض ألما على الغرب. وفي كل مرة عندما لم تواجه ردا انتقاميا، كانت تزيد من التصعيد".

وبحسب إيتزوني "فإن الطريقة التي تفسر بها إدارة ترمب عدم ردها على ما تقوم به إيران مثيرة للغاية. فهي تقول أن طهران تسعى لمواجهة عسكرية، ولكن الولايات المتحدة لن تقع في مثل هذا الفخ". مشددا "أن واشنطن بعدم ردها على استفزازات إيران تحبط كل مخططاتها". وأضاف "أنه إذا لم يحقق المستوى الحالي من الاستفزازات ما تصبو إليه إيران، وإذا ما قوبلت برد فعل ذي فاعلية ضئيلة، فإن المنطق في هذا الموقف يدعو إيران إلى التصعيد. ويمكن للولايات المتحدة وقف التصرفات الإيرانية إذا استسلمت وألغت العقوبات. ولكن إذا كانت الولايات المتحدة غير مستعدة لقبول إيران التي تصر على الحصول على أسلحة نووية وصواريخ طويلة المدى، واستخدام مواردها لدعم الإرهاب في أنحاء المنطقة، مع تحقيقها الهيمنة فيها بصورة متزايدة، فسوف يتعين على الولايات المتحدة أن ترد بقوة على الاستفزازات الإيرانية".

واقترحت واشنطن في التاسع من يوليو (تموز) الماضي تعزيز جهود حماية المياه الاستراتيجية قبالة إيران واليمن، حيث يحمّل الأميركيون طهران ووكلاءها المسؤولية عن هجمات على ناقلات نفط، بينما تنفي إيران الاتهامات.

لكن مع تردد حلفاء واشنطن في الالتزام بتقديم أسلحة جديدة أو قوات قتالية، قالت مسؤولة كبيرة في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لرويترز الخميس الماضي "إن هدف الولايات المتحدة ليس إقامة تحالف عسكري، بل إطلاق تحذير في المنطقة لردع الهجمات على الشحن التجاري".

إلى ذلك، وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، "فإنه مع استمرار التهديدات الإيرانية لحرية الملاحة، تبقى سياسة ترمب الهادفة إلى تغيير سلوك إيران بشكل جذري بعيدة كل البعد عن تحقيق هدفها، إذ أصبحت طهران أكثر عدائية من قبل".

ووفق الصحيفة، "فإن سياسة الضغط الشديد الذي تمارسه الإدارة الأميركية ضد إيران، قد أثرت بشكل كبير على اقتصادها، لكن دون تأثير على سياستها حيث لا تزال تدعم الجهات الموالية لها في الخارج وتهدد الملاحة في الخليج العربي، وهو ما يضع سياسة إدارة ترمب تجاهها محل تساؤل".

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة