Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"المحقق الخاص" في المغرب مطلوب شعبيا ومرفوض رسميا

يستدعى في الخلافات الاجتماعية ويساعد الشركات على دراسات السوق والقانون لا يعترف به

المحقق الخاص يصور الهدف في الخفاء ويعد ملفا بتحركاته لتسليمها للعميل (حقوق الصورة محفوظة - وسائل التواصل)

ملخص

تنتشر في المغرب مهنة "المتحري أو المحقق" الخاص، حيث تستدعيه العائلات والأسر في قضايا الزواج والتغيب ومراقبة الأبناء، ويساعد الشركات في "الذكاء الاقتصادي"، وعلى رغم ذلك لا يوجد لهذه المهنة إطار قانوني.. فما القصة؟  

يجلس سعيد الذي يعمل محققاً خاصاً داخل مقهى في مدينة الرباط المغربية، متربصاً برجل آخر يسميه "الهدف" ويراقب دخوله وخروجه من الشقة المجاورة، بعد أن كلفته زوجته بإعداد ملف كامل عن تحركات زوجها الذي تشك في خيانته لها، مقابل تعويض مالي يناله فور انتهائه من مهمته.

هذا المحقق أو المتحري الخاص أو ما يسميه المغاربة بالفرنسية "ديتيكتيف بريفي"، يمارس مهنة آخذة في النمو بالمغرب، وعلى رغم كونها لا تخضع لقانون تنظيمي إلا أنها تبقى مهنة غير ممنوعة، إذ تنتشر وكالات عدة متخصصة في هذا المجال في مدن المغرب.

نمو مهني

وعلى رغم أنها مهنة تبدو "وافدة" على المجتمع المغربي، كما أن كثيرين لا يعلمون حتى بوجود مهنة كهذه، وفي خضم عدم وجود أرقام رسمية في شأن عدد المزاولين لمهنة المحقق الخاص، فإن واقع الحال يفيد بأنها مهنة تسير في طريق الانتشار تدريجياً.

وتتطلب مهنة المحقق الخاص، وفق مهنيين في المجال، كثيراً من السمات والمهارات والتقنيات التي تكتسب بفضل التكوينات والتدريبات الاحترافية اللازمة في علوم القانون والإجرام والنفس، خصوصاً في بلدان أوروبية، بالنظر إلى غياب تكوينات خاصة لهذه المهنة في المغرب.

ومن أهم السمات والمهارات التي يتعين توافرها في المحقق الخاص أن يكون سريع البديهة وصبوراً في عمله الذي يتطلب جمع أكبر معلومات ومعطيات عن "الهدف" المرسوم له، فضلاً عن الحرص على الكتمان وعدم إفضاء أسرار العملاء.

وتتسم المهنة بوضعية قانونية ملتبسة في المغرب، فهي غير منظمة بالقانون لكنها ليست مجرمة أو ممنوعة، إذ تتم مارستها تحت أعين السلطات، كما أن وكالات خاصة تعمل في هذا المجال.

تأطير قانوني

وفي هذا الصدد يقول أقدم محقق خاص في المغرب بوشريط بوعلام والحاصل على شهادة من المدرسة الدولية للمحققين والخبراء في بلجيكا عام 1981، إن مهنة "المتحري" أصبحت تجلب كثيراً من الراغبين في مزاولتها، مشيراً إلى أنه أسس وكالة خاصة عام 1994 بمدينة الجديدة، وأن الوظيفة الجديدة باتت تعرف انتشاراً متنامياً، بدليل وجود محققين كثر في مدن عدة، منها الدار البيضاء ومراكش وتطوان والرباط والمحمدية وغيرها.

وأكد أقدم المحققين المغاربة أن "القانون لا يمنع ممارسة مهنة التحري الخاص، لكنه أيضاً لا يضع لها تقنيناً، أي أن هناك غياباً للتأطير القانوني لهذه المهنة التي تجد زخماً واعترافاً قانونياً في أميركا وبلدان أوروبية عدة، منها فرنسا والسويد وبلجيكا وجنوب أفريقيا والغابون".

وشدد بوعلام أيضاً على أن "التحري أو المحقق الخاص في المغرب يمارس مهنته باحترام للمقتضيات القانونية ومن دون تجاوزات، حتى لا يقع في إشكال انتحال صفة أو وظيفة، كما أنه يسدد الضرائب المفروضة عليه لمصلحة الدولة ويمتلك سجلاً تجارياً".

قضايا وتحريات

وأشار بوشريط إلى أن البحث عن الأشخاص المختفين من أكثر القضايا التي يعمل عليها ممتهنو التحري الخاص، إذ تلجأ الأسر التي لديها أبناء اختفوا لأي سبب من الأسباب إلى خدمة المحققين لمساعدتهم في كشف أماكنهم ومصائرهم، موضحاً أن الملفات الاجتماعية الأخرى التي يعكف عليها المحقق الخاص تتمثل في "الخيانة الزوجية"، إذ يرغب الزوج في ضبط تحركات زوجته عند شكه في سلوكاتها، والعكس أيضاً لما تريد الزوجة إثبات خيانة زوجها لها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويستطرد بوعلام القول بأن هناك قضايا أخرى ذات طابع أسري تعرف جذباً للعملاء، وعلى رأسها طلب العائلة التحري عن ابن معين لها للتعرف عن رفقاء تحركاته والأماكن التي يذهب إليها، وأين يقضي معظم وقته، لا سيما عند شك الأسرة في سلوكات ابنها بخصوص الإدمان أو ما شابه ذلك، مشيراً إلى أن "بحث ما قبل الزواج والذي تلجأ بعض الأسر إلى خدمات المحقق للتحري عن الرجل المرشح للزواج بإحدى الفتيات أو مراقبة عن سلوك وأصل الفتاة المرشحة للزواج".

مجالات جديدة

ولفت المتحري المغربي إلى استحداث مجالات جديدة للعمل في مواضيع التقليد أو الغش الصناعي أو التي تسمى "الذكاء الاقتصادي"، إذ تطلب شركة ما خدمة المحقق الخاص لمساعدتها في التعرف على أسباب تراجع بيع منتجاتها في منطقة أو جهة ما بخلاف مناطق أخرى، إذ يعمل المحققون على إعداد ملفات في شأن الأسباب الكامنة وراء عدم الرواج التجاري في تلك المناطق بالتحديد.

وفي المقابل يرى الباحث القانوني جمال الدين مشعور أن مهنة المحقق الخاص لا سند لها في قانون البلاد، وبالتالي لا تمتلك القوة والحجية القانونية التي يمكن بواسطتها الفصل في قضايا جنحية أو حتى جنائية، لافتاً إلى أن "هناك خيطاً رفيعاً بين عمل المحققين وإمكان المساس بالحياة الخاصة والشخصية للآخرين، خصوصاً عندما يسمح المتحري لنفسه بالتربص بهم ومراقبتهم ومتابعتهم، وكذلك تصويرهم من دون أي داع يسوغ أعماله تلك".

طرائف المحققين

ويتداول مهنيون في مجال التحقيق الخاص طرائف حدثت لهم أو سمعوا عنها من زملائهم في المهنة، منها المحقق الخاص الذي باشر ملفاً لزوج طلب منه مراقبة تحركات زوجته لأنه شك في تصرفاتها وفي كونها تتعمد خيانته بسبب خلافات ثنائية.

ووفق القصة التي تناولتها صحف مغربية فإن المتحري الخاص كان يتتبع زوجة العميل لأيام عدة أينما حلت وارتحلت، غير أنها فطنت بأن شخصاً ما يقتفي خطواتها فسارعت إلى الشرطة التي أوقفت المحقق بداعي إزعاج المرأة والتحرش بها.

ومن القصص الطريفة الأخرى ما حكاه أحد المحققين الخاصين في شأن متابعته لخطوات امرأة شك زوجها في أن لها علاقة عاطفية مع شخص آخر، فكان بالفعل يترصد كل حركاتها إلى أن اكتشف أنها تذهب إلى منزل وتخرج مع رجل إلى أحد المطاعم، وظن المحقق الخاص أنه عثر على جواب شاف لشكوك عميله، فقام بالتقاط صور خفية لها وذهب بالملف إليه، لتعلو الابتسامة والدهشة وجهه، إذ إن من كان معها في الصورة هو والد زوجته، لأنها كانت تعتني بأبيها من دون علم زوجها.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات