Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الشيخوخة تهدد النمو الاقتصادي في شرق آسيا

اليابان وكوريا الجنوبية والصين تواجه أزمة ديموغرافية في سن العمل والحكومات تحفز الأسر على الإنجاب

تقدم كوريا الجنوبية عدداً من البرامج لتشجيع الشباب على الزواح وتحفيز المتزوجين على الإنجاب ورعاية الأبناء (أ ف ب)

ملخص

أظهرت إحصاءات الأمم المتحدة الأخيرة أن الصين واليابان وكوريا الجنوبية الأقل في معدلات الخصوبة المسجلة عالمياً، وستتراجع القوى العاملة بحلول عام 2050، إذ سيصبح كل واحد من ثلاثة أشخاص بعمر الـ 65 سنة.

أعلن رئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا عزم حكومته تطبيق سياسات وبرامج تهدف لتعزيز معدلات الإنجاب بالبلاد، في وقت تعاني طوكيو تراجعاً قياسياً في المواليد.

وقبل أيام أعلنت الصين تسجيل أدنى مستوى في تسجيل عقود المتزوجين خلال العام الماضي منذ ستة عقود، لأسباب مرتبطة بالعزوف عن الزواج وعدم استقرار الوظائف، في وقت تتراجع أعداد السكان بالبلاد للمرة الأولى.

يأتي ذلك فيما تنتفض كوريا الجنوبية ببرامج تحفيزية ونوعية بعد أن شهدت البلاد انخفاضاً في أعداد مواليدها وارتفاعاً في الوفاة، وتتواتر الإحصاءات بتقلص نسبة السكان القادرين على العمل بما يقارب 35 في المئة. 

يعد إقليم شرق آسيا الأقل في معدلات الخصوبة المسجلة عالمياً، مما ينذر بأزمة ديموغرافية واقتصادية يسببها انخفاض المواليد وشيخوخة السكان وقلة القوى العاملة وزيادة نسبة الإعالة العمرية، لتمثل تلك العوامل تهديداً مباشراً للاستقرار المالي والاقتصادي للدول، في وقت تعمل دول شرق آسيا خلال السنوات الأخيرة على دعم البرامج التي من شأنها زيادة أعداد المواليد وتشجيع المتزوجين على الإنجاب.

شيخوخة اليابان

تواجه اليابان أزمة ديموغرافية إذ تتزايد نسبة المسنين بالبلاد، كما يذكر البنك الدولي أن معدل الأطفال يقارب 12 في المئة، مما يجعلها بالمرتبة الثانية عالمياً كأقل الدول أطفالاً بعد هونغ كونغ، ووصل عدد السكان ممن تزيد أعمارهم على 65 سنة إلى 28 في المئة من إجمال سكانها، وتتوقع دراسات بأن تتزايد هذه النسبة إلى 40 في المئة عام 2060، كما انخفضت معدلات المواليد اليابانية إلى مستويات قياسية العام الماضي، إذ سجلت طوكيو أقل من 800 ألف مولود للمرة الأولى.

وبحسب إحصاءات تعد اليابان ثالث أغلى دولة في العالم لتربية طفل، مما يؤدي لعزوف الأزواج عن إنجاب الأطفال وتراجع مستويات المواليد، وترجع المسببات التي أدت إلى عدم التفكير في الزواج أو العزوف عن الإنجاب إلى عدم استقرار الوظائف، إذ تشير التحليلات إلى أن غالبية الشباب يعملون في وظائف موقتة، مما يجعل فرصهم منخفضة في الزواج، كما يوضح تقرير لمركز الشرق والغرب الأميركي وجود فروق جذرية بين الرجل والمرأة في منظومة الزواج اليابانية في ما يخص الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال، مما يجعل التزاوج أمراً غير جذاب للنساء اليابانيات، إضافة إلى تغيير القيم الحياتية والاجتماعية والتأخر في الزواج أو العزوف عنه مطلقاً.

ووصف رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا التراجع الكبير في أعداد المواليد وارتفاع أعداد السكان كبار السن بكون البلاد على حافة اختلال وظيفي اجتماعي، إذ يمثل من هم فوق 65 سنة ما يقرب من ثلثي سكان البلاد.

ونتيجة لتفاقم الأزمة في اليابان أعلن كيشيدا قبل أيام قليلة عدداً من الإجراءات التي تهدف إلى معالجة انخفاض معدلات المواليد في البلاد باعتبارها أحد أكبر المشكلات الاقتصادية، وتتضمن زيادة المدفوعات للعائلات التي لديها أطفال ومضاعفة الإنفاق على رعاية الأطفال بحلول عام 2030، كما ستحث الحكومة الشركات على السماح للموظفين بالاختيار بين أنظمة عمل مرنة، فيما تعهد رئيس الوزراء الياباني بداية العام باتخاذ خطوات ضرورية لمواجهة انخفاض معدلات المواليد، قائلاً إن تحقيق ذلك "يأتي الآن أو لن يتحقق أبداً".

كوريا  تنتفض

وشهدت كوريا الجنوبية انخفاضاً في أعداد المواليد سنوياً منذ 2015، وللمرة الثالثة على التوالي سجلت العام الماضي وفيات أعلى من مواليد البلاد، ومن المتوقع أن تتقلص نسبة السكان في سن العمل من 20 إلى 64 سنة بنحو 35 في المئة حتى عام 2050، إذا استمرت معدلات الخصوبة نفسها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتنفق كوريا الجنوبية مليارات الدولارات في محاولة لزيادة معدلات الخصوبة وزيادة أعداد المواليد لتفادي خطر الوقوع في أن تصبح مجتمعاً متقدماً في السن، إذ تقدم الحكومة عدداً من البرامج للمتزوجين لتغطية مصروفات الحضانة والإجازات المدفوعة للأبوين لرعاية أطفالهم لمن هم أقل من خمس سنوات، كما أطلقت خريطة حرارية عام 2016 توضح نسب الزواج والمواليد والنساء في سن الإنجاب في أنحاء البلاد كافة لتشجيع المنافسة بين مختلف الأقاليم، ولكن هذه الخطة قوبلت بالانتقاد من قبل النساء الكوريات اللواتي اتهمن السلطة بنظرتها لهن كأداة للإنجاب فقط، فيما تراجعت الدولة وسحبت خريطتها.

بكين تتراجع 

وانضمت الصين إلى ركب دول شرق آسيا ضمن جيرانها في معضلة المواليد، إذ تراجعت معدلاتها لما يصل إلى النصف بين عامي 2016 و2022 لتصل إلى 9.5 مليون مولود العام الماضي، كما أعلنت بكين رسمياً هذا العام أنها تتعرض لتراجع في معدلات السكان للمرة الأولى منذ 60 عاماً، ويتزامن ذلك مع تسجيلها العام الماضي أقل معدلات للزواج منذ عقود.

وتظهر إحصاءات وتقارير دولية أن نسبة السكان في سن العمل بالصين ستتقلص بنحو 186 مليون شخص حتى عام 2050، كما تشير توقعات بأن ربع سكان البلاد سيصبحون في عمر ما فوق الـ 65 سنة بحلول عام 2040.

وبدأت الحكومة الصينية التنبه إلى خطورة الأزمة منذ سنوات، فأوقفت تطبيق سياسة الطفل الواحد التي طبقت منذ الثمانينات، وسمحت للمتزوجين بإنجاب طفلين منذ عام 2016 وحتى ثلاثة أطفال عام 2021، لكن بعض الخبراء يرون أن إيقاف هذه السياسة جاء متأخراً في وقت بدأت فيه أعداد التركيبة السكانية الصينية تدخل اختلالاً بالفعل.

ويمثل الانخفاض علامة فارقة لبكين، إذ يشكل البداية لفترة طويلة مقبلة من تراجع أعداد السكان، مع تحذيرات من خبراء الديموغرافيا من كون الصين ستصبح من الدول الهرمة قبل أن تصنف كدولة غنية، مما قد يؤدي إلى تقلص القوة العاملة وإنفاق الحكومة مزيداً من الأموال على السكان المسنين.

وتعمل الحكومة الصينية في الوقت الحالي على برامج وخطط للتشجيع على الزواج والإنجاب من خلال تقديم عدد من المحفزات، مثل الحوافز الضريبية والدعم السكني والتعليم المجاني والمدعوم لمن ينجب طفلاً ثالثاً.

مجتمعات هرمة

البيانات الأخيرة للإحصاءات السكانية في الصين واليابان وكوريا الجنوبية تظهر منحناها السلبي الذي يتخذه النمو السكاني بدول شرق آسيا، وبحسب تقارير دولية فإن إقليم شرق آسيا يعد الأقل في معدلات الخصوبة المسجلة عالمياً، إذ سجلت دول المنطقة معدل خصوبة 1.2 طفل لكل امرأة، بينما يصل المعدل العالمي إلى 2.3.

وبحلول عام 2050 سيصبح كل واحد من ثلاثة أشخاص في منطقة شرق آسيا بعمر الـ 65 وفق إحصاءات الأمم المتحدة.

ويعد ارتفاع أعداد السكان متقدمي العمر أحد النتائج السلبية للتمدن والتنمية الاقتصادية في الدول، لتلقي الشيخوخة السكانية بظلالها على معدلات القوى العاملة وانخفاضها وتراجع الخصوبة وزيادة نسبة الإعالة العمرية، كما تمثل الشيخوخة السكانية تحدياً للاستقرار المالي والاقتصاد الكلي للمجتمعات من خلال زيادة الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية والمعاشات إلى جانب برامج الفوائد الاجتماعية لكبار السن، ويمكن لهذه البرامج أن تضر بالنمو الاقتصادي للبلدان ومستوى الحياة إذا جاءت على حساب الإنفاق على برامج التعليم والاستثمار في البنية التحتية. 

وتحتاج المجتمعات الهرمة التي يتزايد فيها أعداد السكان متقدمي العمر إلى مزيد من العاملين الشباب، مما يجعلها تفتح باب الهجرة لسد ذلك العجز. وتسعى اليابان خلال السنوات الأخيرة إلى استقطاب العمالة الماهرة لأراضيها مع وجود تغيير كبير في سياسات الهجرة لديها.

وفي عام 2019 طبقت الحكومة اليابانية قانوناً يسمح للعمالة الماهرة في 14 مجالاً ومن بينها الزراعة والتمريض والصرف الصحي بالحصول على تأشيرة، وذلك لتزايد حدة الأزمة السكانية في طوكيو.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات