Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رئيس حزب العمال لديه خطة بشأن خطر الذكاء الاصطناعي على الوظائف

ستارمر استعاد ما حدث في الثمانينيات ودعا إلى توظيف التقدم التكنولوجي لمصلحة الشريحة الأوسع من الناس

الذكاء الاصطناعي حرك مخاوف لدى رئيس حزب العمال البريطاني بشأن الوظائف (دي جي داي.كوم)

ملخص

دعا رئيس حزب العمال البريطاني المعارض إلى توظيف الذكاء الاصطناعي لمصلحة القوى العاملة، وذكر بأن تغييراً تقنياً حدث في ثمانينيات القرن الـ20 وأدى إلى موجة من فقدان الوظائف يجب عدم تكرارها الآن

يأتي كل تقدم كبير في تاريخ البشرية مترافقاً مع مجموعة مثيرة من الاحتمالات، وكذلك من المخاطر التي تهدد نمط حياتنا بشكل ملموس.

ولا يختلف الأمر بالنسبة إلى الاختراقات الحديثة في مجال الذكاء الاصطناعي. إذ يستطيع أن يشكل أداة أو خطراً، مع إمكان توجيهه لمصلحة الازدهار والأمان والسلامة. 

تحتل بريطانيا مكانة جيدة تؤهلها للاضطلاع بدور استراتيجي في كيفية حصول ذلك. ونحن نقف في المرتبة الثالثة في كثير من التصنيفات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، ولا تسبقنا فيه إلا الولايات المتحدة والصين. يضاف إلى ذلك، أننا نملك واحداً من مختبرات العالم الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، بفضل مختبر "غوغل ديب مايند" Google DeepMind الواقع في دائرتي الانتخابية، الذي يعتبر من أكبر مؤسسات البحث والتطوير في المملكة المتحدة. وتحتضن لندن 1300 شركة متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أي أكثر من نيويورك، وضعفي عدد الشركات المتخصصة بالذكاء الاصطناعي في باريس وبرلين مجتمعتين. ولدينا سوق مواهب قوية، وجامعات بمستوى عالمي، وبالتالي فإننا نستقطب بعضاً من أفضل مواهب العالم في مجال الذكاء الاصطناعي.

بناء على ما سبق، إذا استفدنا من مواطن قوتنا، سيتسنى للمملكة المتحدة الاضطلاع بدور أصيل على الساحة الدولية في كيفية تطوير الذكاء الاصطناعي ووضعه موضع التطبيق على الأرض.

لكن النجاح في ذلك يتطلب منا استخلاص الدروس من التاريخ.

تعتبر كيفية تعاطينا مع التكنولوجيا النووية خير دليل توجيهي [عما ينبغي فعله]. فمن الواضح أن الطاقة النووية قد تستعمل لصنع القنابل أو توليد الكهرباء. وبالطريقة نفسها، يمكننا استعمال الذكاء الاصطناعي لإنقاذ حياة الناس أو تقويض سبل عيشنا وترسيخ أوجه انعدام المساواة. وبالتالي، يبقى الخيار خيارنا. وعلى غرار الحال مع أنواع التكنولوجيا النووية، من الصواب أن نعقد شراكات واتفاقات تعاون دولية، ونضع أنظمة وقوانين تضمن تطوير الذكاء الاصطناعي ونشره بطرق آمنة، وتضعه في خدمة المصلحة العامة. لهذا السبب تحديداً، سمحت الاستراتيجية الصناعية لـ"حزب العمال" التي نشرت السنة الماضية، بإعلان طموحاتنا في جعل المملكة المتحدة المكان الأفضل عالمياً لتطوير الذكاء الاصطناعي بطريقة آمنة ومسؤولة.

إذا توفر ميدان عمل موثوق ومفهوم جيداً، يضمن نمو الشركات في ظل أنظمة وقوانين مناسبة، سيتسنى للمملكة المتحدة الابتكار واستقطاب رواد المشاريع والاستثمارات إليها. إذ لا تكتفي تلك الأنظمة والقوانين بتوفير حماية ضد الأسوأ [في مسار الذكاء الاصطناعي]، بل تسهم أيضاً في استقطاب الأفضل. وبالتالي، يهم أن نتعامل معها بالشكل الصحيح، وهذا تحديداً ما دعانا، خلال هذا الأسبوع، إلى مطالبة الحكومة بسد النواقص في ورقتها البيضاء (تقريرها) حول الذكاء الاصطناعي، وتبني فرض الإشراف المتكامل على أبرز النماذج الأساسية [للذكاء الاصطناعي] وأكثرها تأثيراً، على غرار برنامج "جي بي تي-4" GPT-4 مثلاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قد تتخذ [هذه الجهود] أشكالاً مختلفة، بدءاً من منح التراخيص [لأنواع من الذكاء الاصطناعي] ووصولاً إلى عمليات التدقيق. وقد تتخذ شكل تقديم ضمانات وتأكيدات للشركات ومنظمات القطاع العام الساعية إلى استخدام الذكاء الاصطناعي بغية توسيع آفاقها الاقتصادية. ومن الصواب اليوم أن تتعامل الحكومة بجدية أكبر مع الموضوع، وأن تتعاون مع شركات دولية. في المقابل، تنخرط الحكومة الآن في لعبة التعويض عن الوقت الضائع، إذ أن الورقة البيضاء حول الذكاء الاجتماعي تأخرت كثيراً، وبالتالي، ترى الحكومة نفسها مضطرة إلى بناء القدرات، بعد سنوات من اعتماد "مقاربة لينة" حيال الذكاء الاصطناعي.

لن ننجح في وضع معايير دولية إلا إذا تمكنا من تعزيز مواطن قواتنا ومن دعم قدراتنا السيادية في مجال الذكاء الاصطناعي. ويستوجب ذلك الأمر وجود حكومة ناشطة، لديها القدرات اللازمة في الاستجابة السريعة والفاعلة. وإذا لم ننهض بذلك، فلن تكتفي المملكة المتحدة بخسارة مقعدها على طاولة [الإدارة الدولية للذكاء الاصطناعي]، بل سيتعذر عليها أيضاً تحقيق قدرات اقتصادية هائلة تتأتى عن دعمها للذكاء الاصطناعي.

في ذلك المنحى، لا بد أن نستخلص الدروس أيضاً من حقبة الاستغناء عن الصناعة في ثمانينيات القرن الـ20، والثورة التكنولوجية في تسعينيات القرن الـ20، حينما خضعت الوظائف اليدوية والكتابية للأتمتة أو جرى تصديرها إلى الخارج. وآنذاك، خذلت حكومة المحافظين مجتمعات بريطانية كاملة، بعد أن امتنعت عن التدخل أثناء خسارة ملايين وظائفهم، بدلاً من أن تدعمهم خلال تلك المرحلة الانتقالية. [واليوم]، لا يمكننا تكبد تداعيات هذا الخطأ مرة ثانية. 

من الضروري توجيه الذكاء الاصطناعي لخدمة مصالح الفئة العاملة من الناس. ثمة احتمال بأن تتأثر كل وظيفة في المملكة المتحدة بالذكاء الاصطناعي. وفي هذا الإطار، تتوقع "غولدمان ساكس" أن تكون نحو 24 مليون وظيفة معرضة للأتمتة، حتى لو اقتصر الأمر على التكنولوجيا المستخدمة حاضراً. واليوم، بات [الذكاء الاصطناعي] مستعملاً للتوظيف وتقييم الأداء، وتحديد الرواتب وساعات عمل المتعاقدين الذين يعملون لحسابهم الخاص، وكذلك الحال بالنسبة إلى أتمتة المهمات الروتينية في مجالات الخدمات المهنية الاحترافية كافة. وفي ذلك الصدد، ينبغي الكلام عن وجود مخاطر حقيقية بأن يؤدي [هذا الواقع] إلى توسيع الفجوة على صعيد استعمال الذكاء الاصطناعي، بين أصحاب المهارات وبين المفتقرين إليها الذين قد يخسرون وظائفهم أو يختبرون تغييراً كبيراً في طبيعة عملهم. وثمة أمر واضح، يتجسد في أننا نحتاج إلى ثورة في مجال التعليم والتدريب في المملكة المتحدة، تنطلق فوراً [من دون أي تأخير] في المدارس.

وبالتطابق مع ما كانته حالتها في ثمانينيات القرن الـ20، قررت حكومة المحافظين ألا تحرك ساكناً، بدلاً من أن تبذل وسعها لوضع استراتيجية صناعية تضمن وظائف جيدة للعمال البريطانيين. والملفت أنه حينما شغل رئيس الوزراء منصب وزير مالية، عمل على إلغاء "مجلس الاستراتيجية الصناعية"، مما صعب الاستجابة إلى وقع الذكاء الاصطناعي على اقتصادنا. وحتى في المرات التي قررت فيها الحكومة التصرف، غالباً ما جاء أداؤها غير فاعل، بما أن "فريق العمل على نموذج تأسيسي" [للذكاء الاصطناعي] يفتقر إلى الحرية والسلطة الضروريتين لتوجيه الابتكار، وتطوير الذكاء الاصطناعي بطريقة تضمن الأمن والسلامة. وبسبب رفض المحافظين لدولة تمتلك استراتيجية، فمن المتوقع أن تبقى قطاعات كاملة من دون إدارة، وألا تملك الشركات الثقة الضرورية للاستثمار، مما سيلحق الأذى، في نهاية المطاف، بفئة الأشخاص العاملين.

لا بد لهذا الواقع أن يتغير. ويمثل ذلك الأمر الدافع الذي سيحفز حكومتي على الاضطلاع بدور ناشط، وتعمل لتحقيق مهمة معينة، سعياً إلى توجيه عملية تطوير الذكاء الاصطناعي، بطريقة تضمن مصالح الفئة العاملة من الناس.

سيكون للتكنولوجيا دور عملاق في الأجندة الإصلاحية المستندة إلى المهمات الخمس التي وضعتها. ولتحقيق مهمة النمو مثلاً، سيكون علينا استغلال جميع الروافع اللازمة، بدءاً من التفويض ومروراً بالسياسة التي تغطي المهارات لدعم الشركات النامية، وسيجري ذلك كله بدعم من اتفاق جديد مصمم [لخدمة مصالح] الفئة العاملة من الناس، يحرص على عدم إهمال أي شخص عامل على الإطلاق.

لقد أثبتت مهمة الصحة التي أطلقناها الأسبوع الماضي قدرة الذكاء الاصطناعي على إحداث تحول في هيئة "خدمات الصحة الوطنية"، مع استخدام الذكاء الاصطناعي مثلاً لتشخيص سرطان الرئة والحد من حالات سوء التشخيص بحوالى 60 في المئة.

واستكمالاً، إذا لم نحدث ثورة في طريقة استخدامنا للتكنولوجيا، لن يعود بإمكاننا تحقيق مهماتنا الطموحة إلى أقصى الحدود. وبالتالي، لا بد أن نسعى بجدية إلى تطوير قدرتنا التكنولوجية في الحكومة والقطاع العام والمجتمع عموماً.

لقد بات جلياً بصورة مطردة، أنه يتوجب علينا تحديد دور جديد للحكومة، وحثها على رسم وتحديد وجهة استراتيجية فاعلة، وكذلك التعاون مع القطاع الخاص في الوطن، ومع حلفاء في الخارج.

في السياق نفسه، لا شك أن اعتماد سياسة عدم تدخل خلال السنوات الأولى لتطوير الذكاء الاصطناعي [التي نعيشها الآن] يشكل الطريق الأضمن نحو الكارثة. وبالتالي، فإن ما يلزم في هذا الوضع السريع التحول يتمثل بقيادة استراتيجية ومتجاوبة، قيادة أعتزم توفيرها بنفسي.

 

* زعيم حزب العمال

© The Independent

المزيد من تقارير