Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صندوق النقد يحذر من إرهاق ميزانيات الشرق الأوسط بفواتير غير متوقعة

النمو المتقلب والدعم وأسعار الفائدة وخسائر الشركات الحكومية ضغوط بارزة... والاقتصاديون ينصحون بتحليل الأخطار قبل وقوعها

يمكن لإصلاحات الحوكمة وتصفية الأصول المملوكة للدولة أن تهدئ الالتزامات الطارئة (أ ف ب)

ملخص

صندوق النقد الدولي حذر من تحديات عالمية تضع المالية العامة تحت الضغط في عديد من بلدان المنطقة

يعرض النمو المتقلب والتحديات العالمية المرتفعة والشركات الخاسرة المملوكة للدول عديداً من الاقتصادات المنخفضة والمتوسطة الدخل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان لأخطار مالية مرتفعة، وتتضافر هذه العوامل مع التطورات الخارجية السلبية مثل الزيادات الأخيرة في أسعار الفائدة والارتفاعات الحادة في أسعار الغذاء والوقود، مما يضع المالية العامة تحت الضغط في عديد من البلدان.

مذكرة حديثة لصندوق النقد الدولي حذرت من أن اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان - باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي ذات الدخل المرتفع - معرضة بشكل خاص لأخطار مالية وصدمات كبرى تتسبب في زيادة الدين بمعدل 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

على رغم تكرار هذه الأحداث، غالباً ما يفاجأ صناع السياسات، وتجبرهم هذه الصدمات على إجراء تخفيضات مخصصة للإنفاق الإنمائي وغيره من الأولويات، ويحد هذا أيضاً من قدرة عديد من البلدان على استخدام السياسة المالية لتخفيف التباطؤ الاقتصادي، وبالتحديد عندما تكون هناك حاجة ماسة إليه.

أخطار كامنة

المذكرة التي أعدها كل من نائبة المدير العام لصندوق النقد الدولي أنطوانيت مونسيو، والمتخصص في الشأن الاقتصادي في إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بالصندوق محمود حرب، وزميلهما الخبير الأول في إدارة شؤون المالية العامة جاك الشراوي، تلفت النظر إلى عديد من العوامل الكامنة وراء تعرض المنطقة المرتفع نسبياً للأخطار المالية، الأول هو أن النمو الاقتصادي أكثر تقلباً مما هو عليه في أجزاء أخرى من العالم، والاعتماد الكبير على عائدات الموارد كما هو حال مصدري الهيدروكربونات الجزائر والعراق وليبيا، إضافة إلى الدعم الشامل للطاقة والغذاء في جميع أنحاء المنطقة، مما يعرض الميزانيات لتقلبات أسعار السلع الأساسية.

يشير فريق "الصندوق" إلى أمر آخر يتمثل في ملكية دول المنطقة الشركات والبنوك، وهو ما يولد التزامات حكومية كبيرة تكون مستحقة عند حدوث أحداث سلبية، تعرف باسم الالتزامات الطارئة، وعلى سبيل المثال قد تتطلب شركة الكهرباء أو المياه العامة التي تواجه خسائر تشغيلية كبيرة تقديم مساعدة مالية حكومية لمواصلة تقديم الخدمات.

عديد من الشركات المملوكة للدول في المنطقة ضعيفة من الناحية المالية، كما تشير مذكرة "الصندوق"، إذ تتطلب هذه الشركات ضخ السيولة النقدية الحكومية بشكل منتظم، وغالباً ما يعكس هذا دورهم في تنفيذ الأنشطة شبه المالية مثل بيع السلع والخدمات بأسعار أقل من أسعار السوق أو خلق فرص عمل، بدلاً من إدارتها على أساس سليم تجارياً.

الكوارث الطبيعية

من بين الأخطار التي تواجهها دول المنطقة تعرض ماليتها العامة لـ"أحداث متطرفة نادرة"، كما يسميها معدو الورقة البحثية، ويمكن أن يكون لها عواقب مالية كبيرة، ومن ذلك الكوارث الطبيعية والمناخية، مثل الفيضانات الكارثية التي شهدتها باكستان في عام 2022، والجفاف الشديد في شمال أفريقيا أو الصراع الاجتماعي وعدم الاستقرار، الذي يعطل الأنشطة الاقتصادية ويدمر البنية التحتية ويخلق حاجات إنفاق إضافية ويضعف القدرة المؤسسية ويشرد السكان، وهي أضرار ناجمة عن الكوارث الطبيعية وتقدر سنوياً بملياري دولار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مع تزايد حالة اللايقين الاقتصادي يحذر الاقتصاديون في صندوق النقد الدولي من أنه لا يمكن تجنب الأخطار المالية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالكامل، ومع ذلك فإن الوعي الأفضل بالأخطار وإدارة أقوى لها سيقللان من مفاجآت الميزانية ويوفران أرضية صلبة لسياسات التنمية الطويلة الأجل.

لكن "الصندوق" بدا مطمئناً لبعض الجهود المبذولة من جانب حكومات في المنطقة، فيلفت في مذكرته إلى مساع محلية لتحليل وإدارة الأخطار المالية، ومن ذلك إنشاء مصر وحدة مالية كلية مكرسة لوضع وتحليل بيانات أخطار المالية العامة، وأحرز الأردن تقدماً في رسم خرائط الأخطار المالية، في حين تراقب تونس أداء الشركات المملوكة للدولة وينفذ العراق تدابير للتخفيف من الأخطار.

خطوات مطلوبة

مع ذلك، يشير صندوق النقد الدولي إلى أنه لا تزال الحكومات في حاجة إلى اتخاذ خطوات لتعزيز جمع بيانات الأخطار المالية وتحديدها وتحليلها وقدرتها على الإدارة، ومعالجة فجوات البيانات من خلال الجمع المنهجي للمعلومات المالية عن الشركات المملوكة للدولة والضمانات والشراكات بين القطاعين العام والخاص والمصادر الأخرى للالتزامات الطارئة لإثراء تقييم شفاف للأخطار المالية.

يتعين أيضاً على حكومات المنطقة كما ينصح اقتصاديو "الصندوق" بوجوب تعزيز قدرتها على الصمود في وجه الصدمات، من خلال بناء مصدات للنفقات غير المتوقعة وأطر المالية العامة المتوسطة الأجل باستخدام ركائز محددة جيداً للديون والعجز، مع الاستفادة مما يقدمه صندوق النقد الدولي من أدوات لدعم السلطات الوطنية وتعزيز قدرتها على تحليل وإدارة الأخطار المالية، ويمكن للإصلاحات الاقتصادية أن تساعد في معالجة الأخطار المالية، وأن تقلل من تقلبات النمو، كما يمكن لإصلاحات الحوكمة وتصفية الأصول المملوكة للدولة أن تهدئ الالتزامات الطارئة أو تقلل من احتمالات تحقيقها.