Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قرارات حكومية تثير المعارضة الليبية ضد الدبيبة

الصفقات الموقعة مع إيطاليا وإنشاء جهاز عسكري ورفض اتفاق مجلسي النواب والدولة

الجيش الليبي يرفض قرار رئيس الحكومة الموحدة عبدالحميد الدبيبة إنشاء "الجهاز الوطني للقوة المساندة" (أ ف ب)

ملخص

يواجه رئيس حكومة الوحدة الليبية عبدالحميد الدبيبة معارضة داخلية وخارجية بعدما عقد عدة صفقات ضخمة مع إيطاليا، وأنشأ جهازاً عسكرياً مثيراً للجدل، ورفض اتفاق مجلسي النواب والدولة بالمغرب وذلك في غضون أيام قليلة.

زاد رئيس الحكومة الليبية في طرابلس عبدالحميد الدبيبة تأليب خصومه السياسيين ضده بقرارات وتصريحات جدلية صدرت عنه في ظرف أيام قليلة، وهو الذي يصارع للبقاء في المشهد من دون حليف سياسي واحد، وبات يعتمد بشكل كلي على حلفائه العسكريين الأقوياء في العاصمة، ويعتمد أكثر على تحالفاته الخارجية بخاصة مع تركيا وإيطاليا.

التحركات والتصريحات الجديدة للدبيبة التي أغضبت خصومه السياسيين بدأها بتشكيل كيان عسكري مشكل من ميليشيات مسلحة يتبع مباشرة لحكومته، ثم عقده لصفقات اقتصادية وأمنية جديدة مع روما، قبل أن يجدد رفضه لأي اتفاق بين البرلمان ومجلس الدولة يتضمن تشكيل حكومة جديدة للإشراف على الانتخابات.

صفقات جديدة

على رغم الاعتراضات الكثيرة على الاتفاق السابق الذي وقعته حكومة الوحدة بطرابلس مع إيطاليا في مجال الطاقة قبل أشهر، تجاهل رئيسها عبدالحميد الدبيبة كل هذه الاعتراضات وعاد من زيارة إلى روما انتهت الجمعة 8 يونيو (حزيران) محملاً بخمسة اتفاقات جديدة في مجالات الطاقة والاتصالات والبنية التحتية والتعاون الأمني للتصدي للهجرة غير الشرعية.

وبحسب حكومة الوحدة، وقعت ليبيا وإيطاليا مذكرات تفاهم في مجالات النفط والغاز الطبيعي، والاستثمار المشترك في المناطق المغمورة بمنطقة حوض المتوسط والمناطق اليابسة بحوض غدامس (جنوب غرب)، كما وقع الطرفان اتفاقات أخرى في الربط الكهربائي والهجرة وحماية الحدود، إضافة لتفعيل عقدي محطتي معالجة المياه والصرف الصحي، واتفاقية لربط البلدين بكابل بحري للاتصالات.

وأشارت الحكومة الليبية إلى أنها ناقشت رفع الحظر الجوي عن الطيران المدني الليبي في إيطاليا وتحديد موعد نهائي لذلك.

وكانت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، زارت العاصمة الليبية طرابلس أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، واجتمعت برئيس حكومة الوحدة، ووقعت اتفاقية خاصة بإنتاج الغاز الطبيعي بقيمة ثمانية مليارات دولار بهدف تعزيز إمدادات الطاقة نحو أوروبا، وناقشت ملف المهاجرين غير الشرعيين وسبل منع تدفقهم نحو الحدود الإيطالية.

تصريحات مثيرة

خلال زيارته لروما أدلى رئيس حكومة الوحدة الليبية عبدالحميد الدبيبة، بتصريحات مثيرة كشف فيها عن منح إيطاليا فرصاً استثمارية كبيرة في عدة مجالات، وهو الأمر الذي من المرجح أن يثير غيرة وغضب بعض الطامحين الإقليميين للاستثمار في ليبيا، على رأسهم فرنسا التي ثارت أحاديث كثيرة عن خلافات بينها وبين روما بخصوص الفرص الاقتصادية الليبية، وتحديداً المنافسة الشرسة في مجال الطاقة.

وقال عبد الحميد الدبيبة، في تصريحات لوسائل إعلام إيطالية، إن "ليبيا تعتزم تصدير الطاقة الكهربائية إلى أوروبا عبر إيطاليا، ونحن بصدد إطلاق مشروع كبير للطاقة الشمسية بهدف تصدير الكهرباء إلى أوروبا عبر البوابة الإيطالية أيضاً، وهو مشروع ليبي سيتم بمساهمة شركات وبنوك دولية كبيرة".

وأكد رئيس حكومة الوحدة أن "ليبيا وضعت لنفسها هدف إمداد الأسواق في إيطاليا وأوروبا بالغاز الطبيعي، ولدينا الكثير من الغاز غير المكتشف، ونحن نريد تزويد الأوروبيين بغازنا، إنه سوق محدودة للغاية مع مساحة صغيرة للجميع".

وأضاف الدبيبة "نريد استخدام كل إمكانياتنا وجميع شركائنا لإنتاج هذا الغاز وإرساله إلى أوروبا بالتعاون مع إيطاليا التي نتشارك معها في البنية التحتية اللازمة للمشروع، ويمكننا تطوير المزيد من الشراكة في مجال النفط والغاز"، في إشارة إلى خط أنابيب "غرين ستريم" الذي يربط الحقول الليبية بمحطة الغاز في صقلية.

معارضة داخلية

المعارضون والمعترضون على الصفقات الاقتصادية الضخمة التي يعقدها الدبيبة في الفترة الأخيرة مع عدة دول إقليمية كبرى في مقدمتها إيطاليا وتركيا، ليسوا فقط من منافسيهم على الاستثمارات التي توفرها ليبيا، بل تأتي أيضاً من خصومهم في الداخل الذين اتهموه مراراً بتجاوز صلاحياته الممنوحة له بحكم الاتفاق السياسي الموقع في جنيف 2020 والذي تشكلت بموجبه حكومته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب هذه الأصوات فإن هذا الاتفاق السياسي حدد مهام حكومة الدبيبة في تنظيم الانتخابات والإشراف على المرحلة الانتقالية الأخيرة، وهي المهمة التي فشلت بها، وانتهت بعدها ولايتها الموقتة، خصوصاً بعد سحب مجلس النواب الثقة منها، ما يجعل بقاءها في السلطة مخالفاً للقانون والتشريعات الليبية، وبالتالي كل الصفقات التي وقعتها بعد نزع الشرعية الدستورية عنها، تعتبر كأنها لم تكن.

ويتهمه هؤلاء أيضاً بشراء المواقف الدولية لدعم بقاء حكومته في السلطة عبر هذه الصفقات، خصوصاً مع تزايد عزلة حكومته الداخلية بعد توافق مجلسي النواب والدولة على الإطاحة بها، وسعيهما المستمر لتحقيق هذه الغاية.

رفض اتفاق المغرب

قبل عودته من روما، أثار عبدالحميد الدبيبة، جدلاً آخر وانتقادات شديدة له في ليبيا، بعد أن صرح بأن "إثارة تشكيل حكومة جديدة يتعارض مع إرادة الليبيين في الذهاب إلى الانتخابات وتحقيق الاستقرار"، في إشارة إلى الاتفاق الذي كان وشيكاً بين مجلسي النواب والدولة في المغرب.

وقال الدبيبة إن "هدف حكومة الوحدة الوطنية إنهاء الفترة الانتقالية الطويلة لكن من الضروري أولاً أن يكون هناك دستور متوازن وعادل يعبر عن كل الليبيين من دون استثناء".

ورأى رئيس حكومة الوحدة أن "هناك كثيراً من الأطراف تحاول إيجاد طرق أخرى لتمديد الفترة الانتقالية، بينما نحن نقول لنذهب إلى العملية الانتخابية التي تتطلب دستوراً وهذه ليست مهمة الحكومة، كما أن تنفيذ العملية الانتخابية نفسها هي من مسؤولية مفوضية الانتخابات".

تشكيل عسكري

قبل توجهه إلى روما كان رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة، ترك خلفه جدلاً واسعاً بعد أن أصدر قراراً بإنشاء جهاز عسكري باسم "الجهاز الوطني للقوى المساندة" يضم تشكيلات وكتائب ثوار 17 فبراير (شباط) لإعادة تنظيمها، وهي كتائب غير نظامية أو متجانسة وتشكلت بشكل عشوائي في ظل الفوضى الأمنية في مختلف مناطق ليبيا.

ونص القرار على تبعية الجهاز لرئاسة الوزراء، وتمتعه بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، وأن يكون مقره في العاصمة طرابلس، وتكون له فروع في مختلف المدن باقتراح من رئيس الجهاز وقرار من مجلس الوزراء.

وأشار القرار إلى أن "الجهاز يهدف لإعادة تنظيم وتشكيل الكتائب وتنظيم تحركها ووضع أسلحتها وآلياتها وذخائرها في إجراءات قانونية سليمة".

وبحسب القرار، تضم هذه القوى "ثوار 17 فبراير والمشاركين في العمليات العسكرية للدفاع عن الوطن من المدنيين والمدربين من الأجهزة الأمنية والعسكريين الذين سيتم ندبهم للجهاز".

وجاء في القرار أن "من مهام الجهاز حماية أهداف ثورة 17 فبراير وشرعية الدولة والمؤسسات السيادية واستقرار الدولة ومساندة أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية في حالات الطوارئ وعمليات الإنقاذ، وكذلك تأمين المواقع والحدود ومقار البعثات الدبلوماسية والمنشآت الحيوية والبنية التحتية".

إلغاء القرار

فور صدوره أثار هذا القرار جدلاً كبيراً واتهامات لعبدالحميد الدبيبة، بمحاولة تشكيل جسم عسكري تابع له مباشرة، لضمان استمراره في السلطة، خصوصاً مع وجود خطط محلية ودولية لتشكيل حكومة توافقية للإشراف على الانتخابات المحتمل إجراؤها العام المقبل.

ومع تنامي الجدل السياسي والقانوني في شأن هذا القرار، أصدر رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، قراراً بعدم اعتماد قرار أصدره رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة بصفته (وزير الدفاع) الخاص بانشاء "الجهاز الوطني للقوة المساندة" لمخالفته لصلاحيات المستويات القيادية بالجيش الليبي، والتي أعطت للقائد الأعلى للجيش الليبي وحده صلاحية إنشاء قوات جديدة وتحديد تبعيتها ومسؤولياتها.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات