ملخص
أغلب المطارات التي تصنفها مؤسسة "ستاندرد أند بورز" ما زالت ترزح تحت أعباء ديون تراكمت خلال فترة الوباء إلى جانب زيادة كلفة أعمال الصيانة والتوسعات التي بدأ بعضها قبل أزمة وباء كورونا وتعطل حتى الآن
مع دخول موسم السفر الجوي هذا الصيف رفعت مؤسسة التصنيف الائتماني العالمية "ستاندرد أند بورز" توقعاتها لأعداد المسافرين جواً في أوروبا، مما يرفع التقدير الائتماني لخمس شركات طيران أوروبية في مقدمة شركات السفر الجوي التي تصنفها المؤسسة.
وبنت المؤسسة الدولية توقعاتها الإيجابية على أن حجم الطلب على السفر الجوي مرشح للزيادة على رغم الضغوط الاقتصادية المتمثلة في زيادة معدلات التضخم وارتفاع أسعار بطاقات السفر بشدة وتراجع الدخول.
لكن في المقابل خفضت المؤسسة الدولية توقعاتها نحو المطارات الأوروبية مقدرة عدم استفادتها من زيادة الإقبال على السفر الجوي مقارنة بشركات الطيران، مضيفة في تقرير لها أمس "أن التحديات الاقتصادية والسياسية والبيئية ربما تؤثر سلباً في الطلب على السفر الجوي على المدى الطويل".
وكانت مؤسسة التصنيف الائتماني خفضت تصنيفها لشركات الطيران الأوروبية خلال أزمة وباء كورونا بما بين نقطة وسبع نقاط لكل الشركات، لكنها اعتبرت أن تلك الشركات تعافت بقوة الآن بسبب عودة الطلب على السفر الجوي ورفعها أسعار بطاقات السفر.
وجاءت في مقدمة الشركات شركة "رايان إير هولدنغ بي إل سي" وتلتها شركتا "إيزي جيت بي إل سي" و"بريتيش إيرلانيز بي إل سي" ثم شركة "دويتش لوفتهانزا إيه غي" وأيضاً شركة "إنترناشيونال كونسوليديتد إير لاينز غروب".
زيادة أعداد المسافرين
واعتبرت مؤسسة "ستاندرد أند بورز" أن زيادة الإقبال على السفر الجوي، خصوصاً داخل أوروبا، هو العامل الأساسي لرفعها التصنيف الائتماني لشركات الطيران، وإن ظلت أغلب تلك الشركات، أقل بنقطة أو نقطتين عن مستوى تصنيفها الائتماني قبل أزمة وباء كورونا باستثناء شركة "رايان إير"، ويرجع ذلك إلى تراكم الديون على تلك الشركات في فترة توقف السفر الجوي بسبب قيود الإغلاق في فترة الوباء وزيادة إنفاق الشركات على شراء الطائرات الجيدة مع تأخير التسليم من الشركات المصنعة نتيجة مشكلات إنتاج.
وتوقعت المؤسسة العالمية أن تواصل شركات الطيران الأوروبية، خصوصاً تلك التي تركز على الرحلات القصيرة لأغراض السياحة والترفيه تحقيق المكاسب، لكنها في الوقت نفسه ربطت تحقق ذلك بتفادي مشكلات التشغيل مثل "الإضرابات وغيرها" خلال موسم الصيف الحالي، التي كانت عطلت رحلاتها العام الماضي 2022، كما توقعت "ستاندرد أند بورز" أن تشهد شركات الطيران الأميركية الكبرى تحسناً مماثلاً في وضعها الائتماني هذا العام نتيجة زيادة الطلب على السفر الجوي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما توقعت استمرار نمو الطلب على السفر الجوي خصوصاً للرحلات القصيرة داخل أوروبا العام المقبل 2024، هذا إلى جانب استمرار ارتفاع أسعار بطاقات السفر هذا العام، بما يعوض شركات الطيران بعائدات أعلى تقلل من ضغوط ارتفاع التضخم على موازناتها.
وأشارت المؤسسة إلى أن زيادة عدد المسافرين على رغم غلاء السعر يرجع إلى انخفاض معدلات البطالة في أوروبا، وتراكم المدخرات لدى الأوروبيين وعودة الطلب المعطل نتيجة أزمة وباء كورونا.
وأكدت "ستاندرد أند بورز" أنه في حال عدم حدوث أي طوارئ اقتصادية أو جيوسياسية تتسبب في تعطل السفر الجوي فسيستمر النمو خلال هذا الصيف، خصوصاً أن شركات الطيران اتخذت بالفعل خطوات تقلل من احتمالات نقص العاملين وتقييد سعة التشغيل كالتي أضرت بنشاطها العام الماضي، إلا أن الاحتمالات تظل قائمة وقد تؤدي مثل هذا المشكلات إلى بعض التأخير خلال هذا الصيف، موضحة أنه وبشكل إجمالي سيستمر النمو كما يستمر تحميل شركات الطيران كلفة التضخم على المسافرين بما يزيد عائداتها.
الرحلات الطويلة والمطارات
في المقابل وعلى رغم استمرار نمو الطلب على السفر الجوي للرحلات القصيرة والسفر الداخلي ولأغراض السياحة والترفيه، إلا أنه من غير المتوقع أن يتعافى الطلب على السفر الدولي للرحلات الطويلة أو السفر لأغراض الأعمال بالقدر ذاته، ذلك على رغم أن تقرير "ستاندرد أند بورز" اعتبر العام الحالي 2023 العام الأول بعد أزمة الوباء الخالي تماماً من كل قيود السفر التي فرضت خلال الوباء، خصوصاً بعد إلغاء الصين كل قيود الإغلاق مطلع هذا العام.
ومع عودة مستويات السفر الجوي للرحلات الداخلية والقصيرة تقريباً إلى مستويات ما قبل أزمة وباء كورونا، تشير بيانات الاتحاد الدولي للسفر الجوي (آياتا) إلى أن الرحلات الطويلة في أوروبا وأميركا تظل عند مستوى نسبة 87 في المئة من المستوى الذي كانت عليه في عام 2019 قبل أزمة وباء كورونا، ذلك في مقابل أن طيران الرحلات القصيرة قد يصل بالفعل هذا العام إلى نسبة 95 في المئة من مستويات السفر في عام 2019.
أما السفر لغرض العمل فحسب بيانات "آياتا" فيظل عند نسبة 70 في المئة مما كان عليه قبل أزمة وباء كورونا، وسط توقعات أن يظل السفر لغرض العمل أقل من معدلاته في 2019 بنسبة بين 15 و20 في المئة حتى العام المقبل 2024.
يرجع ذلك إلى أن أغلب الشركات قللت من موازنات السفر الجوي لاعتبارات اقتصادية وأيضاً بيئية تتعلق بالتزامها بأهداف مكافحة التغيرات المناخية، ويعود ذلك بالطبع سلباً على المطارات الكبرى التي تعتمد أكثر على رحلات الترانزيت والرحلات الطويلة المدى التي ستقل عائداتها نتيجة ذلك التراجع في الطلب.
يضاف إلى ذلك أن أغلب المطارات التي تصنفها مؤسسة "ستاندرد أند بورز" ما زالت ترزح تحت أعباء ديون تراكمت خلال فترة الوباء إلى جانب زيادة كلفة أعمال الصيانة والتوسعات التي بدأ بعضها قبل أزمة وباء كورونا وتعطل حتى الآن.