Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الهجوم على السد في أوكرانيا يكشف مدى يأس بوتين

قد تجد موسكو في تدمير السد خطوة استراتيجية منطقية -تعوق حركة القوات الأوكرانية- لكن ثمنها باهظ ومخيف

ملخص

قد تجد موسكو في تدمير السد خطوة استراتيجية منطقية -تعوق حركة القوات الأوكرانية- لكن ثمنها باهظ ومخيف: فالهجوم على السد في أوكرانيا عمل تدمير باطش يكشف مدى يأس بوتين

يعد تفجير سد نوفا كاخوفكا أحد أفظع أعمال التدمير التي شهدتها الحرب حتى هذه اللحظة. وسيخلف هذا العمل تبعات على الهجوم العسكري الأوكراني ويرتب معاناة رهيبة على المدنيين وأضراراً على البيئة.

تبادل الطرفان التهم بالمسؤولية عن التفجيرات، لكن ما من سبب يدفع الأوكرانيين إلى إغراق مدينة خيرسون التي حرروها من الروس بالمياه وتصعيب سير العمليات الجارية في الجانب الجنوبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن ربما تجد موسكو سبباً منطقياً من الناحية الاستراتيجية في إغراق المنطقة التي كانت القوات الأوكرانية تخطط للقيام بهجمات مدرعة منها -على رغم الأضرار الجانبية الرهيبة. وقد نفذت بالفعل أعمالاً كهذه في الماضي في أوكرانيا، إذ فجرت في عام 1941 محطة دنيبرو لتوليد الطاقة الكهرومائية من أجل إبطاء تقدم القوات الألمانية السريعة.

كان ممن المرجح أن تسلك القوات الأوكرانية الطرقات الممتدة على طول السد من أجل نقل المدرعات والمعدات الثقيلة. ووفقاً لمسؤولي أمن غربيين، وضعت أيضاً مخططات لعمليات إنزال على الجزر أسفل مجرى النهر حيث كانت الاشتباكات قد بدأت بالفعل.

ومن المرجح أن يؤدي إغراق هذه المسالك بالمياه إلى إبطاء وتيرة الهجمات الأوكرانية حول خيرسون، فيما يعاد رسم المخططات التكتيكية وتتغير مواقع الأسلحة- مع أن القوات الأوكرانية تمتلك الآن ما يكفي من القدرات التي تسمح لها بالاستمرار، مع بعض التعديلات.

لكن تفجير السد يكشف درجة الفشل في الخطة الأساسية التي وضعها فلاديمير بوتين لغزو أوكرانيا، فقد حد الروس من هجماتهم على البنى التحتية الحيوية خلال الجزء الأكبر من المرحلة الأولى في الحرب لاعتقادهم بأنهم سيتسلمون إدارة البلاد سريعاً، كما تبين من خلال التسريبات من موسكو واعتراض الاتصالات.

لكن هذا الاتجاه تغير خلال الأشهر الأخيرة، مع شن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على محطات توليد الطاقة في كييف والمدن الكبرى، وصولاً إلى الهجوم الكبير الذي استهدف نوفا كاخوفكا- في خطوة همجية لكن أيضاً يائسة، تعكس تغير مسار الحرب.

كان أحد دواعي القلق الفورية تأثير الانفجار على محطة زابوريجيا النووية التي تشغل باستخدام مياه السد.

وحذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن نقص مياه التبريد قادر على تعطيل مولدات الطوارئ في المحطة التي تعمل بالديزل. ومع أن الوضع في الموقع تحت السيطرة في الوقت الحالي، بحسب التقارير، قال رئيس الوكالة رافاييل غروسي، إن منسوب مياه السد يتدنى. 

ومن جهته قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، "إن تدمير سد محطة كاخوفكا لتوليد الطاقة الكهرومائية يؤكد للعالم أجمع ضرورة طرد (القوات الروسية) من كافة الأراضي الأوكرانية. يجب ألا يترك لهم متراً واحداً لأنهم يستخدمون كل متر لنشر الإرهاب".

أما الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ، فاعتبر هذا الاعتداء "عملاً شنيعاً يعرض حياة آلاف المدنيين للخطر ويلحق أضراراً شديدة بالبيئة- ويبين مرة أخرى فظاظة الحرب الروسية في أوكرانيا".

لكن ما حدث يكبد روسيا خسائر كذلك. ولا يقف الأمر عند حد خسارة السكان لمنازلهم في المناطق التي احتلتها روسيا، بل من المرجح أيضاً أن يدمر منسوب المياه المرتفع نظام القنوات المائية التي تروي معظم مناطق جنوب أوكرانيا- بما فيها القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014.

بعد ضم القرم، سدت أوكرانيا إحدى القنوات التي تجر الماء من نوفا كاخوفكا، مما سبب حدوث أزمة مياه في شبه الجزيرة، لكن القوات الروسية أعادت فتح هذه القناة بعد فترة وجيزة من بداية الغزو الشامل العام الماضي. إنما من دون السد، يمكن أن يؤدي انخفاض منسوب المياه إلى وقف تدفق المياه في القناة مرة أخرى. وتعليقاً على هذه النقطة، قال سيرغي أكسيونوف، رئيس المنطقة الذي عينه الكرملين، إن "الأعمال جارية لتقليص حجم الخسائر المائية في القناة"، كما أضاف في محاولة لطمأنة السكان "أن الخزانات مليئة بنسبة 80 في المئة: ومياه الشرب تكفي وتزيد".

في هذه الأثناء، اتهمت موسكو أوكرانيا بتفجير السد من أجل حرمان القرم من المياه العذبة- وإخفاء الفشل المزعوم للهجوم المضاد الذي تشنه كييف حتى الآن. وقال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف "يمكننا أن نصرح بشكل لا لبس فيه بأننا نتحدث عن عملية تخريب متعمدة من الجانب الأوكراني".

ويرجح أن يؤدي الخطر على مخزون المياه والخوف من الأعمال العسكرية الوشيكة إلى تسريع رحيل المدنيين عن القرم. انتقل نحو 800 ألف شخص إلى المنطقة آتين من روسيا بعد الضم، ورحل الآلاف منهم بالفعل مع ارتفاع وتيرة الغارات الجوية الأوكرانية خلال الأشهر القليلة الماضية.

قالت سيدة من قومية التتار تسكن سيمفيروبول، عاصمة القرم، لـ"اندبندنت"، إن بعض جيرانها الروس يحزمون أمتعتهم استعداداً للانتقال من المكان. وأضافت فريدة "نرى ذلك بوتيرة متزايدة، أي انتقالهم من هنا، يقصدون مناطق مثل كرسنادور. غادر عدد كبير من شعبنا بعد الاستفتاء، عندما استولى الروس على المنطقة. والآن نرى كيف تحول مسار الأمور".

كانت القرم تشكل تاريخياً جزءاً من خانية التتار. وأبعد معظم سكان المنطقة إلى آسيا الوسطى بعد الحرب العالمية الثانية، تنفيذاً لأوامر ستالين، بسبب تعاملهم المزعوم مع قوات الاحتلال الألمانية.

لم ترغب السيدة العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات البالغة من العمر 33 عاماً، التي لم ترحل عن المنطقة لكي تعتني بأقاربها المسنين بعد أن رفضوا مغادرة منزلهم، بنشر اسم عائلتها. وقالت "يسود جو من الشك العارم هنا. يتقفى الروس أثر الجواسيس أو عدم الولاء لهم كل الوقت. ويزداد خوفهم من الآتي".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل