Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يمكن لزعيم السياسة الخارجية التركي صنع وزارة؟

من لديهم خبرة في إدارة الدولة ويعرفون الدبلوماسية والتاريخ والأساليب الحديثة سيكونون ناجحين بالتأكيد إلى أن يتضح العكس

وزير الخارجية التركي المعين حديثاً هاكان فيدان مع سلفه مولود جاويش أوغلو يتصافحان خلال حفل التسليم في أنقرة (أ ف ب)

ملخص

لمعرفة اتجاهات تركيا المستقبلية خارج الحدود علينا أولاً إدراك مفهوم "رجل الدولة الهجين" في السياسة الخارجية والاستخبارات.

الاستخبارات هي أهم عامل مساعد في صنع السياسة الخارجية، وفيدان الذي كان لفترة طويلة يدير معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا في تركيا هو الآن على رأس السياسة الخارجية، وكالن الذي سيحل محله هو بمثابة "ضابط استخبارات هجين".

تعد الاستخبارات من أقدم المهن في التاريخ، إذ إن الرغبة في المعرفة موجودة منذ أقدم العصور.

يقول آرثر ويلوسلي الذي هزم نابليون، "لقد قضيت حياتي كلها أحاول تخمين المنحدر الخلفي للتلة التي أمامي".

المرادف الإنجليزي للاستخباراتي أتى من كلمة "مخبر"، وهذا المفهوم ليس مرادفاً لكلمة "مخبر" العربية التي تعني "أخباراً"، إذاً ما هو الاستخباراتي؟

استخبارات تكنولوجية

لم تعد أجهزة الاستخبارات الحديثة تعني تلقي الأخبار، فالاستخبارات الآن هي نتاج يتم تقديمه إلى صناع القرار السياسي، ثم يقوم صانع القرار بتحويل هذا المنتج من خلال دمجه مع عدد من المنتجات الأخرى إلى وجبة جاهزة، وبمعنى آخر لم تعد الاستخبارات هياكل يحكمها "أمراء الظل"، ولا توجد منظمات استخباراتية مثل التي شاهدناها في "وادي الذئاب"، بل على العكس تماماً، فنحن نتحدث عن مؤسسات عامة تأخذ بعين الاعتبار "البيروقراطية" التي تقوم بإجراء تقييمات موسعة وطويلة الأجل، بهدف حماية البلاد من المفاجآت الإستراتيجية، ويمكننا القول إن معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا تحول الآن إلى استخبارات خارجية.

جهاز الاستخبارات التركية هو "رئاسة الاستخبارات الوطنية" (MIT)، وهذه المؤسسة يديرها هاكان فيدان منذ عام 2010، وفيدان الذي جاء من خلفية عسكرية عمل لاحقاً بمهنة أكاديمية، إذ أدار وكالة التعاون والتنسيق التركية (TIKA)، وكان نائب وكيل برئاسة الوزراء ونائب رئيس الاستخبارات عام 2010، وفي العام ذاته تم تعيينه في رئاسة الاستخبارات، وفي عام 2015 استقال لفترة قصيرة ليكون مرشحاً برلمانياً، لكنه سحب ترشيحه بناء على طلب أردوغان وعاد لرئاسة الاستخبارات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفيدان الذي قاد معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا خلال الأعوام الحرجة كان ينتج عناصر مساعدة لإخراج السياسة الخارجية حتى اليوم، والآن سيوجه هذه السياسة بشكل مباشر.

أما رئيس الاستخبارات الجديد فهو المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالن، أستاذ التاريخ الذي جاء إلى الواجهة بهويته الأكاديمية، وقد كان رئيساً لتنسيق الدبلوماسية العامة، وتماماً مثل فيدان أصبح كالن عام 2012 نائب وكيل رئاسة الوزراء بعد أن شغل منصب نائب الأمين العام لرئاسة الجمهورية، ثم أصبح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة.

وكما هو معروف فإن كالن ليست لديه خلفية استخباراتية، فهل سيؤدي ذلك إلى تعطيل إنتاج المعلومات الاستخباراتية؟

مصادرنا التي عملت في المنظمة لفترة طويلة وتتجه الآن إلى المهن الأكاديمية، تشير إلى مفهوم "رجل الدولة الهجين" في السياسة الخارجية والاستخبارات، مؤكدة أن الأشخاص الذين لديهم خبرة في الدولة ويعرفون الدبلوماسية والتاريخ وعلى دراية بالأساليب الحديثة، سيكونون ناجحين في إدارة أجهزة الاستخبارات.

كالن عمل أيضاً في كل من رئاسة الوزراء والرئاسة، حيث تتدفق المعلومات الاستخباراتية التي تم تحليلها لفترة طويلة جداً وأعيد تقييم التقارير لتتحول إلى سياسة، وعمل بشكل وثيق مع وكالة الاستخبارات، وكان يحضر اجتماعات دبلوماسية مع الرئيس أردوغان ويضع إستراتيجية، بعبارة أخرى فإن كونه يتمتع بممارسة كثيرة سيكون له مزايا معينة.

علم التنبؤات

المحاضر في قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة "يلدز" التقنية محمد عاكف أوكور يرى أن هاكان فيدان وإبراهيم كالن من الأسماء التي تثير فضولاً حول تأثيرها المستقبلي في السياسة الخارجية لتركيا، مشيراً إلى أنه في التاريخ السياسي الحديث هناك عدد قليل جداً من الأشخاص الذين اكتسبوا خبرة من خلال المشاركة في آلية صنع القرار الرفيعة المستوى لمثل هذه الفترة غير المنقطعة.

ويضيف أوكور، "نعيش في عالم تظهر عليه علامات التطور نحو الصراع على المستوى المنهجي، وبالنسبة إلى جميع الدول يأتي البعد الأمني ​​للسياسة الخارجية في المقدمة ويتفاعل أكثر مع المجالات الأخرى، لذلك فإننا نعالج الأمن بشكل متزايد مقارنة مع قضايا مثل الاقتصاد والاتصالات، كما يمكن للتغييرات أن تعزز البعد البنائي للاستخبارات وميل الأجندة الأمنية نحو الانتشار في المناطق الرمادية للسياسة الخارجية".

 أوكور يؤكد أن وكالات الاستخبارات الكبرى تستشير مؤرخين مؤهلين لصنع تنبؤات حول المستقبل، مضيفاً أن "فهم العمليات المادية والعقلية التي خلقت الماضي سيجعل من السهل تفسير الديناميكيات التي تشكل الحاضر وتصمم التدخلات البنائية".

المحاضر بكلية العلوم السياسية بجامعة إسطنبول يشار أوناي يرى أنه يجب تقييم مزايا كون رئيس الاستخبارات وزيراً للخارجية تحت عناوين مختلفة، مؤكداً أنه "يمكن أن تكون هذه المعلومات ذات قيمة كبيرة أثناء تشكيل السياسة الخارجية للبلاد كوزير للخارجية، وقدرة رئيس الاستخبارات على اتخاذ قرارات مستنيرة بناء على هذه المعلومات، قد توفر ميزة في حماية المصالح الوطنية للبلاد. أما العنوان الآخر فهو العلاقات الموثوقة، إذ يعمل قادة الاستخبارات بشكل وثيق مع أجهزة الاستخبارات وقادة الدول الأخرى، ويمكن لهذه الروابط والعلاقات أن توفر مزايا إستراتيجية لشخص يشغل منصب وزير الخارجية، وباستخدام هذه العلاقات يمكنه التأثير في السياسة الخارجية للبلاد".

أوناي يؤكد أيضاً أن رئيس الاستخبارات خبير في تقييم التهديدات الداخلية والخارجية، مشيراً إلى أنه عندما يتم تعيين هذا الاسم كوزير للخارجية فذلك يعني أن استخدام هذه التقييمات أثناء تشكيل السياسة الخارجية للبلاد أمر بالغ الأهمية من حيث التحديد الدقيق والتقييم للتهديدات وحماية أمن ومصالح البلاد، موضحاً أن قادة الاستخبارات يتبادلون المعلومات الاستخباراتية مع دول أخرى ويتلقون معلومات منها.

ويضيف، "قد يوفر ذلك ميزة لشخص يشغل منصب وزير الخارجية لتطوير العلاقات والتعاون مع الدول الأخرى، والتعاون الاستخباراتي مرتبط بالإرهاب والجريمة المنظمة والأمن السيبراني والتهديدات المشتركة الأخرى، ويمكن أن تكون هذه الأداة مهمة في المعركة".

ويقول أوناي أيضاً إن "قادة الاستخبارات لديهم خبرة في إدارة الأزمات، ويمكن أن تكون هذه التجربة ميزة عندما يشغلون منصب وزير الخارجية، وحينما يواجهون أحداثاً غير متوقعة أو أزمات دولية يمكن أن تجعلهم أكثر فاعلية في الحد من آثار الأزمات وتخفيف التوترات في العلاقات الدولية وإيجاد الحلول، وفي ظل هذه الظروف أستطيع أن أقول إن السيد فيدان سيكون ناجحاً في مهمته".

استشراف الماضي

وبخصوص رئيس الاستخبارات الجديد إبراهيم كالن يقول أوناي، "كالن كمؤرخ يمكنه اتباع خطوط محتملة عدة حول إدارة الاستخبارات، مع الأخذ بعين الاعتبار مقاربته للأحداث والعلاقات والعمليات السابقة، فقد يكون له أساس قوي في التحليل وربط الأحداث وفهم الماضي، وبالتالي يمكنه أن يعطي أهمية كبيرة لتحليل البيانات أثناء إدارة الاستخبارات ومحاولة إضافة منظور للمعرفة والتاريخ إلى قراراته".

ويشير أوناي إلى أن المؤرخين بشكل عام لديهم القدرة على فهم وجهات النظر المختلفة والتوصل إلى مقاربة بين مختلف الجهات الفاعلة، وباستخدام هذه التجربة يمكن لإبراهيم كالن اتخاذ خطوات مهمة في تبادل المعلومات والتعاون أثناء إدارة وكالة الاستخبارات، واعتماد نهج أكثر تصالحية في العلاقات الدولية، إذ إن المؤرخين خبراء في وضع الأحداث في سياقها وفهم أصولها، وبذا يمكن لكالن أثناء إدارة الاستخبارات استخدام منظور المؤرخ لتأسيس وفهم الأحداث، وبالتالي فإن باستطاعته تقييم الأخطار والتهديدات الحالية بشكل أفضل مع اتخاذ قرارات إستراتيجية، وعلى رغم ذلك فهذا مجرد افتراض، والواقع قد يختلف".

نقلا عن اندبندنت تركية

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير