Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ود مدني" وجهة نازحي حرب الخرطوم التواقين للحياة

لا يقل مستوى المعيشة فيها عن العاصمة ففيها كل وسائل الترفيه والطرق ممتلئة بالمارة ذهاباً وإياباً

شوارع "ود مدني" تضيق بنازحي حرب الخرطوم (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

أعداد النازحين الكبيرة إلى "ود مدني" تسببت في حدوث مشكلات عدة لسكان هذه المدينة التي تعرف بأنها منبع نجوم الفن وكرة القدم

لم يكن خيار النزوح من الخرطوم بعد اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في الـ15 من أبريل (نيسان) الماضي إلى مدن البلاد المختلفة عشوائياً، فإما لكون المدينة مسقط الرأس أو لتوفر الخدمات من فنادق ومستشفيات ووسائل ترفيه وغيرها، وهذا الخيار الأخير جعل مدينة ود مدني الواقعة على نهر النيل الأزرق وتعد من المدن الكبيرة (تبعد 186 كيلومتراً جنوب العاصمة)، مقصداً لآلاف الأسر الهاربة من جحيم القتال الذي تسبب في مقتل أكثر عن 800 شخص، ونزوح مليون ونصف مليون داخل السودان وخارجه.

هذه الأعداد الكبيرة من النازحين تسببت في حدوث مشكلات عدة لسكان هذه المدينة التي تعرف بأنها منبع نجوم الفن وكرة القدم، أبرزها حدوث اختناق مروري في أغلب طرقات وشوارع المدينة الرئيسة، بسبب كثرة المركبات الخاصة بالأسر النازحة لاسيما في مناطق الأسواق وشارع النيل الذي يشهد في فترة المساء تجمعات كبيرة وجلسات في المطاعم ووسائل الترفيه المختلفة، مما دفع إدارة شرطة المرور إلى نشر أفرادها في معظم الطرق والتقاطعات المهمة لساعات طويلة، فضلاً عن ارتفاع أسعار الفنادق والشقق المفروشة بنسبة تصل إلى 500 في المئة، وكذلك أسعار السلع بنسبة تراوح بين 50 إلى 100 في المئة.


اختناق الشوارع

أحمد عبدالمنعم أحد سكان ود مدني قال "للمرة الأولى في التاريخ تشهد هذه المدينة وصول مثل هذه الأعداد الضخمة من الأسر والأفراد الذين ضاق بهم كل ما هو متوفر من أماكن إيواء من فنادق وشقق مفروشة للمقتدرين، لدرجة أنه بات من الصعب إيجاد غرفة أو شقة، فكل الأماكن محجوزة بالكامل على رغم ارتفاع أسعارها بشكل كبير، إذ بلغ سعر إيجار اليوم الواحد ما يعادل 100 دولار بدلاً عن 20 دولاراً قبل هذه الحرب، وهو ما أغرى كثيراً من السكان بتخصيص جزء من منازلهم للإيجار لسد النقص الكبير في هذا الخصوص. كما ارتفعت كلفة الحياة المعيشية بصورة ملحوظة، فكل صاحب متجر أو خدمة أياً كانت نوعها قام بزيادة أسعاره تماشياً مع ما يحدث في الأسواق عامة".

وأضاف عبدالمنعم "أصبحت ود مدني هذه الأيام مزدحمة بشكل لافت، فالشوارع ممتلئة بالمارة ذهاباً وإياباً، ناهيك عن ازدحامها بالسيارات في الأوقات كافة، إذ كانت قبل وصول النازحين من المدن الهادئة واليسيرة في حركة التنقل، إضافة إلى اشتهارها بانخفاض الأسعار بخاصة في الخضراوات والفواكه وبعض السلع التي تنتج محلياً، باعتبارها عاصمة ولاية الجزيرة التي تضم أكبر مشروع زراعي في البلاد. والآن يعاني سكان هذه المدينة من آثار الحرب التي انعكست على معيشتهم لاسيما وأن غالبيتهم من الطبقة العاملة، سواء في مؤسسات الدولة أو شركات القطاع الخاص أو المهن الحرفية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

استغلال الظروف

في حين قال محمد هلال أحد النازحين من العاصمة، "جئت إلى ود مدني في الأول من مايو (أيار) مع زوجتي وابني البالغ من العمر ثلاث سنوات، هارباً من الحرب بخاصة أنني أسكن في حي كافوري بالخرطوم بحري، الذي شهد معارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. واخترت هذه المدينة (ود مدني) لتوفرها على كل مقومات الحياة والراحة فيها، بخاصة وأن زوجتي حامل تحتاج إلى متابعة ورعاية طبية، فضلاً عن قربها من العاصمة الخرطوم. وبالفعل لم أعان كثيراً في كل ما أحتاجه وأسرتي من خدمات وغيرها، لكن الشيء المؤسف أن ارتفاعاً كبيراً طاول كل شيء تقريباً سواء الفنادق أو المستشفيات أو السلع من منطلق الحاجة، فهم يدركون أن أي شخص نازح سيتشري السلعة بأي مبلغ يطلب منه، وهو استغلال لظروف قاهرة كان يجب ألا تحدث".

وتابع هلال "لكن عموماً لا يقل مستوى معيشة المدينة عن العاصمة، ففيها كل وسائل الترفيه المناسبة بخاصة شارع النيل الذي هيئ بشكل جاذب، فأنا وأسرتي يومياً نقضي فيه خلال فترة المساء أوقاتاً ممتعة، فقد أصبح متنفساً للهاربين من جحيم الحرب. كما أن المستشفيات الموجودة مناسبة جداً من حيث الجودة والكوادر الطبية وغيرها، لهذا سنظل موجودين في هذه المدينة لحين انتهاء الحرب ونأمل أن تنتهي قريباً".


نشأة المدينة

تعد ود مدني من أكبر المدن السودانية إذ تعتبر عاصمة ولاية الجزيرة، وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسها محمد الأمين بن الفقيه مدني، وتسمى المدينة كذلك بأسماء عدة منها مدني الجزيرة وغيرها.

ويعود تأسيسها إلى عام 1489 عندما حل مؤسسها محمد الأمين في مكان يسمى حالياً بخلوة تعليم القرآن والفقه، ومن ثم انتشرت حوله الأحياء السكنية وبدأت أعداد السكان تتزايد. وأول هذه الأحياء التي قامت في المدينة حي يسكنه المريدون والدارسون للمؤسس، ونشطت الحركة التجارية فيها بشكل ملحوظ، فضلاً عن صناعة القوارب الشراعية وبعض الصناعات المحلية مثل دباغة الجلود والأثاث المنزلي المصنوع من الخشب وصناعة الأحذية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير