Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التوتر بين كوسوفو وصربيا عميق الجذور والحل لا يزال بعيد المنال

الاشتباكات العنيفة هي الأحدث في سلسلة طويلة من أعمال التصعيد

وضعت قوات حفظ السلام التابعة لحلف شمال الأطلسي أسلاكاً شائكة أمام مبنى البلدية زفيكان، شمال كوسوفو، يوم الأربعاء (أ ب)

ملخص

يرى كريس ستيفنسن أن التوترات القائمة منذ عقود بين كوسوفو وصربيا التي انفجرت في اشتباكات عنيفة جديدة هذا الأسبوع تثبت أن إقناع الطرفين بالتهدئة واتخاذ الإجراءات قد لا يكون بهذه البساطة

في حين كان غزو روسيا لأوكرانيا المسألة الأهم التي رمت بظلالها على القمة التي جمعت 47 زعيماً أوروبياً في مولدوفا الخميس، كانت الأزمة تدور بين كوسوفو وصربيا على بعد حوالى 500 ميل (800 كيلومتر تقريباً) هي الموضوع الآخر الذي يدور في أروقة القمة.

لقد انفجرت توترات قائمة منذ عقود في اشتباكات عنيفة جديدة هذا الأسبوع دارت في شمال كوسوفو - ولا تظهر التداعيات السياسية سوى قليل من الإشارات على تراجع سريع. وتعتبر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا من بين الدول التي لديها تأثير في الوضع، في حين أكد حلف شمال الأطلسي استعداده لإرسال مزيد من القوات إلى المنطقة إذا لم تتوقف الاضطرابات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نزاع تاريخي معقد

كوسوفو هي بلد في البلقان على الحدود مع ألبانيا ومقدونيا الشمالية والجبل الأسود وصربيا. ومن بين السكان البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة، هناك 92 في المئة من أصل ألباني وستة في المئة من الصرب. ويعود النزاع حول هوية كوسوفو إلى قرون مضت، إذ تعتبرها صربيا قلب دولتها ودينها. وتضم البلاد عديداً من الأديرة المسيحية الأرثوذكسية الصربية العائدة إلى العصور الوسطى، في حين يعتبر القوميون الصرب معركة خيضت عام 1389 ضد الأتراك العثمانيين رمزاً لنضالهم الوطني.

وانفجرت عقود من التوتر المتراكم ببطء عندما انهار الاتحاد اليوغوسلافي في التسعينيات في عهد الزعيم القومي الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش. ورداً على ذلك، سعى قادة ذوو أصل ألباني في كوسوفو إلى الاستقلال، وتصاعد الموقف إلى تمرد من جانبهم وقمع عنيف وحشي من بلغراد. وتسبب النزاع، الذي دار بين عامي 1998 و1999، بمقتل أكثر من 10 آلاف شخص وتشريد أكثر من مليون شخص. وأجبر تدخل من حلف شمال الأطلسي عام 1999 القوات الصربية على الانسحاب من كوسوفو والتنازل عن السيطرة هناك إلى قوات دولية لحفظ السلام. وأعلنت كوسوفو استقلالها عام 2008.

وتعترف الآن 99 بلداً من أصل 193 بلداً أعضاء في الأمم المتحدة باستقلال كوسوفو، بمن في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة و22 بلداً من أصل 27 بلداً أعضاء في الاتحاد الأوروبي. لكن صربيا لم تقبل يوماً قيام دولة كوسوفو، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حليفتيها روسيا والصين. وتعني هذه الطريق المسدودة أن التوترات تواصل التفاقم.

كيف أثارت مشكلة حول لوحات أرقام السيارات فوضى

يعيش نحو نصف سكان كوسوفو الصرب في أربع مقاطعات في الشمال، إذ يشكلون أغلبية كبيرة. وتقابل محاولات إصدار بنود مثل بطاقات هوية كوسوفية أو لوحات لترخيص السيارات بمقاومة على مر السنين، وتؤدي الجهود المبذولة لإنفاذ القانون إلى احتجاجات واشتباكات عنيفة في بعض الأحيان.

وأصبحت لوحات أرقام السيارات مشكلة كبيرة قرب نهاية العام الماضي عندما قال مسؤولون كوسوفيون إنه لم يعد من الممكن استخدام لوحات السيارات التي يرجع تاريخها إلى النزاع الذي دار بين عامي 1998 و1999. وكان من المقرر إصدار غرامات تبلغ حوالى 130 جنيهاً استرلينياً (162 دولاراً) لكل من يستخدم لوحة صربية. وأدت هذه الخطط إلى استقالة جماعية من ذوي الأصل الصربي من المؤسسات الوطنية في كوسوفو كلها. وشمل ذلك الشرطة، إذ سلم أكثر من 600 من أفراد الشرطة ذوي الأصل الصربي شارات الشرطة الخاصة بهم.

وفشلت المحادثات التي جرت بوساطة من الاتحاد الأوروبي في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) في حل النزاع لكن تأجيلاً مدته 48 ساعة لفرض الغرامات طالبت به الولايات المتحدة حظي بالموافقة. ومع تزايد التحذيرات من خطر العنف، أعلن رئيس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بعد يومين آخرين التوصل إلى اتفاق.

وقال بوريل "ستوقف صربيا إصدار لوحات ترخيص تحمل أسماء مدن في كوسوفو"، مضيفاً أن "كوسوفو ستوقف أي إجراءات أخرى تتعلق بإعادة تسجيل المركبات".

وعبر بوريل عن إحباطه من الزعيمين القوميين للكيانين، الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش ورئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي، لفشلهما في حل النزاع قبل الوصول إلى تلك النقطة. ولن تكون هذه المرة الأخيرة.

تلا ذلك إعلان الجيش الصربي في ديسمبر (كانون الأول) وضع قواته في "أعلى مستوى من الاستعداد القتالي"، وعزز وجوده على الحدود الكوسوفية بعد ظهور حواجز طرق في المناطق ذات الأغلبية الصربية في شمال كوسوفو إثر اعتقال ضابط شرطة سابق – من أصل صربي – للاشتباه في مهاجمته ضابط شرطة كوسوفياً. وأطلق سراحه في ما بعد.

المسألة الروسية

في مارس (آذار) من هذا العام، أعلن بوريل أن صربيا وكوسوفو اتفقتا – شفهياً على الأقل – على خطة وضعها الاتحاد الأوروبي لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بينهما. وتسعى كل من كوسوفو وصربيا إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مما يمنح مسؤولي الاتحاد الأوروبي نفوذاً لممارسة الضغط لجمع الطرفين على طاولة المفاوضات. وصربيا دولة مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي منذ عام 2012، فيما قدمت كوسوفو طلباً رسمياً للانضمام إلى الاتحاد في ديسمبر 2022 مع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا.

ولصربيا نفوذ كبير في غرب البلقان، وزاد القلق بين المسؤولين الغربيين من انتشار عدم الاستقرار هناك مع رفض بلغراد المشاركة في العقوبات الأوروبية ضد موسكو.

وقال بوريل، متحدثاً في منتجع أوهريد بمقدونيا الشمالية حيث جرى تحقيق الوفاق بين البلدين: "أخيراً"، مضيفاً "لا يتعلق الأمر فقط بكوسوفو وصربيا. يجب النظر في هذا الحوار في السياق الجيوسياسي الأوسع الحالي، باعتباره أداة مهمة للحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة غرب البلقان الأوسع".

مشكلة انتخابية

لم يقيض لذلك أن يدوم. قاطع الصرب الانتخابات المحلية التي جرت الشهر الماضي في شمال كوسوفو. وانتخب أربعة رؤساء بلديات من أصل ألباني بنسبة اقتراع تقل عن أربعة في المئة. والأسبوع الماضي، رافق رجال شرطة كوسوفيين مسلحين رؤساء البلديات المنتخبين هؤلاء إلى مكاتبهم، مما أثار اشتباكات عنيفة مع الصرب المحليين أدت إلى إصابة بعض الصرب فضلاً عن عدد من أفراد قوات حفظ السلام.

وأرسل حلف شمال الأطلسي 700 جندي إضافي إلى المنطقة، إضافة إلى القوة التي يبلغ قوامها 3 آلاف و700 جندي وتتمركز هناك، على رغم أن ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، قال الخميس إن الحاجة قد تدعو إلى إرسال قوات إضافية.

وفي نمط مألوف، رفض كل من رئيس وزراء كوسوفو كورتي، ورئيس صربيا فوتشيتش، التراجع، على رغم قولهما إنهما يريدان حلاً للوضع. ودعا كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى خفض التوترات، ورأت واشنطن أن محاولات فرض تولي رؤساء بلديات مناصبهم تصعيد "غير ضروري". وألغت الولايات المتحدة أيضاً مشاركة كوسوفو في مناورات عسكرية بقيادتها. وتدخل الكرملين ليحض على احترام حقوق الصرب، في حين طبع نجم التنس الصربي نوفاك ديوكوفيتش على عدسة كاميرا الشعار: "كوسوفو هي قلب صربيا. أوقفوا العنف" – في خطوة لن تساعد على تحسين الأوضاع.

وقال فوتشيتش في قمة مولدافيا الخميس إن أسرع طريقة للسلام هي أن تسحب سلطات كوسوفو "رؤساء البلديات المزعومين" من الشمال، وتعلن أن وحدات الشرطة الخاصة في كوسوفو ذهبت إلى هناك في شكل غير قانوني. وقالت رئيسة كوسوفو فيوزا عثماني، التي حضرت بدلاً من كورتي، إن صربيا تدعم "عصابات إجرامية" في شمال كوسوفو.

وأجرى الاثنان محادثات مع زعيمي فرنسا وألمانيا – وكذلك مع بوريل المسؤول في الاتحاد الأوروبي – في محاولة للتعامل مع الأزمة. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه والمستشار الألماني أولاف شولتز حضا على إجراء انتخابات جديدة في أقرب وقت ممكن، وعلى وجوب توضيح القواعد المحيطة بها.

ويشير التاريخ إلى أن إقناع الطرفين بالموافقة واتخاذ الإجراءات قد لا يكون بهذه البساطة.

© The Independent

المزيد من تحلیل