Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يرى الشارع الليبي قرار التمديد لبحرية "إيريني"؟

تيار يراه تصفية حسابات مع تركيا وآخر يصفه بـ"الأكذوبة"

مجلس الأمن قرر تمديد الإذن للدول بتفتيش السفن قبالة سواحل ليبيا (أ ف ب)

ملخص

انقسم الليبيون حول قرار مجلس الأمن بتمديد عملية "إيريني البحرية" التابعة للاتحاد الأوروبي لمدة عام آخر، فمنهم من يراه لحماية المدنيين من الأسلحة المهربة وآخرون يرون أنه تصفية حسابات مع تركيا

جدد مجلس الأمن الدولي، أمس الجمعة، قرار الإذن للدول بـ"تفتيش السفن قبالة ساحل ليبيا" التي يشتبه في انتهاكها "قرار حظر توريد الأسلحة" إلى البلد الذي يعاني انقساماً سياسياً منذ انهيار نظام الرئيس الراحل معمر القذافي 2011، وذلك لمدة عام.

وقالت بعثة سويسرا لدى الأمم المتحدة في تعليقها على القرار الذي يحمل رقم 2684 إنه "مهم لمنع انتشار الأسلحة في ليبيا من أجل حماية المدنيين".

وولدت عملية "إيريني" العسكرية من رحم مؤتمر برلين الأول بموجب قرار صادر عن مجلس الاتحاد الأوروبي 31 مارس (آذار) 2020، وتتمثل مهمتها الأساسية في تنفيذ حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، إضافة إلى جمع المعلومات حول تهريب النفط، وكذلك المساهمة في تعطيل نموذج الأعمال الخاص بتهريب المهاجرين من خلال جمع المعلومات جواً ودعم تطوير قدرات البحث والإنقاذ لخفر السواحل والبحرية الليبية عبر التدريب، بناءً على قرارات مجلس الأمن. 

وأكدت عملية "إيريني" البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي رصدها سبع رحلات جوية مشبوهة، وتحقيقها في 403 سفن تجارية عبر المكالمات اللاسلكية، وفق تقرير لها نشر على الموقع الرسمي للاتحاد الشهر الماضي. 

وقال التقرير إن "أفراد العملية قاموا بـ23 زيارة على متن السفن بموافقة قادتها، وواصلوا مراقبة 25 مطاراً ومدرجاً و16 ميناءً ومحطة نفطية". أضاف أن "(إيريني) قدمت نحو 41 تقريراً خاصاً إلى فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بليبيا، أكدت فيها احتمالية وجود انتهاكات للحظر المفروض على أنشطة تهريب الأسلحة والنفط غرب وشرق البلاد".

وأثار تجديد الإذن للدول بتفتيش السفن قبالة ساحل ليبيا جدلاً وسط الشارع السياسي الليبي الذي اتقسم بين من يراه قراراً جيداً لحماية المدنيين من أضرار انتشار السلاح، وشق آخر يصفه بالفاشل، بخاصة أن الأسلحة ما زالت تصل إلى جميع الأطراف المتنازعة على الأرض. 

التمدد التركي

وفي هذا الصدد، وصف المستشار السياسي إبراهيم لاصيفر عملية التمديد بالقرار المهم على رغم محدودية النتائج التي حققتها منذ انطلاقها 2020، وتساءل عن "الوضع الأمني وحجم ترسانة الأسلحة التي كانت ستنعكس سلباً على حياة المدنيين في صورة ما لم يلجأ المجتمع الدولي إلى مثل هذه العملية العسكرية قبالة ساحل ليبيا التي تعاني فوضى السلاح وانتشار المجموعات المسلحة خارج نطاق القانون". 

وعلاقة بأهداف عملية "إيريني" خلال هذا العام أكد لاصيفر أن "قرار التمديد جاء في إطار كسر الواقع داخل البحر المتوسط الذي خلفته سيطرة البوارج البحرية التركية على هذه المياه الإقليمية باعتبار أن التغيير الذي حدث في الأعوام الماضية على هذه المنطقة أزعج دول أوروبا، بخاصة فرنسا وإيطاليا وألمانيا".

وتابع السياسي الليبي القول إن "منح الإذن لهذه الدول بتفتيش السفن المتجهة نحو ليبيا جاء كرد فعل على الحالة التي تقودها تركيا غرب البلاد، والتي تتمثل في ضرب أوكار تهريب الوقود والأسلحة والبشر في مدينتي الزاوية وزوارة"، لافتاً إلى أنها عملية عسكرية تبنتها حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار لاصيفر إلى أن العملية العسكرية بالغرب الليبي كانت مؤشراً خطراً لدول جنوبا أوروبا، بخاصة التي تعارض الاتفاقية البحرية الليبية - التركية (إيطاليا واليونان)، والتي تراها كأنها عملية استعراض من تركيا وحليفتها حكومة الوحدة الوطنية، منوهاً بأن التمديد لعملية "إيريني" جاء خشية من نزول الأتراك بقوة في البحر المتوسط، لا سيما أن هناك مؤشرات تصعيد في خطاب الرئيس رجب طيب أردوغان بعد إعادة انتخابه.

ولفت لاصيفر إلى قول أردوغان "سنبدأ بالذهاب في القرن التركي الجديد والتنمية الاقتصادية"، إضافة إلى خروجه منذ يومين مع مجموعة من الحلفاء وصفهم بالاتحاد التركي معلناً نيته إطلاق "صندوق نقد تركي كبديل لصندوق النقد الدولي في هذه المنطقة"، مؤكداً الخوف الأوروبي من تمدد أنقرة الاقتصادي للسيطرة على المتوسط وثرواته النفطية.

عملية فاشلة

من جهته، قال عضو مجلس النواب صالح فحيمة إن "القرار لن يكون مجدياً أكثر من الذي سبقه، ولن يحقق نتائج أكثر من التي حققها الأعوام الماضية، فالسلاح ما زال وسيظل يتدفق على جميع الأطراف المتصارعة داخل ليبيا، وسينتشر أكثر وأكثر طالما أن البلاد تتخبط في نفق المراحل الانتقالية".

ووصف عضو البرلمان عملية "إيريني" البحرية بـ"العملية الفاشلة" التي جاءت لذر الرماد في العيون على رغم ما يقال عنها إنها استطاعت إيقاف بعض العمليات كتهريب السلاح وإدخاله إلى الأراضي الليبية لأحد الفرقاء، لا سيما أنها تشاهد دولاً بعينها تقوم بتزويد حلفائها داخل ليبيا بالأسلحة في حين يغض مجلس الأمن الدولي الطرف عنها على رغم معرفته بها، حتى إن بعضها أعضاء في المجلس"، وفق تعبيره.

واعتبر الكاتب المتخصص بالشأن الليبي جبريل العبيدي قرار التمديد "استمراراً لأكذوبة حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا بشكل قانوني"، مشيراً إلى أن "الجميع يشاهد السلاح يتدفق إلى ليبيا براً وبحراً وجواً، حتى إن السفن التركية المحملة بالأسلحة والمدرعات رست أكثر من مرة في موانئ طرابلس والغرب الليبي من دون أن يعترضها حتى زورق من زوارق عملية (إيريني) العسكرية، ناهيك بطائرات النقل الجوي التي لا تنقطع عن الإقلاع محملة بالذخائر من تركيا تجاه مدينة مصراته وقاعدة الوطية ومعيتيقة"، وقال العبيدي إن التمديد لمثل هذا القرار يعد نوعاً من العبث والتضليل مفاده بأن "هناك حظر أسلحة وتفتيشاً ورقابة، بينما في حقيقية الأمر القرار غائب أو مغيب".

وشدد العبيدي على أن البلاد تحتاج إلى حزمة من الإجراءات الجديدة وليس تجديد قرارات قديمة، والتي من بينها التفتيش على السفن، مضيفاً أن الوضع الليبي يقتضي عمل إصلاحات سياسية داخلية تجعل من ليبيا دولة مؤسسات قانونية ذات سيادة حتى تستطيع حماية نفسها من الداخل والخارج، منوهاً بأن جميعها عناصر لن تتحقق ما لم يتوجه المجتمع الدولي إلى مساعدة السلطات المحلية على اتخاذ إجراءات عاجلة لجمع الأسلحة وتجريم امتلاكها خارج سلطة الدول".

المزيد من العالم العربي