Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مدرسة تتحول إلى مستشفى ميداني في قلب الخرطوم

طاولات التلاميذ باتت أسرة والأطباء متطوعون والأدوية من تبرعات الأهالي وناشطون: لن ننتظر الإغاثة

مع خروج ثلاثة أرباع المستشفيات من الخدمة بات معدل وفيات الأمراض المزمنة أكبر 10 مرات من ضحايا الحرب (أ ف ب)

ملخص

بحسب نقابة الأطباء فإن 12 ألف مريض مهددون بالموت لعدم قدرتهم على إجراء غسيل الكلى في المستشفيات إذ نفد مخزون الأدوية وصارت المولدات لا تعمل لعدم توافر الوقود

أمام لوح أسود تتلقى إحدى المريضات المحاليل وهي ممددة على طاولة تلميذ، فيما كيس المصل معلق على النافذة، بينما تحاول مجموعة من المتطوعين بما توفر من لهم أدوات أن يجعلوا من هذه المدرسة بمثابة مستشفى بدلاً من مستشفيات الخرطوم المغلقة.

في المدرسة الصغيرة التي تقع بحي الراشدين في أم درمان، الضاحية الشمالية للعاصمة السودانية، يستقبل الطبيب محمد الطاهر مع شابين من الحي المرضى لمعالجتهم باستخدام بضع صناديق من الأدوية قام الجيران بجمعها.

يقول الطبيب الذي يرتدي قميصاً أزرق اللون وسروالاً من الجينز "نعالج الأطفال والأشخاص الذين يعانون أمراضاً مزمنة مثل المصابين بالسكري وارتفاع الضغط".

ويؤكد الطاهر أنه مع خروج ثلاثة أرباع المستشفيات من الخدمة في الخرطوم وفق نقابة الأطباء، "بات معدل الوفيات بسبب هذه الأمراض المزمنة أكبر 10 مرات من ضحايا الحرب" في الوقت الراهن.

وبحسب نقابة الأطباء فإن 12 ألف مريض مهددون بالموت لعدم قدرتهم على إجراء غسيل الكلى في المستشفيات، إذ نفد مخزون الأدوية وصارت المولدات لا تعمل لعدم توافر الوقود.

من المقاومة إلى الإغاثة

منذ اندلعت الحرب في الـ25 من أبريل (نيسان) بين الجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو غيرت "لجان المقاومة"، وهي مجموعات شعبية كانت تنظم الاحتجاجات للمطالبة بحكم مدني ديمقراطي، نشاطها.

قبل ذلك كان الشبان أعضاء تلك اللجان ينظمون التظاهرات ضد الحكم العسكري، أما اليوم فباتوا يجمعون المياه والمواد الغذائية أو يقيمون مستوصفات بما تيسر من أدوات في الأحياء التي يمكن الوصول إليها بسهولة أكبر من المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل، لكن لا الجرحى أو المرضى يستطيعون الوصول إليها في معظم الأحوال بسبب القتال.

ويعاني النظام الصحي في السودان، الذي فرض عليه حظر دولي مدة عقدين، من مشكلات كثيرة في الأصل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غير أن منظمة الصحة العالمية لاحظت كذلك "هجرة الأدمغة والعاملين المدربين في مجال الصحة" مع بداية الحرب.

استجابت مها محمد على الفور للنداء الذي أطلقته لجان المقاومة، إذ تتولى السودانية الشابة التي ترتدي عباءة وغطاء رأس أسودين، إدارة صيدلية المستشفى الميداني الصغير الذي يوفر للمرضى "بين التاسعة صباحاً والثالثة بعد الظهر خدمات طبية عامة، كما يجري جراحات صغيرة"، وفق اللافتة المكتوبة بخط اليد والمعلقة عند المدخل.

وتقدم هذه الخدمات "مجاناً" في بلد يعيش فيه 65 في المئة من السكان تحت خط الفقر، وأمام أرفف وضعت عليها محاليل وأدوية تدعو هذه المتطوعة إلى "مزيد من التبرعات"، فيما نهب مخزون المساعدات الإنسانية والطبية الموجودة وسط مناطق المعارك.

ستمر هذه الحرب

ويقول العاملون في مجال الإغاثة الإنسانية إنهم لا يرون أي ممر آمن متاح لكي يرسلوا المساعدات على رغم هدنة أعلنت رسمياً ولم يلتزم بها على الأرض، أما الحاويات التي جاءت عن طريق الجو فلا يزال معظمها محتجزاً في الجمارك.

وتقول مها محمد "ينبغي أن نكون متضامنين في ما بيننا قبل أن ننتظر مساعدات من الخارج، وأقول للناس الذين لديهم أدوية في منازلهم فلتجلبوها إلينا هنا".

في ساحة المدرسة يصل مريضان لتسجيل اسميهما لدى سيدتين تجلسان خلف طاولة وضع عليها صندوق للتبرعات، ويشرح أشرف وهو متطوع آخر "أن قتالاً يجري في حينا، وبالتالي معظم المستشفيات أغلقت أبوابها وصار الناس يأتون هنا لتلقي الرعاية المجانية من الأطباء".

وقد يزداد عدد المرضى بشكل كبير قريباً، إذ يبدأ في يونيو (حزيران) موسم الأمطار الذي تنتشر خلاله الأوبئة، فالملاريا تجتاح البلاد عادة كل عام في هذا الموسم، ويمكن أن تنتشر الكوليرا كذلك بسبب نقص مياه الشرب، غير أن أشرف يفضل أن يظل متفائلاً في بلد توالت عليه الانقلابات والحكومات العسكرية لفترات طويلة منذ استقلاله عام 1956.

ويقول أشرف "ستمر هذه الحرب"، مضيفاً "سبق أن رأينا أزمات كثيرة في السودان وفي كل مرة نظن أنها الأخيرة، هذه الحرب ستنتهي كذلك".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات