Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مستشفيات الخرطوم خارج نطاق الخدمة برغم الهدنة

نقابة أطباء السودان: جميع المشافي تعاني نقصاً في المياه والكهرباء وطرفا الصراع تركا الشعب أمام خياري الموت بالرصاص أو بالمرض

حتى المستشفيات في الخرطوم لم تسلم من القصف ما يضاعف معاناة السودانيين (رويترز)

ملخص

الهدنة لم تغير واقع مستشفيات الخرطوم أو تسهم في تخفيف معاناة المواطنين بعد أن تسببت الحرب في انهيار كامل للنظام الصحي.

على رغم مرور خمسة أيام على سريان وقف إطلاق النار في السودان الخاضع لمراقبة سعودية - أميركية، فإن الهدنة لم تغير واقع مستشفيات العاصمة الخرطوم، أو تسهم في تخفيف معاناة المواطنين بعد أن تسببت الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي في انهيار كامل للنظام الصحي وتفاقم نقص الأدوية.

وبحسب متخصصين فإن تحسناً طفيفاً طرأ على بعض المشافي بجانب توفير بعض الخدمات مقارنة بالوضع ما بعد اندلاع المعارك، بينما رسم آخرون صورة قاتمة للقطاع حال استمرار الاشتباكات المسلحة خلال الفترة المقبلة.

تفاقم الأزمة

وأعلنت نقابة أطباء السودان ارتفاع عدد القتلى المدنيين إلى 865 بينما بلغت الإصابات 3634. وقال سكرتير اللجنة التمهيدية للنقابة عطية عبدالله إن "غالبية مستشفيات الخرطوم خرجت عن الخدمة، وحتى الذي يعمل منها يعاني انقطاع التيار الكهربائي والمياه وصعوبة وصول الكوادر المتخصصة، بجانب عدم توفر المحروقات المشغلة للمولدات ونقص حاد في المستهلكات الطبية".

وأضاف أن "مستشفى أحمد قاسم كواحد من أكبر مراكز علاج القلب متوقف منذ فترة طويلة، كما أن مركز غسيل الكلى عاد للعمل وتوقف حالياً نتيجة نقص إمداد الكهرباء والمياه وينطبق الأمر على كل المشافي في العاصمة، الأمر الذي يؤدي إلى وفاة المرضى، وليس هناك حصيلة بأعدادهم، لكن من ماتوا بسبب عدم تلقي الرعاية اللازمة كثر"، مشيراً إلى أن طرفي الصراع تركا الشعب السوداني أمام خيارين، إما الموت بالرصاص أو بالمرض.

إزاء هذا الوضع أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر توزيع مواد تخدير ومضادات حيوية وأدوية وضمادات وأمصال لمعالجة مئات الأشخاص المصابين في سبع مستشفيات في العاصمة.

المدير الطبي لمستشفى البان جديد بمنطقة الحاج يوسف في الخرطوم رامي نصر شفيق قال إن "الوضع بعد الهدنة تحسن بشكل كبير في ما يتعلق بانسياب العمل وتقديم الخدمات، كما قل عدد إصابات المعارك الحربية مقارنة بالفترة ما قبل وقف إطلاق النار".

وأضاف أن "عدد الكوادر الطبية بدأ يتزايد بعد تمكن كثر من الوصول إلى المستشفيات". ونوه بأن هناك "إمدادات ومعينات مقدمة لمستشفى البان جديد يتوقع تسلمها خلال الساعات المقبلة". وأشار إلى أن "معظم الجرحى الذين يستقبلهم المستشفى ممن تعرضوا لحوادث سير وإصابات نتيجة للانفلات الأمني وعمليات النهب والسرقة".

وأوضح أن "الأطباء تحرروا من حالة الإرهاق وتحسن وضعهم البدني والنفسي نحو الأفضل مقارنة بالمعاناة التي حدثت خلال الشهر الأول من اندلاع الحرب".

معونات خارجية

في موازاة ذلك، قال مدير الصليب الأحمر في السودان ألفونسو فردور بيريز "نواجه انهياراً فعلياً للنظام الصحي فيما السكان في أحوج ما يكون إليه، إذ لم تعد تعمل سوى 20 في المئة فقط من المنشآت الطبية بالخرطوم، والمستشفيات بحاجة ملحة كذلك إلى المياه والكهرباء، فضلاً عن حد أدنى من الشروط الأمنية لمرضاها والعاملين فيها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهته قال وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم إن "جملة المعونات الإنسانية التي وصلت البلاد نحو 690 طناً منها 367 طناً إمدادات طبية، وموقف الإمداد مطمئن بخاصة مستهلكات مرضى غسيل الكلى والتي تم توفيرها عبر آليات الصندوق القومي للإمدادات الطبية".

وشدد على أهمية التنسيق مع الشركاء في توفير الحاجة الفعلية من الأدوية والمستلزمات المختبرية، وناشد الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الأممية والدولية، مواصلة تقديم الدعم الإنساني للبلاد من أجل الخروج من الأزمة الحالية.

معاناة مرضى الكلى

يعيش مرضى الفشل الكلوي مآسي مستمرة منذ اندلاع المعارك الحربية، وتتعرض صحتهم إلى التدهور سريعاً حال لم يجدوا الجلسات الكافية من الغسيل، ويبلغ عددهم سبعة آلاف يتلقون العلاج في 104 مراكز صحية وفق وزارة الصحة السودانية، ومع انهيار النظام الصحي في العاصمة الخرطوم، غادر عديد منهم إلى ولاية الجزيرة جنوب العاصمة ومدينة بورتسودان شرق البلاد لإنقاذ حياتهم بالحصول على الرعاية الطبية اللازمة.

يقول المريض محمد زين حامد إن "مراكز غسيل الكلى في أقاليم السودان لا تستطيع مقابلة آلاف المرضى مما فاقم من معاناة تقترب من الموت البطيء".

وأضاف أن "المستشفيات خفضت مدة الغسيل لساعتين فقط بدلاً من أربع ساعات، كما كان يحدث في السابق، إضافة إلى تقليص عدد الجلسات من مرتين إلى مرة واحدة خلال الأسبوع، مما يؤدي إلى نقص البوتاسيوم ومن ثم تدهور صحة المرضى".

وتابع "الصيدليات التي توفر الأدوية محدودة وتوجد في مناطق الاشتباكات المسلحة مما يصعب من مهمة المريض في الحصول على الدواء".

وضع معقد

وبحسب لجنة الأطباء فإن 61 مستشفى من أصل 85 في العاصمة الخرطوم والولايات متوقف عن الخدمة، بينما هناك 25 تعمل بشكل كامل أو جزئي، بعضها يقدم إسعافات أولية فقط وهي مهددة بالإغلاق أيضاً بسبب نقص الكوادر والإمدادات الطبية والتيار الكهربائي والماء.

الاستشاري الطبي بعدد من المستشفيات مجدي حماد قال إن "المنظومة الصحية أصلاً مركزية وحال أصابها الشلل كما حدث في الخرطوم وأم درمان تخرج كل المنظومة الأساسية عن العمل وتتوقف الخدمة".

وأشار إلى أن "هناك أزمة دواء طاحنة لأن صيدليات كثيرة تعرضت للكسر والتخريب مما أسهم في شح الدواء، كما أن عديداً من مصانع الأدوية تعرضت للاستهداف، وهو ما ستنتج عنه كارثة كبيرة لأن ذلك يعني فقدان الدواء المصنع محلياً وفقدان المواد الخام".

وأوضح حماد أن "انقطاع الكهرباء يؤثر بشكل كبير في من يتلقون العلاج لأن تعرق المريض في ظل ارتفاع درجات الحرارة يعرض الجروح لمضاعفات خطرة". وشدد على ضرورة تأمين الوصول الآمن للمرضى والعاملين الصحيين وسيارات الإسعاف إلى المستشفيات في جميع الأوقات.

المزيد من متابعات