Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لهذه الأسباب ضمت الولايات المتحدة ظريف إلى قائمة خامنئي

كيف تؤثر العقوبات الأميركية في إيران وآليات عملها؟

سارعت بعض وسائل الإعلام في الولايات المتحدة إلى الربط بين العقوبات التي فرضتها واشنطن على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وبين التصعيد الإيراني من خلال تجارب صاروخية واحتجاز ناقلة بريطانية عند مضيق هرمز. لكن وزارة الخزانة الأميركية كانت مباشرة وأوضحت الأسباب الحقيقية لفرض العقوبات على ظريف باعتبارها جزءاً من عمل استراتيجي محدد المعالم.

فقد أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان عن قرار العقوبات المنشور على موقعها على الإنترنت، أن السبب هو أن ظريف يعمل بشكل مباشر أو غير مباشر لمصلحة المرشد الأعلى لجمهورية إيران الإسلامية علي خامنئي، الذي صدر بحقه وبحق المرتبطين به وبمكتبه أمر تنفيذي من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في 24 يونيو (حزيران) الماضي. بالتالي، أُضيف اسم وزير الخارجية الإيراني إلى قائمة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التي تشمل الأشخاص الخاضعين للعقوبات.

وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين إن "ظريف ينفذ الأجندة الطائشة للمرشد الأعلى لإيران، وهو المتحدث الرئيسي للنظام أمام العالم، ولهذا تُرسل الولايات المتحدة رسالة واضحة للنظام الإيراني بأن تصرفاته الأخيرة غير مقبولة بالكامل".

أضاف منوشين أنه "في الوقت الذي يحظر النظام على المواطنين الإيرانيين الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ينشر وزير الخارجية دعاية للنظام ومعلومات مضللة حول العالم باستخدام هذه الوسائل".

الخارجية الإيرانية موّلَت فيلق القدس

وأضافت وزارة الخزانة، في بيانها، معلومات أكثر أهمية، منها ما يُشير إلى أن الخارجية الإيرانية التي يشرف عليها ظريف نسقت مع أحد أجهزة الدولة الإيرانية الشنيعة وهو فيلق القدس التابع للحرس الثوري الذي تصنيفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية. وتفيد تلك المعلومات بأن عدداً من كبار المسؤولين في الخارجية الإيرانية مولوا أنشطة لفيلق القدس بهدف التأثير في انتخابات (لم يحدد البيان مكان الانتخابات). أضاف أن مسؤولين كباراً في وزارة الخارجية الإيرانية سعوا إلى إطلاق سراح ناشطين فاعلين في فيلق القدس من إحدى الدول عبر دفع أموال إلى مسؤولين في سلطتها القضائية.

كيف ستطبق العقوبات؟

وفقاً للخزانة الأميركية، فإن جميع الممتلكات والمصالح المرتبطة بها والخاصة بوزير الخارجية الإيراني المولود في 8 يناير (كانون الثاني) 1960 سواء الموجودة في الولايات المتحدة الأميركية أو في حوزة أو تحت سيطرة وتحكم مواطن أميركي، ستُجمد ويُحظر التعامل فيها وإبلاغ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة بها.

وبينما اعتبر ظريف أن القرار الأميركي لن يؤثر عليه، نظراً لعدم وجود ممتلكات له أو لأسرته في الولايات المتحدة، حذر البيان الأميركي الأفراد المتعاملين مع أشخاص يقعون تحت طائلة العقوبات مثل ظريف من العقاب بتصنيفهم مثلهم. وحذر البيان أي مؤسسة مالية أجنبية من إدارة أو تسهيل معاملات مالية لمصلحة أشخاص يخضعون للعقوبات الأميركية، وإلا تعرضت هذه المؤسسات الأجنبية لعقوبات أميركية.

تهديدات أمنية

وفي ظل العقوبات الأميركية المتتالية على النظام الإيراني عبر تنفيذ استراتيجية "أقصى درجات الضغط" التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يتساءل كثيرون في الولايات المتحدة وخارجها عن مدى تأثير هذه العقوبات. وهو ما أجابت عنه سيغال ماندلكير، نائب وزير الخزانة لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب، خلال حلقة نقاشية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، وأكدت أن الأدوات التي تستخدمها وزارة الخزانة كانت فعالة للغاية لدرجة أن موظفي إدارتها يجدون أنفسهم بمثابة رأس الحربة حينما تكون هناك تهديدات أمنية جديدة.

وبينما عددت ماندلكير منجزات إدارتها خلال العامين الماضيين من قطع عائدات بمليارات الدولارات كان يمكن أن تتدفق على إيران التي وصفتها بأكبر دولة راعية للإرهاب حول العالم، شرحت كيف تقدم إيران مليارات الدولارات إلى جماعات إرهابية مثل حزب الله وحركة حماس. وأشارت ماندلكير إلى أن لا شفافية مالية في إيران، حيث أن الجماعات التي تمول الإرهاب مثل الحرس الثوري وفيلق القدس مدمجة داخل الاقتصاد الإيراني، كما أن المصرف المركزي الذي يشرف على جميع المصارف الإيرانية، سرّب مئات الملايين من الدولارات إلى فيلق القدس وحزب الله وحركة حماس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضحت ماندلكير أن مواجهة هذه التحديات تطلبت منهجاً شاملاً يستخدم جميع الأدوات المتاحة بهدف تنفيذ استراتيجية الضغط القصوى وبناء تحالفات جديدة. فمنذ أعاد ترمب تطبيق العقوبات على القطاعات التي تولد أكبر عائد في الاقتصاد الإيراني، وهي قطاعات الطاقة والمالية والشحن والمعادن النفيسة والطيران والسيارات، أضافت الخزانة الأميركية أكثر من 1000 شخصية وهيئة وطائرة وسفينة إلى قائمة الحظر. وزاد الضغط باستهداف الهيئات الأكثر ربحية، خصوصاً في قطاع البترول، حيث قللت الولايات المتحدة من تدفق البترول الإيراني عبر إنهاء نظام الاستثناءات لبعض الدول لفترات زمنية محددة.

البترول وسوريا

ولوقف عائدات البترول غير الشرعية، اتخذت وزارة الخزانة الأميركية إجراءات ضد شبكة دولية واسعة كانت تقدم ملايين براميل البترول الإيرانية إلى الحكومة السورية، وتسهل حركة مئات الملايين من الدولارات لتصل إلى فيلق القدس والحرس الثوري وحزب الله وحماس.

وكان الإجراء الذي اتخذته الخزانة الأميركية هو فرض عقوبات على اثنين من مسؤولي البنك المركزي، وكذلك شركة فرعية تابعة لوزارة الطاقة الروسية ورجل أعمال سوري وشركاته.

وتؤكد المسؤولة الأميركية تصنيف أكبر شركة بيتروكيماويات إيرانية ضمن الشركات الخاضعة للعقوبات، نظراً للدعم المالي الذي قدمته إلى الحرس الثوري الإيراني. وتسيطر هذه الشركة على 40 في المئة من الإنتاج الإيراني وتصدر 50 في المئة من صادرات إيران البتروكيماوية.

استهداف الجماعات "الوكيلة"

استهدفت الولايات المتحدة الجماعات الوكيلة لإيران في الشرق الأوسط، لأن الأدوات المتبعة لم تقتصر على العقوبات بل شملت خطة التنفيذ إقامة شبكة علاقات دولية مكثفة لدعم القدرة الجماعية بهدف التعرف إلى التهديدات وقطع التمويلات غير الشرعية. وحذرت واشنطن العام الماضي المؤسسات المالية الدولية من الوسائل التي استخدمها النظام الإيراني مثل شركات الواجهة التي تحمل مستندات مزورة.

ولمواجهة الجهود الإيرانية للتهرب من العقوبات في مجال شحن البترول، نشرت الخزانة الأميركية نشرات تحذير تتضمن قائمة بأسماء شركات الشحن والتأمين وملاك السفن وأسماء قائد كل منها.

تأثير العقوبات

تؤكد ماندلكير أن استراتيجية الضغط القصوى أحدثت تأثيراً جيداً، إذ انخفض الإنفاق العسكري في إيران، وتراجع حجم التجارة الإيرانية بما في ذلك صادرات البترول في الأشهر الأخيرة. وأعلن الرئيس الإيراني أن اقتصاد بلاده يمر بأسوأ حالاته من 40 عاماً. ما يعني أن العوائد الاقتصادية التي يحول النظام منها إلى الجماعات الوكيلة التابعة له تتقلص.

وتشير المسؤولة الأميركية إلى أن الإجراءات التي تستهدف حزب الله تحدث تأثيراً كبيراً. وقدرة حزب الله على تمويل أنشطته المدمرة باتت أقل. وهو ما كشفت عنه مناشدات زعيم الحزب حسن نصر الله الذي دعا مؤيديه إلى التبرع.

مع ذلك، فإن تحديد التأثير والفاعلية عملية معقدة تتطلب صبراً ومرونة. ولأن إيران مُصرة على مواصلة نشاطها الخبيث، فإن الأمر يتطلب تعديل خطط المواجهة والرصد والمتابعة وفقاً لتحركات إيران للتهرب من العقوبات.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات