Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موسكو تطارد "جواسيس الصين" على حدودها الشرقية

منذ بداية عام 2023، احتجز جهاز الأمن الفيدرالي 6 أشخاص على الأقل بتهمة الخيانة

بلاغوفيشينسك الروسية ويمكنك رؤية أفق مدينة هيهي الصينية في الخلفية. يفصل بين المدينتين نهر أمور (غيتي)

ملخص

يتزايد استهداف السلطات الروسية للأشخاص الذين تعتبرهم "خونة" و"جواسيس" في الشرق الأقصى الروسي وذلك لمصلحة "الحليف الصيني". "بي بي سي روسيا" قامت بجمع تفاصيل بعض هذه القضايا

منذ بداية عام 2023، اعتقل جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ستة أشخاص على الأقل في الشرق الأقصى الروسي بشبهة "الخيانة". ومن بينهم رجلا أعمال من مدينتي بلاغوفيشينسك وفلاديفوستوك، بتهمة التجسس لصالح الصين.

في محاولة لفهم ما يجري قامت "بي بي سي روسيا" BBC Russian بجمع تفاصيل هذه القضية مع تزايد استهداف السلطات الروسية للأشخاص الذين تعتبرهم "خونة" و "جواسيس".

لوكين وياتسينكو

في الساعة الخامسة مساءً من يوم 17 فبراير (شباط)، أوقفت شرطة المرور سيارة نيسان مورانو بنية اللون، يقودها رجل الأعمال إيفان لوكين، (37 سنة)، في أحد شوارع بلاغوفيشينسك، وهي مدينة حدودية مع الصين. اقتادته الشرطة إلى المركز ثم المحكمة، حيث حكم عليه بالسجن لـ10 أيام بتهم "شغب بسيط" (التفوه بالشتائم في مكان عام)، ولكنه بعد انقضاء المدة لم يخرج ولم يعرف عنه شيئاً منذئذ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، كانت هناك عديد من الحالات المماثلة، إذ يحتجز أشخاص لانتهاكات إدارية طفيفة، ثم يعتقلون مرة أخرى بتهم جنائية أكثر خطورة، هذا ما حدث بالضبط للنشطاء المعارضين إيليا ياشين وفلاديمير كارا-مورزا. كما انتهى الأمر بخمسة أشخاص آخرين على الأقل وراء القضبان بهذه الطريقة، بموجب المادة 275 من القانون العقوبات الروسي - الخيانة العظمى.

ويبدو أن إيفان لوكين في طريقه ليصبح رقم ستة.

في منتصف مارس (آذار)، ظهرت روايات عن توقيف رجلين باسم إ. لوكين و س. ياتسينكو في الشرق الأقصى لروسيا بتهمة التجسس لصالح الصين. لم تؤكد هذه التقارير رسمياً، ربما بسبب قمة بوتين مع الزعيم الصيني شي جينبينغ في 20 مارس.

وتحاط قضايا التجسس والخيانة في روسيا بدرجة عالية من السرية، وفي بعض الأحيان، لا تنشر المحاكم حتى معلومات حول ظروف الاعتقال، إذ لا يوجد إلزام قانوني للقيام بذلك.

انفردت قناتا "أسترا" Astra و"بازا" Baza على الـ"تليغرام" ببعض تفاصيل الحدث عبر نشر الألقاب والأحرف الأولى للمشتبه فيهم في "القضية الصينية".

تطابق الاسم الكامل لأحد المشتبهين بهم مع اسم إيفان لوكين، الذي اعتقل بتهمة "شغب بسيط" في فبراير، وقامت الشركة التي امتلكها لوكين باستيراد رافعات وقطع غيار سيارات من الصين، كما وجدت "بي بي سي" صوراً على وسائل التواصل الاجتماعي لسيارة "نيسان" مورانو بنية اللون التي ذكرت في تقرير الشرطة والمحكمة.

لكن بعد مرور شهرين، لا يزال لوكين غائباً عن السمع، وعلى رغم محاولات "بي بي سي" التواصل مع شركائه في العمل، فإنهم يزعمون أنهم "فقدوا الاتصال" به.

وفي فلاديفوستوك، تعقبت "بي بي سي" رجل الأعمال البالغ من العمر 45 سنة، سيرغي ياتسينكو، الذي ذكر اسمه مع لوكين في قضية "التجسس لصالح الصينية". أحد معارف ياتسينكو قال للـ"بي بي سي" إنه كان "في السجن"، لكنه لم يذكر أين أو ما هي التهم.

وأكدت هيئة الإذاعة البريطانية من خلال خدمة بريد السجن، أن ياتسينكو كما لوكين محتجزان، وذلك بعدما أرسلت بريداً عبر الخدمة وتلقت إشعاراً بتلقي المرسل إليه الرسالة.

الأثر الصيني

ليس من الواضح إلى أين نقل لوكين في 17 فبراير، عادة ما يتم اعتقال المشتبه فيهم في قضايا الخيانة في مطار أو محطة قطار أو معبر حدودي. لكن مدينة بلاغوفيشينسك بحد ذاتها حدودية وتقابلها مدينة هيهي Heihe الصينية، ويفصلهما نهر آمور الذي يعبره جسر بالاسم نفسه افتتح عام 2022.

وقبل الجائحة، كان بإمكان الروس زيارة منطقة التجارة الحرة في هيهي من دون تأشيرات، وكان السكان المحليون الروس يذهبون هناك للتسوق والترفيه وللحصول على خدمات طب الأسنان.

في الوقت نفسه الذي اعتقل فيه لوكين وياتسينكو بتهمة الخيانة، استؤنفت حركة المرور بين المدينتين أخيراً، وشهد 10 فبراير نهاية قيود السفر في "المنطقة الحمراء" في الصين، حيث سمح للروس بالبدء في السفر عبر الجسر. ووفقاً لقناتي "تليغرام" و"أسترا" و"بازا"، فتح جهاز الأمن الفيدرالي تهمة التجسس ضد ياتسينكو في 13 فبراير، بعد أربعة أيام، كان لوكين أيضاً خلف القضبان.

وفقًا لتقارير "أسترا" و"بازا" حول القضية، اتهم لوكين بالتجسس لصالح الصين منذ عام 2013 بعدما جنده عميل المخابرات الصينية يدعى "يان شيهنغ" Yan Shiheng. والأخير كان رئيساً لمركز هيهي لتوطين المواطنين الأجانب وضمان حقوقهم ومصالحهم، وكانت وسائل الإعلام المحلية الروسية تنصح مواطنيها الزائرين للصين بتسجيل رقمه للتواصل معه في حال حصول أي إشكال معهم على الجانب الصيني.

أما ياتسينكو الذي كان أحد معارف لوكين، بحسب مصادر القناتين، فقد كان يجمع الأسرار حول الأسلحة النووية الروسية ويسلمها للصينيين في الفترة الممتدة ما بين يناير (كانون الثاني) ويونيو (حزيران) 2022.

لكن لا يوجد شيء في صفحات الرجلين على مواقع التواصل الاجتماعي لإثبات أنهما يعرفان بعضهما بعضاً، ولا يظهر أي شخص يحمل لقب ياتسينكو بين أصدقاء لوكين على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن غير الواضح ما إذا كانت أعمال ياتسينكو مرتبطة بالصين بطريقة الارتباط نفسها لشركة لوكين.

الشرق الأقصى وتهم التجسس للصين

ليست محاكمة لوكين - ياتسينكو بأي حال من الأحوال أول قضية خيانة في الشرق الأقصى الروسي، ففي مارس (آذار) 2022، ألقى جهاز الأمن الفيدرالي القبض على أحد سكان خاباروفسك، بدعوى أنه كان لديه إمكان الوصول إلى معلومات سرية كان قد عرض - لكنه فشل في النهاية - نقلها إلى المخابرات الأوكرانية.

في سبتمبر (أيلول) 2022، اتهم دميتري كوليكوف البالغ من العمر 50 سنة من فلاديفوستوك بتصوير الجسور والمباني الأخرى في المدينة لصالح المخابرات الأوكرانية.

في مارس 2023، اعتقل جهاز الأمن الفيدرالي رجلاً آخر في منطقة خاباروفسك "لإرسال بيانات إلى عضو في المخابرات الأوكرانية بشأن أهداف عسكرية روسية يحتمل استخدامها في هجمات تخريبية"، وذلك حسب وكالة "تاس" للأنباء.

في مارس وأبريل (نيسان)، قُبض على روسيين في خاباروفسك للاشتباه في تمويلهما للجيش الأوكراني، لم يكشف عن اسميهما، لكن لدى "بي بي سي" معلومات تفيد بأن أحد المشتبه فيهم كان عضواً في مجموعة تابعة لرئيس بلدية خاباروفسك المسجون حالياً، سيرغي فورغال.

وفي أبريل أيضاً، اعتقل جهاز الأمن الفيدرالي أحد سكان سخالين، لم ينشر اسمه بعد، لاستعداده للانضمام إلى الجيش الأوكراني.

وتظهر الإحصاءات الخاصة بقضايا التجسس على مدى العقدين الماضيين أن الصين إلى جانب الولايات المتحدة وجورجيا، هي البلدان الرئيسة الثلاثة التي يدان المواطنون الروس بالتجسس لصالحها.

وأفادت صحيفة "كومرسانت" اليومية في عام 2019 أنه من بين ما مجموعه 118 قضية خيانة، تضمنت 14 حالة نقل أسرار الدولة إلى الصينيين.

في عام 2004، قبض على إيغور إيغورفيتش لوكين [لا يمت بصلة قرابة] وهو ضابط سابق بالجيش، لمحاولته التجسس لصالح الصين، واتهمت المحكمة لوكين ورجلي الأعمال ألكسندر بيلوشابكين وفيكتور بوبوف بمحاولة إرسال وثائق، بما في ذلك كتاب مدرسي للطيارين، إلى الخارج.

كما يتهم العلماء بانتظام بالتجسس لصالح الصين، تلقى عالم الفيزياء في كراسنويارسك فالنتين دانيلوف حكماً بالسجن 13 عاماً في عام 2005، وحكم على أستاذين في جامعة البلطيق الوطنية التقنية بأحكام مماثلة في عام 2012.

حكم على فلاديمير لابيغين من المعهد المركزي لبحوث الهندسة الميكانيكية بالسجن سبع سنوات في عام 2016 لنقله معلومات إلى الصين.

في عام 2020، اتهم رئيس أكاديمية القطب الشمالي فاليري ميتكو بالخيانة. زار ميتكو الصين مرتين بين عامي 2016 و2018، لإلقاء محاضرات في جامعة داليان، واتهم أنه "هرب في حقيبته" وثيقة عن غواصات روسية.

قال ميتكو إنه استخرج الوثائق التي احتاجها لمحاضرته من مصادر مفتوحة، لقد أمضى ما يقرب من عامين تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

كما حكم على أليكسي فوروبيوف، من معهد موسكو للطيران، بالسجن لمدة 20 عاماً كجاسوس صيني مزعوم في عام 2021.

قال محامو "الإدارة الأولى" الذين دافعوا عن فوروبيوف إنه حاول كما زعم إرسال لوحة تحكم لطائرة قديمة إلى الصين، بناءً على طلب من عميل سري لجهاز الأمن الفدرالي.

في فبراير (شباط) 2022، حكمت محكمة مقاطعة بريمورسكي على المعتقل "ك." بالسجن 12 عاماً بتهمة "تمرير معلومات حول أنظمة الكشف عن الغواصات بالسونار إلى وكيل أجنبي".

تقدر "بي بي سي" أن هناك ما لا يقل عن 26 قضية بتهم خيانة منذ بداية عام 2023، وهو ما يتجاوز العدد الإجمالي لقضايا من هذا النوع في العام الماضي.

وبموجب المادة 275 من قانون العقوبات، كانت أقصى عقوبة للخيانة هي 20 سنة، لكن في 28 أبريل، قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتوقيع على تعديلات ترفع العقوبة إلى السجن مدى الحياة.

المزيد من تقارير