Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إعادة 52 ألف موظف إلى العمل جنوب اليمن

سرحهم الرئيس الأسبق علي صالح من وظائفهم المدنية والعسكرية قبل 29 عاماً

العليمي أصدر قرارات تقضي بإعادة موظفين لعملهم بعد عقود من فصلهم  (وكالة سبأ)

ملخص

أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي إعادة أكثر من 52 ألف موظف من المحافظات الجنوبية لوظائفهم بعد ثلاثة عقود من تسريحهم

عادت القضية الجنوبية للواجهة بإصدار رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي قرارات قضت بإعادة المبعدين من وظائفهم المدنية والعسكرية مع تسوية أوضاع أجورهم لدى الدولة، مما يكشف عن إجراءات في إطار إيجاد حلول لإعادة الحقوق في جنوب اليمن الملتهب عقب أيام من اختتام اللقاء التشاوري الجنوبي الذي دعا إليه المجلس الانتقالي تحت شعار "استعادة الدولة".

وأعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي في بيان صحافي أصدره الإثنين الماضي إعادة أكثر من 52 ألف شخص من المحافظات الجنوبية لوظائفهم بعد قرابة ثلاثة عقود من تسريحهم.

وأفاد مكتب العليمي في البيان أن "رئيس مجلس القيادة الرئاسي أصدر قرارات قضت بترقيات وتسويات ومنح إستراتيجية الأجور لعدد 52766 من الموظفين المدنيين والأمنيين والعسكريين المبعدين من وظائفهم في المحافظات الجنوبية بعد حرب صيف عام 1994".

ونصت القرارات على اعتماد معالجات لجنة الموظفين المبعدين من وظائفهم والمتقاعدين والمنقطعين من الصف والضباط والجنود من منتسبي القوات المسلحة والداخلية والأمن السياسي.

تعهد بالحلول

وباعتبار القضية الجنوبية هي المدخل لحل القضايا كافة، بحسب مخرجات الحوار الوطني اليمني، فقد تعهد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بجبر الضرر ومعالجة آثار الماضي والعمل بروح الفريق الواحد لاستعادة حال الإجماع الوطني، كما نصت القرارات على أن تكون "المعالجات لتك الحالات بالإعادة للخدمة والترقية والتسوية أو الإحالة إلى التقاعد، والتأكيد على تكليف الحكومة باتخاذ الإجراءات التنفيذية للقرارات المعتمدة كل في مجال اختصاصه".

 

 

وتشكلت لجنة معالجة قضايا الموظفين المبعدين من وظائفهم في المحافظات الجنوبية عام 2013، بموجب قرارات سياسية من قبل الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي في إطار تهيئة الأوضاع في الجنوب للدخول حينها في مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد عامي 2013 و 2014.

العجز والتفاؤل

جاءت خطوة العليمي في ظل إجراءات جنوبية متلاحقة في سياق تبني جهات سياسية خيار "استعادة الدولة الجنوبية" كخطوة لتهدئة هذه المطالب وكسب الشارع الجنوبي كحق أصيل لكوادر المبعدين، ليعود هذا الملف للواجهة بعد عقد لوضعه في أدراج النسيان بفعل الانقلاب الحوثي على الدولة والحرب التي تعيشها البلاد وما خلفته من أوضاع اقتصادية كارثية، دفعت بعض المراقبين إلى التشكيك في قدرة مجلس القيادة على الإيفاء بما تضمنه قرار تعويض وتسوية أوضاع قرابة 60 ألف متضرر، وأنه سيكلف الحكومة أعباء مالية خصوصاً إذا ما أخذ في الاعتبار ما تعانيه الحكومة من عجز مالي نتيجة وقف تصدير النفط والغاز جراء الضربات الحوثية التي استهدفت موانئ التصدير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويمثل القرار انتصاراً حقوقياً وإنسانياً وبشرى طال انتظارها للآلاف الذين واجهوا قرارات الإبعاد منذ عام 1994 لمجرد انتمائهم لفصيل سياسي معين، مما يؤكد مضي "الرئاسي اليمني" في طريق معالجة آثار الماضي.

إبعاد الانتصار

وكان عشرات آلاف الموظفين الجنوبيين من مدنيين وعسكريين سرحوا من أعمالهم عقب حرب صيف عام 1994 التي اندلعت بين نظام الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح ونائبه حينها علي سالم البيض، وهما من أقاما الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب عام 1990، وانتهت باجتياح قوات نظام الرئيس صالح "الشمالية" لمدن الجنوب و"تعميد الوحدة بالدم" كما كان يردد الأخير.

واستنفرت القوات الشمالية التي جمعت خليطاً عسكرياً وقبلياً ودينياً لحرب الجنوب تحت مسمى "محاربة الردة والانفصال" بعد قرار البيض "فك الارتباط والعودة لما قبل عام 90" بعد أربع سنوات من تحقيق الوحدة التي كانت تمثل أجمل أحلام الشعب اليمني، إثر اتهامات وجهها لصالح "بتهميش الجنوبيين وإبعادهم بالإقصاء تارة والاغتيالات تارة أخرى".

وبعد سنوات من فرض سيطرة "الشرعية الدستورية" على المناطق الجنوبية كما كان يصفها صالح، تواترت أصوات الاحتجاجات الشعبية هناك وكان إبعاد هؤلاء من وظائفهم من بين أبرز أسباب الاحتجاجات التي تزعمها ما عرف لاحقاً بـ "الحراك الجنوبي" الذي انطلق عام 2007 ضد نظام الرئيس صالح، وقوبل بقمع عنيف واعتقال العشرات من قادته، وبالتحديد "جمعية المتقاعدين العسكريين والمسرحين قسرياً"، ومن بينهم قادة حرب وأكاديميين عسكريين وطيارين مقاتلين وسياسيين ومناضلين بارزين، قبل أن تتحول هذه الاحتجاجات إلى كيانات ومكونات حراكية لها مطالب سياسية تحت مسمى "القضية الجنوبية" التي برز صوتها بشكل جلي واحتلت حيزاً واسعاً من التداول السياسي.

حقوقي وسياسي

وعقب سنوات من التجاهل لمطالب آلاف المحتجين الذين خرجوا في أول مظاهرة سلمية في عدن ثم لحقتها بقية المحافظات الجنوبية، ووصفهم إعلام صالح حينها بـ "بالحالمين لعهد التشطير ونظام الحزب الواحد" في إشارة إلى الحزب الاشتراكي الذي كان حاكماً في جنوب اليمن، ظلت التظاهرات تكبر بعد التحاق وتأييد شخصيات سياسية جنوبية بارزة مثل نائب الرئيس علي سالم البيض الذي أعلن تأييده الاحتجاجات، وكذا الرئيس علي ناصر محمد وغيرهم، غير أن أحداً لم يتوقع أن تكبر كرة ثلج الاحتجاجات الناعمة إلى صرخة مدوية وتتحول المطالب الحقوقية إلى سياسية تحمل شعارات غير مسبوقة تنادي بـ "فك الارتباط" والعودة لعهد "جمهورية اليمن الديمقراطية" الجنوبية، وبلغ حد وصف النظام حينها بـ "الاحتلال اليمني" والمطالبة بحق تقرير المصير.

 

 

ولعل أبرز ما ساعد في نشوء تلك الاحتجاجات، وفقاً لمراقبين، هو إصرار نظام صالح على اعتبار الجنوب جزءاً عاد للأصل الشمالي، مع عدم استيعاب جملة من الاختلافات الجوهرية بين نظامي الشطرين حينها، إذ تسود القوانين المدنية في الجنوب في حين تطغى الأعراف الاجتماعية والقبلية في الشمال، وظل المواطن في عهد النظام الاشتراكي جنوباً يواجه متطلباته المعيشية بالراتب وعبر التسهيلات التموينية التي تمنحها الدولة مما أوجد فجوات نفسية عقب إلغاء هذه الأعراف.

وبعد الوحدة اليمنية زادت حدة تردي الأوضاع الاقتصادية والصحية والتعليمية والأمنية والاضطرابات والحروب المتواترة إلى أن جاءت مبادرة "الرئاسي اليمني" التي يراها مراقبون ضرورة ملحة لتسوية هذا الملف الحقوقي الذي وصفه الرئيس العليمي بـ "الوطني والإنساني والأخلاقي".

المزيد من العالم العربي